دعوات لإشراك «الدستوري الحر» في الحوار بتونس

بعد إقصائه من «اتحاد الشغل» المنظم للجلسات

TT

دعوات لإشراك «الدستوري الحر» في الحوار بتونس

دعت أحزاب سياسية في تونس إلى إشراك «الحزب الدستوري الحر» المعارض، في الحوار الوطني، وذلك بعد إقصاء الحزب من الجلسات التي يعد «الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال)» لتنظيمها لإيجاد حلول للأزمة السياسية والاجتماعية في البلاد.
وتأتي هذه المواقف إثر إعلان «اتحاد الشغل»؛ متزعم مبادرة الحوار الوطني في تونس، إقصاء «الحزب الدستوري الحر» (الليبرالي) الذي تتزعمه عبير موسى، و«ائتلاف الكرامة» (الإسلامي) الذي يرأسه سيف الدين مخلوف.
ودعا يوسف الشاهد، رئيس حزب «تحيا تونس»، وناجي جلول رئيس حزب «الائتلاف الوطني التونسي»، قيادات «اتحاد الشغل» إلى إشراك «الدستوري الحر» في الجلسات، وأكد أهمية التفرقة بين «الدستوري الحر» و«ائتلاف الكرامة ».
و«الدستوري الحر» أحد الأحزاب الداعية إلى إبعاد أحزاب الإسلام السياسي عن المشهد التونسي ومن أهمها «حركة النهضة» و«ائتلاف الكرامة».
وفي هذا الشأن، قال ناجي جلول؛ أحد المؤسسين السابقين لـ«حركة نداء تونس»، إن أنصار عبير موسى لم يفجّروا المؤسسات ولم يلجأوا إلى العنف في مواقفهم، في إشارة إلى اعتداء نواب كتلة «ائتلاف الكرامة» على أنور بالشاهد النائب عن «الكتلة الديمقراطية» المعارضة.
وأشار الشاهد؛ الذي تولى رئاسة الحكومة التونسية من 2016 إلى 2019، إلى أنه لا يرى أي سبب لمنع «الدستوري الحر» من المشاركة في الحوار، «ومن الأفضل إشراك جميع الأحزاب السياسية»، على حد تعبيره.
وكانت عبير موسى قد هاجمت بشدة قيادات «اتحاد الشغل»، واتهمت نور الدين الطبوبي رئيس النقابة بالوقوف في صف «الظلاميين والتكفيريين»، على حد تعبيرها، من خلال إشراكه «حركة النهضة» في الحوار الوطني وإقصاء أحزاب وطنية أخرى مثل حزبها.
وبشأن جلسات الحوار في حد ذاتها، عدّت موسى أن الحوار الوطني «مجرد حوار عقيم لا فائدة ترجى منه، وهو بلا فائدة تذكر»، ورأت في تصريح إعلامي أن البلاد في حاجة إلى إنجازات وإصلاحات، وأن الحكومة الحالية التي يقودها هشام المشيشي «تعلم جيداً ما يجب عليها أن تقوم به، ولديها الآليات الكافية للقيام بذلك، لكنها مكبلة بالتوافقات والصفقات التي تضمن البقاء في الكراسي»، نافية وجود إرادة سياسية للإصلاح، على حد تعبيرها.
يذكر أن «الاتحاد» يرفض الجلوس مع هذين الحزبين حول طاولة حوار واحدة، نظراً لوجود خلافات حادة مع «ائتلاف الكرامة»، الذي اتهم قيادات نقابية في السابق بالثراء غير المشروع، أما «حركة النهضة» و«ائتلاف الكرامة» فإنهما لن يقبلان بالتفاوض مع «الدستوري الحر» بدعوى انتمائه إلى منظومة الحكم السابقة التي أسقطها التونسيون.
ورغم توضح نسبي للصورة بتحديد هوية المشاركين، فإن حسان العيادي، المحلل السياسي التونسي، أكد أن «حركة النهضة» تجد في مبادرة «اتحاد الشغل» ما «يخدم مصالحها؛ ولو بصفة نسبية، ذلك أنها نجحت عزل (الدستوري الحر) عن الحوار، وجعله غير قادر على التأثير في المشهد السياسي».
وتساءل العيادي عمّا إذا كان عزل «الدستوري الحر» مقنعاً لـ«حركة النهضة» كي تعلن مشاركتها الصريحة في «حوار تتمسك بأن يكون دون إقصاء، والقصد ألا يقع إبعاد حليفيها (ائتلاف الكرامة) و(حزب قلب تونس) عن المشاورات». وتنظر قيادات «النهضة» بريبة إلى الملف السياسي؛ إذ إنها «لن تستطيع تحديد وجهة الحوار في هذا الباب، كما أنها قد تجد نفسها في مواجهة مجموعة متنوعة من الخصوم؛ بينهم أحزاب يسارية وأحزاب معارضة، علاوة على مؤسسة رئاسة الجمهورية».



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».