«كورونا» يجبر الجيش السويسري على إعادة النظر في استراتيجيته الدفاعية

الجيش السويسري يعدل استراتيجيته (الجيش السويسري)
الجيش السويسري يعدل استراتيجيته (الجيش السويسري)
TT

«كورونا» يجبر الجيش السويسري على إعادة النظر في استراتيجيته الدفاعية

الجيش السويسري يعدل استراتيجيته (الجيش السويسري)
الجيش السويسري يعدل استراتيجيته (الجيش السويسري)

بعد أن شملت تداعيات جائحة «كوفيد - 19» جميع نواحي الأنشطة الصحية والاقتصادية والاجتماعية، ها هي الآن تجبر واحداً من أحدث الجيوش في العالم على إعادة النظر في طرائق تدريباته واستراتيجيته الدفاعية. فقد أعلنت رئاسة أركان الجيش السويسري أن نصف الذين بلغوا سن الخدمة العسكرية الإلزامية هذا العام سيؤدونها من منازلهم بمعدّل 6 ساعات يومياً، فيما يلتحق النصف الباقي بالطواقم الصحية في المستشفيات العامة والميدانية التي استحدثها الجيش لمواجهة الوباء الذي يسجّل في سويسرا أحد أعلى معدّلات الانتشار في أوروبا.
وقال الناطق بلسان الجيش السويسري دانييل رايست إن ستة آلاف من المجنّدين الجدد سيتابعون تدريباتهم من المنزل عبر تطبيق تمّ تطويره حديثاً بعد أن انتشر الوباء بمعدلات مقلقة في معظم الثكنات العسكرية، وإن ستة آلاف آخرين سينضمون إلى الأطباء والممرضين لمساعدتهم في مكافحة فيروس كورونا المستجدّ الذي أعلنت وزارة الصحة السويسرية أنها لن تبدأ حملة التلقيح ضده قبل نهاية شهر مارس (آذار) المقبل، في انتظار التأكد من الآثار الجانبية المحتملة التي يمكن أن تنجم عن اللقاحات.
وفور إعلان قيادة الجيش السويسري عن هذا القرار توالت عليها الانتقادات والتساؤلات حول تداعياته الأمنية وتأثيره على استراتيجية البلاد الدفاعية، خصوصاً أن هذه الاستراتيجية موضع تجاذبات سياسية منذ سنوات بسبب اعتمادها حصراً على جيش من المجنّدين الذين يحتفظ معظمهم بأسلحة متطورة في المنازل أو في مستودعات خارج الثكنات العسكرية تحت إشراف البلديّات.
وتجدر الإشارة إلى أنه رغم كون سويسرا رمزاً عالمياً للحياد السياسي والعسكري، فإن جيشها يعد من أحدث جيوش العالم وأكثرها تطوراً ومواكبة للمستجدات التقنية، إضافة إلى أنها مدرجة منذ سنوات على قائمة البلدان العشرة الأولى المصدّرة للسلاح في العالم. وكانت صادرات الأسلحة السويسرية قد سجلّت في عام 2019 ارتفاعاً بنسبة 43 في المائة عن العام السابق، وحلّت في المرتبة التاسعة بعد الصين والولايات المتحدة وألمانيا واليابان والمملكة المتحدة وفرنسا وكوريا الجنوبية وإيطاليا.
وتسعى بعض الأحزاب السياسية الصغيرة ومنظمات المجتمع المدني السويسرية إلى تنظيم استفتاء لمنع تصدير الأسلحة انطلاقاً من المبدأ الأخلاقي بأن تجّار السلاح لا يمكن أن يقوموا بدور حكّام السلام الذي اشتهرت به سويسرا عبر منظماتها الإنسانية، مثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر الذي يتخذ من مدينة جنيف مقرّاً له.
وتجدر الإشارة أيضاً إلى أن الحرس الذي يتولّى أمن دولة الفاتيكان وحراسة البابا منذ عام 1506، يعرف بالحرس السويسري، لأنه يفترض بجميع أفراده أن يكونوا من التابعية السويسرية، حيث إنه عند تأسيسه كان السويسريون موصوفين ببأسهم في القتال ويشكّلون الخزّان الرئيسي للمرتزقة الذي كان يلجأ إليه الأرستقراطيون والنبلاء في أوروبا لحماية مناطق نفوذهم وممتلكاتهم.
ومن المقرّر أن يبدأ المجنّدون السويسريون هذا العام في الثامن عشر من هذا الشهر تدريباتهم المنزلية على واحد من الأسلحة الرشّاشة الأكثر تطوراً في العالم Fass 90، خوفاً من انتشار فيروس كورونا المستجدّ الذي أجبر الدولة التي تعد مصحّ أوروبا والعالم على الإقفال بعد أن أصاب 11 في المائة من سكانها وأوقع فيها أكثر من 7500 ضحيّة.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».