سياسة إيبار المعجزة: إذا كانت لدي خمسة جنيهات فسأنفق أربعة فقط

غاراغارزا قال إن المال ليس كل شيء ولذلك تمكنوا من البقاء في «لا ليغا» 6 مواسم

إيبار قدّم مستويات لافتة في الدوري الإسباني في السنوات الأخيرة (أ.ف.ب)
إيبار قدّم مستويات لافتة في الدوري الإسباني في السنوات الأخيرة (أ.ف.ب)
TT

سياسة إيبار المعجزة: إذا كانت لدي خمسة جنيهات فسأنفق أربعة فقط

إيبار قدّم مستويات لافتة في الدوري الإسباني في السنوات الأخيرة (أ.ف.ب)
إيبار قدّم مستويات لافتة في الدوري الإسباني في السنوات الأخيرة (أ.ف.ب)

جلس خمسة رجال الثلاثاء قبل الماضي حول طاولة في غرفة اجتماعات جديدة أنيقة تطل على أرضية ملعب نادي إيبار الإسباني، وانضم إليهم شخص سادس على الشاشة. وكان ميكيل مارتيغا، وأركايتس لاكانبرا، وإنيكو رومو، وفران ريكو، يشاهدون اللاعبين المرشحين للانضمام إلى الفريق هذا الأسبوع، والذين لم يكونوا سوى عينة صغيرة من 19 ألف لاعب يبحث النادي من بينهم عمن يمكنه تقديم الإضافة اللازمة للفريق. وكانت المحادثات بين هؤلاء المسؤولين تدور حول قدرات هؤلاء اللاعبين، فتسمع من يقول: «توقف عن المشاهدة»، في حين يقول آخر: «انتقل إلى المرحلة التالية»، وهكذا.
وبين الحين والآخر، كان المدير الرياضي لنادي إيبار، فران غاراغارزا، يطلب بعض التفاصيل الإضافية، مثل اسم اللاعب وعمره ووكيل أعماله. وفي تلك الأثناء، كان أوناي إزكورا يُدخل كل تلك البيانات على النظام. وكان غاراغارزا معتاداً على التنقل في شاحنة لنقل الطرود للبريد السريع؛ لكنه الآن يسافر لمشاهدة المباريات من أجل اختيار اللاعبين الذين يمكن ضمهم للفريق، أو كان يفعل ذلك قبل تفشي وباء «كورونا».
ويعمل غاراغارزا في إيبار منذ 16 عاماً، مديراً فنياً للفريق تحت 19 عاماً، ومساعداً للمدير الفني للفريق الأول، ومديراً لأكاديمية الناشئين. وعلى مدار العقد الماضي، شغل غاراغارزا منصب المدير الرياضي للنادي، وأشرف على أحد أعظم النجاحات في كرة القدم الإسبانية؛ حيث قاد النادي لتحقيق إنجازات جيدة للغاية من دون أن يتحمل النادي أي ديون.
ومساء 29 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، واجه إيبار نادي برشلونة على ملعب «كامب نو» ونجح في العودة بنقطة التعادل من معقل العملاق الكاتالوني بعد انتهاء المباراة بهدف لكل فريق. وقبل أن يتولى غاراغارزا منصب المدير الرياضي، كان النادي يلعب أمام أندية مغمورة، وحتى عندما كان يذهب إلى أندية أكبر، مثل أتلتيكو مدريد أو ريال سوسيداد أو أوساسونا، فإنه كان يذهب إلى تلك الملاعب لمواجهة فرق الرديف لهذه الأندية وليس الفرق الأولى. وكان إيبار يلعب في دوري الدرجة الثانية، واحداً من 80 فريقاً موزعة على أربع مجموعات إقليمية.
ولم يكن نادي إيبار الذي يوجد في بلدة يبلغ عدد سكانها 27378 نسمة في وادي إيغو ويوجد ملعبه الرئيسي وسط كتل من المباني الشاهقة، قد لعب في الدوري الإسباني الممتاز من قبل، ولم يكن متوقعاً له أن يتمكن من القيام بذلك يوماً ما؛ لكن الفريق نجح في الصعود للدوري الإسباني الممتاز في عام 2014، ولم يهبط منذ ذلك الحين، وبالتالي يعد هذا هو الموسم السابع لنادي إيبار في الدوري الإسباني الممتاز، ويمكن القول بأن النادي يحقق «معجزة» ببقائه بين الكبار في كل موسم من هذه المواسم.
يقول غاراغارزا: «لم أتخيل هذا أبداً»؛ لكن النادي الذي يمتلك ملعباً يتسع لـ8000 متفرج، ولم يمتلئ بالمشجعين أبداً حتى قبل تفشي الوباء، أصبح ينتمي الآن إلى أندية النخبة في كرة القدم الإسبانية.
وإذا كانت ميزانية النادي قد زادت، والمرافق قد تطورت، وأرضية الملعب قد أصبحت أفضل من ذي قبل، فإن المثل العليا التي يعتمد عليها النادي لم تتغير في يوم من الأيام. وعندما كان المسؤولون يشاهدون بعض المباريات لاختيار اللاعبين الذين قد يتعاقد معهم الفريق، لم يكن من بينها أي مباراة من الدوري الإنجليزي الممتاز أو الدوري الإيطالي الممتاز أو الدوري الألماني الممتاز، ولم يكن هناك سوى مباراة واحدة فقط من الدوري الإسباني الممتاز الذي يلعب به نادي إيبار؛ لكن غاراغارزا يقول: «هذه ليست سوقنا».
ويضع غاراغارزا أسس اختيار اللاعبين الجدد، بدءاً من اكتشاف الموهبة التي يريد النادي التعاقد معها وحتى وصول الأمر إلى السكرتير الفني ثم إلى المدير الرياضي وحتى المدير الفني في نهاية المطاف. من الواضح أن نادي إيبار ليس بالنادي الكبير الذي يحلم به اللاعبون الصغار، كما أنه ليس من الأندية التي تغري اللاعبين بالرواتب الضخمة. وحتى على مستوى الشباب، لا يمكن لنادي إيبار الدخول في منافسة مع الأندية المحيطة به. وبالتالي، يتعين على النادي أن يتوصل إلى حلول مبتكرة ويعمل من أجل التطوير، سواء داخل أو خارج الملعب. يقول غاراغارزا: «الإدارة المالية هي الركيزة الأساسية التي نركز عليها على جميع المستويات. ونتبع دائماً سياسة: إذا كانت لدي خمسة جنيهات فسأنفق أربعة فقط».
ويضيف: «في العام الماضي، على سبيل المثال، بعنا بعض اللاعبين بشكل جيد (جوان جوردان لإشبيلية مقابل 12 مليون يورو، وروبين بينيا إلى فياريال مقابل 8 ملايين يورو) لكننا لا ننفق أبداً كل العائدات المالية التي تصل إلينا. الأمر لا يتعلق فقط بالمبالغ المالية التي تنفق من أجل إبرام صفقات جديدة، فهناك أيضاً رواتب اللاعبين، ولا يمكننا أن نمنح أحد اللاعبين راتباً أكبر من الآخرين؛ لأن اللاعبين الآخرين سيكتشفون ذلك ويطالبون بالمثل. وبالتالي، يتعين علينا أن نوازن بين هذه الأمور، ونجدد دماء الفريق في الوقت نفسه، وهو أمر صعب للغاية. المال ليس كل شيء؛ لكن إذا لم تدفع رواتب قريبة من الرواتب التي تدفعها الأندية الأخرى، فلا يمكنك الاستمرار؛ لأن اللاعبين لن يأتون إليك من الأساس».
ويتابع: «إننا نتحدث إلى عائلة اللاعب ونتواصل مع بعض أصدقائه من أجل إقناعه بالانضمام إلينا، ونقدم له العرض الذي يمكننا تقديمه. ويمكننا إقناع اللاعبين من خلال بعض الأشياء، مثل ضخ الأموال لتحسين ملعب الفريق وملعب التدريب والمرافق الطبية، فضلاً عن الاستقرار الذي نتمتع به؛ لكن لا يمكننا - على سبيل المثال - أن ندفع 10 ملايين جنيه إسترليني للتعاقد مع لاعب».
ويعد إدو إكسبوسيتو أغلى صفقة في تاريخ النادي، مقابل أربعة ملايين يورو. كما أن أسعار لاعبي الفريق الأول مجتمعة تقل عن 25 مليون يورو.
وعندما لعب إيبار أول مباراة له في الدوري الإسباني الممتاز، كان سبعة لاعبين من التشكيلة الأساسية للفريق من اللاعبين الذين قادوا النادي للصعود من دوري الدرجة الأولى. وفي منتصف ذلك الموسم، رحل راؤول ألبينتوسا إلى ديربي كاونتي في دوري الدرجة الأولى بإنجلترا، بعدما دفع النادي الإنجليزي الشرط الجزائي الموجود في عقد اللاعب، والذي يصل إلى 600 ألف يورو، كما منحه راتباً أعلى بسبعة أضعاف مما كان يحصل عليه مع نادي إيبار.
يقول غاراغارزا: «لم نكن نرغب في بيع اللاعب؛ لكنهم حصلوا على خدماته بكل سهولة. كان لدينا بالفعل 27 نقطة، وهو ما يعني أننا كنا بعيدين تماماً عن مراكز الهبوط، وقررنا ألا نستثمر أي جنيه من أموال تلك الصفقة في التعاقد مع لاعبين جدد. لقد اتضح بعد ذلك أننا اتخذنا قراراً خاطئاً؛ حيث أنهينا الموسم في المركز الثالث من أسفل جدول الترتيب، وهو ما كان يعني هبوط الفريق من الدوري الممتاز، لولا القرار الذي صدر بهبوط نادي إلتشي بسبب مشكلاته المالية، وهو الأمر الذي أنقذنا من الهبوط. لقد أدركنا حينئذ أننا كنا محظوظين، وأنه لا يتعين علينا القيام بذلك مرة أخرى».
ويضيف: «لم نتوقع أن نصل إلى الدوري الإسباني الممتاز؛ حيث كنا قد كونَّا فريقاً من أجل البقاء في دوري الدرجة الأولى، ولم يكن لدينا المال الكافي، وكان عديد من لاعبي الفريق يلعبون على سبيل الإعارة؛ لكننا وجدنا أنفسنا في ملحق الصعود ونلعب المباريات الفاصلة، ونصعد للدوري الإسباني الممتاز. وحتى بعدما صعدنا إلى الدوري الممتاز، لم نكن قادرين على الدخول في منافسة مع بعض أندية دوري الدرجة الأولى من حيث التعاقد مع اللاعبين، وكان هناك تياران مختلفان داخل النادي: الأول يشعر بالقلق من اللعب في الدوري الممتاز ويرى أننا لن نكون قادرين على المنافسة، والثاني يرى أنه مجرد عام سوف نلعبه بين الكبار، وبالتالي يتعين علينا أن نستمتع بما نقدمه. كان البعض يرى أنه يكفي أن نشاهد ريال مدريد هنا، وأن نلعب مباراة الديربي، وأن نزيد دخل النادي، قبل أن نهبط مرة أخرى. لقد كان هناك انطباع بأننا لن نتمكن من البقاء بين الكبار. لقد كان الأمر بمثابة هدية غير متوقعة، وجاءت في وقت مبكر جداً».
ويتابع: «لكننا تمكنا من البقاء على أي حال، وأنهينا الموسم في المركز الثالث من مؤخرة جدول الترتيب، وليس المركز الأخير، وهنا بدأت الأمور تتغير. كانت هذه هي اللحظة التي أدركنا فيها أنه يتعين علينا أن نستثمر بعض الأموال وندعم صفوف الفريق. ولو هبطنا إلى دوري الدرجة الأولى، فلن تكون لدينا القدرة الاقتصادية على بناء فريق قوي؛ لكننا حصلنا على فرصة ثانية من أجل القيام بذلك بعد بقائنا في المسابقة».
وفي السنوات الست التالية منذ ذلك الحين، لم يحتل إيبار مركزاً أقل من المركز الرابع عشر؛ بل وبدا الأمر في بعض الأحيان وكأن الفريق سيكون قادراً على التأهل للمسابقات الأوروبية. إن هذا التحول الهائل يجعل إيبار بمثابة نموذج يحتذي به الآخرون.
يقول غاراغارزا عن ذلك: «هناك أندية كبيرة مثل ريال سرقسطة، وسبورتنغ، وأوفييدو، تلعب الآن في دوري الدرجة الأولى، وهذا يدفعنا للتساؤل عما حدث لكي تلعب أندية أصغر مثل ليغانيس، وهويسكا، وإيبار، في الدوري الإسباني الممتاز. لماذا تمكنت أندية من بلدات صغيرة ذات تاريخ بسيط من أن تلعب في الدوري الممتاز، في الوقت الذي تفشل فيه أندية من مدن أكبر، مثل أليكانتي أو قرطبة أو مورسيا، في الصعود؟».
ويضيف: «لقد فعلنا كثيراً من الأمور بشكل صحيح؛ لكننا استفدنا أيضاً من التوقيت ومن سوء إدارة الأندية الكبيرة التي يعاني بعضها من ديون كبيرة، وبعضها الآخر من حظر على الدخل؛ لكننا لم نعانِ من مثل هذه الأمور. إننا لا ننفق أبداً فوق إمكانياتنا المالية، ولدينا نموذج صغير للمساهمة، ونضع مسؤولية قيادة النادي على عدد من الأشخاص المحترفين، فلا يوجد مالك وحيد يتخذ القرارات بمفرده».
وقد ساعد ذلك النادي على التغلب على تداعيات تفشي فيروس «كورونا»، كما أثار عديداً من الأسئلة الأوسع بشأن الأسس التي تقوم عليها كرة القدم الحديثة. يقول غاراغارزا: «إننا لم نتأثر كثيراً بغياب الجماهير مثل بقية الأندية، فنحن أفضل نسبياً من الأندية التي تعتمد على حضور 50 ألف متفرج. لقد صعدنا إلى الدوري الإسباني الممتاز في الوقت المناسب؛ لأنه على الرغم من حضور 5000 متفرج لمبارياتنا، فإن جمهورنا الأكبر يشاهد مبارياتنا عبر شاشات التلفزيون، وهو العدد الذي يزيد مع مرور الوقت».
ويضيف: «لكن إلى متى سيستمر هذا الأمر؟ وحتى من دون الاشتراكات التلفزيونية يمكننا أن نواصل العمل بشكل جيد. إننا نتعايش بشكل جيد داخل تلك الفقاعة، بفضل قدرتنا على تنويع مواردنا المالية. الأطفال يكبرون الآن وهم يعلمون أن إيبار من الأندية التي تلعب في الدوري الإسباني الممتاز، وهو الأمر الذي قد يساعدنا؛ لكن ماذا سيحدث في حال هبوطنا إلى دوري الدرجة الأولى؟ لدينا بالفعل جماهير تشجعنا منذ أن كنا نلعب في دوري الدرجة الثالثة، وانضم إليهم آخرون بعد صعودنا للدوري الممتاز؛ لكنني أعتقد أنه في حال هبوطنا لدوري الدرجة الأولى فإننا سنخسر كثيراً من جمهورنا».
وعندما سُئل غاراغارزا عما إذا كان يشعر بأن نادي إيبار يشعر بالاستقرار في الوقت الراهن، رد قائلاً: «أنا لست متأكداً مما إذا كنا نتمتع بالاستقرار أم لا. فما هو الاستقرار؟ وكم عاماً يلزمك لكي تشعر بالاستقرار؟ وماذا يعني الاستقرار من الأساس؟ هل يمكننا بناء ملعب كبير؟ لا. فعلى الرغم من أننا نلعب في الدوري الإسباني الممتاز، فلا نزال نعاني من قيود كبيرة، وربما بشكل أكبر من ذي قبل. لقد عاد ألافيس وأوساسونا وهما يتنافسان هنا. لا تضم المدينة سوى 27000 نسمة، ويهيمن أتلتيك بلباو وريال سوسيداد على المنطقة المحيطة».
ويضيف: «انتماؤنا لإقليم الباسك مهم جداً، وربما فقدنا هذه الهوية بعض الشيء. كان لدينا داني غارسيا، ويوري بيرشيش، وجون إراستي، وميكيل أروابارينا، وتكسيما أنيبارو من إقليم الباسك؛ لكن فريقنا الآن لا يضم سوى لاعبين اثنين فقط من الباسك، وهما روبرتو أولابي وأنايتز أربيلا. هذا الأمر يهمني كثيراً؛ لكن لحسن الحظ فإن المدير الفني للفريق، خوسيه لويس مينديلبار، من إقليم الباسك، ويناسب طريقة عمل النادي تماماً، فهو قائد ويساعد الجميع من حوله».
ويتابع: «إنني أشعر أيضاً بأن (حمى إيبار)، إن جاز التعبير، آخذة في التراجع، فبعدما رأى الجمهور ليونيل ميسي هنا سبع مرات، ورأى سيرخيو راموس سبع مرات، وكوكي سبع مرات، قد يتساءل عن جدوى شرائه لتذكرة لحضور المباريات بعد الآن؛ خصوصاً بعدما شاهد عديداً من المباريات السابقة أمام أندية مثل أتلتيكو مدريد وريال مدريد وبرشلونة وإشبيلية وريال سوسيداد وأتلتيك بلباو. هناك نوع من الراحة يمكنك أن تشعر به».
وتتمثل معجزة إيبار في أنها لم تعد تبدو وكأنها معجزة بعد الآن. ويوم الثلاثاء الماضي كان هناك سبب كافٍ للاحتفال بعد التعادل مع برشلونة على ملعب «كامب نو» بهدف لكل فريق، على الرغم من أن هذه المباريات أمام الأندية الكبرى باتت طبيعية بالنسبة لنادي إيبار. يقول غاراغارزا: «يعرف الناس أن البقاء في الدوري الإسباني الممتاز يعد نجاحاً ويقدرون ذلك، على الرغم من أن ذلك بات أمراً معتاداً».
ويختتم المدير الرياضي لإيبار حديثه قائلاً: «إننا نبني تاريخاً كبيراً، ونطور البنية التحتية، ونضع أسساً تسير عليها الأجيال القادمة، ونطور كرة أكاديمية الناشئين، كما نطور كرة القدم للسيدات، والاستاد، وملعب التدريب، ونزيد شعور الجماهير بالانتماء للنادي. وسوف ندرك ما يفعله إيبار في الوقت الحالي، إذا لم نعد نحقق هذه النجاحات مرة أخرى».



في أي عمر يتألق الأبطال الأولمبيون؟

تضم سباقات المضمار والميدان رياضيات متنوعة تعتمد على مهارات الجري والقفز والرمي (جامعة واترلو)
تضم سباقات المضمار والميدان رياضيات متنوعة تعتمد على مهارات الجري والقفز والرمي (جامعة واترلو)
TT

في أي عمر يتألق الأبطال الأولمبيون؟

تضم سباقات المضمار والميدان رياضيات متنوعة تعتمد على مهارات الجري والقفز والرمي (جامعة واترلو)
تضم سباقات المضمار والميدان رياضيات متنوعة تعتمد على مهارات الجري والقفز والرمي (جامعة واترلو)

هناك الكثير من العوامل التي تدخل ضمن مساعي الرياضيين الأولمبيين للحصول على الذهب، أبرزها المواظبة على التدريب وقضاء سنوات من الصرامة والشدة مع النفس، لكن عمر الرياضي أيضاً يعد أحد أهم هذه العوامل، وفق فريق بحثي من جامعة واترلو الكندية، استخدم الإحصائيات لمعرفة متى يبلغ أداء الرياضيين الأولمبيين في سباقات المضمار والميدان ذروته؟

ووفق نتائج الدراسة المنشورة في دورية «سيجنيفيكنس» (Significance) يتدرب معظم الرياضيين عادةً على مدار عدة سنوات للوصول إلى أفضل أداء ممكن لديهم أو ما يعرف بـ«ذروة الأداء» في سن معينة، قبل أن يتراجع مستوى الأداء تدريجياً.

قال ديفيد أووسوجا، طالب الماجستير في علوم البيانات بجامعة واترلو، والباحث الرئيسي للدراسة: «على عكس الرياضات الأولمبية الأخرى مثل كرة القدم، والتنس، التي لها منافساتها رفيعة المستوى خارج نطاق الألعاب الأولمبية، فإن دورة الألعاب الأولمبية هي أكبر مسرح يتنافس فيه رياضيو سباقات المضمار والميدان».

عبد الرحمن سامبا العدّاء القطري (الأولمبية القطرية)

وأضاف في بيان، نشر الأربعاء، على موقع الجامعة: «نظراً لأن الألعاب الأولمبية تقام مرة واحدة فقط كل أربع سنوات، يجب على الرياضيين في سباقات المضمار والميدان، أن يفكروا بعناية في متى وكيف يجب أن يتدربوا لزيادة فرص تأهلهم للأولمبياد لأقصى حد، بينما يكونون في ذروة الأداء الشخصي لهم». وتضم سباقات المضمار والميدان رياضيات متنوعة تعتمد على مهارات الجري والقفز والرمي.

قام باحثو الدراسة بتنظيم مجموعة بيانات الأداء الرياضي الاحترافي، سنة بعد سنة، لكل رياضي مسابقات «المضمار والميدان» الذين شاركوا ضمن المنافسات الفردية في دورات الألعاب الأولمبية، منذ دورة الألعاب التى أقيمت في عام 1996 في أتلانتا بالولايات المتحدة.

حلل الباحثون البيانات التي أخذت في الاعتبار خمسة عوامل: «الجنس، والجنسية، ونوع المسابقة الرياضية، ومدة التدريب الرياضي على مستوى النخبة المتميزة من الرياضيين، وما إذا كان هذا العام هو العام الذي عقدت فيه مسابقات الأولمبياد أم لا».

ووجدوا أن متوسط ​​عمر مشاركة الرياضيين الأولمبيين في ألعاب المضمار والميدان ظل ثابتاً بشكل ملحوظ لكل من الرجال والنساء على مدى العقود الثلاثة الماضية: أقل بقليل من 27 عاماً.

وهو ما علق عليه أووسوجا: «من المثير للاهتمام أن تحليلنا أظهر أن متوسط ​​​​ العمر للوصول إلى (ذروة الأداء) لهؤلاء الرياضيين كان 27 عاماً أيضاً».

ووفق النتائج، فإنه بعد سن 27 عاماً، هناك احتمال تبلغ نسبته 44 في المائة فقط، أن تكون لا تزال هناك فرصة أمام المتسابق للوصول إلى ذروة الأداء الرياضي، ولكن ​​في الأغلب ينخفض هذا الرقم مع كل عام لاحق لهذا السن تحديداً.

وقال ماثيو تشاو، الباحث في الاقتصاد بالجامعة، وأحد المشاركين في الدراسة: «العمر ليس العامل الوحيد في ذروة الأداء الرياضي»، موضحاً أن «الأمر المثير حقاً هو أننا وجدنا أن مدى وعي الرياضي بتوقيت البطولة، يساعد على التنبؤ بأدائه الرياضي بجانب درجة استعداده لها». وبينما يؤكد الباحثون أن تحليلهم نظري في الأساس، فإنهم يأملون أن تكون النتائج مفيدة لكل من الرياضيين والمشجعين.

ووفق أووسوجا فإن أهم النقاط التي نستخلصها من هذه الدراسة، هي أن «هناك قائمة من المتغيرات تساعد في التنبؤ بموعد ذروة الأداء لدى الرياضيين الأولمبيين».

وأضاف: «لا يمكنك تغيير سنة الألعاب الأولمبية، أو تغيير جيناتك، أو جنسيتك، ولكن يمكنك تعديل أنظمة التدريب الخاصة بك لتتماشى بشكل أفضل مع هذه المنافسات الرياضية».

وأشار تشاو إلى أن هذا النوع من الأبحاث يظهر لنا مدى صعوبة الوصول إلى الألعاب الأولمبية في المقام الأول، مضيفاً أنه «عندما نشاهد الرياضيين يتنافسون في سباقات المضمار والميدان، فإننا نشهد وفق الإحصائيات كيف يكون شخص ما في ذروة أدائه البدني، بينما يستفيد أيضاً من توقيت المنافسات ويكون محظوظًا للغاية».