ذاكرة ليبيا الأرشيفية «رهن الصراعات»

مخطوطات إسلامية منسوخة من مقتنيات المركز الوطني
مخطوطات إسلامية منسوخة من مقتنيات المركز الوطني
TT

ذاكرة ليبيا الأرشيفية «رهن الصراعات»

مخطوطات إسلامية منسوخة من مقتنيات المركز الوطني
مخطوطات إسلامية منسوخة من مقتنيات المركز الوطني

يتخوف كثير من الليبيين هذه الأيام، من ضياع «ثرواتهم التراثية» التي احتفظوا بها مئات السنين، من وثائق ومخطوطات، توثّق تاريخ الأقدمين، خلال مراحل النضال الشعبي عبر العصور وضد الاحتلال الإيطالي، وذلك على خلفية مطالبة هيئة الأوقاف التابعة لحكومة «الوفاق» بحقها في ملكية مبنى المركز الوطني للمحفوظات والدراسات التاريخية، بالعاصمة طرابلس.
ويضم المركز، الذي أنشئ عام 1977 في عهد الرئيس الراحل معمر القذافي، ما يزيد على 27 مليون وثيقة للتاريخ الليبي، بالإضافة إلى عشرات الألوف من الصور الفوتوغرافية والمرسومة، والروايات والأفلام الوثائقية. وأُسندت للمركز في بداية تدشينه دراسة التطور التاريخي للتراث الليبي عبر العصور، وإجراء الدراسات الوثائقية وتجميع المخطوطات، لكنّ هناك من يرى أن كل ذلك معرّض للضياع والتبديد، في ظل الصراع على ملكية المقر.
وتعيش الأوساط الأكاديمية والثقافية في ليبيا ما يشبه الصدمة بعد إمهال هيئة الأوقاف، مجلس إدارة المركز الوطني للمحفوظات ثلاثة أيام لتسليمه إليها بوصفه من ممتلكاتها «كي تنتفع به في أغراض اقتصادية أخرى».
وأطلق مئات من الأكاديميين والإعلاميين والنشطاء حملة أمس، «لإنقاذ المركز الذي يمثل الذاكرة التاريخية والتراثية لجميع الليبيين»، مطالبين عبر بيان أصدروه مساء أول من أمس، الأطراف كافة وفي مقدمتها المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق» والبرلمان، بالتحرك الفوري لحماية المركز مما سموه «العبث».
وعبّر الموقعون على البيان عن قلقهم بعد نقل عُهدة المركز إلى هيئة الأوقاف بحكومة (الوفاق)، و«التي يسعى مسؤولون فيها لإخلائه لاستغلاله اقتصادياً»، لافتين إلى أن هذا الإجراء «غير العلمي وغير المدروس يهدد جزءاً مهماً وجوهرياً من هوية ليبيا وتاريخها من خلال الأرشيف الهائل الذي تجمعه جنبات هذا المركز».
وأعربوا عن إدانتهم «لأي طرف مسؤول يتقاعس أو يقصّر في التفاعل السريع والفوري مع هذا النداء»، موجهين «الدعوة للأمم المتحدة، ومنظمة اليونيسكو لتقديم الدعم والمساندة لهذه الحملة، وعرض جوانب المساعدة التقنية والمالية للحفاظ على المركز والأرشيف الوطني وفق الأصول العلمية».
وانتهوا قائلين: «نؤمن بأنه تقع على عاتقنا مسؤولية التحذير من الأبعاد السياسية والمخاطر المستقبلية التي قد تطال ليبيا إذا ما تم المضي قدماً في تنفيذ هذا القرار، خصوصاً بالنظر إلى هذا (الأرشيف الوطني) المهم الذي يشكّل سنداً لحماية حقوق ليبيا في حدودها ومواردها ومجالها الحيوي الجغرافي والاقتصادي، بما في ذلك ما يتعلق بحقوق السيادة».
ورأى إبراهيم الشريف الباحث بشعبة الوثائق بالمركز، أن هذا الصرح «يعد منارة ثقافية وتوعوية، كما يمثل الذاكرة الليبية وتراثها التاريخي وهويتها الوطنية، والحفاظ عليه وحمايته مسؤولية مجتمعية»، لافتاً إلى أنه «جهة غير ربحية بل يتحمل أكثر من نصف تكلفة المطبوعات والمؤلفات لإتاحتها للباحثين والقراء».
ونقلت وسائل إعلام محلية عن الشريف، أن «الجدل حول الأرض التي أُقيم عليها المركز ليس وليد اللحظة، بل هو متجدد مع هيئة الأوقاف رغم بتّ وزارة العدل في النظام السابق في هذه القضية، وتوسطت الحكومة عام 2016 لتسويته، لكننا فوجئنا بإعادة فتحه مؤخراً».
وانتهى الباحث مناشداً «المؤرخين والكتاب والمهتمين بذاكرة الوطن خاصة، والليبيين عامة، الالتفاف حول المركز لما يمثله من تراث تاريخي وهوية ليبية وطنية ومرجعية للأجيال المقبلة».
واستغربت «حركة تنوير» من تهديد هيئة الأوقاف بضرورة إخلاء مبنى مركز المحفوظات، دون معرفة حاجتها لهذا المبنى، في ظل امتلاكها عديد المباني غيره، منوهةً إلى أن هذا المركز كغيره في بلدان العالم، يعد أرشيف المجتمعات ودليلاً على وجودها، كما أنه أُنشئ منذ عقود، ويحتوي على كم هائل من تاريخ الليبيين خلال فترة النضال ضد الاستعمار والتراث الشفوي والكتب التاريخية النادرة التي استفاد منها باحثون ليبيون وأجانب.
ورأت الحركة، وهي منظمة غير حكومية، أن التاريخ الإنساني الليبي، «يواجه خطر الإزالة من هيئة الأوقاف في ظرف ساعات معدودة، من خلال قرار إخلاء مبنى مركز المحفوظات والدراسات التاريخية في سابقة لم تحدث منذ إنشائه»، وسعت «الشرق الأوسط» إلى الاتصال بالهيئة لكن دون رد منها.
ودعت «حركة تنوير» حكومة «الوفاق» إلى ضرورة التدخل بشكل عاجل، وإنهاء ما سمّته «التسلط الذي تمارسه الهيئة»، وتطالبها بمراجعة كل الموارد والممتلكات التابعة لها وتبيان أوجه التصرف فيها، كما تطالب الحركة بـ«إعادة مراجعة قوانين الوقف التي تم إلغاؤها في العديد من البلدان».



الذكاء الاصطناعي يكشف عن أولى علامات سرطان الثدي

تكشف التقنية الجديدة عن تغيرات دقيقة تحدث في مجرى الدم أثناء المراحل الأولية من الورم (جامعة إدنبرة)
تكشف التقنية الجديدة عن تغيرات دقيقة تحدث في مجرى الدم أثناء المراحل الأولية من الورم (جامعة إدنبرة)
TT

الذكاء الاصطناعي يكشف عن أولى علامات سرطان الثدي

تكشف التقنية الجديدة عن تغيرات دقيقة تحدث في مجرى الدم أثناء المراحل الأولية من الورم (جامعة إدنبرة)
تكشف التقنية الجديدة عن تغيرات دقيقة تحدث في مجرى الدم أثناء المراحل الأولية من الورم (جامعة إدنبرة)

أظهرت طريقة فحص جديدة تجمع بين التحليل بالليزر والذكاء الاصطناعي إمكانية التعرف على أولى علامات الإصابة بسرطان الثدي؛ ما قد يُسهم في تحديد الإصابة في مرحلة مبكرة جداً من المرض.

وتكشف التقنية غير الجراحية التي طوّرها فريقٌ من الباحثين من جامعة إدنبرة بالتعاون مع عددٍ من باحثي الجامعات الآيرلندية، عن تغيرات دقيقة تحدث في مجرى الدم أثناء المراحل الأولية من المرض، التي لا يمكن اكتشافها بالاختبارات الحالية، وفق الفريق البحثي.

وقال الدكتور آندي داونز، من كلية الهندسة في جامعة إدنبرة، الذي قاد الدراسة: «تحدث معظم الوفيات الناجمة عن السرطان بعد تشخيصٍ متأخرٍ بعد ظهور الأعراض، لذلك يمكن لاختبارٍ جديدٍ لأنواع متعدّدة من السرطان أن يكتشف هذه الحالات في مرحلة يُمكن علاجها بسهولة أكبر».

وأضاف في بيان، الجمعة، أن «التشخيص المبكّر هو مفتاح البقاء على قيد الحياة على المدى الطويل، وأخيراً لدينا التكنولوجيا المطلوبة. نحتاج فقط إلى تطبيقها على أنواع أخرى من السرطان وبناءِ قاعدة بيانات، قبل أن يمكن استخدامها بوصفها اختباراً لكثيرٍ من الأورام».

ويقول الباحثون إن طريقتهم الجديدة تُعدّ الأولى من نوعها، ويمكن أن تحسّن الكشف المبكر عن المرض ومراقبته وتمهد الطريق لاختبار فحص لأشكال أخرى من السرطان.

نتائجُ الدراسة التي نشرتها مجلة «بيوفوتونيكس» اعتمدت على توفير عيّنات الدم المستخدمة في الدراسة من قِبَل «بنك آيرلندا الشمالية للأنسجة» و«بنك برِيست كانسر ناو للأنسجة».

ويُمكن أن تشمل الاختبارات القياسية لسرطان الثدي الفحص البدني أو الأشعة السينية أو الموجات فوق الصوتية أو تحليل عينة من أنسجة الثدي، المعروفة باسم الخزعة.

وتعتمد استراتيجيات الكشف المبكّر الحالية على فحص الأشخاص بناءً على أعمارهم أو ما إذا كانوا في مجموعات معرّضة للخطر.

باستخدام الطريقة الجديدة، تمكّن الباحثون من اكتشاف سرطان الثدي في أقرب مرحلة ممكنة من خلال تحسين تقنية التحليل بالليزر، المعروفة باسم مطيافية «رامان»، ودمجها مع تقنيات التعلّم الآلي، وهو شكلٌ من أشكال الذكاء الاصطناعي.

وقد جُرّبت طرق مماثلة لفحص أنواع أخرى من السرطان، ولكن أقرب وقت يمكن أن يُكتشف فيه المرض كان في المرحلة الثانية، كما يقول الباحثون.

وتعمل التقنية الجديدة عن طريق تسليط شعاع الليزر أولاً على بلازما الدم المأخوذة من المرضى. ومن ثَمّ تُحلّل خصائص الضوء بعد تفاعله مع الدم باستخدام جهازٍ يُسمّى مطياف «رامان» للكشف عن تغييرات طفيفة في التركيب الكيميائي للخلايا والأنسجة، التي تُعدّ مؤشرات مبكّرة للمرض. وتُستخدم بعد ذلك خوارزمية التعلم الآلي لتفسير النتائج، وتحديد السمات المتشابهة والمساعدة في تصنيف العينات.

في الدراسة التجريبية التي شملت 12 عينة من مرضى سرطان الثدي و12 فرداً آخرين ضمن المجموعة الضابطة، كانت التقنية فعّالة بنسبة 98 في المائة في تحديد سرطان الثدي في مرحلة مبكرة جداً من مراحل الإصابة به.

ويقول الباحثون إن الاختبار يمكن أن يميّز أيضاً بين كلّ من الأنواع الفرعية الأربعة الرئيسة لسرطان الثدي بدقة تزيد على 90 في المائة، مما قد يُمكّن المرضى من تلقي علاج أكثر فاعلية وأكثر شخصية، بما يُناسب ظروف كل مريض على حدة.