الجيش الإسرائيلي: الرصاص الذي شل فلسطينياً أُطلق خطأ

خلال يوم حافل باعتداءات الاحتلال والمستوطنين

وقفة لأهالي منطقة التوانة جنوب الخليل رفضاً لاعتداءات المستوطنين (وفا)
وقفة لأهالي منطقة التوانة جنوب الخليل رفضاً لاعتداءات المستوطنين (وفا)
TT

الجيش الإسرائيلي: الرصاص الذي شل فلسطينياً أُطلق خطأ

وقفة لأهالي منطقة التوانة جنوب الخليل رفضاً لاعتداءات المستوطنين (وفا)
وقفة لأهالي منطقة التوانة جنوب الخليل رفضاً لاعتداءات المستوطنين (وفا)

في يوم حافل بالاعتداءات على الفلسطينيين من قوات الاحتلال ومن المستوطنين المتطرفين، أصدر الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي بيانا، أمس الخميس، قال فيه إنه أنهى تحقيقا حول قيام جنوده بإطلاق النار على الشاب الأعزل هارون أبو عرام (24 عاما)، في جنوب الضفة الغربية، وإن التحقيق أسفر عن نتيجة بأن «الإصابة تمت بالخطأ». ولكنه أضاف أن «حياة الجنود كانت معرضة للخطر»، ما يفتح الطريق أمام تبرئة الضابط الذي أطلق الرصاص.
والتحقيق يتعلق بأحداث يوم الجمعة الماضي في منطقة مسافر يطا قضاء الخليل، حيث وصلت قوة عسكرية إلى بيت أبو عرام، الذي كان يحاول إعادة بنائه بعد أن هدمته قوات الاحتلال في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وتمادت تلك القوات، يومها، إذ حاولت مصادرة معدات بناء من أمام منزله ومصادرة مولد كهرباء. وقد اعترض أبو عرام وتمسك بالمحرك بكل قوته من دون أن يمس أيا من الجنود. وخلال هذا العراك، أطلق أحد الضباط النار على الجزء العلوي من جسد أبو عرام، فاخترقت الرصاصة رقبة أبو عرام وخرجت من الجهة المقابلة، بسبب قرب مسافة إطلاقها، وأصيب بجراح خطيرة، ويخضع حتى اليوم للتنفس الاصطناعي في المستشفى الأهلي في الخليل. وأفادت وزارة الصحة الفلسطينية بأن أبو عرام أصيب في رقبته بالأعصاب والعمود الفقري، لافتة إلى أن الإصابة أدت لشلل رباعي.
وحسب بيان الناطق العسكري الإسرائيلي، فإن «قائد القوة بدأ بإجراء اعتقال مشتبه، وشمل إطلاق نار في الهواء. وخلال إطلاق النار، هاجم فلسطينيان قائد القوة بعنف، وجذب أحدهما قائد القوة، وأمسك الآخر سلاحه بوحشية. ولهذا السبب جرى إطلاق نار غير موجه، أصاب فلسطينيا آخر بين مثيري أعمال الشغب العنيفين». وإزاء إدراك الناطق بأن هذه النتيجة جاءت لتغطي على منفذ عملية إطلاق النار، أعلن أنه «في موازاة التحقيق العسكري، ستجري الشرطة العسكرية تقصي حقائق يشمل جباية شهادات من فلسطينيين وجمع وثائق طبية».
وعلقت جمعية «بتسيلم» الإسرائيلية لحقوق الإنسان، على هذا البيان، بالقول، إن «الناطق العسكري أصبح ذا خبرة في التستر على مرتكبي جرائم الإهمال التي تستهتر بحياة الإنسان الفلسطيني. فهو ببساطة أجاز إطلاق الرصاص وأعفى من نفذه من المسؤولية وتجاهل الضحية».
وكانت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية قد اعتبرت «هذا الاعتداء الوحشي يندرج في إطار استهداف الاحتلال المتواصل للمواطنين في منطقة مسافر يطا، بهدف ممارسة الضغوطات والتقييدات عليهم لترحيلهم بالقوة، وتفريغ المنطقة منهم، والاستيلاء عليها بالكامل لصالح الاستيطان». وطالبت المحكمة الجنائية الدولية «بسرعة فتح تحقيق رسمي بجرائم الاحتلال، وصولا إلى مساءلة ومحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين». كذلك اعتبر الاتحاد الأوروبي، السبت الماضي، الاعتداء، «مخالفةً للقانون الدولي». وطالب إسرائيل بالتحقيق «السريع والشامل» في إطلاق جنودها النار على أبو عرام.
يذكر أن حملات الهدم والاعتقال الإسرائيلية ضد الفلسطينية تتم بشكل يومي، وتترافق مع اعتداءات في أماكن مختلفة ينفذها المستوطنون. فقد اعتدى مستوطنون على مساحات واسعة من أراضي المواطنين، بمنطقة «ظهر صبح»، الواقعة بين بلدتي بديا وكفر الديك غرب سلفيت، وخربوا مزروعات على عشرات الدونمات. وقاموا بتسييج أكثر من 1000 دونم، من أراضي مواطني بلدة بديا، من أجل الاستيلاء عليها. ووضعوا بوابات حديدية.
واقتحم مستوطنون، أمس الخميس، مسجد ومقام النبي موسى جنوب أريحا في الضفة الغربية، كما اقتحم مستوطنون آخرون، باحات المسجد الأقصى في القدس المحتلة. وأظهر مقطع مصور أن عددا من المستوطنين المسلحين، اقتحموا مقام النبي موسى والتقطوا صورا للمكان، ونفذوا جولة استفزازية فيه. ونددت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، «بتدنيس مجموعة من المستوطنين المقام». وأفادت دائرة أوقاف القدس المحتلة، بأن عددا من المستوطنين اقتحموا الأقصى من جهة باب المغاربة، تحت حماية شرطة الاحتلال الإسرائيلي، ونفذوا جولات استفزازية في المكان.
وفي القدس الشرقية المحتلة، هدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي صباح الخميس، منزلًا في بلدة النبي صموئيل، فيما اعتصم أهالي سلوان، في أراضيهم الموجودة في حي وادي الربابة للتصدي لمحاولات الاحتلال تجريفها. وأفاد مواطنون أن آليات الاحتلال اقتحمت البلدة، وهدمت منزلا يتكون من 3 كرفانات. وفي وقت سابق، صادرت قوات الاحتلال خيمتين ومرافق صحية متنقلة ومعدات للتنزه في قرية النبي صموئيل. واقتحمت قوات الاحتلال أرضا قرب مدخل النبي صموئيل، واستولت على خيمتين متنقلتين، وحمامات، وعشبا صناعيا، ومقاعد وطاولات، ومستلزمات كهربائية. وتعود ملكية المرافق والمعدات للمواطنين أنس عبيد، وماجد عيسى بركات، اللذين كان يعملان على إنشاء متنزه للمواطنين في المنطقة.
وتعيش قرية النبي صموئيل على جبل البهجة في الشمالي الغربي لمدينة القدس المحتلة، حصارا يفصلها عن كل ما هو فلسطيني، بجدار الفصل العنصري عن القرى والمناطق التي تحيط بها. وكانت مساحة القرية وتبلغ 3.500 دونم، لم يتبق منها سوى 1.050 دونم فقط، بعد إقامة أربع مستوطنات تجثم على أراضيها، وهي «بسغات، وراموت ألون، ونابي سامويل، وهار شموئيل».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».