الحوثيون مستاؤون من زيارة غريفيث إلى عدن ويستبعدون حلولاً وشيكة

المبعوث الأممي في زيارته الأخيرة إلى عدن ولقائه وزير الخارجية اليمني أحمد بن مبارك (الشرق الأوسط)
المبعوث الأممي في زيارته الأخيرة إلى عدن ولقائه وزير الخارجية اليمني أحمد بن مبارك (الشرق الأوسط)
TT

الحوثيون مستاؤون من زيارة غريفيث إلى عدن ويستبعدون حلولاً وشيكة

المبعوث الأممي في زيارته الأخيرة إلى عدن ولقائه وزير الخارجية اليمني أحمد بن مبارك (الشرق الأوسط)
المبعوث الأممي في زيارته الأخيرة إلى عدن ولقائه وزير الخارجية اليمني أحمد بن مبارك (الشرق الأوسط)

أظهر قادة في الجماعة الحوثية المدعومة من إيران استياءهم من زيارة المبعوث الأممي مارتن غريفيث مؤخرا إلى العاصمة اليمنية المؤقتة، كما استبعدوا التوصل إلى أي حل سياسي وشيك.
وبينما شكك المتحدث باسم الجماعة ووزير خارجيتها الفعلي محمد عبد السلام فليتة في جدوى المساعي الأممية التي يقودها غريفيث وصف زياراته بـ«الفارغة» كما جاء في تغريدة له على «تويتر».
وقال المتحدث الحوثي إن المبعوث الأممي «ينشغل بالشكليات والزيارات فارغة المحتوى» ويتجاهل مطالب جماعته برفع القيود المفروضة عليها جويا وبحريا من قبل تحالف دعم الشرعية، وهي القيود الهادفة إلى وقف تدفق الأسلحة الإيرانية إلى اليمن.
وكان غريفيث أنهى الخميس الماضي زيارة إلى عدن التقى خلالها رئيس الحكومة اليمنية معين عبد الملك وأعضاء الحكومة، ووزير الخارجية أحمد بن مبارك ومحافظ عدن أحمد لملس، في سياق سعيه لإقناع الحكومة بالموافقة على مقترحه (الإعلان المشترك) لإحياء مسار السلام مع الميليشيات الحوثية.
إلى ذلك استبعد القيادي في الجماعة وعضو فريقها المفاوض عبد الملك العجري والذي يعد كبير منظريها التوصل إلى أي اتفاق سلام قريب ترعاه الأمم المتحدة كما ورد في تصريحات بثتها قناة «المسيرة» (الذراع الإعلامية للجماعة).
واتهم العجري الأممي المتحدة بأنها «بجهودها الروتينية تبيع الوهم للعالم وتعمل على ذر الرماد في العيون». وقال إن جماعته لا تتوقع منها أن تتوصل إلى أي اتفاق.
واشترط القيادي الحوثي العجري الذي يستقر مع متحدث الجماعة في مسقط ويتنقل بين طهران والضاحية الجنوبية فتح مطار صنعاء ورفع القيود المفروضة على الموانئ من قبل الحكومة الشرعية والتحالف الداعم لها، مشيرا إلى أن ذلك الشرط أهم بالنسبة لجماعته من وقف إطلاق النار.
وفضلا عن اتهام العجري للأمم المتحدة بما وصفه بـ«التواطؤ» ضد الجماعة، قال إن الأخيرة أعطت المبعوث الأممي الفرصة الكافية وإنها لا يمكن لها «الاستمرار في الحوارات العدمية». بحسب زعمه.
كما زعم أن جماعته قدمت التسهيلات للأمم المتحدة في ما يخص الموافقة على وصول فريق فني لتقييم وإصلاح السفينة «صافر» المهددة بالانفجار في البحر الأحمر، وقال «أبدينا جدية في التعامل بما يتعلق بسفينة صافر لكننا نلاحظ مماطلة من الطرف الآخر وأنهم لم يعودوا على عجلة من أمرهم كما كانوا يدعون».
وفي إشارة إلى مراهنة الميليشيات الانقلابية على التصعيد العسكري وعدم الالتفات إلى المساعي الأممية بخصوص وقف إطلاق النار واستئناف المشاورات، قال منظر الجماعة «لا يمكن الجزم بأي شيء متعلق بالحل السياسي في الوقت الحالي، ولا شيء واضح في الأفق والكل في موقع الانتظار والترقب».
وكان هادي أبلغ غريفيث أثناء لقائه الأربعاء الماضي في الرياض استمرار الشرعية في سعيها نحو السلام الذي قال إنه «يقابل بتماد وعنجهية الميليشيات الانقلابية الحوثية الإيرانية التي لا تريد السلام وتعمل على تنفيذ أجندة إيران لزعزعة أمن واستقرار اليمن والمنطقة والملاحة الدولية من خلال نهجها وسلوكها العدواني المتجسد في استهداف المدنيين الأبرياء».
ويسعى غريفيث إلى مواصلة النقاش مع الأطراف حول مقترحه (الإعلان المشترك) الذي يتضمن وقفا شاملا لإطلاق النار وترتيبات اقتصادية وإنسانية وصولا إلى استئناف مشاورات الحل السياسي الشامل، في حين تلقى مساعيه دعما من الدوائر الغربية أملا في تحقيق اختراق على طريق السلام في اليمن.
وجاءت زيارة المبعوث الأممي إلى عدن عقب لقائه في الرياض الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، حيث تبدي الشرعية دعمها لجهوده الأممية استنادا إلى المرجعيات الثلاث المتمثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن 2216.
ولا تزال الشرعية اليمنية - بحسب مصادر مطلعة - تعترض على العديد من النقاط في مسودة غريفيث التي يطلق عليها «الإعلان المشترك» بخاصة في ما يتعلق بالتدابير الإنسانية والاقتصادية، إذ ترى في الموافقة على البنود المقترحة اعترافا بسلطة الانقلابيين الحوثيين وتفريطا في حقها السيادي المتعلق بهذه الملفات.
وخلال لقاء غريفيث في عدن بالحكومة الجديدة، ذكرت المصادر الرسمية أن رئيس الوزراء معين عبد الملك «شدد على أن الحكومة الجديدة المشكلة من جميع القوى والمكونات السياسية بموجب اتفاق الرياض تعد فرصة يمكن البناء عليها لبناء التوافقات للوصول إلى السلام الذي يتطلب أولا شروطا موضوعية لتحقيقه».
وعلى الرغم من سعي غريفيث خلال الزيارة إلى انتزاع موافقة الشرعية على مسودة «الإعلان المشترك» فإن محاولة اغتيال الحكومة الجديدة لحظة وصولها لمطار عدن هيمنت على أجواء الزيارة، حيث تتهم الحكومة الحوثيين بتنفيذ الهجمات الصاروخية التي كانت أدت إلى مقتل 26 وجرح 110 آخرون بينهم مسؤولون حكوميون وإعلاميون وموظفون في الصليب الأحمر.
ونقلت المصادر الرسمية عن عبد الملك أنه أبلغ غريفيث أن النتائج الأولية للتحقيقات حول هجوم المطار تشير إلى مسؤولية ميليشيا الحوثي الانقلابية من خلال خبراء إيرانيين. كما وعده بتسليمه نسخة من التحقيقات. مؤكدا أن الهجوم كان «يهدف إلى القضاء على مستقبل السلام والدولة وخلق حالة من الفوضى وانهيار المؤسسات».


مقالات ذات صلة

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بمعية محافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان في زيارة سابقة للخطوط الأمامية بمأرب (سبأ)

الجيش اليمني يحذر من محاولة حوثية للعودة للحرب وإجهاض جهود السلام

تتصاعد حدة التوترات في عدة جبهات يمنية في ظل استمرار جماعة الحوثي في تحشيد عناصرها وحفر الخنادق، خصوصاً بمحافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
خاص المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الشرق الأوسط)

خاص مكتب غروندبرغ لـ«الشرق الأوسط»: نناقش مع صنعاء وعدن تجنب انهيار اقتصادي أعمق

قال المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن إن مشاوراته ونقاشاته مستمرة مع مسؤولي «البنك المركزي» في صنعاء وعدن؛ لإيجاد حلول تقنية ومستدامة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».