السودان يحظر الطيران في حدوده مع إثيوبيا

سلفا كير يبدي رغبته في الوساطة بين البلدين

TT

السودان يحظر الطيران في حدوده مع إثيوبيا

في تطور جديد للأوضاع بشرق السودان إثر اختراق الطيران العسكري الإثيوبي المجال الجوي للبلاد، أعلنت السطات السودانية فرض حظر الطيران في أجواء ولاية القضارف، ويشمل نطاق الحظر مناطق الفشقة الكبرى والصغرى التي استعادها الجيش السوداني خلال انتشاره في أراضيه، فيما تذهب كثير من التحليلات لمختصين وخبراء إلى أن مآلات الأوضاع مرشحة لمواجهات عسكرية بين البلدين.
وأكد رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، عبد الفتاح البرهان، الذي أنهى، أول من أمس، زيارة تفقدية لمناطق سودانية بالقرب من الحدود الإثيوبية، قدرة الجيش السوداني على حماية الأرض والمحافظة على أمن البلاد ومكتسباتها. وتلقى البرهان أمس اتصالاً هاتفياً من رئيس حكومة جنوب السودان، سلفا كير ميارديت، أبدى فيه الأخير رغبته في التوسط بين السودان وإثيوبيا للتوصل إلى حل سياسي ودبلوماسي لقضية الحدود، وفق الحدود الدولية المعروفة.
وقال مستشار الرئيس سلفا كير للشؤون الأمنية، توت قلواك، في تصريحات صحافية إن الاتصال الهاتفي بين البرهان وسلفا كير بحث الأحداث على الحدود السودانية الإثيوبية.
وأضاف أن الرئيس البرهان أمّن على الحل الودي والأخوي للخلافات الحدودية مع إثيوبيا، وندد السودان باختراق طائرة عسكرية إثيوبية مجاله الجوي الحدودي، وعدّه تصعيداً خطيراً سيؤدي إلى تصاعد التوتر في الشريط الحدودي والمنطقة، وطالب إثيوبيا بوقف الأعمال العدائية لانعكاساتها على العلاقات الثنائية بين البلدين والأمن والاستقرار في منطقة القرن الأفريقي.
وقال مدير الطيران المدني السوداني، إبراهيم عدلان، لموقع «سودان تربيون» إن فرض قيود على حركة الطيران فوق ولاية القضارف المحاذية لإثيوبيا ومنطقتي الفشقة الكبرى والصغرى، يأتي كإجراء عقب اختراق مقاتلة إثيوبية لأجواء السودان، الأربعاء الماضي.
واعتبرت سلطة الطيران المدني أن أجواء ولاية القضارف في دائرة نصف قطرها 5 أميال بحرية ممنوع فيها التحليق أو الهبوط من فوق سطح الأرض وحتي ارتفاع 29 ألف قدم.
ومن جانبه، قال وزير الخارجية السوداني المكلف، عمر قمر الدين، في مقابلة مع قناة «العربية الحدث» أمس، إن بلاده لا تعترف بوجود نزاع حدود مع إثيوبيا، أو يُلجأ إلى التحكيم، كما أنه لا يسعى لأي وساطة مع إثيوبيا في حدوده وأرضه، ولا يرغب في التصعيد. وأضاف أن وصف إثيوبيا بأن هنالك نزاعاً حدودياً «باطل» ولا يجد سنداً في الوثاثق والمواثيق الدولية.
وطالب قمر الدين إثيوبيا بالتروي والتفاوض على تهدئة الأوضاع، وليس لبحث قضية الحدود. وأشار في معرض حديثه إلى أن السفير الإثيوبي في الخرطوم، أدلى بمعلومات غير صحيحة، ولكننا كسياسيين علينا ضبط النفس في التعامل.
ومن جهة ثانية، كشف قمر الدين عن تحركات إماراتية استمعت فيها لكل الأطراف لتقييم الأوضاع، مضيفاً أن المبادرة الإمارتية يمكن طرحها مستقبلاً، كما أعلن عن زيارات مرتقبة للسعودية والكويت وقطر لحشد الدعم الدبلوماسي والقانوني لموقف بلاده.
وكان السفير الإثيوبي في الخرطوم يبلتال أميرو، اتهم الجيش السوداني، بالتوغل داخل أرضي بلاده والاستيلاء على 9 معسكرات، ودعا إلى إيقافه الهجوم على أراضي بلاده، لأنها ستؤدي إلى تعقيد علاقات التعاون بين البلدين وترسيم الحدود.
وقال سفير السودان السابق لدى إثيوبيا، عثمان نافع، خلال حديثه في منتدى سياسي بالخرطوم، إن الأوضاع مرشحة للعديد من المآلات التي قد تؤدي إلى مواجهات عسكرية بين البلدين، وتدفع أطرافاً إقليمية للتدخل في الصراع.
وأشار إلى أن إثيوبيا تريد أن تخلق واقعاً جديداً، وعلينا التحسب لأسوأ السيناريوهات.
وأوضح أن الأطماع الإثيوبية في الأراض السودانية بدأت عام 1957. وإثيوبيا جزء من كل الاتفاقيات التي تثبت بالوثائق الحقوق التاريخية للسودان على تلك المناطق، لكنها رغم عن ذلك استمرت في الاعتداءات على الأراضي السودانية، واستولت على كثير منها.
ومن جانبه، قال رئيس مفوضية الحدود السودانية، معاذ تنقو: «لا يمكن لإثيوبيا التنصل من اتفاقية الحدود، إلا بموافقة الطرف الآخر»، مؤكداً أنه لا يوجد نزاع على الحدود التي أُنشئت بموجب الاتفاقيات المبرمة بين البلدين.



القضاء العراقي يواجه أزمة بعد فوز ترمب لصدور مذكرة قبض بحقه

ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)
ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)
TT

القضاء العراقي يواجه أزمة بعد فوز ترمب لصدور مذكرة قبض بحقه

ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)
ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)

في الوقت الذي هنأ الرئيس العراقي الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد، ومحمد شياع السوداني، رئيس الوزراء العراقي، دونالد ترمب بمناسبة فوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية، بدأت لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي تبحث عن كيفية التعامل مع ترمب المرحلة المقبلة في ظل وجود مذكرة صادرة من مجلس القضاء الأعلى في العراق بالقبض على ترمب بتهمة اغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس.

الرئيس العراقي الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد

وقال عضو اللجنة مختار الموسوي في تصريح صحافي إن «ترمب بالنسبة للعراق وحسب القوانين العراقية هو مجرم، لكن العراق سيتعامل معه بشكل طبيعي، فهناك مصلحة للعراق بذلك، ووصول ترمب إلى البيت الأبيض لن يؤثر على العلاقات بين بغداد وواشنطن». ورأى الموسوي، وهو نائب عن «الإطار التنسيقي الشيعي» الحاكم أن «أميركا دولة مؤسسات ولا تتأثر كثيراً برؤساء في التعاملات الخارجية المهمة». وأضاف: «ترمب لا يعترف بالحكومة العراقية ولا يحترم السلطات في العراق»، لافتاً إلى أن «زيارته للعراق أثناء ولايته السابقة اختصرت فقط على زيارة الجنود الأميركان في قاعدة (عين الأسد) بمحافظة الأنبار، لكن العراق سيتعامل مع ترمب بشكل طبيعي».

الجنرال الإيراني قاسم سليماني (أ.ب)

وختم عضو لجنة العلاقات الخارجية البرلمانية تصريحه قائلاً: «في حال زار ترمب العراق خلال المرحلة المقبلة، فهناك صعوبة في تنفيذ مذكرة القبض بحقه، فهناك مصلحة للدولة العراقية وهي تتقدم على جميع المصالح الأخرى، فهي تمنع أي تنفيذ لتلك المذكرة بشكل حقيقي بحق ترمب».

أبو مهدي المهندس (أ.ف.ب)

يشار إلى أن رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق فائق زيدان أعلن صدور أوامر قبض بحق ترمب على خلفية أوامر أصدرها لقتل سليماني والمهندس في السابع من يناير (كانون الثاني) عام 2021. وأوضح بيان رسمي، صدر في ذلك الوقت أن «القرار يستند إلى أحكام المادة 406 من قانون العقوبات العراقي النافذ»، مؤكداً أن «إجراءات التحقيق لمعرفة المشاركين الآخرين في تنفيذ هذه الجريمة سوف تستمر سواء كانوا من العراقيين أو الأجانب».

القضاء العراقي وأزمة تطبيق القانون

قانونياً، وطبقاً لما أكده الخبير القانوني العراقي، علي التميمي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» فإأن «القضاء العراقي تحرك بناءً على الشكوى المقدمة من الطرف المشتكي، وبالتالي فإن القضاء ملزم وفق القانون باتخاذ الإجراءات القانونية بحق أي شخص سواء كان في الداخل العراقي أو الخارج العراقي».

وأضاف التميمي: «ولأن الجريمة التي ارتُكبت داخل العراق واستهدفت شخصيات في العراق وأدت إلى مقتلهم؛ فإن الولاية القضائية هنا هي التي تطبق وهي ولاية القضاء العراقي»، مبيناً أن «إصدار أمر قبض بحق ترمب في وقتها وفق مذكرة القبض الصادرة من القضاء العراقي وفق المادة 406 من قانون العقوبات العراقي وهي القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد لكونه شريكاً في هذه العملية؛ ولذلك يعدّ الإجراء من الناحية القانونية صحيحاً».

مركبة محترقة في مطار بغداد أصابها أحد الصواريخ الثلاثة (خلية الإعلام الأمني)

ورداً على سؤال بشأن تنفيذ المذكرة، يقول التميمي إن «التنفيذ يكون عن طريق الإنتربول الدولي بعد تقديم طلب عبر وزارة الخارجية، وهو أمر صعب من الناحية الواقعية، والثانية هي انضمام العراق إلى اتفاقية روما للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1948 وهي تحاكم الأشخاص بمختلف الجرائم، ومنها جرائم العدوان التي تنطبق على عملية الاغتيال التي نُفذت بأمر ترمب وفقاً للمادة 6 من قانون هذه المحكمة التي تتطلب دخول العراق فيها أولاً». وأوضح التميمي أنه «مع كل هذه الإجراءات القانونية، لكن ترمب في النهاية أصبح رئيس دولة وهو يتمتع بالحصانة وفقاً اتفاقية فيينا».

أول المهنئين لترمب

وفي الوقت الذي تبدو عودة ترمب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية مقلقة لبعض الأوساط العراقية، إلا أن العراق الرسمي كان من أول المهنئين؛ إذ هنأ الرئيس العراقي عبد اللطيف جمال رشيد ترمب، وتطلع إلى أن «تعمل الإدارة الأميركية الجديدة على تعزيز الاستقرار الذي تشتد الحاجة إليه والحوار البنَّاء في المنطقة»، كما هنَّأ رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني دونالد ترمب بفوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية لولاية جديدة، معرباً عن أمله في «تعزيز العلاقات الثنائية» خلال «المرحلة الجديدة». وكتب السوداني على منصة «إكس»: «نؤكد التزام العراق الثابت بتعزيز العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة، ونتطلع لأن تكون هذه المرحلة الجديدة بداية لتعميق التعاون بين بلدينا في مجالات عدة، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة ويعود بالنفع على الشعبين الصديقين». كما أن رئيس إقليم كردستان نيجرفان بارزاني ورئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني كانا أول المهنئين لترمب؛ نظراً للعلاقة الجيدة التي تربط الأكراد مع الجمهوريين. وكتب نيجرفان بارزاني على منصة «إكس» قائلاً: «أتقدم بأحرّ التهاني إلى الرئيس ترمب ونائب الرئيس المنتخب فانس على فوزهما في الانتخابات». وأضاف: «نتطلع إلى العمل معاً لتعزيز شراكتنا وتعميق العلاقات الثنائية بين إقليم كردستان والعراق والولايات المتحدة».

أما رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، فقد عبّر من جهته إلى أهمية «تعميق الشراكة بين إقليم كردستان والولايات المتحدة، والعمل معاً لتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة».

اقرأ أيضاً