في ذكرى «25 يناير».. أطلال حزبين حاكمين في مصر على مشارف التحرير

محللون سياسيون: «الوطني» و«الحرية والعدالة» جمعهما احتكار السلطة.. والمصير

في ذكرى «25 يناير».. أطلال حزبين حاكمين في مصر على مشارف التحرير
TT

في ذكرى «25 يناير».. أطلال حزبين حاكمين في مصر على مشارف التحرير

في ذكرى «25 يناير».. أطلال حزبين حاكمين في مصر على مشارف التحرير

بينما تهل الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير (كانون الثاني) في مصر، تنتشر القوات الأمنية في محيط ميدان التحرير (أيقونة الثورة المصرية) تحسبا لمواجهة بعض من دعوات التظاهر في هذا اليوم، بينما على بعد خطوات من طرفي الميدان، تقبع أطلال المقرين الرئيسيين للحزبين اللذين تحول بينهما الحكم في مصر خلال السنوات الماضية، ورغم وقوفهما على طرفي النقيض في المعادلة السياسية، فإن ما يجمع بينهما كان محاولة احتكار السلطة.. وهو الأمر الذي تنأى القيادة المصرية الحالية عن القرب منه.
وتسيطر الأشباح على مقري الحزبيين الحاكمين السابقين لمصر، «الوطني» و«الحرية والعدالة»، في وقت ينتظر فيه المصريون إجراء الانتخابات النيابية في شهر مارس (آذار) المقبل، والتي سيتحدد على نتائجها الحزب، أو الكتلة، التي ستحصد الأغلبية، ويكون من حقها تشكيل الحكومة وفقا لبنود الدستور الذي أقره المصريون مطلع العام الماضي كأولى خطوات خارطة الطريق بعد النجاح في إسقاط حكم جماعة الإخوان المسلمين في 30 يونيو (حزيران) من عام 2013.
لكن الفارق الرئيسي في المشهد الحالي يكمن في تأكيد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي المتكرر أنه يرفض أن يكون على رأس أي تيار حزبي، وتشديده الدائم أنه سيظل رئيسا لكل المصريين.
وعلى المدخل الشرقي لميدان التحرير، يقبع المبنى الرئيسي للحزب الوطني المنحل المكون من 15 طابقا، والذي احترق مساء يوم 28 يناير عام 2011، وتحولت ساحته الأرضية حاليا إلى ما يشبه ساحة الانتظار لسيارات الأمن التي تقوم على تأمين المتحف المصري المجاور، بعد أن كان المبنى يعج في سنوات حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك برجال الدولة اللامعين، والذين حصدوا في نهاية عام 2010 غالبية مقاعد مجلس الشعب آنذاك.
حريق المبنى المهيب كان أحد المؤشرات القوية على إشراف نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك على السقوط. وبعد تلك الواقعة بـ3 أشهر فقط، أصدرت محكمة القضاء الإداري (أعلى جهة قضائية بمجلس الدولة) في 16 أبريل (نيسان) 2011 قرارها بحل الحزب، على أن تؤول مقاره في مختلف أنحاء الجمهورية وأمواله إلى الدولة. واستند الحكم على الفساد الذي أحدثه الحزب في الحياة السياسية المصرية لينتهي دوره بعد 33 عاما من تأسيسه على يد الرئيس الأسبق أنور السادات في عام 1976. وظل مصير المبنى مجهولا لبعض الوقت، حتى أعلن مجلس الوزراء المصري عن أفكار تدور حول هدم المبنى وضمه إلى محيط وحديقة المتحف المصري.
وفي مفارقة غريبة، تأسس حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، في شهر أبريل أيضا، بعد أيام قليلة من قرار حل الوطني. ليصبح لاحقا الحزب الحاكم بعد فوز رئيسه الأول آنذاك محمد مرسي بمنصب رئيس الجمهورية في أول انتخابات في مصر بعد ثورة يناير.
واتخذ «الإخوان» مقر حزبهم الرئيس بجوار وزارة الداخلية بوسط القاهرة، والتي تقع على بعد أمتار من مدخل ميدان التحرير. لكن وضع الحزب تأزم بعد نزول المتظاهرين الشارع اعتراضا على قرار مرسي بإصدار إعلان دستوري مكمل يعطل بعض مواد الدستور المصري.
وبعد عزل مرسي عقب ثورة شعبية ضده في 3 يوليو عام 2013، أصدرت محكمة مصرية قرارا أوليا بحل الحزب، لكن القرار ما زال معلقا قضائيا حتى الآن.
وكان النيابة قد أغلقت مقر الحزب في أعقاب عزل مرسي بـ«الشمع الأحمر» نتيجة العثور على أسلحة بيضاء وطلقات خرطوش فيه، فيما تعرضت كثير من مقرات الحزب بمصر للحرق والتدمير على يد متظاهرين غاضبين على سياسة الجماعة الاحتكارية، بعد أن لجأ إليها كثير من القيادات للاحتماء عقب 30 يونيو.
وتشابه الحزبان اللذان حكما مصر في عدة أمور، من بينها محاكمة رموز كل منهما إثر قيام ثورتي 25 يناير و30 يونيو ضدهما، وصدور قرارات بحلهما، إضافة إلى تولي شخصيات رفيعة على رأس كل منهما لمقاليد الحكم في مصر. وبينما تنتظر مصر الانتخابات البرلمانية، تتردد في كواليس السياسة نية عدد من المنتمين إلى الحزبين دخول الانتخابات.
واستخدم الوطني شعار «من أجلك أنت» في آخر انتخابات له، بينما استخدم الحرية والعدالة شعار «نحمل الخير لمصر» في برلمان عام 2012، وتعرض البرلمانان للحل.
حصل الحزب الوطني على 420 مقعدا في آخر انتخابات شارك فيها في عام 2010 من إجمالي 454 كرسيا، بينما فاز «الإخوان» بمقعد يتيم. وفي برلمان 2012، حصل الحزب الإخواني على 222 مقعدا من بين 508 مقاعد، في البرلمان الذي فاز بأغلبيته تيارات الإسلام السياسي في مصر.
ويقول عبد الغفار شكر، رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، «إنها لعبة السياسية التي عصفت بالحزبين، بعد أن أحكما قبضتيهما على البلد خلال فترة من تاريخ مصر.. وبذلك يوجه الشعب رسالة شديدة اللهجة برفضه لسياسات الاحتكار».
وأضاف شكر لـ«الشرق الأوسط» أن البرلمان المقبل لن يفرز حزبا حاكما على غرار الوطني والحرية والعدالة، لأن المادة الخامسة في الدستور المصري تنص على تعددية الأحزاب وتتيح للحزب الفائز بالأغلبية تشكيل الحكومة.
من جانبه، قال الباحث في حركات الإسلام السياسي أحمد بان لـ«الشرق الأوسط» إن ثورتي 25 يناير و30 يونيو أطاحتا بما وصفهم بـ«الأحزاب الشمولية»، فكتبت نهاية الوطني الذي لم يطبق معايير الوطنية واستحوذ على الحياة السياسية بمفرده، وكذلك نهاية حزب «الإخوان» الذي لم يحترم التعددية السياسية في مصر.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».