تونس تترقب تعديلاً يشمل 8 حقائب وزارية

رئيس الحكومة التونسية يلقي كلمة أمام أعضاء البرلمان (إ.ب.أ)
رئيس الحكومة التونسية يلقي كلمة أمام أعضاء البرلمان (إ.ب.أ)
TT

تونس تترقب تعديلاً يشمل 8 حقائب وزارية

رئيس الحكومة التونسية يلقي كلمة أمام أعضاء البرلمان (إ.ب.أ)
رئيس الحكومة التونسية يلقي كلمة أمام أعضاء البرلمان (إ.ب.أ)

أكدت مصادر سياسية تونسية مطلعة أن التعديل الوزاري، الذي سيجريه هشام المشيشي على الحكومة التونسية، ينتظر أن يشمل ثماني حقائب وزارية، ثلاث منها تعتبر شاغرة في الوقت الحالي، بعد إقالة وزراء الثقافة والبيئة والشؤون المحلية والداخلية، وخمس وزارات أخرى ستشمل وزارات الصحة والعدل والفلاحة وأملاك الدولة والمالية. وقالت المصادر نفسها إن تقييم أداء معظم الوزراء المنتظر تغييرهم، «جاء سلبيا» بعد تعيينهم منذ نحو أربعة أشهر. وفي السياق ذاته، كان وزير المالية علي الكعلي قد عبر عن رغبته في الاستقالة منذ فترة، في الوقت الذي تبحث فيه السلطات بشكل عاجل عن تمويلات لميزانية 2021، دون أن تتوصل إلى اتفاقيات مع هياكل التمويل الدولية.
أما وزير الصحة الحالي فوزي مهدي فقد شهدت فترة توليه الوزارة تسجيل أعلى نسب للإصابات بكورونا، وقد حملته عدة جهات سياسية جزءا كبيرا من مسؤولية انتشار الوباء، بسبب ضعف سياسة التواصل التي اعتمدها، وهو ما يجعل التقييم سلبيا بالنسبة له. والأمر نفسه ينطبق أيضا على وزراتي الفلاحة والعدل.
وبشأن الأسماء التي قد تتولى الحقائب الوزارية، خلفا للوزراء المقالين، فإن رئاسة الحكومة قد تتجه نحو الاعتماد على كفاءات مقربة من الحزام السياسي الداعم لحكومة المشيشي، وذلك كمحاولة لإرضاء تلك الأحزاب، دون أن يتعرض لنقد الأطراف المعارضة. في سياق ذلك، قال راشد الغنوشي، رئيس البرلمان ورئيس حركة النهضة، في تصريح إعلامي، أمس، إن أداء بعض الوزراء «متواضع، ومن الضروري تنفيذ تعديل وزاري لرفع أداء الحكومة، وتحسين الحوكمة والأداء، وذلك بغض النظر إن كان التحوير يشمل أسماء سياسية أو غير سياسية».
وكانت الأحزاب الداعمة لحكومة المشيشي قد سلطت خلال الآونة الأخيرة ضغوطا إضافية من أجل التعجيل بإجراء تعديل وزاري، بعد إعفاء ثلاثة وزراء خلال أربعة أشهر فقط من عمر الحكومة، ولذلك سيكون المشيشي أمام سيناريوهين محتملين خلال مناقشة التعديل الوزاري المزمع إجراؤه: الأول يتمثل في منح حقيبة وزارية لكل كتلة برلمانية مساندة للحكومة. أما الثاني فيتمثل في مواصلة العمل بحكومة تكنوقراط، يكون أعضاؤها غير منتمين سياسيا، شريطة أن تحظى بموافقة وقبول الكتل الداعمة للحكومة. لكن المشيشي سيواجه من خلال هذا التعديل ضغوط الأحزاب الأكثر تمثيلا في البرلمان، لأنها قد لا ترضى، حسب بعض المراقبين، بحقيبة وزارية واحدة، وسترغب في أن تكون تمثيليتها في الحكومة متماشية مع حجمها البرلماني. وفي هذا الإطار من المنتظر أن يسعى حزب قلب تونس و«ائتلاف الكرامة» للحصول على أكبر عدد من الحقائب الوزارية، خاصة بعد أن قاما إلى جانب حركة النهضة بإنقاذ حكومة المشيشي من السقوط في الثاني من سبتمبر (أيلول) الماضي.
ويرى بعض المتابعين للشأن المحلي أن المشيشي قد يستهدف بقية «وزراء القصر»، المدعومين من قبل رئيس الجمهورية قيس سعيد، في ظل الخلاف المتفاقم بينهما، ويتوقعون أن يشمل هذا التعديل ليلى جفال وزيرة أملاك الدولة والشؤون العقارية، وفوزي المهدي وزير الصحة، وعاقصة البحري وزيرة الفلاحة، وهم وزراء يحظون بدعم وتأييد رئاسة الجمهورية.
من ناحية أخرى، أكد عماد الخميري، رئيس الكتلة البرلمانية لحركة النهضة الإسلامية، أن المقترح الرئاسي القاضي بإشراك الشباب في «جلسات الحوار الوطني»، يتطلب المزيد من التوضيح وضبط الآليات، خاصة وأن الشباب لديه عدة تمثيليات في مختلف المواقع. منوها بالتفاعل الايجابي مع كل الآراء والمواقف، سواء تلك الصادرة عن رئاسة الجمهورية، أو عن بقية المنظمات الوطنية، على حد تعبيره.
وكانت قيادات حركة النهضة قد تساءلت في السابق عن كيفية تشكيل «هيئة الحكماء والوسطاء»، التي وردت ضمن مبادرة اتحاد الشغل (نقابة العمال) للحوار الوطني، ودعت إلى ضرورة ضبط المقاييس المعتمدة في اختيار الأعضاء، الذين سيعملون تحت إشراف الرئيس قيس سعيد، ويتولون إدارة الحوار والخروج بنتائج تساعد على تجاوز الأزمة الاجتماعية والاقتصادية التي تمر بها تونس.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».