كولين بيل لم يكن نجماً خارقاً... كان لاعباً متكاملاً

لاعب الوسط السابق رحل بذكرى الرجل الشجاع وغنّت له جماهير مانشستر سيتي «كولين الملك»

كولين بيل ينطلق بالكرة في إحدى مبارياته بقميص مانشستر سيتي
كولين بيل ينطلق بالكرة في إحدى مبارياته بقميص مانشستر سيتي
TT

كولين بيل لم يكن نجماً خارقاً... كان لاعباً متكاملاً

كولين بيل ينطلق بالكرة في إحدى مبارياته بقميص مانشستر سيتي
كولين بيل ينطلق بالكرة في إحدى مبارياته بقميص مانشستر سيتي

رحل لاعب مانشستر سيتي السابق كولين بيل عن عالمنا في الخامس من يناير (كانون الثاني) الحالي. وكان اللاعب الدولي الإنجليزي السابق يمتلك قدرات وفنيات هائلة جعلت جمهور وعشاق كرة القدم يطلقون عليه كثيراً من الألقاب، مثل «الملك» و«نيجينسكي» (على اسم حصان السباق العظيم لأنه كان يركض بشكل مستمر، ولا يشعر بالتعب أبداً).
لقد كان يتحكم في إيقاع اللعب، ويسيطر على وسط الملعب كأنه عملاق يتحكم في كل شيء من حوله، ويفتح المساحات دائماً أمامه وينطلق بكل قوة وسرعة من دون تعب أو كلل. إنه لم يكن يفعل أي شيء صعب أو سريع بشكل استثنائي، لكنه كان يركض بالكرة، ويمكن القول إنه كان لاعب خط وسط متكامل، بكل ما تحمله الكلمة من معنى، حيث كان يسجل الأهداف برأسه وبتسديدات قوية من خارج منطقة الجزاء، كما كان يقطع الكرات ويستخلصها من المنافسين، ويجيد الالتحام والمراوغة وإرسال الكرات العرضية، والقيام بالواجبات الدفاعية، والتمرير بشكل دقيق رائع.
وعلى الصعيد الدولي، شارك كولين في 48 مباراة دولية مع المنتخب الإنجليزي، وكان من الممكن أن يلعب المزيد لولا تعرضه للإصابة وهو في قمة عطائه الكروي.
لقد سجل أعظم هدف رأيته على الإطلاق، وهو ذلك الهدف الذي أحرزه في مرمى بيرنلي، عندما تسلم الكرة على بُعد 40 ياردة وسددها بقوة في الزاوية العليا. إنني أقول إن هذا الهدف ربما هو أفضل هدف شاهدته على الإطلاق -من وجهة نظري- وقد رأيته مرة واحدة فقط نظراً لأن المباراة لم تكن تبث على شاشات التلفزيون. لذلك، سيظل هذا الهدف بالنسبة لي هو أعظم هدف، ولن يمحى من ذاكرتي إلى الأبد.
وفي ذلك الوقت، كنا جميعاً نريد أن نلعب ونحن نرتدي القميص رقم (8) الذي كان يلعب به كولين. وبالنسبة للاعبين المعاصرين، فإن اللاعب الذي يشبهه في طريقة اللعب والمجهود الكبير الذي يبذله داخل الملعب هو النجم البلجيكي كيفين دي بروين. ولم يكن كولين يمتلك موهبة دي بروين نفسها، لكن هذه الحقبة كانت مختلفة تماماً عن الآن، فلم يضطر دي بروين أبداً للعب على ملعب البيسبول، أما كولين فكان قوياً للغاية في اللعب على الملاعب الموحلة.
وانضم كولين إلى مانشستر سيتي في أواخر الستينيات من القرن الماضي، عندما كان مانشستر سيتي يقدم مستويات استثنائية، مقابل 45 ألف جنيه إسترليني. وكان كولين هو أبرز لاعبي فريق مانشستر سيتي الذي فاز بكل الألقاب المحلية خلال 3 سنوات بين عامي 1968 و1970، قبل الفوز بكأس الكؤوس الأوروبية. وقد صنع كولين كثيراً من الأهداف المهمة الحاسمة، وكان يسجل 14 هدفاً أو أكثر في كل موسم، عندما كان كل فريق يلعب 42 مباراة في الموسم. وبشكل إجمالي، سجل كولين 142 هدفاً في 481 مباراة مع مانشستر سيتي، وهو رقم قياسي استثنائي في ذلك الوقت، خاصة بالنسبة للاعب يلعب في خط الوسط، وليس الهجوم.
وكنت قد بدأت الذهاب لمشاهدة مباريات مانشستر سيتي في عام 1974، في نهاية سنوات مجد النادي في تلك الحقبة. وقد فزنا بلقب آخر في عام 1976، وهو كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة، لكن بحلول ذلك الوقت كان كولين قد تعرض للإصابة بعد التدخل القوي عليه من مدافع مانشستر يونايتد، مارتن بوشان، في مباراة الديربي بين الفريقين في كأس رابطة الأندية الإنجليزي المحترفة التي انتهت بفوز مانشستر سيتي بـ4 أهداف دون رد.
لقد كانت هذه الليلة واحدة من أعظم ليالي حياتي على الإطلاق لأن مانشستر سيتي قدم مباراة استثنائية، وسحق غريمه التقليدي برباعية نظيفة، لكنها في الوقت نفس تعد واحدة من أسوأ الليالي لأنها شهدت تعرض كولين لإصابة قوية للغاية، ولا يزال مشجعو مانشستر سيتي من كبار السن يتذكرون ذلك التدخل العنيف عليه من قبل بوشان الذي لم نسامحه أبداً على ما فعله. لقد مرت الأسابيع، وبعد ذلك الشهور، ولم يعد «الملك» كولين إلى الملاعب مرة أخرى.
وفي النهاية، وبعد عامين و44 يومًا من الإصابة، عاد كولين ليلعب أمام نيوكاسل يونايتد. وكان ذلك بالتحديد في السادس والعشرين من ديسمبر (كانون الأول) عام 1977. وكانت المدرجات ممتلئة عن آخرها بالجماهير التي جاءت لرؤية كولين وهو يصول ويجول داخل المستطيل الأخضر من جديد. وشارك كولين في المباراة بديلاً، واستقبله الجمهور بزئير حماسي لم أر مثله في ملاعب كرة القدم طوال حياتي.
لكن الحقيقة المؤلمة كانت تتمثل في أنه لم يعد ذلك اللاعب الاستثنائي، حيث كان يعاني من مشكلات كبيرة في الركبة، وبالتالي لم يعد قادراً على القيام بالأشياء نفسها التي جعلته يكتسب هذه الشهرة والمكانة، بمعنى أنه لم يعد قادراً على الركض والالتحامات بالقوة نفسها، لكنه على أي حال كان لا يزال «الملك كولين».
وعلى مدار الـ35 عاماً التي لم يفز خلالها مانشستر سيتي بأي بطولة، كان كولين هو كل ما لدينا، وكل ما نتحدث عنه، وكل ما نغني له، حتى من قبل الأطفال الذين لم يروه أبداً وهو يلعب؛ كان الجميع يردد أغنية تقول كلماتها: «رقم 1 هو كولين بيل، ورقم 2 هو كولين بيل، ورقم 3 هو كولين بيل، ورقم 4 هو بيل أيضاً». وتتواصل كلمات الأغنية لتقول: «دعونا نشرب كأساً في نخب الملك كولين، قائد نادي مانشستر سيتي، أعظم مهاجم شهده العالم على الإطلاق».
وعندما انتقل مانشستر سيتي إلى ملعب «الاتحاد»، أطلق النادي اسم كولين بيل على أحد مدرجات الملعب الجديد. وعلاوة على ذلك، عندما يتحدث اللاعبون السابقون عن أعظم اللاعبين في تاريخ مانشستر سيتي، فإنهم دائماً ما يذكرون اسم كولين بيل، حتى في العصر الذي أصبح فيه النادي يمتلك المال الكافي للتعاقد مع أفضل اللاعبين في العالم.
وفي نهاية الموسم الماضي، أجريت مقابلة مع مايك سمربي الذي لعب في الفريق نفسه إلى جانب بيل، للحديث عن رحيل ديفيد سيلفا عن النادي، فقال سمربي إنه لا يوجد أي لاعب في تاريخ مانشستر سيتي يمتلك القدرات نفسها التي يمتلكها سيلفا، وإذا كان هناك لاعب يمكن مقارنته به فهو كولين بيل. ورغم أن سمربي يعشق سيلفا، فإنني أعرف تماماً أن كولين بيل هو اللاعب الأعظم في تاريخ مانشستر سيتي من وجهة نظره.
ولم يكن كولين يحتفل بطريقة صاخبة عندما يسجل الأهداف، بل كان يكتفي برفع يديه لأعلى، ثم يعود لمواصلة اللعب كأن شيئاً لم يحدث. وعندما كان زملاؤه في الفريق يحاولون احتضانه بعد إحراز الهدف، كان يدفعهم بعيداً، ويخبرهم بأنه لم يفعل شيئاً استثنائياً، وإنما سجل هدفاً، وهذه هي وظيفته التي يتقاضى من أجلها الأموال. لم يكن كولين نجماً خارقاً، لكنه كان عاملاً يمارس مهنته بكل جدية وإتقان.
وعندما اعتزل كرة القدم، لم يكن مهتماً بأن يكون معلقاً لامعاً أو أن يتحدث كثيراً عن الإنجازات التي حققها، لكنه ترك المشهد الكروي في هدوء شديد. وفي المناسبة النادرة التي ظهر خلالها على شاشات التلفزيون، بدا كولين تائهاً خجولاً يبحث عن الكلمات، على النقيض تماماً من لاعبي كرة القدم في الوقت الحالي الذين يبحثون دائماً عن الأضواء والشهرة.


مقالات ذات صلة

آرسنال يستعيد ذاكرة الانتصارات... وتشيلسي «ثالثاً» بثنائية في ليستر

رياضة عالمية  توماس بارتي لاعب أرسنال محتفلا بهدفه في مرمى نوتنغهام فورست (رويترز)

آرسنال يستعيد ذاكرة الانتصارات... وتشيلسي «ثالثاً» بثنائية في ليستر

بعد تعثره بتعادلين أمام تشيلسي وليفربول وخسارتين أمام بورنموث ونيوكاسل يونايتد في الجولات الأربع الماضية، وضع فريق آرسنال حداً لنتائجه السلبية في الدوري

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية بيدرو لاعب توتنهام محتفلاً بهدفه في السيتي (رويترز)

الدوري الإنجليزي: رباعية توتنهام تحطم سلسلة مان سيتي القياسية على أرضه

استمرت معاناة مانشستر سيتي بخسارة مفاجئة 4 - صفر أمام ضيفه توتنهام هوتسبير في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم اليوم السبت.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية صلاح سجل هدفه الشخصي رقم 165 في الدوري الإنجليزي (د.ب.أ)

صلاح يحطم الأرقام وتجديد عقده «ضرورة حتمية» في ليفربول

أصبحت جملة «محمد صلاح هو الوحيد الذي...» شائعةً للغاية خلال السنوات الأخيرة عند الحديث عن أي بيانات أو إحصاءات هجومية في عالم كرة القدم. ويقدم النجم المصري

ديفيد سيغال (لندن)
رياضة عالمية بوستيكوغلو مدرب توتنهام (رويترز)

بوستيكوغلو: غوارديولا في طريقه لأن يصبح أحد عظماء التدريب

قال أنجي بوستيكوغلو مدرب توتنهام هوتسبير إن بيب غوارديولا رفع سقف المنافسة مع مدربي الدوري الإنجليزي الممتاز.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية غوارديولا (أ.ف.ب)

غوارديولا بعد تجديد عقده: لم يحن وقت الرحيل

قال المدرب الإسباني بيب غوارديولا الخميس عقب تمديد عقده مع مانشستر سيتي بطل إنجلترا لعامين اضافيين حتى العام 2027 إنّه «لم يستطع الرحيل الآن».

«الشرق الأوسط» (مانشستر)

خيسوس: طبيعي أن تكون المباراة «مشحونة»

خيسوس خلال المؤتمر الصحفي لنهائي السوبر السعودي (تصوير: مشعل القدير)
خيسوس خلال المؤتمر الصحفي لنهائي السوبر السعودي (تصوير: مشعل القدير)
TT

خيسوس: طبيعي أن تكون المباراة «مشحونة»

خيسوس خلال المؤتمر الصحفي لنهائي السوبر السعودي (تصوير: مشعل القدير)
خيسوس خلال المؤتمر الصحفي لنهائي السوبر السعودي (تصوير: مشعل القدير)

أشار البرتغالي جورجي خيسوس، المدير الفني لفريق الهلال، إلى إمكانية مشاركة البرازيلي مالكوم أمام النصر، في المباراة التي تجمعهما، اليوم السبت في كأس السوبر السعودي.

وقال خيسوس، في المؤتمر الصحافي الخاص بالمباراة: «مجدداً الهلال طرف في نهائي آخر ضد منافس قوي، ستكون مباراة قوية. ستظهر صورة الكرة السعودية التي وصلت إلى المستوى العالي، والعالم يشاهد».

وأضاف: «الفريقان يملكان لاعبين كثراً على مستوى عالٍ من الجودة، وبالطبع نبحث عن أن نظهر الوجه القوي للكرة السعودية».

وتابع: «المباراة ستكون منقولة على مستوى العالم ودول أوروبا والبرازيل، نرغب في أن نظهر أفضل صورة للكرة السعودية، نرغب في أن نظهر ما أظهرناه في الموسم الماضي».

وواصل: «في كل مكان بالعالم النهائيات والديربيات يكون فيها شد ذهني لا يمكن السيطرة عليه بالكامل، المستوى هذا من الصعب أن نتحكم خلاله في ردة الفعل. هناك بعض اللحظات التي يكون فيها شحن وهي طبيعية».

وبسؤاله عن موقف البرازيلي مالكوم من المباراة، أوضح خيسوس: «لقد تدرب مع الفريق اليوم، وبناءً على ذلك سنتخذ القرار الأنسب، كل شيء سيعتمد على التمرين الأخير».

وأردف: «مالكوم من أفضل اللاعبين الموجودين على مستوى الهلال والدوري، وبالنسبة لي بصفتي مدرباً معرفة مالكوم التكتيكية مهمة، وهو حل مهم لنا، يجعل الأمور أسهل».

ورفض خيسوس الحديث عن لاعبه سعود عبد الحميد الذي ارتبط بالانتقال إلى صفوف روما الإيطالي خلال فترة الانتقالات الصيفية الحالية.

وأكد: «الهلال يملك قائمة قوية من اللاعبين، وفترة الإعداد كانت من أجل العمل على استعداد اللاعبين، خصوصاً مثل الموجودين خارج الفريق الموسم الماضي؛ مثل حمد اليامي الذي كان بالشباب، ويملك إمكانات جيدة».

وواصل: «نحن معتادون على حب الجماهير الذي يتحرك معنا، لامسنا هذا الأمر العام الفائت، نحاول أن نمنحهم بطولة أخرى، وقفوا معنا، ودعمونا، ونحن موجودون لأجل إرضاء الجماهير».

وأتم خيسوس حديثه بالإشادة بمهاجمه ميتروفيتش، قائلاً: «إنه محترف على مستوى عالٍ داخل وخارج الملعب، بداية الإعداد كانت رائعة؛ إذ خسر بعض الوزن، ميتروفيتش مثال لنوعية المحترف المثالي».

من جانبه، يأمل الصربي ألكسندر ميتروفيتش، مهاجم الهلال في الفوز بكأس السوبر على حساب النصر.

وقال ميتروفيتش في المؤتمر الصحافي: «ستكون مباراة قوية ضد منافس قوي، لعبنا أمامهم في الموسم الماضي، ونتمنى أن نكون الطرف المنتصر».

وأفاد: «لا يوجد شيء اختلف في الإعداد لمواجهة النصر. إنها مثل أي مباراة أخرى، نركز على أنفسنا وتنفيذ تعليمات المدرب أفراداً ومجموعة».

وأكمل: «ستكون مباراة كبيرة حافلة بالحضور الجماهيري، نحن محظوظون بوجود الجماهير داخل أرضنا وخارجها».

واختتم: «السعادة ستكون أكبر إن انتصرنا مع تسجيلي للأهداف، ولكن الهدف الرئيسي إسعاد الجماهير والفوز باللقب».