كشفت رئاسة الحكومة التونسية عن التزامها مع صندوق النقد الدولي بوضع برنامج إصلاحات اقتصادية تتناسب مع رؤية الحكومة للتعاون مع هذا الهيكل المالي الدولي، وتتماشى مع الموارد المالية المتوفرة لديها. وعد هشام المشيشي رئيس الحكومة، في أول اجتماع مع بعثة خبراء تابعة لصندوق النقد اعتماداً على تقنية التواصل عن بعد، أن تونس مستعدة لتنفيذ عدد من الإصلاحات الهيكلية، مؤكداً أن العلاقة بين الطرفين «علاقة استراتيجية بالنسبة لتونس وحكومتها».
وتبحث الحكومة التونسية عن طريقة مجدية لتمويل ميزانية السنة الحالية، وذلك بعد نهاية الاتفاق الموقع بين تونس وصندوق النقد الدولي الذي امتد من سنة 2016 إلى 2020. وكان هذا الاتفاق قد مكن الحكومة التونسية من الحصول على مبلغ 2.9 مليار دولار الذي اعتمدت عليه لتمويل الميزانية وتسيير شؤون الدولة. وفي حال عدم توفر قروض خارجية، فإن الهوة ستكون شاسعة بين الموارد المتوفرة وطلبات التمويل.
وتوقع أكثر من خبير اقتصادي ومالي تونسي أن تجد الحكومة التونسية صعوبات جمة في الوفاء بتعهداتها المالية، والعودة إلى الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية الهيكلية. وأشار كل من محسن حسن وزير الاقتصاد التونسي السابق، وعز الدين سعيدان الخبير المالي والاقتصادي، إلى أن الإصلاحات التي نفذتها كل من حكومة يوسف الشاهد، وإلياس الفخفاخ فيما بعد، كانت نتائجها سلبية على المستوى المحلي، إذ شهدت البلاد ارتفاعاً على مستوى الأسعار، شمل المحروقات والتغذية والدواء ومعظم المنتجات الاستهلاكية، كما عرف الدينار التونسي (العملة المحلية) تراجعاً حاداً على مستوى قيمته، في مقابل العملات الأجنبية الأساسية، خاصة اليورو والدولار.
واتخذت الحكومة قراراً بعدم الانتداب في القطاع العام، وشهدت ارتفاع الضغوطات الجبائية (الضريبية) على الأشخاص والمؤسسات، وارتفاع كلفة القروض البنكية، وهو ما يجعل فرضية العودة إلى تلك الإصلاحات تطرح مخاطر اجتماعية متعددة.
يذكر أن البرلمان التونسي قد صادق على ميزانية 2021، وحجمها لا يقل عن 52.6 مليار دينار تونسي (نحو 19.2 مليار دولار)، بارتفاع مقدر بنحو 1.8 في المائة، في مقابل بميزانية السنة الماضية، وقدر عجز الميزانية بنحو 8 مليارات دينار (نحو 2.9 مليار دولار)؛ أي أكثر من 7 في المائة من إجمالي الناتج المحلي التونسي.
ويطرح العجز القياسي للميزانية تساؤلات حول ما هو متوفر من إمكانيات حكومية لتجاوز هذه الفجوة المالية العميقة، في ظل حالة ركود اقتصادي متواصل، وزيادة على مستوى النفقات الحكومية، خاصة على مستوى كتلة الأجور في القطاع العام، رغم التحذيرات المتكررة من صندوق النقد.
وتعتمد الميزانية الحالية سعراً مرجعياً للنفط في حدود 45 دولاراً للبرميل، وهو سعر قد يكون في أي لحظة غير واقعي، في ظل الأزمات الإقليمية المتعددة. وقد حددت وزارة المالية التونسية نسبة نمو لا تقل عن 4 في المائة مع نهاية سنة 2021، لكن خبراء الاقتصاد والمتابعين للشأن المالي والاقتصادي في تونس يستبعدون قدرة الحكومة على تحسين مؤشر النمو خلال السنة الحالية نتيجة ضعف الموارد الذاتية من ناحية، ووجود مؤشرات سلبية كثيرة تمس هيكلة الاقتصاد التونسي من ناحية أخرى.
تونس تناقش برنامج إصلاحات مع {النقد الدولي}
تونس تناقش برنامج إصلاحات مع {النقد الدولي}
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة