تجدد الاحتجاجات وقطع الطرق في جنوب العراق

أنباء عن سقوط قتيل واعتقالات وهجمات بعبوات ناسفة على منازل ناشطين

جانب من المواجهات بين المحتجين وقوات الأمن في الناصرية جنوب العراق أمس (أ.ف.ب)
جانب من المواجهات بين المحتجين وقوات الأمن في الناصرية جنوب العراق أمس (أ.ف.ب)
TT
20

تجدد الاحتجاجات وقطع الطرق في جنوب العراق

جانب من المواجهات بين المحتجين وقوات الأمن في الناصرية جنوب العراق أمس (أ.ف.ب)
جانب من المواجهات بين المحتجين وقوات الأمن في الناصرية جنوب العراق أمس (أ.ف.ب)

وسط أنباء عن عمليات اعتقال واغتيال وعبوات ناسفة استهدفت منازل الناشطين، فضلاً عن تزايد أعداد المصابين بنيران الأسلحة والغازات المسيلة للدموع التي تطلقها القوى الأمنية، تواصلت أمس المظاهرات الاحتجاجية في عموم مدن محافظة ذي قار الجنوبية، خاصة مركزها مدينة الناصرية. وتحدث ناشطون عن إصابة العشرات ومقتل أحد الناشطين.
وطبقاً لناشطين، فإن أعداد كبيرة من عناصر الأمن ومكافحة الشغب حاولت، أمس، اقتحام ساحة الحبوبي، وسط المدينة، لتفريق المتظاهرين الذين يلوحون بإعادة خيام الاعتصام إلى الساحة بعد رفعها مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وقال الناشط عباس السعداوي إن «المحتجين استعادوا السيطرة على ساحة الحبوبي، ولن يغادروها قبل تحقيق مطلبهم، بإيقاف ملاحقة المحتجين، وإطلاق سراح من ألقي القبض عليه منهم».
وأكد لـ«الشرق الأوسط» «اعتقال العشرات، وسقوط متظاهر قتيلاً بنيران القوات الأمنية في ساحة إبراهيم الخليل»، لكن مصادر أمنية أو مستقلة لم تؤكد مقتل الناشط. ويرى السعداوي أن «الناصرية محتلة من قبل (دواعش) الميليشيات الذين يحاولون الثأر من أبناء المدينة الذين حرقوا مقراتهم العام الماضي».
وعن أسباب تصاعد موجة الاحتجاجات خلال هذه الأيام، يقول الناشط غزوان عدنان إن «جماعات الحراك ضاقت ذرعاً بعمليات الاستهداف التي تطالهم من قبل جماعات مسلحة تعمل تحت مظلة القوات الأمنية، وباتت لا تثق بوعود الحكومة في محاسبة الجناة وقتلة المتظاهرين».
ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «جماعات مسلحة قامت خلال أقل من شهر باستهداف منازل 18 ناشطاً بالعبوات والقنابل الصوتية، من دون أن تتخذ السلطات أي إجراء لردع تلك الجهات»، مشيراً إلى أن «هناك اعتقاداً شائعاً بأن جماعات قريبة من التيار الصدري تقف وراء ذلك، وأيضاً تتهم جماعات الحراك قائد الشرطة بالتواطؤ مع تلك الجماعات، وتطالب بإقالته».
من هنا -والكلام لعدنان- فإن «الناشطين يخشون اليوم أن تطالهم الاعتقالات والهجمات بالعبوات والقنابل، إذا ما التزموا الصمت ولم يتحركوا للدفاع عن أنفسهم، ويتوقعون مصيراً مماثلاً لمصير زملائهم الذين استهدفوا خلال الأيام الماضية، لذلك قاموا بتحركهم الأخير».
ويؤكد أن «الاحتجاجات الأخيرة اعتمدت أسلوب قطع المناطق وعزلها بواسطة الإطارات المحترقة، واليوم قطعت معظم الأحياء في الناصرية، وكذلك في بعض الأقضية والنواحي في المحافظة، بهدف الضغط على السلطات، وإيقاف عمليات الاعتقال والاستهداف ضد الناشطين».
وتحدثت وسائل إعلام محلية في الناصرية عن قيام عشرات المحتجين بقطع الطريق الرابط بين مدينة الناصرية وقضاء الجبايش، احتجاجاً على اعتقال ناشطين في المحافظة. وتحت ضغط الاحتجاجات التي فجرها اعتقاله، أطلقت السلطات المحلية في وقت لاحق من يوم أمس سراح الناشط إحسان الهلالي وبقية المعتقلين.
وكانت الحكومة الاتحادية في بغداد قد شكلت، مطلع الشهر الماضي، خلية لإدارة الأزمة في ذي قار مؤلفة من كبار المسؤولين في الأجهزة الأمنية، وعينت مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي رئيساً لها. وفيما نجحت الخلية في إقناع جماعات الحراك برفع خيام الاعتصام في الحبوبي والعودة إلى منازلهم، يرى ناشطون أنها لم تفعل الشيء الكثير حيال قضية استهداف الناشطين، ومحاسبة المتورطين بعمليات القتل والاختطاف. وبدورها، دعت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، أول من أمس، رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى «تولي الملف الأمني في المحافظة الذي شهد كثيراً من الانتكاسات والانتهاكات، ومعالجة الملفات كافة، وإعادة الأمن لهذه المحافظة، وإيقاف مسلسل الاغتيالات والخطف وتقييد الحريات»، طبقاً لبيان صادر عنها. وقالت إنها «راقبت من خلال فرقها الرصدية الأحداث الجارية في محافظة ذي قار خلال اليومين الماضيين التي وثقت فيها حصول حالات اغتيالات واختطاف، وحصول مصادمات بين المتظاهرين والقوات الأمنية، استخدمت فيها القوات الأمنية الغازات المسيلة للدموع والرصاص الحي والمطاطي، كما استخدم المتظاهرون الحجارة ضد القوات الأمنية».
وذكرت أن إجمالي الإصابات بلغ «43 إصابة بين صفوف المتظاهرين والقوات الأمنية، مع اغتيال (2)، تلتها حملة اعتقالات قامت بها القوات الأمنية ضد ناشطين ومتظاهرين، حيث تم اعتقال 30 متظاهراً، بينهم صحافي». وناشدت المفوضية الأطراف كافة التهدئة وضبط النفس.



مصر: أمن البحر الأحمر مرتبط بحل الأزمة اليمنية وتثبيت «اتفاق غزة»

مصر تعلن نجاحها في قطْر ناقلة نفط هاجمتها جماعة «الحوثي» اليمنية بالبحر الأحمر العام الماضي (هيئة قناة السويس)
مصر تعلن نجاحها في قطْر ناقلة نفط هاجمتها جماعة «الحوثي» اليمنية بالبحر الأحمر العام الماضي (هيئة قناة السويس)
TT
20

مصر: أمن البحر الأحمر مرتبط بحل الأزمة اليمنية وتثبيت «اتفاق غزة»

مصر تعلن نجاحها في قطْر ناقلة نفط هاجمتها جماعة «الحوثي» اليمنية بالبحر الأحمر العام الماضي (هيئة قناة السويس)
مصر تعلن نجاحها في قطْر ناقلة نفط هاجمتها جماعة «الحوثي» اليمنية بالبحر الأحمر العام الماضي (هيئة قناة السويس)

تزامناً مع إعلان هيئة قناة السويس المصرية نجاحها في قطر ناقلة نفط تعرضت لهجوم «حوثي» قبل نحو 7 أشهر، أكدت مصر، الاثنين، أن تحقيق أمن البحر الأحمر مرتبط بحل الأزمة اليمنية وتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وقال نائب وزير الخارجية والهجرة المصري السفير أبو بكر حفني، إن «أمن البحر الأحمر وثيق الصلة بالأزمات التي تشهدها المنطقة»، مُشيراً إلى «أهمية التوصل إلى حل عادل للأزمة اليمنية، والعمل على تثبيت وقف إطلاق النار في غزة، بالإضافة إلى تسوية الأزمة السودانية».

جاء ذلك في افتتاح البرنامج التدريبي الذي ينظمه «مركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام»، بدعم من الحكومة اليابانية، بعنوان «مكافحة التهديدات العابرة للحدود: نحو تعزيز الأمن البحري في منطقة البحر الأحمر».

ويشارك في البرنامج التدريبي عدد من الكوادر المدنية والأمنية المعنية بالدول المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، ومنها السعودية، واليمن، وجيبوتي، والسودان، والصومال، والأردن، ومصر، وفق الإفادة.

وأشار حفني، في كلمته خلال مراسم افتتاح البرنامج التدريبي، إلى «تداعيات العدوان الإسرائيلي على غزة على استقرار منطقة البحر الأحمر وتصاعد التوتر بها على نحو غير مسبوق». وقال إن «الحفاظ على أمن البحر الأحمر وحرية الملاحة فيه، مسؤولية جماعية تتطلب تعاوناً دولياً وإقليمياً مكثفاً»، وأضاف: «مصر تؤكد دوماً محورية إدماج الدول العربية والأفريقية المشاطئة للبحر الأحمر وخليج عدن في أي مبادرات تُعنى بالمنطقة».

وشدد نائب وزير الخارجية المصري على «أهمية تفعيل مجلس الدول العربية والأفريقية المُطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، باعتباره إطاراً إقليمياً ضرورياً لتعزيز التعاون والتنسيق بين الدول المشاطئة».

تشكو مصر من تراجع إيرادات قناة السويس بسبب توترات البحر الأحمر (هيئة قناة السويس)
تشكو مصر من تراجع إيرادات قناة السويس بسبب توترات البحر الأحمر (هيئة قناة السويس)

ومنذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، غيرت شركات شحن عالمية مسارها، متجنبة المرور في البحر الأحمر، إثر استهداف جماعة «الحوثي» اليمنية، السفن المارة بالممر الملاحي، «رداً على الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة».

وسبق أن أشارت مصر مراراً إلى تأثر حركة الملاحة بقناة السويس بالتوترات الإقليمية. وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أخيراً، إن إيرادات قناة السويس تراجعت نحو من 40 إلى 50 في المائة، بسبب «الأزمات» على حدود البلاد المختلفة، بعد أن كانت تدرّ نحو 10 مليارات دولار سنوياً.

في سياق متصل، قال أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس المصرية، في إفادة رسمية، الاثنين، إن ناقلة النفط «سونيون» المسجلة في اليونان، والتي هاجمتها جماعة «الحوثي» اليمنية العام الماضي، جرى قطرها بنجاح عبر القناة بعد إنقاذها من البحر الأحمر.

ووفق البيان، «جرت عملية القطر بواسطة 4 قاطرات تابعة للهيئة في رحلتها عبر قناة السويس ضمن قافلة الجنوب، مقبلة من البحر الأحمر ومتجهةً إلى اليونان».

وأوضح رئيس الهيئة أن «تجهيزات عملية قطْر الناقلة استلزمت اتخاذ إجراءات معقدة على مدار عدة أشهر لتفريغ حمولة الناقلة البالغة 150 ألف طن من البترول الخام قبل السماح بعبورها القناة، وذلك لخطورة وضع الناقلة بعد تعرضها لهجوم بالبحر الأحمر في أغسطس (آب) الماضي، أسفر عن حريق هائل بغرفة القيادة، وغرفة الماكينات، وغرف الإعاشة، وتعطل أجهزة التحكم والسيطرة، بشكل يصعب معه إبحار الناقلة وتزداد معه مخاطر حدوث التلوث والانسكاب البترولي أو الانفجار».

ناقلة النفط «سونيون» المسجلة في اليونان (هيئة قناة السويس)
ناقلة النفط «سونيون» المسجلة في اليونان (هيئة قناة السويس)

وأضاف ربيع أن «عملية تفريغ الحمولة في منطقة غاطس السويس خضعت لإجراءات معقَّدة قامت بها شركتا الإنقاذ AMBERY وMEGA TUGS المعينتين من مُلَّاك الناقلة، حيث عملتا من خلال خطة عمل مشتركة، بالتعاون وتحت إشراف كامل من فريق الإنقاذ البحري التابع للهيئة، على تفريغ الحمولة بناقلة أخرى مماثلة، وفق معدلات تفريغ وحسابات دقيقة منعاً لحدوث أي تضرر أو انقسام في بدن الناقلة».

وأوضح أن «عملية القطْر استغرقت نحو 24 ساعة، بمشاركة 13 مرشداً في مناطق الغاطس والقناة، وجرت على عدة مراحل».

وأكد ربيع «جاهزية قناة السويس للتعامل مع حالات العبور الخاصة وغير التقليدية من خلال منظومة عمل متكاملة»، مشيراً إلى «ما تتيحه الهيئة من حزمة متنوعة من الخدمات البحرية والملاحية التي تلائم متطلبات العملاء المختلفة في الظروف الاعتيادية والطارئة».

وتعد قناة السويس أحد المصادر الرئيسية للعملة الصعبة في مصر، وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار خلال العام المالي 2022 - 2023، إلى 7.2 مليار دولار خلال 2023 - 2024، بحسب التصريحات الرسمية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

بدوره، قال خبير الشؤون الأفريقية اللواء محمد عبد الواحد لـ«الشرق الأوسط»، إن «ما يحدث في البحر الأحمر يجب النظر إليه من منظور جيوسياسي، لا سيما أن ما يحدث فيه يؤثر في دول عدة حول العالم، كونه أحد ممرات الملاحة العالمية التي كانت ولا تزال محل تنافس عالمي»، وأشار إلى «أهمية تعاون الدول المشاطئة لحماية أمن البحر الأحمر واستقراره». وأضاف: «إنهاء الصراعات في المنطقة أحد أهم شروط استعادة استقرار البحر الأحمر».

ووفق تقرير للبنك الدولي الشهر الماضي، «أدى تعطيل النقل البحري في البحر الأحمر إلى زيادة كبيرة في تكاليف الشحن العالمية بنسبة 141 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، مقارنةً بما قبل الأزمة».

كما شهدت قناة السويس ومضيق باب المندب انخفاضاً حاداً في حركة السفن، حيث تراجعت بنسبة تصل إلى 75 في المائة بحلول أواخر ديسمبر (كانون الأول) 2024، مقارنةً بانخفاض 50 في المائة تم توثيقه في مايو (أيار) 2024، وفق التقرير.