ليبيا: منشورات مجهولة تحث سكان العاصمة طرابلس على انتفاضة ضد الميليشيات المسلحة

تنظيمات متطرفة تصف الزهاوي مسؤول أنصار الشريعة المقتول بزعيم تنظيم القاعدة

احد عناصر الجيش الوطني يحمل سلاحه مترقباً في اعقاب اشتباكات مع { انصار الشريعة} في بنغازي مؤخرا (رويترز)
احد عناصر الجيش الوطني يحمل سلاحه مترقباً في اعقاب اشتباكات مع { انصار الشريعة} في بنغازي مؤخرا (رويترز)
TT

ليبيا: منشورات مجهولة تحث سكان العاصمة طرابلس على انتفاضة ضد الميليشيات المسلحة

احد عناصر الجيش الوطني يحمل سلاحه مترقباً في اعقاب اشتباكات مع { انصار الشريعة} في بنغازي مؤخرا (رويترز)
احد عناصر الجيش الوطني يحمل سلاحه مترقباً في اعقاب اشتباكات مع { انصار الشريعة} في بنغازي مؤخرا (رويترز)

فيما تحدث سكان في العاصمة الليبية طرابلس لـ«الشرق الأوسط» عن تلقيهم منشورات تحثهم على الانتفاضة ضد الميلشيات التي تسيطر بقوة السلاح على المدينة منذ شهر أغسطس (آب) الماضي، نعت تنظيمات ليبية متطرفة، محمد الزهاوي زعيم تنظيم أنصار لشريعة المتشدد في مدينة بنغازي شرق البلاد، الذي تضاربت المعلومات حول مكان دفنه قبل يومين، بعدما لقي مصرعه في تركيا متأثرا بجراح أصيب بها في قتال ضد الجيش الوطني الليبي في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي.
واتهم منشور تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، من وصفها بـ«عصابات الإخوان (المسلمين) ومؤتمر العار الوثني»، في إشارة إلى المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته بالمسؤولية عن كل الأزمات المعيشية التي تشهدها العاصمة، من قطع للكهرباء وطوابير الخبر والغاز والبنزين.
وقال المنشور الذي لم يتضمن اسم الجهة التي أصدرته، إن «الميلشيات المسلحة في المدينة تقوم بمراقبة كافة وسائل التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت، بالإضافة إلى مراقبة كل الاتصالات الهاتفية، وطمس المعالم التاريخية والأثرية بطرابلس».
وزعم المنشور أن قوات الجيش الوطني الليبي موجودة بقوة في العاصمة بانتظار ساعة الحسم وتحرير المدينة من قبضة المتطرفين، داعيا سكان المدينة إلى الانضمام لانتفاضة شعبية تحت شعار «غضب العاصمة لوحدة الوطن».
إلى ذلك، وصف تنظيم أنصار الشريعة زعيمه القتيل محمد الزهاوي، بأنه «زعيم تنظيم القاعدة في ليبيا»، فيما نعته أيضا كتيبتا «راف الله السحاتي» و«شهداء 17 فبراير (شباط)»، في أول اعتراف رسمي منهما بمصرع الزهاوي بعد تكتم دام نحو 3 أشهر على إصابته التي أدت إلى وفاته لاحقا.
لكن مصادر تحدثت أمس عن دفن الزهاوي في مدينة سرت التي تبعد 500 كيلومتر غرب بنغازي، بدلا من مدينة مصراتة التي تقيم فيها عائلته والتي أقامت بدورها سرادقا لتلقي العزاء فيه هناك.
وشارك الزهاوي الذي سجن في عهد العقيد الراحل معمر القذافي، في القتال إلى جانب تنظيم القاعدة في أفغانستان قبل أن يعود إلى ليبيا إثر ثورة 17 فبراير 2011.
ولاحقا انشق الزهاوي مطلع عام 2012 عن سرايا راف الله السحاتي في كتيبة شهداء 17 فبراير، وأعلن تأسيس تنظيم أنصار الشريعة انطلاقا من بنغازي، علما بأن مجلس الأمن الدولي أدرج التنظيم العام الماضي على قائمته السوداء للمنظمات الإرهابية بسبب ارتباط هذه الجماعة الإسلامية بتنظيم القاعدة وجماعات متطرفة أخرى.
والتنظيم نفسه متهم بالتورط في الهجوم الذي استهدف القنصلية الأميركية في بنغازي في سبتمبر 2012 وأدى إلى مقتل 4 أميركيين بينهم السفير. من جهة أخرى، تمت أمس عملية لتبادل الأسرى والمحتجزين بين قوات موالية للجيش الليبي، وميلشيات فجر ليبيا المسيطرة على العاصمة طرابلس، حيث كشفت مصادر محلية عن تبادل 7 محتجزين من الطرفين بقرية النوفلية قرب منطقة النزاع في الهلال النفطي شرق البلاد، بوساطة الهلال الأحمر الليبي.
كما تزامنت العملية مع عملية أخرى لتبادل المحتجزين بين مدينتي غريان والزنتان شملت إطلاق سراح 71 من الطرفين، بحسب مصادر أمنية، لفتت تلك المصادر إلى أن من هؤلاء العقيد صلاح معتوق الرئيس السابق لمجلس غريان العسكري والذي تم اختطافه من منزله بمنطقة السراج بالعاصمة طرابلس منذ 6 أشهر.
وفي غضون ذلك، حثت الأمم المتحدة أمس، الشرطة الليبية على إجراء تحقيقات مستفيضة بشأن قيام مسلحين مجهولي الهوية صباح أول من أمس بإطلاق النار من داخل سيارة مارة على عناصر الشرطة الدبلوماسية الذين يقومون بمهام حراسة خارج مكتب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العاصمة الليبية طرابلس.
وقال الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا برناردينو ليون، في بيان إن «أحد عناصر الشرطة أصيب بجروح بالغة وتوفي فيما بعد في المستشفى». وأوضح ليون أن الشرطة الدبلوماسية تجري تحقيقات لتحديد ظروف ودوافع الحادثة، مؤكدا عدم تعرض أي من موظفي الأمم المتحدة للأذى فيها.
وكانت مصادر أمنية تحدثت عن إطلاق مسلحين مجهولين النار أمس الجمعة على عناصر من الأمن الدبلوماسي المكلفين بحراسة وتأمين مقر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بمنطقة النوفليين بالعاصمة طرابلس قبل أن يلوذوا بالفرار. وقال العقيد مبروك أبو ظهير مدير إدارة حماية البعثات الدبلوماسية بوزارة الداخلية في حكومة عمر الحاسي التي تسيطر على العاصمة طرابلس، إن «المسلحين أطلقوا النار على أفراد حماية مقر البعثة الدولية مما أدى إلى مقتل رجل شرطة»، مشيرا إلى أن الجهات الأمنية المختصة قد باشرت في تحقيقاتها حول هذه الحادثة للبحث على الجناة وتقديمهم للعدالة. وتزامن الحادث مع خروج أنصار جماعة الإخوان المسلمين في مظاهرات بعدة مدن أبرزها طرابلس ومصراتة مساء أمس أول للمطالبة بالدعم الكامل للبرلمان السابق، ولحكومة عمر الحاسي لمواصلة ما وصفه المتظاهرون بمسيرتهما حتى إنجاز مهامهما في حفظ أمن الوطن والمواطن، وتحرير المدن التي تقع تحت قبضة جيش القبائل أو ما يعرف بعملية الكرامة.
كما اعتبر المتظاهرون الثورة أن البرلمان السابق هو الجهة الشرعية الوحيدة التي تمثل الشعب الليبي، وطالبوا بعدم إشراك أي طرف لا يحمل صفة رسمية لتمثيل الليبيين في الحوار الذي ترعاه بعثة الأمم المتحدة في مدينة جنيف السويسرية والمقرر استئناف جولته الثانية يوم غد الاثنين.
وتخضع ليبيا لسيطرة قوات فجر ليبيا التي أقامت حكومة منافسة وأجبرت حكومة رئيس الوزراء عبد الله الثني المعترف بها دوليا على التوجه إلى شرق البلاد. وأخلت الأمم المتحدة ومعظم الدول الغربية والعربية بعثاتها الدبلوماسية في الصيف خلال القتال بين الفصائل المتنافسة التي تقاتل من أجل السيطرة على البلاد بعد سقوط القذافي. ووقعت تفجيرات في نوفمبر (تشرين الثاني) قرب سفارتي مصر والإمارات العربية المتحدة، كما وقع انفجار مماثل أمام البعثة الجزائرية الأسبوع الماضي.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.