قلق من ارتفاع اعتداءات المستوطنين على الجيش الإسرائيلي والفلسطينيين

إثر الاعتداء بالضرب على قائد لواء غولاني

مستوطنون يواجهون مزارعين فلسطينيين يلتقطون زيتونهم قرب رام الله أكتوبر الماضي (رويترز)
مستوطنون يواجهون مزارعين فلسطينيين يلتقطون زيتونهم قرب رام الله أكتوبر الماضي (رويترز)
TT

قلق من ارتفاع اعتداءات المستوطنين على الجيش الإسرائيلي والفلسطينيين

مستوطنون يواجهون مزارعين فلسطينيين يلتقطون زيتونهم قرب رام الله أكتوبر الماضي (رويترز)
مستوطنون يواجهون مزارعين فلسطينيين يلتقطون زيتونهم قرب رام الله أكتوبر الماضي (رويترز)

في أعقاب الاعتداء الذي قام به أحد نشطاء المستوطنين اليهود على ضابط عربي كبير في الجيش الإسرائيلي، عبّر مسؤولون في الأجهزة الأمنية، عن قلقهم الشديد من الارتفاع الكبير في عدد ونوعية الاعتداءات التي يقوم بها المستوطنون المتطرفون على الجيش وعلى الفلسطينيين، ومن مظاهر تصعيد مخطط في عنف المستوطنين.
وكشفت هذه المصادر أن اعتداءات المستوطنين بلغت 370 حالة في سنة 2020، وكانت عبارة عن اعتداءات جسدية فظة، 42 منها (10 في المائة) نفذت ضد جنود وضباط، و206 اعتداءات نفذت ضد ممتلكات الفلسطينيين وتم خلالها إصابة المواطنين، و120 اعتداء جسديّاً على الفلسطينيين. وحسب معطيات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، فإن أكثر من 60 اعتداءً نفذه المستوطنون في الشهر الماضي، إثر مصرع فتى من «شبيبة التلال» الاستيطانية المعروفة باعتداءاتها العنيفة، الذي توفي قبل نحو الشهر، في حادث طرق إثر مطاردة شرطية لهم، بعدما رشقوا حجارة على سيارات فلسطينية في الضفة الغربية. وتنطوي هذه الأرقام على ارتفاع حاد عن الاعتداءات في سنة 2019، حيث وقع 265 اعتداء، بينها 29 على الجيش.
وكان المستوطن البالغ من العمر 45 عاماً، قد اعتدى بالضرب على قائد لواء غولاني في الجيش الإسرائيلي، العقيد أيوب كيوف، وهو عربي درزي، ولكمه على وجهه خلال تفريق مظاهرة للمستوطنين عند مفرق كفر قدوم على مدخل مستعمرة «كدوميم» اليهودية. وفسر هذا الاعتداء بالقول إن «الجنود استخدموا القوة المفرطة في تفريق المتظاهرين، ومسوا بناتنا المتظاهرات المتدينات». ومع أن المعتدي ادعى أنه لم يكن يعرف من الضابط وما درجته، فإن مصادر في الجيش رفضت الادعاء، وقالت إن «هذا المستوطن ينتمي إلى مجموعة متطرفة جداً تمارس العنف ولن تتردد في ممارسة الإرهاب». وذكرت هذه المصادر أن العقيد أيوب كيوف، كان قد تعرض للضرب قبل سنة بالضبط على يد مستوطنين متطرفين من مستوطنة «يتسهار»، قرب نابلس، كانوا يحرقون أشتال الزيتون في الكروم الفلسطينية. وفي حينه أيضاً، أدان الجيش الإسرائيلي العنف الجسدي واللفظي ضد جنوده، واعتبر الحدث خطراً للغاية وحذر من نهج لدى المستوطنين. إلا أن الواقع يدل على مواصلة هذه الاعتداءات، بشكل خاص ضد الفلسطينيين، بل إنها تشهد ارتفاعاً حاداً.
وتشير الأجهزة الأمنيّة إلى تصعيد في وقاحة وجرأة المستوطنين في هذه الاعتداءات، وتحذّر المستوى السياسي من أن «الصمت والتردد في الإدانة، من قبل الجهات اليمينية البارزة ضد العنف في الضفة الغربية، من المحتمل أن يؤدّيان إلى تصعيد كبير في الوضع». وكانت مصادر في أجهزة الأمن الإسرائيلية قد حذرت في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من أن الشرطة «فقدت السيطرة» على مواجهة «عنف» تنظيم «شبيبة التلال» الإرهابي في الضفة الغربية. ونقلت صحيفة «هآرتس» عن تلك المصادر الأمنية الإسرائيلية، أن «صمت المستوى السياسي» على تصاعد عنف المستوطنين «يفسّر على أنه موقف داعم» لهذه الاعتداءات. وحذرت يومها، من أن «الإرهاب اليهودي في الضفة قد ينتهي إلى وقوع كارثة وسقوط قتلى». وقالت إن «الشرطة مرتدعة وعناصرها يخشون الخروج من الدوريات ووقف مثيري الشغب».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.