دفاع شقيق بوتفليقة يشكو تعرضه لـ«انتقام القضاء»

لا يزال في سجن مدني بعد أن برأه القضاء العسكري من «تهمة التآمر»

سعيد بوتفليقة (أ.ف.ب)
سعيد بوتفليقة (أ.ف.ب)
TT

دفاع شقيق بوتفليقة يشكو تعرضه لـ«انتقام القضاء»

سعيد بوتفليقة (أ.ف.ب)
سعيد بوتفليقة (أ.ف.ب)

قال محامٍ جزائري يدافع عن سعيد بوتفليقة شقيق الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، إن القضاء وضعه في الحبس الاحتياطي «بناءً على ملف خالٍ من أي وقائع تثبت تهمة الفساد ضده». كان القضاء العسكري، برأ سعيد في «قضية التآمر على الدولة والجيش»، الشهيرة، لكنه بقي في السجن لمتابعته في قضية تخص رجل أعمال كبيراً.
وذكر خالد بورايو، وهو من أشهر المحامين في البلاد، لـ«الشرق الأوسط»، أنه تسلم مستندات القضية التي اتهم فيها سعيد بـ«استغلال النفوذ للحصول على منافع خاصة» و«غسل أموال»، وقد ثبت، على حد قوله، أن «الملف فارغ لا يستدعي الأمر الذي صدر عن قاضي التحقيق بإيداعه الحبس الاحتياطي، ولذلك أتساءل باستغراب: هل توجد إرادة في السلطة لإطالة سجن سعيد بوتفليقة، رغم أنه لا توجد شبهة تؤسس عليها تهمة الفساد؟».
وتتمثل الوقائع، حسب بورايو، في اتهام سعيد بـ«توظيف نفوذه» كشقيق للرئيس ومستشاره الخاص، لحصول رجل الأعمال علي حداد على مشروعات حكومية كبيرة، في الأشغال العمومية والبنى التحتية. وقد تم ذلك، استناداً إلى وثائق الملف، في الفترة التي كان فيها عبد المالك سلال وأحمد أويحي رئيسين للوزراء، أي ما بين 2012 حتى 2019. ويحمَل بورايو المسؤولين الحكوميين الكبيرين سابقاً، مسؤولية اختيار الشركات الحكومية والخاصة، التي تتكفل بإنجاز المشروعات الكبرى. وكان حداد، الذي يقضي عقوبة السجن لـ12 سنة، من كبار المقاولين في البلاد.
وذكر المحامي أن جهاز الأمن والقضاء «عاجزان عن تقديم دليل واحد يفيد بأن سعيد تدخل لدى الحكومة لمصلحة رجل الأعمال حداد أو غيره، كما أنه لا توجد أملاك تابعة له يمكن أن تكون محل شبهة رشوة، في مقابل تضخيم ثروة حداد، كما يشاع في الأوساط السياسية والإعلامية… إن ما يحدث لشقيق الرئيس السابق، هو بمثابة انتقام ضده وضد عائلته، لكن القضاء لا ينبغي أن ينجر وراء هذا، بل عليه أن يحتكم للقانون وفقط».
وبخصوص تهمة «غسيل أموال»، فهي تتعلق بتمويل مشروع إطلاق قناة تلفزيونية، للترويج للولاية الخامسة للرئيس السابق، سميت «قناة الاستمرارية»، وقد أشرف على التحضير لها وزير الإعلام ومدير التلفزيون الحكومي سابقاً، حمراوي حبيب شوقي، غير أنه لم توجه له التهمة، ولم يستدع إلى التحقيق لسماعه. وورد في الملف أن أموال المشروع، مصدرها ثروات رجال أعمال، وأنها وضعت تحت تصرف سعيد الذي أشرف بنفسه على جمع أموال حملات شقيقه الانتخابية خلال الـ20 سنة الماضية. وينفي دفاعه «وجود دليل واحد على أن موكلي يقف وراء هذه الفضائية».
ودعا بورايو إلى الإفراج عن سعيد بوتفليقة (63 سنة)، الذي نقله القضاء العسكري إلى سجن مدني بالعاصمة، في الثالث من الشهر الحالي، وذلك بعد يوم واحد من تبرئته من «تهمة التآمر». وأصدر القضاء العسكري البراءة في القضية نفسها، لصالح رئيسي الاستخبارات سابقاً محمد مدين وعثمان طرطاق، والأمينة العامة لـ«حزب العمال» لويزة حنون، التي كانت استعادت حريتها في فبراير (شباط) 2020. وعاد مدين إلى بيته، فيما بقي طرطاق في السجن العسكري لاتهامه في قضايا أخرى ذات طابع جنائي.
ويرد اسم سعيد في قضايا فساد أخرى، تخص مسؤولين بارزين، أشهرهم وزير العدل الطيب لوح الذي كان مقرباً منه، والذي تتهمه النيابة العامة بـ«تلقي أوامر من شقيق الرئيس بشأن معالجة ملفات قضائية، تخص رجال أعمال متهمين بالفساد». كما يوجد بينهم مدير التشريفات بالرئاسة مختار رقيق، وكلاهما في السجن.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.