شيوخ عشائر غرب العراق يتذكرون زيارات الملك عبد الله إلى الأنبار

وصفوه بأنه كان كريما وحريصا على جمع شمل الجميع

صورة تذكارية تجمع الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز والشيخ حواس الصديد شيخ عشائر شمر الصايح في بادية الأنبار في سبعينات القرن الماضي («الشرق الأوسط»)
صورة تذكارية تجمع الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز والشيخ حواس الصديد شيخ عشائر شمر الصايح في بادية الأنبار في سبعينات القرن الماضي («الشرق الأوسط»)
TT

شيوخ عشائر غرب العراق يتذكرون زيارات الملك عبد الله إلى الأنبار

صورة تذكارية تجمع الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز والشيخ حواس الصديد شيخ عشائر شمر الصايح في بادية الأنبار في سبعينات القرن الماضي («الشرق الأوسط»)
صورة تذكارية تجمع الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز والشيخ حواس الصديد شيخ عشائر شمر الصايح في بادية الأنبار في سبعينات القرن الماضي («الشرق الأوسط»)

يتذكر شيوخ قبائل غرب العراق، وخاصة محافظة الأنبار، لقاءاتهم بالمغفور له الملك عبد الله بن عبد العزيز عندما كان يقضي بعضا من وقته في رحلات الصيد (القنص) هناك، .
يقول الشيخ كنعان الصديد شيخ عشائر شمر الصائح في العراق: «في بداية الأمر أود أن أقدم خالص التعازي إلى الأسرة الحاكمة وشعب المملكة العربية السعودية بشكل خاص، وللشعب العربي بشكل عام، لرحيل خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود رحمه الله»، مستطردا: «وهنا تعود بي الذكرى إلى السبعينات من القرن الماضي عندما زار المغفور له جلالة الملك عبد الله أراضينا في غرب العراق، حيث كان جلالته يزورنا في أيام الصيد (المكناص) وكان في العادة ينزل ضيفا عزيزا عندنا، حيث يتسابق شيوخ وأمراء القبائل العربية في نيل شرف استضافته ومرافقيه»، مشيرا إلى أنه «كان يرافقه في العادة أكثر من 400 سيارة تحمل الهدايا وكل ما يحتاج إليه الوفد في رحلتهم لغرب العراق».
ويضيف الشيخ الصديد قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «أتذكر أن قبيلتنا نالت شرف استضافة المغفور له وأمر والدي الشيخ حواس بنحر أكثر من 100 من الماشية إكراما لمقدمه.. وكان رحمه الله يسأل عن الجميع ويتمتع بذاكرة قوية جدا، حيث إنه يطلب الأشخاص بأسمائهم حتى وإن كان لم يرهم منذ سنوات طوال، فكان يكرم الجميع ويحرص على التواصل مع الجميع، وكان يمر أولا بقبائل الدليم ويتفقد أحوالهم، ثم يمر بكل شيوخ وزعماء القبائل العراقية خلال مدة مكوثه»، منبها إلى أن «جلالة الملك رحمه الله كانت له علاقات واسعة جدا مع زعماء القبائل العربية من المشرق العربي إلى مغربه».
ويضيف الشيخ الصديد: «كان المغفور له يمكث في غرب العراق لأكثر من شهر، فهو يهوى صيد الحبارى و(الكنيص) والصيد، وفي الوقت نفسه يزور شيوخ العشائر ومعه وفود ضخمة، وكان كريما جدا.. وكان يساعد الفقراء من الناس.. وأنا شاهدته بعيني وهو يزور الناس ويكرمهم خلال جولاته في غرب العراق، وفي إحدى زيارته أهداني شخصيا سيارة فاخرة ما زلت أعتز بها.. وأتذكر موقفا آخر يخصني؛ ففي عام 1982 كنت قد أكملت دراستي الجامعية في المملكة العربية السعودية، وكان المغفور له وقتذاك رئيس الحرس الملكي، وحينها ذهبت للسلام عليه ووداعه، فقال لي لماذا تريد الذهاب يا كنعان؟ فقلت له سمو الأمير أنهيت دراستي ونويت الرجوع لبلادي. فقال لي كنت أتمنى بقاءك معنا. وأكرمني».
وقال: «أملنا كبير بعد رحيل المغفور له جلالة الملك عبد الله بتكملة المشوار وقيادة الأمة من قبل جلالة الملك سلمان، خصوصا أن جلالته يمتلك علاقات كبيرة وواسعة، ولديه من الحكمة ما يجعله خير خلف لخير سلف.. فجلالة الملك لديه خبرة 40 عاما أميرا للرياض».
أما الشيخ رافع الفهداوي، شيخ عشائر البوفهد في الأنبار فقد استذكر أيام زيارة المغفور له جلالة الملك عبد الله لمناطق الأنبار، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «كان رجلا كريما بكل ما لكلمة الكرم من معنى، وكان يدعونا للم الشمل، ويقول إننا إخوة وعلينا أن نكون دائما في خدمة أهلنا وشعبنا.. كنا نتسابق في شرف استضافة المغفور له، وكان محبوبا جدا وله صداقات مع كل زعماء القبائل وشيوخ العشائر في مناطق الدليم، وكذلك في كل مناطق العراق من جنوبه إلى شماله».
ويقول الشيخ علي الفارس الدليمي: «كنا نتهلل فرحا بمقدم صاحب الجلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز لأراضينا خلال فترة القنص والصيد، حيث هوايته المحببة رحمه الله.. وكانت تجتمع حوله كل القبائل لنيل شرف اللقاء به واستضافته، وكان يحب كل الناس ويقدر الجميع، ويكرم الجميع، فكرمه واسع»، مشيرا إلى أن «الحزن اليوم يخيم على دواوين العشائر في كل مناطق العراق وباقي البلاد العربية لرحيله».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.