مسؤول سوداني: استقالة مدير المناهج تضمنت «تجريحاً» لحمدوك

قال إن اعتبار أزمة المناهج صراعاً بين العلمانية والدولة الدينية فهم خاطئ

عبد الله حمدوك (أ.ف.ب)
عبد الله حمدوك (أ.ف.ب)
TT

مسؤول سوداني: استقالة مدير المناهج تضمنت «تجريحاً» لحمدوك

عبد الله حمدوك (أ.ف.ب)
عبد الله حمدوك (أ.ف.ب)

استمر الضجيج بشأن قضية تغيير المناهج المدرسية في السودان، بل وازداد عنفاً باطراد، منذ الحملة التي شنها مناوئون لمدير «المركز القومي للمناهج»، عمر أحمد القراي، وطالبوا فيها بإقالته وإلغاء المناهج التي أعدّها، ولم تتوقف بتقديمه استقالته لرئيس الوزراء عبد الله حمدوك، عقب إصدار الأخير قراراً «بتجميد المناهج الجديدة، وتكوين لجنة لمراجعتها».
وانتقد مدير مكتب رئيس الوزراء، علي بخيت الشريف، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، الاستقالة التي تقدم بها مدير «المركز القومي للمناهج»، واعتبرها «حفل تجريج في حق رئيس الوزراء»، وقال إنها تتضمن حمولة «آيديولوجية ثقيلة»، وتابع: «الاستقالة مليئة بالانفعال والتجريح لرئيس الوزراء. الاستقالة كانت حفل تجريح».
وأوضح أن رئيس الوزراء تجاهل المطالبات بإقالة الرجل من وقت باكر، لمعرفته بأن جزءاً من الحملة ضده نابعة من كونه منتمياً لـ«الحزب الجمهوري»، والخلافات بينه وبين الطوائف والجماعات الدينية السودانية الأخرى، وأضاف: «رئيس الوزراء لم يتوقف عند الحملة ضد القراي، حين تم اختياره، لأن الحملة انطلقت، بادئ الأمر، من رؤى دينية مناوئة لفكر الرجل»، وتابع: «ولأنه يعلم أن هناك مَن يقفون ضده انطلاقاً من توجّهه الفكري، لم يستجب لها».
وانتقد الشريف: «شغف الرجل بالإعلام»، وقال: «لو أن مدير المناهج استجاب لملاحظات رئيس الوزراء، وتفرَّغ لعمله بعيداً عن الضجيج، ربما كان بمقدوره أن يفوّت الفرصة على الذين يترصدونه، كما يقول».
وأبدى علي بخيت الشريف، سخريته من منشورات تحدثت عن رفض رئيس الوزراء قبول الاستقالة، بقوله: «لأنه لم يرفضها ولم يقبلها بعد». بيد أنه قال: «القرّاي بما كتبه في استقالته لا يُعقل أن يعمل ثانية تحت إمرة رئيس وزراء وصفه بأنه اختار أن يكون مع قوى الظلام والتكفيريين، بينما اختار هو أن يكون مع الشعب».
ووفقاً للشريف، رأى «مجمع الفقه الإسلامي» (عيّنه حمدوك مارس (آذار) الماضي) المكوّن من علماء مناصرين للثورة، في قرار تجميد المناهج الجديدة «خطوة مهمة في الطريق الصحيح، ووأداً للفتنة الدينية والمجتمعية».
وأصدر «مجمع الفقه الإسلامي» بياناً، الخميس الماضي، قال فيه: «نشكر حكومة الفترة الانتقالية على ما قامت به من تدارك لشأن أمر المناهج، ووضع الأمور في نصابها».
وأوضح مدير مكتب رئيس الوزراء أن النظام التعليمي «الناجع والمتفق عليه»، أحد أركان السِّلم المجتمعي الذي يسعي عبره رئيس الوزراء «لتأسيس حياة اجتماعية ووطنية راشدة وسليمة، لا يكرّس للعداء والتقسيم في الوسط الاجتماعي».
وتطورت قضية المناهج من موضوعة «فنية» إلى قضية «سياسية» ذات بُعد ديني، تنطلق من خلاف تاريخي بين مجموعات دينية، على رأسها كبرى الطائفتين الدينيتين في السودان، «الختمية» و«الأنصار»، و«الحركة الجمهورية» التي أسسها الزعيم الديني الراحل محمود محمد طه الذي يُعد القراي واحداً من تلاميذه المقربين.
ونفى الشريف أن يكون قرار رئيس الوزراء بتجميد العمل بالمناهج التي أعدها القراي، قائماً على حيثيات فنية فقط، بل ينطلق من مسؤوليته تجاه «السلم المجتمعي»، وسعي رئيس الوزراء الدؤوب لتأسيس حياة اجتماعية ووطنية راشدة وسليمة، وصياغة مضمون ثقافي تعليمي وتربوي لا يكرّس للعداء والتقسيم في الوسط الاجتماعي.
وأوضح الشريف أن تحقيق السلم المجتمعي يستلزم، بالضرورة، وجود مظلة اجتماعية سياسية تغذّي مفاهيمه، للوصول للوحدة الوطنية والتلاحم الاجتماعي اللذين تنشدهما الثورة، والنظام التعليمي الناجع المتفق عليه أحد أركان هذا السلم المجتمعي.
ووصف الشريف المناهج التي أعدها القراي بأنها «جيدة»، بيد أنه قال: «لست متخصصاً في المناهج، لكني لست بعيداً عنها، لكوني ظللت أعمل مدرّساً 25 عاماً»، وتابع: «أستطيع القول إنّ مناهج القرّاي جيّدة وقابلة للإصلاح، ولولا التمترس، لما كانت كل هذه الجلبة».
وقال القراي في تسبيب استقالته إن الحكومة التي يترأسها حمدوك: «ضعفت أمام المكوّن العسكري، وصارت لقمة سائغة لفلول النظام البائد، وقوى الهوس الديني»، وإنه لن يعملها وهي بهذه الصفات، لكن «الشريف» وصف ما سماه تصوير رئيس الوزراء كـ«ألعوبة في العسكريين» ينفذ تعليماتهم، مثل «حضرة صول عتيق في القوات المسلح»، بـ«غير المقبول».
وقطع بعدم وجود تدخل من «السيادي» أو أي جهة في موضوع المناهج، وقال: «لعلّكم تعلمون أن عدداً من أعضاء السيادي لديهم تحفظات، بل آراء سلبية للغاية على أداء بعض الوزراء، ويتمنّون الإطاحة بهم اليوم قبل الغد، لكن رئيس الوزراء لم يستجب لرغباتهم، بل ظل يعمل وفق تقييمه الخاص دون أن يتنازل عن صلاحياته القانونية»، وأضاف ساخراً: «لو كان حمدوك لقمة سائغة، كما وصفه القرّاي، لاستجاب لهم».
وعزا الشريف المشكلة المثارة إلى رفض القراي ووزير التربية والتعليم معاً للتعامل مع «مجمع الفقه الإسلامي ووزارة الشؤون الدينية والأوقاف»، وقال: «محاولة وصم مجمع الفقه الإسلامي بالانتماء للتكفيريين والظلاميين، ظلم ولغ فيه كثيرون»، وتابع: «لا أحد يمكنه أن يزايد على محمد الشيخ الياقوت وعبد المحمود أبّو، وهما من كبار رجال الطرق الصوفية والدينية، أو غيرهما من العلماء الذين حملتهم الثورة إلى مجمع الفقه بتكوينه الجديد في مارس من العام الماضي، فكيف يستسهل القرّاي وصفهم بـ(فقهاء السلطان)»؟!
وكشف مدير مكتب رئيس الوزراء عن «شكوى» تقدم بها رئيس وزير الشؤون الدينية والأوقاف، نصر الدين مفرح، لرئيس الوزراء، يحتج فيها على تجاهل وزارة التربية والتعليم لـ«مجمع الفقه الإسلامي» التابع له، الذي تعطيه القرارات الصادرة عن الحكومة سلطة التدخل ومراجعة المناهج والمقررات المدرسية، وأن وزير التربية أبلغه بأنه سيتعامل معه كزميل فقط، ولا يعترف بـ«مجمع الفقه الإسلامي» المنشأ بموجب مرسوم من رئيس الوزراء.
وقلل الشريف من أزمة المناهج، ووصفها بـ«المحدودة التي يمكن السيطرة عليها»، وأضاف: «إنها لا تحتمل هذا الاصطفاف، ولا تعدو أن تكون خلافاً بين مؤسسات كلها تتبع لرئيس الوزراء، لكنها بالفعل كانت في الطريق لتشظية المجتمع، وإحداث فتنة كبرى يستغلها أعداء الثورة».
ورداً على معلومات متداولة في وسائط التطاول بأن حمدوك رفض استقالة القراي، قال الشريف: «ليس صحيحاً أن رئيس الوزراء رفض قبول الاستقالة»، ثم أضاف: «لكن ليس من المنطقي أن يعمل القراي بعد ما كتبه في استقالته، مرّة أخرى، تحت إمرة (رئيس وزراء اختار أن يكون مع قوى الظلام والتكفيريين، بينما اختار القرّاي أن يكون جوار الشعب)!».
وكان وزير التربية والتعليم محمد الأمين التوم قد أودع رسالة على منضدة رئيس الوزراء، يطلب منه رفض قبول استقالة مدير المناهج، أعلن فيها تمسكه بها، لكن الشريف قال تعليقاً: «حمدوك لم يطلع على رسالة وزير التربية، وصلتني بعد مغادرته للبلاد، قرأتها ولم أعلق عليها, رئيس الوزراء وحده سيقول كلمته فيها، بعد عودته من رحلة إلى الإمارات العربية المتحدة التي سافر إليها لإجراء فحوصات طبية روتينية، يعود منها منتصف الأسبوع الحالي».
وتعليقاً على سؤال ما إن كان أزمة القراي قد تدفع وزير التربية للاستقالة، قال الشريف: «أتمنى ألاّ يحدث ذلك، البروفسور محمد الأمين التوم رجل جدير بالاحترام ووجه مشرف من وجوه الثورة، ومن أكثر الناس إيماناً بقضية التعليم، وكثيراً ما رأيته منفعلاً، وهو ينتقد أداء الحكومة تجاه معاناة الشعب وقضايا معيشته».
وأبدى أمله في حل الأزمة بعيداً عما أطلق عليه حالة الاستقطاب التي تهدد السلم المجتمعي، وأضاف: «لولا السلم المجتمع لما انتصرت ثورتنا، ودونه لن يكتمل هذا الانتقال، ويصل إلى غاياته».



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.