الجزائر: عودة الجدل حول «قدرة تبون على الاستمرار في الحكم»

الرئاسة تنهي مهام وزير النقل وسط توقعات بإحداث تغيير حكومي كبير

الرئيس عبدالمجيد تبون (أ.ف.ب)
الرئيس عبدالمجيد تبون (أ.ف.ب)
TT

الجزائر: عودة الجدل حول «قدرة تبون على الاستمرار في الحكم»

الرئيس عبدالمجيد تبون (أ.ف.ب)
الرئيس عبدالمجيد تبون (أ.ف.ب)

بينما أعلنت سلطات الجزائر أن الرئيس عبد المجيد تبون سيعود إلى ألمانيا لإكمال العلاج، الذي بدأه نهاية أكتوبر (تشرين الثاني) الماضي، تم أمس، عزل وزير النقل ومدير شركة الطيران الحكومية، بسبب إسراف في الإنفاق على الإطعام.
واختارت رئاسة الجمهورية موقعين إلكترونيين تابعين لصحيفتين خاصتين، لنشر خبر عودة تبون قريباً إلى الخارج، للتداوي من تبعات الإصابة بفيروس كورونا، التي أبعدته عن الشأن العام لمدة فاقت الشهرين. وأكد «مصدر موثوق» للموقعين أن تبون «سيعود إلى ألمانيا لمتابعة العلاج، أو إجراء عملية جراحية بسيطة على مستوى الرجل، إن استدعى الأمر ذلك».
وذكر المصدر نفسه أن «الجبيرة التي وضعها الطاقم الطبي الألماني على رجل الرئيس عبد المجيد تبون كانت بسبب إصابته بفيروس كورونا»، مضيفاً أنه «كان من المفروض أن يزاول رئيس الجمهورية هذا العلاج مع نهاية فترة نقاهته. غير أنه تم تأجيل ذلك لضرورة عودته لأرض الوطن لمعالجة بعض الملفات المستعجلة، من بينها التوقيع على قانون المالية 2021».
وبحسب «المصدر الموثوق» ذاته، فإنه «ليس هناك داعٍ للقلق، إذ كانت للرئيس منذ عودته نشاطات مكثفة، وقد تم تأجيل علاج قدمه لأن الحالة ليست مستعجلة طبياً».
ورجح طبيب بمستشفى حكومي، تحدثت معه «الشرق الأوسط» في الموضوع، وقوع انسداد في أوردة رجل تبون، وسبب ذلك، حسبه، شراهة التدخين التي تميزه. أما بخصوص طول مدة تطبيب الرئيس بالخارج قياساً إلى حالات إصابة بكورونا مماثلة كثيرة، فإن ذلك يعود، حسب الطبيب نفسه، إلى حدوث مضاعفات في الرئتين، سببها أيضاً إدمانه على التدخين، علماً بأن تبون يبلغ 75 سنة.
وكان لافتاً عدم ظهور الرئيس واقفاً على قدميه، عندما صورته كاميرات التلفزيون الحكومي، وهو يعود من رحلة العلاج بألمانيا، في 29 من الشهر الماضي. كما كان لافتاً أن إحدى قدميه كانت ملفوفة بجبيرة، ما خلّف انطباعاً بأنه لم يتعافَ كلياً من المرض.
واستقبل تبون في اليوم الموالي، رئيس أركان الجيش الفريق سعيد شنقريحة الذي أحاطه بالأوضاع على الحدود الليبية والمالية. كما عقد مجلساً للوزراء الأحد الماضي، ونظم لقاء مع أرباب عمل خواص لبحث خطة لإنعاش الاقتصاد المتأثر بتذبذب أسعار المحروقات.
ومع ذلك، يتعامل قطاع من الجزائريين بنوع من الريبة مع تطمينات السلطات حول صحة الرئيس، قياساً إلى التعتيم الكبير الذي أحيط به «ملف صحة بوتفليقة»، الرئيس السابق، لسنوات طويلة. ومن شأن الإعلان بأن الرئيس لا يزال مريضاً أن يثير مزيداً من الجدل حول مدى قدرته على الاستمرار في الحكم. وقد دفع غيابه الطويل نسبياً نشطاء بالحراك إلى طرح «قضية 102 من الدستور»، التي تتضمن عزل الرئيس بسبب مانع صحي مزمن وخطير، وإطلاق ترتيبات انتخابات رئاسية مبكرة لاختيار خليفة له.
يشار إلى أن تبون انتخب في ظروف خاصة (نهاية 2019)، تميزت برفض الحراك الشعبي تنظيمها، بحجة أن «النظام فرض أجندة تضمن إطالة عمره».
إلى ذلك، أعلنت رئاسة الوزراء في بيان أمس، عزل وزير النقل لزهر هاني، ومدير شركة «الخطوط الجوية الجزائرية»، إثر إطلاق مساعٍ «لاستيراد لوازم مرتبطة بنشاط خدمات الإطعام، دون الأخذ بعين الاعتبار الظرف الاقتصادي الوطني والتوجيهات المالية، الرامية إلى تكريس تسيير عقلاني للعملة الصعبة، وضرورة إيلاء الأولوية للإنتاج الوطني»، بحسب ما ورد في البيان، الذي جاء فيه أيضاً أن وزير الأشغال العمومية تسلم مهام وزير النقل بالنيابة، من دون تقديم تفاصيل أخرى.
وتوقعت الأوساط السياسية والإعلامية إحداث تغيير حكومي كبير بعد عودة تبون من ألمانيا نهاية العام الماضي، على أساس أن الفريق الذي يديره رئيس الوزراء عبد العزيز جراد، فشل في تسيير الأزمة الصحية، وما نتج عنها من توقف عشرات الشركات، وإحالة الآلاف من العمال والموظفين على البطالة.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.