مخاوف أممية من مجاعة في اليمن

غريفيث ولوكوك أشادا بجهود الوساطة السعودية واعتبرا هجوم عدن «جريمة حرب»

TT

مخاوف أممية من مجاعة في اليمن

حضّ مسؤولون دوليون كبار، الولايات المتحدة على التراجع عن تصنيف جماعة الحوثي المدعومة من إيران منظمة إرهابية أجنبية، متخوفين من أن يؤدي هذا القرار إلى حدوث «مجاعة واسعة النطاق» في اليمن بسبب خشية الشركاء التجاريين من تعرضهم المحتمل لعقوبات أميركية إذا واصلوا إمداداتهم الغذائية الضرورية إلى هذا البلد.
وفي مستهل إحاطته أمام جلسة عبر الفيديو لمجلس الأمن، ندّد المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن «بأشد العبارات» بالهجوم الذي شنّه الحوثيون ضد الحكومة اليمنية لدى وصول أعضائها إلى مطار عدن الدولي، محذراً من أنه «ربما يشكّل جريمة حرب». وأكد أن الهجوم «ألقى بظلال قاتمة على ما كان ينبغي أن يكون لحظة أمل في الجهود الرامية إلى تحقيق السلام في اليمن»، مضيفاً أن تشكيل الحكومة وعودتها إلى عدن «كان بمثابة خطوة هامة تحققت في اتفاق الرياض». وهنّأ الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وأطراف اتفاق الرياض وكل الأحزاب والمكوّنات السياسية التي أيّدت هذه العملية وساهمت فيها «بالإضافة إلى المملكة العربية السعودية على دورها الناجح في الوساطة».
وعبّر غريفيث عن «قلق بالغ من تأثير القرار الذي اتخذته الولايات المتحدة بتصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية»، مبدياً الخشية من أن يؤدي «حتماً إلى تثبيط الجهود المبذولة لجمع الأطراف». وضمّ صوته إلى الأصوات التي تعتبر أن «هذا القرار سيساهم في إحداث مجاعة في اليمن، وينبغي التراجع عنه لأسباب إنسانية في أقرب فرصة ممكنة». وأفاد أن طريق السلام «صار الآن أكثر صعوبة مما كان عليه منذ شهر». لكنه استدرك أن «هناك مخرجاً»، مشيراً إلى أن «الطرفين اتفقا من حيث المبدأ على وقف النار على مستوى البلاد»، ولكن «الخلافات ظلت قائمة حيال المقترحات الاقتصادية والإنسانية». وكشف أن «المفاوضات بشأن الإعلان المشترك كانت مرهقة ومحبطة، ولعلي على يقين أكثر من أي شخص آخر أنها لا يمكن أن تستمر إلى ما لا نهاية». وقال إن هناك «أياماً صعبة، إنها أيام قاتمة في اليمن». لكنه لاحظ مسألة إيجابية تتعلق بـ«إحراز تقدم على مسار اتفاق الرياض (في) أمر بالغ الأهمية»، مؤكداً أن «المصالحة بين الأطراف المتنازعة يمكن أن تتحقق» لأنه «على رغم كل معارضتهم المريرة ومع الجهود الدؤوبة التي بذلتها المملكة العربية السعودية كوسيط، توصّل الجانبان إلى إحراز السلام بينهما».
وقال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية والمعونة الطارئة، مارك لوكوك، إن «الأولوية الأكثر إلحاحاً في اليمن الآن هي منع حدوث مجاعة واسعة النطاق»، موضحاً أن «البيانات تفيد أن 16 مليون شخص سيعانون الجوع هذا العام». وأكد أن «هناك زهاء 50 ألف شخص يتضورون جوعاً حتى الموت فيما يعد مجاعة صغيرة»، محذراً من أن «5 ملايين آخرين على مسافة خطوة واحدة منهم»، داعياً العالم إلى أن يأخذ ذلك في الاعتبار عند اتخاذ أي قرار. وأشار إلى القرار الذي أعلنته الولايات المتحدة الأحد الماضي بتصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية بموجب القانون المحلي الأميركي، مضيفاً أن «وكالات الإغاثة عارضت لعدة أشهر بالإجماع هذا التصنيف»، لاعتقادها أن ذلك «سيسرع انزلاق اليمن إلى مجاعة واسعة النطاق». وشرح أن «اليمن يستورد 90 في المائة من طعامه» في الغالب عبر القنوات التجارية، ما يعني أن «ما يفعله المستوردون التجاريون هو أكبر محدد للحياة والموت في اليمن». ونقل عن الشركاء التجاريين أنه في ضوء التصنيف الأميركي فهم «غير متأكدين من أنهم سيكونون قادرين على الاستمرار في استيراد الغذاء إلى اليمن»، نظراً إلى القيود التي وضعت على الموردين والمصارف وشركات التأمين وخطوط الشحن. ولاحظ أنه على رغم الإعفاءات الأميركية المحتملة، يقدر أن ترتفع التكاليف بنسبة 400 في المائة. واعتبر أن «التراخيص والإعفاءات الممنوحة للوكالات الإنسانية لن تحل المشكلة». وقال: «أنا لا أشكك في القصد من قيام الولايات المتحدة بتصنيف المنظمات الإرهابية الأجنبية». بيد أنه رأى أن القرار سيؤدي إلى «مجاعة واسعة النطاق لم نشهدها منذ ما يقرب من 40 عاماً»، معتبراً أن «عكس القرار» الأميركي يمنع حصول ذلك.


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.