الصدر يدعم حملة رئيس الوزراء العراقي ضد الفساد

TT

الصدر يدعم حملة رئيس الوزراء العراقي ضد الفساد

حذر زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر من الدعوات إلى تأجيل الانتخابات البرلمانية العراقية المقررة في السادس من يونيو (حزيران) المقبل. وأعلن دعمه حملة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ضد الفساد، داعياً إياه إلى الإسراع بالمحاسبة.
وقال الصدر في بيان، أمس، إن «رئيس الوزراء يحاول القيام بحملة ضد الفاسدين من هنا وهناك. وندعوه إلى الإسراع في محاسبة الفاسدين بغض النظر عن انتماءاتهم». وأعلن تأييده لخطوات الكاظمي، طالباً منه «أن يكثف جهوده، وعلى الجميع الرضوخ. كما نطالب بإحالة كل الفاسدين إلى القضاء، وإعلام الرأي العام بنوع الفساد والأموال التي تم تحصيلها منهم».
وحول الانتخابات البرلمانية، قال الصدر إن «هناك من مثيري الشغب ومن الأحزاب من يريد تأجيلها». وكان مسؤول المكتب الإعلامي الخاص لزعيم «التيار الصدري» حيدر الجابري دعا في مؤتمر صحافي، أمس، العراقيين إلى «الإسراع بتحديث سجلاتهم حتى لمن كان منهم مقاطعاً للانتخابات فضلاً عمن أراد الخوض فيها».
وجدد الصدر رفضه الوجود الأميركي في العراق، مطالباً بـ«إنهاء الاحتلال». وشدد على رفضه «جميع التدخلات الخارجية في العراق التي من شأنها إضعاف هيبة الدولة والاستقرار»، مؤكداً «ضرورة إيجاد البديل عن الغاز والكهرباء الإيرانيين» بعد امتناع طهران عن تصديرهما إلى العراق.
إلى ذلك، دعا رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي الدكتور فائق زيدان خلال حضوره اجتماع السلطات الثلاث الذي عقد مساء الثلاثاء، إلى «تحديد موعد الانتخابات المقبلة بتاريخ واقعي تتمكن خلاله مفوضية الانتخابات من إجراء انتخابات حرة نزيهة». وقالت السلطة القضائية في بيان إن «زيدان أكد على المبدأ نفسه خلال حضوره الاجتماع الثاني بين رؤساء السلطات الثلاث ومفوضية الانتخابات بحضور ممثل الأمين العام للأمم المتحدة».
وأعلنت المفوضية عن تسجيل أكثر من 14 مليون ناخب بايومترياً، وتوزيع أكثر من 12 مليون بطاقة بايومترية على الناخبين، في سياق استعدادها لإجراء الانتخابات. وأكدت المفوضية إجراء أكثر من 65 ألف تحديث بيانات، وتسجيل ما يقارب 433 حزباً.
إلى ذلك، حذر «تيار الحكمة الوطني» بزعامة عمار الحكيم من «خطورة السلاح السياسي على مسار العملية الانتخابية». وقال عضو المكتب السياسي لـ«تيار الحكمة» بليغ أبو كلل في تصريح متلفز إن «الخطر الحقيقي في العراق هو استخدام السلاح لفرض الآراء على الآخرين، وهذا ما حصل في مظاهرات تشرين، وفيه كان المتظاهرون ضحية».
وأضاف أن «قمع المتظاهرين من أي طرف، سواء أكان طرفاً حكومياً أو حزبياً، كان خطأ كبيراً يهدد الجميع بمن فيهم حملة السلاح... كل من يحمل السلاح هو خطر على العملية السياسية والأمن الانتخابي». وتساءل: «كيف يمكن تأمين الانتخابات بينما يشهر أحد الأطراف سلاحه، مما يجعل الناخب غير حر باختياره؟».
وأشار أبو كلل إلى أن «مَن يحمل السلاح فعليه أن يبرهن أنه مع الانتخابات النزيهة. وجود قوى مسلحة يتسبب بتخوف القوى السياسية المدنية. في ولاية (رئيس الوزراء السابق نوري) المالكي الثالثة وقفنا معترضين عندما كانت دولة القانون مع حلفائها تمتلك 105 مقاعد، رغم أن مقاعدنا كانت أقل بكثير، لأن المالكي لم يكن يمتلك سلاحاً، بينما لا يُمكن الآن الاعتراض على كثير من القوى السياسية المسلحة، حتى لو كانت تمتلك مقعداً واحداً، فقضية المواجهة السياسية لا تتعلق بعدد المقاعد، بل بالقوى المسلحة التي يخشى الآخرون الاعتراض عليها». وشدد على أن «الأمن الانتخابي مفيد للطرفين والسلاح المنفلت هو أكبر ما يهدد العملية السياسية».



انقلابيو اليمن يشعلون مزيداً من الصراعات القبلية

غياب العدالة وتجريف القضاء أديا إلى تنامي الصراعات القبلية في مناطق سيطرة الحوثيين (إ.ب.أ)
غياب العدالة وتجريف القضاء أديا إلى تنامي الصراعات القبلية في مناطق سيطرة الحوثيين (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يشعلون مزيداً من الصراعات القبلية

غياب العدالة وتجريف القضاء أديا إلى تنامي الصراعات القبلية في مناطق سيطرة الحوثيين (إ.ب.أ)
غياب العدالة وتجريف القضاء أديا إلى تنامي الصراعات القبلية في مناطق سيطرة الحوثيين (إ.ب.أ)

بالتزامن مع بيانات أممية أكدت اتساع رقعة الفقر في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، تواصل الجماعة المدعومة إيرانياً إشعال الصراعات القبلية التي تحولت إلى أحد مصادر كسب الأموال لدى قادتها، إلى جانب إشغال فئات المجتمع بالصراعات البينية لتجنب أي انتفاضة شعبية نتيجة تدهور الأوضاع المعيشية.

وذكرت مصادر قبلية أن وجهاء محليين في محافظة الجوف (شمال شرقي صنعاء) أبرموا اتفاقاً للهدنة بين قبيلتي «المعاطرة» و«ذو زيد» بعد أسبوع من المواجهات القبلية التي أدت إلى وقوع 16 قتيلاً وجريحاً من الجانبين.

عناصر حوثيون في صنعاء خلال حشد دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)

وأوضحت المصادر أن الوسطاء أعادوا فتح الطرقات بين منطقتي المواجهة التي تأتي في سياق تغذية الصراعات القبلية في المحافظة لإضعاف القبائل وإبعادها عن أي مواجهة مرتقبة مع الحوثيين.

واندلعت الاشتباكات - بحسب المصادر - نتيجة خلافات قبلية على ملكية جبل يسمى «نهم» يفصل بين القبيلتين، ويدَّعي كل طرف ملكيته، لكنها اتهمت قيادات في جماعة الحوثي بالوقوف خلف تلك الاشتباكات بعد تغذيتها للخلافات بين الطرفين منذ ما يقارب الشهرين، وعدم فصلها فيها رغم لجوء الطرفين إلى المشرفين الحوثيين هناك.

نزاع في إب

وفي مديرية الشعر التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) قام القيادي الحوثي أشرف الصلاحي، وهو المسؤول عن إدارة المديرية، بشن حملة لاختطاف العشرات من السكان، وتغذية خلافات بين عائلتي «شهبين» و«عبية» على خلفية السعي لافتتاح طريق فرعي يمر عبر أراضٍ زراعية تملكها الأولى، رغم وجود طريق رئيسي تم تعبيده على نفقة السكان، ويُستخدم منذ عشرات السنين.

ووفقاً لما ذكره سكان في المنطقة التي تعد واحدة من بؤر المعارضة لسلطة الحوثيين، نشب خلاف بين الأسرتين في قرية «الشريحيين» بعزلة الأملوك حول استحداث طريق إضافي في المنطقة، حيث رفضت عائلة «شهبين» ضغوط القيادي الحوثي الصلاحي المعين مديراً للمديرية لفتح الطريق بقوة السلاح.

حملة عسكرية أرسلها الحوثيون لنصرة طرف ضد آخر في محافظة إب (إعلام محلي)

وأكد السكان أن الوضع في طريقه للانفجار في ظل إصرار القيادي الحوثي على انحيازه إلى أحد الأطراف، والحصول على أموال مقابل ذلك الموقف، وتمسُّك المعارضين بموقفهم.

وطبقاً لما روته مصادر قبلية متعددة لـ«الشرق الأوسط»، فإن المسؤولين الحوثيين في معظم المناطق يعتمدون على الجبايات في جمع الأموال، وتدبير نفقاتهم وإدارتهم، حيث يرغمون السكان على دفع نفقات تحرك أفراد الشرطة لمعاينة أي حادثة أو إحضار أحد المطلوبين، كما يحرصون على أن يكونوا محكمين في أي قضايا خلافية بين السكان للحصول على مبالغ مالية والحيلولة دون وصول هذه القضايا إلى المحاكم.

العبث بالقضاء

كانت الجماعة الحوثية قد شكلت قبل عامين ما سمته «المنظومة العدلية» بقيادة محمد علي الحوثي، ابن عم زعيم الجماعة، بهدف إدارة المحاكم والقضاة ومراقبتهم، واتخاذ العقوبات اللازمة بحقهم.

وأخيراً منحت الجماعة نفسها من خلال التعديل الأخير على قانون السلطة القضائية، حق تعيين معممين طائفيين قضاة في المحاكم، كما أضافت مادة إلى القانون تمنح هؤلاء القضاة حق معاقبة المحامين بالمنع من الترافع لمدة 3 أعوام إذا رأوا أن مرافعاتهم لا تسير وفق هوى الجماعة.

ابن عم زعيم الجماعة الحوثية خلال تجمع في صنعاء (أ.ف.ب)

التعديلات التي قوبلت باعتراض رسمي وشعبي واسع رفضتها نقابة المحامين اليمنيين؛ إذ عبّرت عن أسفها من إقدام ما يسمى مجلس النواب في صنعاء الذي يضم عدداً لا يزيد على 40 فرداً أغلبهم تم انتخابهم من قِبل الحوثيين بعد وفاة الأعضاء الأساسيين، على إقرار مشروع التعديل الخاص بقانون السلطة القضائية دون نقاش.

وبينما أكدت النقابة تمسُّكها الكامل بموقف المحامين الرافض للتعديلات القانونية برمتها، وإدانة تمرير المشروع، رأى محامون أن إفراغ القضاء والعد التنازلي لإنهاء استقلاله في مناطق سيطرة الحوثيين بدأ منذ قبول ما يسمى مجلس القضاء «الخضوع والتماهي مع مخططات الجماعة»، وإجبار القضاة على حضور دورات طائفية حتى يحافظوا على فتات لقمة العيش التي يحصلون عليها.

ووصف المحامون تلك التعديلات التي أُدخلت على قانون السلطة القضائية بأنها نتيجة التنازلات المؤلمة التي أصبح ضحيتها الشعب بأكمله.

اشتداد الفقر

تأتي هذه الممارسات الحوثية بينما لا يزال انعدام الأمن الغذائي مرتفعاً، حيث يعاني واحد من كل اثنين من الأسر من استهلاك غير كافٍ للغذاء، في حين تأثرت نحو 43 في المائة من الأسر في مناطق سيطرة الجماعة بشكل كامل.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن درجة استهلاك الغذاء الرديئة، وهي مقياس للحرمان الشديد من الغذاء، تعكس مستويات مثيرة للقلق حيث تأثرت نحو 20 في المائة من الأسر سلباً، وفق ما ورد في بيانات أممية حديثة.

مع اتساع رقعة الفقر يخشى الحوثيون من انتفاضة شعبية (الأمم المتحدة)

وطبقاً لبيانات منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) فإن انعدام الأمن الغذائي في مناطق سيطرة الحوثيين يرجع في المقام الأول إلى خفض المساعدات الإنسانية، ما يؤثر في أولئك الذين اعتمدوا عليها بشكل كبير، جنباً إلى جنب مع الفيضانات الأخيرة والانحدار العام في سبل العيش.

وأدى ذلك - وفق المنظمة الأممية - إلى صدمات للأسر وفقدان الدخل في تلك المناطق، حيث أثرت على نحو 59 في المائة من الأسر، وهي نسبة أعلى بكثير مقارنة بالشهرين الماضيين، أما في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية، فقد واجهت نحو 53 في المائة من الأسر صدمات خلال شهر.