جديد الغارات الإسرائيلية شرق سوريا أكثر من قديمها

قافلة مدرعات إسرائيلية خلال مناورات في هضبة الجولان السورية المحتلة أمس (أ.ف.ب)
قافلة مدرعات إسرائيلية خلال مناورات في هضبة الجولان السورية المحتلة أمس (أ.ف.ب)
TT
20

جديد الغارات الإسرائيلية شرق سوريا أكثر من قديمها

قافلة مدرعات إسرائيلية خلال مناورات في هضبة الجولان السورية المحتلة أمس (أ.ف.ب)
قافلة مدرعات إسرائيلية خلال مناورات في هضبة الجولان السورية المحتلة أمس (أ.ف.ب)

ليست المرة الأولى التي تقصف إسرائيل «مواقع إيرانية» شرق سوريا، لكن غارات ليل الثلاثاء - الأربعاء كانت الأوسع والأعمق، منذ بدء حملة القصف على «المعبر الإيراني» على الحدود السورية - العراقية قبل سنتين. وهنا 8 ملاحظات عن قديم الغارات وجديدها:
1 - الأوسع: طالت الغارات الإسرائيلية 13 موقعاً في مدينة دير الزور ومنطقتي البوكمال والميادين. وإذا كانت مواقع تنظيمات طهران ومخازنها العسكرية في البوكمال والميادين تعرضت سابقاً لقصف، فقد كان لافتاً، هذه المرة، استهداف مدينة دير الزور التي تضم مواقع للحكومة السورية وروسيا.
2 - الأقسى: تسبب القصف وفق آخر حصيلة لـ«المرصد السوري لحقوق الإنسان» بمقتل 57 من تنظيمات إيران وقوات الحكومة السورية. كما أُصيب أكثر من 28 آخرين بجروح، بعضهم في حالات خطرة. وقال «المرصد» إنها الضربات الأعنف التي تنفذها إسرائيل على محافظة دير الزور منذ نحو عامين، وحصيلة القتلى هي الأعلى منذ يونيو (حزيران) 2018، عندما أوقعت غارات إسرائيلية 55 قتيلاً، بينهم 16 من قوات الحكومة.
3 - روسيا: كانت روسيا كثفت في الأسابيع الأخيرة جهودها لنشر شرطتها العسكرية في مواقع محسوبة أنها «مناطق إيرانية»، بحيث إنها أقامت نقاطاً في دير الزور، إضافة إلى تكثيف دورياتها العسكرية وإقامة قواعد بما في ذلك في مطار القامشلي. كما أفيد أيضاً بأن «الفيلق الخامس» المدعوم من قاعدة حميميم، بدأ بالانتشار ضمن عدة نقاط حدودية قرب ناحية البوكمال، شرق محافظة دير الزور، وتسلم بعض المواقع من الميليشيات الموالية لطهران. وتردد حديث عن منافسة روسية - إيرانية شرق سوريا.
4 - قوات الحكومة: تتجنّب إسرائيل عادة قصف مواقع الحكومة السورية (أو روسيا) مقابل تركيز على مواقع إيران، لكن القصف الأخير استهدف فرع الأمن العسكري ومطاراً عسكرياً ونقاطاً أخرى تابعة لدمشق في دير الزور. وقال المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي في 18 نوفمبر (تشرين الثاني)، غداة إعلان إسرائيل عن قصفها «أهدافاً عسكرية لـ(فيلق القدس) الإيراني وللجيش السوري» في جنوب سوريا، إنّ تل أبيب «ستواصل التحرّك وفق الحاجة لضرب التموضع الإيراني في سوريا الذي يشكل خطراً على الاستقرار الإقليمي».
5 - غطاء أميركي: بين المرات النادرة التي تعلن فيها واشنطن حصول الغارات الإسرائيلية ودور لها في ذلك، إذ نقلت وكالة «أسوشيتد برس» عن مسؤول استخباراتي أن القصف حصل بموجب معلومات استخباراتية قدمها الجانب الأميركي، واستهدف خط إمداد لأسلحة ومصانع إيرانية.
6 - مقهى ميلانو: أفاد مسؤول أميركي بأن مدير «الموساد» إيلي كوهين بحث مع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في مقهى ميلانو في واشنطن الاثنين، تنفيذ القصف الإسرائيلي - الأميركي على مواقع إيرانية وسورية شرق سوريا ليل الثلاثاء - الأربعاء.
7 - إدارة بايدن: نقل عن مصادر إسرائيلية نية تل أبيب تكثيف القصف بمعدل ثلاث غارات كل عشرة أيام، بدلاً من واحدة كل ثلاثة أسابيع. وأعلن الجيش الإسرائيلي في تقريره السنوي لعام 2020 أنه نفذ 50 غارة جوية على أهداف في سوريا، وأطلق أكثر من 500 قذيفة وصاروخ ذكي خلال العام الماضي، ذلك بهدف «منع تموضع إيران في سوريا». ويعتقد أن الجانب الإسرائيلي الذي يستعجل الإفادة من دعم إدارة الرئيس دونالد ترمب إلى آخر يوم في عمرها، يريد وضع «قواعد جديدة» مع تسلُّم إدارة جو بايدن التي يعتقد أنها بصدد التفاوض مع طهران حول البرنامج النووي.
8 - الدولة العميقة: تأتي الغارات بعد زيارة رئيس الأركان الأميركي مايك ميلي إلى تل أبيب في نهاية الشهر الماضي، حيث التقى رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو وزير الأمن يني غانتس، ورئيس الأركان أفيف كوخافي لبحث «التحديات والتغيرات الأخيرة في الوضع العملياتي بالشرق الأوسط والملف الإيراني» في سوريا. ويعتقد أن الرسالة كانت أن التنسيق العسكري ضد إيران غير مرتبط بالتغيرات السياسية بقدر ما هو مرتبط بـ«الدولة العميقة».



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.