في الذكرى الأولى لكارثة الطائرة الأوكرانية، التي أصابتها صواريخ «تور إم1» التابعة لدفاعات «الحرس الثوري» في جنوب طهران، ألقى الرئيس الإيراني حسن روحاني باللوم على «خطأ فردي»، لكنه عدّه أيضاً ناتجاً عن «سوء تدبير جماعي».
وقال روحاني في اجتماع الحكومة، أمس، إن إسقاط طائرة الـ«بوينغ» الأوكرانية، «حادث مؤلم للغاية، ولا يمكن تصديقه؛ ناجم عن خطأ فرد واحد، ويعود أيضاً إلى سوء تدبير جماعة» دون أن يشير إلى تلك الجماعة. وصرح: «رغم أن كل ذلك وقع عن طريق الخطأ، فإنه حادث دموي خطير. فقدنا بعضاً من نخبنا على متن الرحلة».
وكانت الرحلة «بي إس 752» المتوجهة إلى كييف، أصيب بصاروخين من منظومة «تور إم1» بُعيد إقلاعها من العاصمة الإيرانية في 8 يناير (كانون الثاني) الماضي، بينما كانت القوات المسلحة الإيرانية في أعلى درجات التأهب إثر إطلاق صواريخ باليستية على الأراضي العراقية باتجاه قاعدتين تضمان القوات الأميركية رداً على ضربة جوية قضت على قاسم سليماني؛ قائد «فيلق القدس».
وأسفر الحادث عن مقتل جميع ركاب الطائرة البالغ عددهم 176 شخصاً؛ منهم 85 بين حاملين للجنسية الكندية أو مقيمين دائمين في كندا.
وكانت الطائرة الأوكرانية ضمن الملفات الشائكة، العام الماضي، وسط تفاقم التوترات، بسبب خلافات بين طهران والدول المعنية بشأن التحقيق وتحليل بيانات الصندوقين الأسودين.
وتأتي الذكرى الأولى على الحادث بينما تواصل غالبية أسر الضحايا موقفها الرافض قبول تعويضات رصدتها الحكومة الإيرانية ضمن موازنة العام المقبل، فضلاً عن ضغوط تمارسها الأجهزة الأمنية على الأسر لإقناعهم بقبول تسمية «شهداء».
وتحولت قضية الطائرة الأوكرانية عشية الذكرى الأولى لإسقاطها إلى «ترند» في شبكة «تويتر» بين التغريدات المنشورة بالفارسية، رغم أن الخدمة محظورة في إيران.
وأعرب روحاني عن أمنيات بأن تقوم محكمة إيرانية بتحقيق شامل ودقيق، يؤدى إلى بعض الهدوء لدى أسر الضحايا، وتعيد الاعتبار للطيران الإيراني، على حد تعبيره.
ويعدّ موقف روحاني تراجعاً عن موقف سابق له العام الماضي، بعد 3 أيام من إعلان «الحرس الثوري» مسؤوليته عن إسقاط الطائرة الأوكرانية، ودفع فيه حينذاك باتجاه براءة حكومته من إخفاء سبب إسقاط الطائرة، قائلا: «بسبب بعض الخبرة في الدفاع الجوي، يمكنني القول إنه لا يمكن أن يكون شخص واحد مذنباً في القصة؛ ليس فقط مَن ضغط على الزر هو المذنب، إنما هناك آخرون، وأريد أن أكون صريحاً في هذا الموضوع مع الناس». ودعا إلى تشكيل محكمة خاصة، تضم عشرات الخبراء، كما شدد على ضرورة محاسبة المسؤولين عن تأخر إعلان إسقاط الطائرة، وقال إن «العالم يراقب المحكمة».
وكاد التراجع عن الإنكار الإيراني يفجر احتجاجات واسعة في البلاد، بعدما شهدت المدن الكبرى تجمعات منددة بـ«كذب» المسؤولين، قبل أن تخمد بتدخل من قوات الأمن.
وتشكو الدول المعنية بالطائرة الأوكرانية من عدم تعاون إيران في مسار التحقيق. وفي أحدث موقف، اتهم رئيس «الخطوط الجوية الدولية الأوكرانية» إيران، أول من أمس، بالمماطلة في التحقيق في قضية طائرة الـ«بوينغ».
وقال رئيس «الخطوط الأوكرانية»، يفغيني ديكنه، لوكالة الصحافة الفرنسية: «لم نتلق جواباً عن السؤال الرئيسي: كيف أمكن حدوث ذلك ومن المسؤول عنه»، قائلا إن «إجراءات (التحقيق) لا تتحرك».
وقال إن «تكتيك الجانب الإيراني هو ترك (الأحداث) تمر في صمت، والمماطلة» بدلاً من البحث عن «حل». وأضاف أن «ثمة حاجة إلى ممارسة مزيد من الضغوط الجادة من الدول التي قتل مواطنوها»؛ بما فيها كندا وأوكرانيا.
واستنكر ديكنه إعلان إيران عن دفع 150 ألف دولار لكل أسرة من أسر الضحايا، وقال: «هذه ليست مفاوضات، لكنها استراتيجية إعلامية جديدة تهدف ببساطة إلى اختبار ردنا»، مضيفاً أنه لم يتلق أي اقتراح رسمي من طهران. وأضاف أنه يجب تحديد مبلغ التعويض «وفقاً للسوابق الدولية القائمة» وفقط بعد انتهاء التحقيقات الفنية والجنائية التي ستحدد ما إذا كانت الكارثة خطأً بشرياً أم عملاً «عسكرياً» متعمداً.
من جهتها؛ أعلنت وزارة الخارجية الأوكرانية أنها تلقت «تقريراً فنياً» أولياً من طهران في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي حول ملابسات الكارثة. وقال نائب وزير الخارجية، يفغيني إينين، في تصريح إذاعي الثلاثاء، إن كييف يتعين عليها الآن أن تحدد في غضون شهرين ما إذا كان التقرير «مرضياً من حيث الموضوعية والحياد».
وأعلن المدعي العام العسكري في طهران، غلام عباس تركي، أمس، نهاية التحقيق الذي أجرته 7 مجموعات عمل من الخبراء العسكريين وفي الطيران، حول فرضيات إسقاط الطائرة الأوكرانية، وأشار إلى سجن شخص واحد في الحادث الذي «كان تجنبه ممكناً»، حسب وكالة «إيلنا».
وأعاد المدعي العام أسباباً ذكرها الصيف الماضي، بشأن «خطأ» ناجم عن «نسيان ضبط موقع الرادار من جهة الشمال»، مما أدى إلى «خطأ في تحديد هوية الطائرة».
وكان قائد الوحدة الصاروخية في «الحرس الثوري»، أمير علي حاجي زاده، أعلن في مؤتمر بثه التلفزيون الإيراني، مسؤولية قواته عن إسقاط الطائرة، بعد 3 أيام من إنكار إيران معلومات وسائل الإعلام الغربية، واتهامها بـ«شن حرب نفسية».
وقال حاجي زاده حينذاك إن «شبكة شاملة (مسؤولة عن الرادار) أعلنت عن إطلاق صواريخ (كروز) باتجاه البلاد، وفي مرحلة ومرحلتين يتم التأكيد على التقارير الواردة، تفيد بأن الصواريخ في الطريق وعليكم التأهب»، مشيراً إلى أن «منظومة الصواريخ (الدفاعية) كانت في أقصى حالات التأهب، عندما تلقت التقارير».
ومع ذلك، أصدر «الحرس الثوري» بياناً، أول من أمس، يحمل فيه الولايات المتحدة و«مغامرتها» مسؤولية إسقاط الطائرة.
الشهر الماضي، نشرت لجنة تحقيق خاصة في الحكومة الكندية تقريراً شاملاً يتهم إيران بالامتناع عن تحقيقات ملائمة وعدم الرد على كثير من الأسئلة في المأساة.
وكتب الوزير الكندي السابق رالف جوديل في التقرير أن «إيران تتحمل مسؤولية ذلك؛ لأنها... لم تجر تحقيقاتها (سواء المتعلقة بالسلامة والجنائية وغير ذلك) بطريقة مستقلة وموضوعية وشفافة حقاً، ولا توجد إجابات عن أسئلة بالغة الأهمية».
وأضاف جوديل أن «الطرف المسؤول يحقق بشأن نفسه؛ بشكل رئيسي سراً، وهذا لا يوحي بالثقة»، مطالباً طهران بالكشف عن سبب تركها المجال الجوي مفتوحاً وسبب اتخاذ «الحرس الثوري» قراراً بإسقاط الطائرة.
روحاني يلوم «سوء تدبير جماعة» في ذكرى إسقاط الطائرة الأوكرانية
روحاني يلوم «سوء تدبير جماعة» في ذكرى إسقاط الطائرة الأوكرانية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة