قيادات روحية وسياسية تجهد لتخطي تداعيات خطاب باسيل

TT

قيادات روحية وسياسية تجهد لتخطي تداعيات خطاب باسيل

أبدت مصادر مقرّبة من رؤساء الحكومة السابقين ارتياحها لمواقف القيادات الروحية والسياسية، وتحديداً المسيحية منها، بعدم الانجرار للسجال المترتِّب على اتهام رئيس الجمهورية ميشال عون للرئيس المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة سعد الحريري بـ«الكذب»، وانضمام وريثه السياسي رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل إلى الحملة المنظّمة التي قادها فريقهما السياسي، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن تواصلهم معهم تكثّف في اليومين الأخيرين في أعقاب القرار الذي اتخذه الرؤساء بالإجماع بتجاهل ما صدر عنهما، لقطع الطريق على مَن يحاول إغراق البلد في نزاعات مذهبية وطائفية.
ولفتت المصادر المقرّبة إلى أن رؤساء الحكومة السابقين تمكّنوا من تعطيل المحاولات الرامية إلى تطييف تشكيل الحكومة، وأطبقوا الحصار السياسي على مَن يراهن بأن لديه القدرة على استحضار حالة من الاصطفاف المذهبي؛ باعتبار أنه لم يعد له سوى هذا السلاح القاتل، لعله يعاود تعويم وضعه السياسي في الشارع المسيحي.
وكشفت المصادر أن رؤساء الحكومة أجروا مروحة من الاتصالات، لتطويق ما كان يراهن عليه باسيل، بدعم من عون، الذي سخّر كل ما لديه من سطوة داخل إدارات ومؤسسات الدولة على أمل أن يبقى اسمه على لائحة المرشحين لرئاسة الجمهورية، وقالت إنهما لم يجدا مَن يدافع عنهما، رغبةً منهم في الحفاظ على خطوط التواصل قائمة، لأنه لا مصلحة لديهم في إعادة إحياء خطوط التماس السياسية، خصوصاً أن الجهود يجب أن تتضافر لانتشاله من قعر الهاوية.
ونقلت المصادر عن الحريري قوله أمام النواب الأعضاء في كتلته النيابية إن مشكلة عون ليست معه، لأن تكليفه بتشكيل الحكومة ليس منّة منه، وأن صلاحيته تقتصر على إجراء الاستشارات النيابية المُلزمة لتسمية من يؤلّف الحكومة، وبالتالي فهو مُلزم بنتائجها، ولا يستطيع تجاوزها أو الالتفاف عليها.
وقالت إن الأكثرية النيابية هي التي سمّت الحريري لتأليف الحكومة، وأنه لا دخل لعون في تسميته، مع أنه لم يكن يرغب في تكليفه، ورأت أن تلويح مَن هم في الفريق الاستشاري لرئيس الجمهورية بنزع التكليف عنه، ما هو إلا هرطقة سياسية غير قابلة للتنفيذ، وبالتالي فإن حملات التهويل والابتزاز التي تستهدفه سترتد على هذا الفريق ومَن يقف خلفه، وسترفع من منسوب تمسكه بموقفه، وصولاً إلى تشدّده بعدم الاعتذار.
وفي سياق الاتصالات، علمت «الشرق الأوسط» أن الرئيس فؤاد السنيورة تواصل مع البطريرك الماروني بشارة الراعي، ومفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، وبطريرك الكاثوليك جوزف عبسي، ومتروبوليت بيروت للروم الأرثوذكس المطران إلياس عودة، ونائب رئيس حزب «القوات اللبنانية» النائب جورج عدوان، وأن جميع الذين اتصلوا به أجمعوا على عدم الانجرار وراء المحاولات الهادفة إلى تطييف مسألة تشكيل الحكومة، التي ستؤدي إلى استنزاف ما تبقى من المؤسسات الدستورية في الوقت الذي يحرص الجميع على إعادة انتظام العمل فيها.
كما أجمع الذين تواصل معهم السنيورة على وأد أي محاولة يمكن أن تأخذ البلد إلى المجهول أو تجرّه إلى فتنة مذهبية، وهذا ما ظهر جلياً من خلال إحجام القيادات الروحية والسياسية على عدم دخولهم على خط التجاذبات التي من شأنها أن تقفل الباب في وجه توفير الأجواء لتأمين ولادة طبيعية للحكومة.
وتردد في هذا المجال أن بعض القيادات فوجِئَت بالذرائع التي افتعلها عون باتهامه الحريري بأنه يريد مصادرة التمثيل المسيحي، وتبيّن على سبيل المثال لا الحصر أن ترشيح القاضي زياد أبو حيدر لوزارة الداخلية يحظى بتأييد المطران عودة، ويشهد له مَن يعرفه بالكفاءة ونزاهة الكفّ، وليس محسوباً على الرئيس المكلّف.
كما أن البطريرك الراعي الذي يدرس توسيع مروحة الاتصالات التي كانت اقتصرت على عون والحريري باتجاه عدد من القيادات السياسية لتأمين الأجواء الضاغطة لإعادة إحياء مشاورات التأليف، وسحب كل ما يعيق معاودتها من التداول، كان أكد أنه اطلع من عون والحريري على أسماء الوزراء الذين كان رشَّحَهم الأخير لدخول الحكومة.
وعلى صعيد آخر، فإن المصادر المقربة من رؤساء الحكومة السابقين فوجئت بما شيّعته إحدى محطات التلفزة بأن رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، والوزير السابق غازي العريضي شاركا في اجتماعهم الأخير، وقالت إن الصورة الجامعة لهم، التي نشرتها مساء أول من أمس تعود إلى عشاء أقامه الرئيس تمام سلام منذ نحو أسبوعين، أي قبل ترؤس عون للمجلس الأعلى للدفاع، الذي استبقه بالهجوم على الحريري من خلال «الفيديو» الذي سُرّب أثناء اجتماع عون برئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب.
وأكدت أن هذا اللقاء استبق أيضاً المؤتمر الصحافي الذي عقده باسيل وأعقبه اجتماع رؤساء الحكومة في دارة الرئيس المكلّف، ودعت إلى التدقيق في مثل هذه المعلومات قبل نشرها.
وعليه، فلن يجد عون وباسيل مَن يتضامن معهما في هجومهما على الحريري سوى «حزب الله»، وإن كان فضّل الصمت والتلطي خلف موقفهما لتفادي ما يمكن أن يترتّب على تظهير موقفه إلى العلن من تداعيات تستحضر حالة من الاحتقان بين الشيعة والسنّة، بخلاف حرص الحريري على أن تبقى علاقته به تحت سقف «ربط النزاع».



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.