تخبط في القرارات يدفع اللبنانيين إلى محال بيع المواد الغذائية

تهافت في لبنان على المواد الغذائية (الوكالة الوطنية)
تهافت في لبنان على المواد الغذائية (الوكالة الوطنية)
TT

تخبط في القرارات يدفع اللبنانيين إلى محال بيع المواد الغذائية

تهافت في لبنان على المواد الغذائية (الوكالة الوطنية)
تهافت في لبنان على المواد الغذائية (الوكالة الوطنية)

على وقع التخبط الذي اتسمت به القرارات المتعلقة بوباء «كورونا»، تهافت اللبنانيون أمس (الاثنين) على المحال التجارية ومراكز التسوق بهدف شراء المواد الغذائية والحاجيات الأساسية اليومية وتخزينها في المنازل، وذلك تزامناً مع الحديث عن إقفال محتمل لا يستثني هذه المحال.
وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي صور تظهر المواطنين يصطفون بالطوابير أمام السوبر ماركت ومحال بيع المواد الغذائية، كما أظهر بعضها رفوف عدد من المحال فارغة؛ تماماً كما حدث في الصيدليات خلال الأسابيع الماضية بسبب التهافت على تخزين المكملات الغذائية والأدوية التي تخفّف في عوارض «كورونا».
لا يُعدّ موضوع التخبّط الحادث في إدارة أزمة وباء «كورونا» استثناء في لبنان؛ حسبما يرى أستاذ السياسات والتخطيط في الجامعة الأميركية، ناصر ياسين؛ بل يأتي في «إطار نهج تعتمده السلطة اللبنانية في إدارة كل أزماتها» قائم بشكل أساسي على «اتخاذ قرارات وإجراءات عشوائية غير مرتكزة على أسس علمية، تأتي ردود فعل لا يمكن أن تؤسس لسياسات عامة واضحة المسار والأهداف»، هذا فضلاً عن «الانحياز لفئة معينة وللقطاع الخاص وعدم اللجوء إلى توزيع الخسائر بالشكل المطلوب، والانتقال من خطة إلى أخرى من دون إكمال أي منها».
ويذكر ياسين في حديث مع «الشرق الأوسط» مثلاً على طريقة تعامل الدولة مع الأزمة المالية التي يشهدها لبنان؛ «إذ تقرر وضع دراسة للخسائر بدايةً للتفاوض مع صندوق النقد الدولي والاتفاق مع شركة بهذا الصدد، ومن ثمّ التراجع أمام الضغوطات، ثم عودة إلى النقاش حول التدقيق الجنائي مجدداً». الأمر نفسه أيضاً انطبق، حسب ياسين، على «موضوع المصارف؛ إذ جرى اقتراح قانون (كابيتال كونترول)، ومن ثمّ تهريب الرساميل والودائع الكبرى، ثم عادت السلطة لدراسة القانون من دون إقراره».
يعدّ ياسين أن التخبّط ووضع خطط متناقضة، «أصبح من سمة التعاطي في مختلف الملفات، لا سيما الأساسية منها؛ ففي موضوع عودة اللاجئين السوريين مثلاً تمّ وضع مشروع سياسة عامة لم يقر، ومن بعده عملت السلطة على التعاطي مع الموضوع بالقطعة وتقديم الوعود للمجتمع الدولي».
وحول ما خص أزمة «كورونا» تحديداً، يعرض ياسين مسار إدارتها، ويذكّر بداية بـ«التراخي في الإجراءات الذي حدث بعد إغلاق في مارس (آذار) وأبريل (نيسان) الماضيين، الذي اتسم بالتزام من المواطنين، لتعمد الحكومة ومع ارتفاع أعداد الحالات إلى قرار الإغلاق لمدة 4 أيام فقط بين 13 و18 مايو (أيار) الماضي/ في إجراء لم تعرف جدواه أو أسسه العلمية، ومن ثم اللجوء إلى إغلاق لبلدات صنفت موبوءة في قرار بني على معلومات خاطئة حول أماكن سجل المصابين، وليس أماكن سكنهم، وصولاً إلى العودة إلى الإغلاق التام بداية العام مع ما تضمنه من استثناءات».
ويعدّ ياسين أن «الفشل في إدارة أزمة (كورونا) كان واضحاً بشكل لافت في محطتين اثنتين: أولاهما عدم وضع آلية وخطة لتتبع الآتين من الخارج بعد فتح المطار؛ مما أدى لاحقاً إلى انتشار مجتمعي للوباء. والمحطة الثانية كانت عند اتخاذ قرار بعدم إغلاق البلد في فترة الأعياد خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي رغم حساسية الوضع الوبائي؛ إذ فضّلت السلطة، كعادتها، دعم القطاع السياحي وأصحاب المصالح على حساب القطاع الصحي والمواطنين، متبعة نهجها في عدم توزيع الخسائر بشكل عادل».
ويرى ياسين أن «ما زاد الطين بلة في موضوع إدارة أزمة (كورونا) غياب القيادة المرجعية، مما أدى إلى تضارب وعدم وضوح الخطاب الرسمي. وفي هذا الإطار يمكن التذكير، على سبيل المثال، بإعلان وزير الصحة حمد حسن أن قرار تسيير المركبات أثناء الإقفال على أساس رقم اللوحة؛ أي ما يعرف بمفرد ومجوز، كان سلبياً، وضاعف أعداد المصابين بالفيروس، بسبب لجوء اللبنانيين إلى النقل العام المشترك تعويضاً عن منعهم من استخدام سياراتهم، ليُعاد بعدها، وخلال الإقفال الأخير، إلى العمل بالقرار مجدداً».
وأدى غياب المرجعيّة في إدارة أزمة «كورونا» إلى خلافات بين الوزراء ظهرت إلى العلن في غير مرة، آخرها ما أثير أمس عن رفض وزير الصحة حضور اجتماع اللجنة الوزارية اعتراضاً على عدم إقفال البلد خلال أيام الأعياد، ليعود ويحضر بعدما رفض رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب اتخاذ القرار من دون حضور حسن.
ويشير ياسين في موضوع «كورونا» إلى فقدان المواطن ثقته بالسلطة التي تدير الأزمة، «لا سيما أنه يرى أن القرارات التي اتخذتها لم توصل إلى النتيجة المطلوبة، فضلاً عن انتشار صور لمن يدير هذه الأزمة وهو لا يلتزم التدابير الوقائية التي يطلب من المواطنين التقيّد بها».
وكانت انتشرت مؤخراً صورة لوزير الصحة مع وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال راوول نعمة وهما يتناولان الطعام مع مجموعة من الأشخاص من دون أي احترام لتدابير «كورونا» الوقائية. ويرى ياسين أن «المواطن، كما في مختلف الأزمات، ترك ليدبر أموره بنفسه في أزمة (كورونا)».



العليمي: الحوثيون تسببوا في دمار هائل للبنى التحتية باليمن

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مشاركاً في «المنتدى الحضري العالمي» (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مشاركاً في «المنتدى الحضري العالمي» (سبأ)
TT

العليمي: الحوثيون تسببوا في دمار هائل للبنى التحتية باليمن

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مشاركاً في «المنتدى الحضري العالمي» (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مشاركاً في «المنتدى الحضري العالمي» (سبأ)

أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، رشاد العليمي، أن انقلاب الجماعة الحوثية في بلاده تسبَّب في دمار هائل للبنى التحتية، مشيراً إلى تقديرات أممية بأن الاقتصاد سيخسر 657 مليار دولار بحلول 2030 في حال استمرّت الحرب.

تصريحات العليمي جاءت في وقت اتَّهم فيه عضوُ مجلس القيادة الرئاسي، عثمان مجلي، الجماعةَ الحوثيةَ باستغلال موانئ الحديدة؛ لتهريب الأسلحة الإيرانية وتهديد الملاحة، وبرفض مساعي السلام، وذلك خلال لقائه في لندن وزير الدولة البريطاني للشرق الأوسط وشمال أفريقيا هاميش فالكونر.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وأوضح العليمي، في كلمة بلاده أمام «المنتدى الحضري العالمي»، الذي تستضيفه مصر، أن الحكومة في بلاده «ماضية في جهودها للتغلب على ظروف الحرب المدمرة التي أشعلتها الميليشيات الحوثية الإرهابية العميلة للنظام الإيراني».

واستعرض خسائر بلاده جراء الحرب الحوثية التي أدت إلى دمار هائل في قطاعات البنى التحتية والخدمات الأساسية، وفي المقدمة الكهرباء، والطرق، وخطوط النقل والموانئ والمطارات، والجسور، والمصانع، والمنشآت التجارية.

وقال إن خسائر الاقتصاد والمدن الحضرية تتضاعف يوماً بعد يوم؛ جراء الحرب المفروضة على الشعب اليمني، محذراً من أن الخسائر سترتفع بحسب تقديرات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى 657 مليار دولار بحلول عام 2030 إذا استمرّت الحرب، ولم تستجب الميليشيات لنداء السلام، ومتطلبات استعادة مسار التنمية.

وبلغة الأرقام، أوضح العليمي أن التقديرات تشير إلى تضرر خدمات المدن والحواضر اليمنية بنسبة 49 في المائة من أصول قطاع الطاقة، و38 في المائة من قطاع المياه والصرف الصحي، فضلاً عن أضرار بالغة التكلفة في شبكة الطرق الداخلية، والأصول الخاصة بقطاع الاتصالات، بينما تضرر قطاع المساكن بشدة، وأُعيدت نحو 16 مدينة يمنية عقوداً إلى الوراء.

وتطرَّق رئيس مجلس الحكم اليمني إلى التحديات البنيوية والتمويلية المعقدة التي تواجه الحكومة اليمنية إزاء المتغيرات المناخية التي ضاعفت من أعباء التدخلات الطارئة، وتباطؤ إنفاذ خطط التنمية الحضرية على مختلف المستويات.

التطرف المناخي كبَّد اليمن خسائر كبيرة خلال السنوات الماضية (إعلام محلي)

وقال العليمي: «إن الأعاصير القوية التي شهدها اليمن خلال السنوات الأخيرة تسببت بدمار واسع النطاق، بما في ذلك الفيضانات والانهيارات الأرضية والأضرار التي لحقت بالبنى التحتية ومنازل المواطنين».

وأشار إلى أنه بين أبريل (نيسان) وأغسطس (آب) 2024 خلّفت الفيضانات المفاجئة عشرات الضحايا، وأكثر من 100 ألف نازح، وخسائر في البنى التحتية والحيازات الزراعية قُدِّرت بنحو 350 مليون دولار.

وثمَّن العليمي، في كلمته، الدور السعودي والإماراتي والمصري، وباقي دول «تحالف دعم الشرعية»، في الحد من وطأة الحرب على الشعب اليمني، ومنع انهيار شامل لمؤسساته الوطنية.

من جانبه، جدَّد عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، اتهامات بلاده لإيران بدعم الحوثيين بالصواريخ والمسيّرات. وقال إن الجماعة هي التي ترفض السلام، كما حمّل المجتمع الدولي المسؤولية عن توقف معركة تحرير الحديدة.

وبحسب الإعلام الرسمي، التقى مجلي في لندن، الثلاثاء، في وزارة الخارجية البريطانية، وزير الدولة البريطاني للشرق الأوسط وشمال أفريقيا هاميش فالكونر.

عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني عثمان مجلي مع وزير الدولة البريطاني للشرق الأوسط وشمال أفريقيا (سبأ)

وأوضح مجلي للوزير البريطاني أن السلام مطلب الشعب اليمني الذي يعاني ويلات الانقلاب الحوثي. وقال: «لأجل السلام ذهبنا إلى المشاورات كافة، بدءاً من (جنيف1) و(جنيف2)، ومشاورات الكويت، واستوكهولم، وظهران الجنوب في السعودية».

وأكد أن الحكومة في بلاده تدعم كل الدعوات التي تحقق سلاماً عادلاً وشاملاً في اليمن وفق القرارات الدولية، بما يحقن الدماء ويصون حقوق اليمنيين في العيش بسلام.

وقال مجلي إن الدور الإيراني التخريبي امتدّ ضرره إلى الإقليم والعالم من خلال تزويد الحوثيين بالأسلحة والصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، وتمكين الجماعة من تهديد السفن التجارية في البحرَين الأحمر والعربي، وإعاقة تدفق سلاسل الغذاء، وإحداث أزمة عالمية.

وأشار مجلي إلى انتهاكات الحوثيين التي امتدت إلى العاملين في المنظمات الإنسانية الأممية والدولية، وموظفي السفارات الذين تمارس الجماعة ضدهم أشد أنواع التعذيب النفسي والجسدي، غير آبهة بالتحذيرات والدعوات التي تطلقها السفارات والمنظمات الدولية لسرعة الإفراج عنهم.

واتهم الحوثيين بإعاقة كل صفقات تبادل الأسرى التي ترعاها الأمم المتحدة والمبعوث الأممي هانس غروندبرغ. وقال: «الجميع يدفع ثمن منع الشرعية من تحرير ميناء الحديدة الذي استخدمه الحوثيون سابقاً ويستخدمونه حالياً لأغراض غير إنسانية وتهريب الأسلحة، وتحويله إلى غرفة عمليات لمهاجمة السفن، وتعطيل حركة الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

عضو مجلس القيادة اليمني عثمان مجلي اتهم إيران بدعم الحوثيين لتهديد المنطقة (سبأ)

وأثنى عضو مجلس القيادة اليمني على الدور السعودي والإماراتي في بلاده، وقال إنه كان ذا أثر ملموس في التخفيف من معاناة اليمنيين من خلال تقديم المساعدات الإنسانية والطارئة ودعم الاقتصاد والعملة الوطنية.

ونسب الإعلام اليمني الرسمي إلى الوزير البريطاني أنه أكد حرص بلاده «على المضي في العمل مع الشركاء الدوليين ودول الجوار والمنطقة؛ لمكافحة الإرهاب وتأمين خطوط الملاحة البحرية في البحر الأحمر، والالتزام بتحقيق سلام مستدام في اليمن، ودعم جهود مجلس القيادة الرئاسي والحكومة لتحسين الوضع الاقتصادي».