الحوثيون يقيّدون الاجتماعات الافتراضية للمنظمات الدولية

هددوا بطردها وحذروها من إقامة ندوات أو ورش عمل بالاتصال المرئي

TT

الحوثيون يقيّدون الاجتماعات الافتراضية للمنظمات الدولية

في تطور جديد ضمن سلوك الحوثيين القامع للمنظمات الإنسانية، قررت الجماعة المدعومة من إيران، أمس (الأحد)، منع المنظمات الدولية والمحلية على حد سواء من عقد أي اجتماعات عبر تقنية «الفيديو» إلا بالحصول على ترخيص مسبق من قادة الجماعة وأجهزتها الأمنية.
وهددت الجماعة الانقلابية، في تعميم وزعته على المنظمات الإنسانية في مناطق سيطرتها، بطرد أي منظمة تقوم بعقد أي لقاءات أو ورش عمل عبر الاتصال المرئي، زاعمة أن مثل هذا السلوك قد يمثل تهديداً لحكمها الانقلابي.
وسبق أن فرضت الجماعة قيوداً مشددة على عمل المنظمات الدولية، تشمل تحركات هذه المنظمات والتحكم في عملها وفرض موظفين من عناصرها ضمن طواقم العمل، إلى جانب تحديد المستفيدين من أنشطة الوصول الإنساني.
وخلال سنوات الانقلاب، أقدمت الميليشيات الحوثية على إغلاق عشرات الجمعيات المحلية الخيرية، وقامت بمصادرة أصولها وتجميد أرصدتها وتحويل أنشطة بعضها بعد الاستيلاء عليها لدعم المجهود الحربي.
وصدر التعميم الحوثي الجديد عبر ما يسمي المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي، وهي جهة غير قانونية أنشأتها الجماعة للسيطرة على العمل الإنساني والتحكم بشؤون المنظمات الدولية، وتتبع مباشرة مكتب رئيس حكم الانقلاب مهدي المشاط، ويديرها القيادي المقرب من زعيم الجماعة أحمد حامد المكني «أبو محفوظ» إلى جانب عدد من أتباعه المنتمين إلى محافظة صعدة.
وزعمت الجماعة أنها لاحظت أخيراً «قيام بعض المنظمات الدولية والمحلية بتنفيذ أنشطة عبر مواقعها الإلكترونية دون أي موافقة مسبقة»، وشددت بالقول: «لا يسمح لأي منظمة إنسانية أو إغاثية بتنفيذ أنشطة لها أو مشروع عبر الإنترنت سواء أكانت مسابقة أم دراسة أم سفرية إلا بعد أخذ الموافقة».
وحذرت الميليشيات الانقلابية في التعميم المذيل بتوقيع القيادي عبد المحسن الطاووس المنظمات من «عدم استخدام موظفيها في أعمال دراسة أو رصد أو ما شابه إلا بعد أخذ الإذن تجنباً لأي عمل قد ينخرط في أعمال مشبوهة مخالفة للعادات والتقاليد، والتي قد يترتب عليها إغلاق المنظمة أو طردها من البلاد»، بحسب ما جاء في التعميم.
كما شددت على أنه «لا يسمح بعقد أي اجتماعات افتراضية عبر تقنية التواصل عبر الإنترنت عن بعد لغرض القيام بورش عمل أو عقد ندوات إلا بعد التنسيق المسبق وتقديم الأدبيات الخاصة».
ولقي التعسف الحوثي الجديد استياء واسعاً بين أوساط الحقوقيين ومسؤولي المنظمات الإنسانية، إذ رأوا فيه إصراراً من الجماعة على التضييق على العمل الإنساني ومضاعفة معاناة السكان.
وفي هذا الصدد، ندد المدير التنفيذي للتحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان (تحالف رصد) مطهر البذيجي بإجراء الجماعة الأخير، ووصفه بأنه «قيد إضافي يستهدف الأنشطة الإنسانية».
وقال البذيجي لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الاشتراطات والقيود الحوثية الأخيرة على عمل المنظمات بمنح تراخيص لإدارة الفعاليات عبر الفيديو تأتي لتقوض عمل المجتمع المدني وتمارس الهيمنة والإملاءات على المنظمات كما تأتي تتابعاً لعدد من الانتهاكات المرتكبة من قبل الميليشيا بحق المجتمع المدني باليمن».
وسبق للجماعة - بحسب البذيجي - القيام بإلغاء تراخيص عدد كبير من المنظمات ونهب وسرقة وإغلاق كثير منها، في سياق سعيها لإلغاء صوت هذا القطاع المهم والهيمنة والرقابة عليه من قبل الكيان القمعي، المسمى بالمجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية.
ودعا المدير التنفيذي لتحالف «رصد» الميليشيات الحوثية إلى إلغاء ما جاء في التعميم الأخير والسماح للمنظمات الإغاثية والمحلية بالعمل وفقاً لقانون المنظمات والجمعيات الأهلية.
يشار إلى أن كثيراً من المنظمات الإنسانية العاملة في اليمن لجأت أخيراً - مثل نظيراتها في العالم - إلى الاعتماد على تقنيات التواصل عن بعد في تنفيذ أنشطتها واجتماعاتها ودوراتها التدريبية بسبب الإجراءات الاحترازية العالمية من تفشي فيروس كورونا.


مقالات ذات صلة

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

المشرق العربي طالبات جامعة صنعاء في مواجهة قيود حوثية جديدة (غيتي)

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

بدأت الجماعة الحوثية إجراءات جديدة لتقييد الحريات الشخصية للطالبات الجامعيات والتضييق عليهن، بالتزامن مع دعوات حقوقية لحماية اليمنيات من العنف.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).