تونس: الإعلان عن تشكيلة الحكومة الجديدة

قاض على رأس الداخلية.. ووزارتا الدفاع والعدل أسندتا لخبيرين في القانون

رئيس الوزراء التونسي المكلف يقدم لائحة الوزراء التي اختارها للرئيس الباجي قائد السبسي في قصر الرئاسة في قرطاج أمس (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء التونسي المكلف يقدم لائحة الوزراء التي اختارها للرئيس الباجي قائد السبسي في قصر الرئاسة في قرطاج أمس (أ.ف.ب)
TT

تونس: الإعلان عن تشكيلة الحكومة الجديدة

رئيس الوزراء التونسي المكلف يقدم لائحة الوزراء التي اختارها للرئيس الباجي قائد السبسي في قصر الرئاسة في قرطاج أمس (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء التونسي المكلف يقدم لائحة الوزراء التي اختارها للرئيس الباجي قائد السبسي في قصر الرئاسة في قرطاج أمس (أ.ف.ب)

بعد مخاض عسير وتسريبات بإمكانية فشل المشاورات ومن ثم تأجيل الإعلان عن الحكومة التونسية، أعلن، أمس، الحبيب الصيد رئيس الحكومة المكلف بقصر الضيافة بقرطاج عن تشكيلة الحكومة التونسية الجديدة التي ضمت 37 عضوا (22 وزيرا وكاتبا عاما للحكومة و14 كاتب دولة).
وقال الصيد في مؤتمر صحافي عقده يوم أمس بالمناسبة إن الحكومة المشكلة «حكومة كفاءات وطنية تجمع بين شخصيات سياسية وكفاءات إدارية من أهل الاختصاص والخبرة، إلى جانب ممثلين عن المجتمع المدني». واعتبر أنها «تتويج للقاءات ومشاورات مكثفة مع ممثلي الأحزاب السياسية والمجتمع المدني ومختلف المنظمات الوطنية».
وأضاف قوله: «حرصنا على أخذ كل الآراء والمقترحات بعين الاعتبار، وهو ما سيبرز من خلال تركيبة الحكومة». وقال إنها «حكومة كل التونسيين غايتها الأسمى تحقيق أهداف الثورة وترسيخ مناخ الديمقراطية وخدمة المصلحة العليا لتونس».
وبشأن برنامج الحكومة الجديدة، قال الصيد إنها ستنفذ البرنامج الانتخابي لحركة نداء تونس، مع الأخذ بعين الاعتبار مختلف الملاحظات والآراء والتصورات التي قدمتها مختلف الأطراف طوال أكثر من أسبوعين من المشاورات المارثونية.
وفي قراءة أولية لتشكيلة الحكومة التونسية الجديدة، فإن اللائحة قد خلت من أي عضو من أعضاء حكومة الترويكا، بزعامة حركة النهضة، ولكنها أبقت فقط من حكومة مهدي جمعة على عمار الينباعي وزيرا للشؤون الاجتماعية. وقد ضمت عدة أسماء، معظمها مما يطلق عليه في تونس اسم «الإدارة العميقة» (أهل الخبرة والاختصاص) أو من ممثلي منظمات المجتمع المدني، إلى جانب كفاءات سياسية حزبية من حركة نداء تونس، وكذلك من الاتحاد الوطني الحر الذي يتزعمه سليم الرياحي.
وبشأن وزارات السيادة التي طالبت حركة النهضة بتحييدها، فإن حقيبة وزارة الداخلية أسندات إلى محمد الناجم الغرسلي، الذي لم يُطرح اسمه بالمرة في كل التسريبات التي سبقت الإعلان عن الحكومة، فهو من أبناء مدينة القصرين (وسط غربي تونس)، وهو من مدينة وزير الداخلية السابق لطفي بن جدو. والغرسلي قاضٍ من الدرجة الثالثة، وكان لعدة سنوات رئيسا للمحكمة الابتدائية بالقصرين. وخلال رئاسته لتلك المحكمة، كان معه وزير الداخلية لطفي بن جدو في خطة حاكم تحقيق.
وقد عين بعد الثورة من قبل حكومة الباجي قائد السبسي واليا (محافظا) على منطقة المهدية (وسط شرقي تونس)، وهو المنصب الذي شغله إلى حد الإعلان عن التركيبة الجديدة للحكومة. وخلال رئاسته للمحكمة الابتدائية بالقصرين كان معه وزير الداخلية الحالي لطفي بن جدو في خطة حاكم تحقيق. أما وزارة الخارجية فقد أسندت إلى الطيب البكوش الأمين العام لحركة نداء تونس، وهو من أشد معارضي مشاركة النهضة في الحكم، وهي من بين الوزارات التي لرئيس الجمهورية صلاحية تعيين من يتولاها إلى جانب وزارة الدفاع، وذلك بالتشاور مع رئيس الحكومة المكلف.
وكلف الحبيب الصيد محمد الصالح بن عيسى بحقيبة وزارة العدل والشؤون العقارية، وهو خبير في القانون الإداري، وهي كفاءة مستقلة، واتخذ الصيد في المقابل قرارا بحذف وزارة حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية من تركيبة الحكومة الجديدة. أما بالنسبة لفرحات الحرشاني وزير الدفاع الجديد فهو أستاذ جامعي مختص في القانون الدستوري، وهو يخلف غازي الجريبي القاضي السابق بالمحكمة الإدارية.
وأسند الصيد خطة وزير معتمد مكلف بالعلاقات مع المجتمع المدني لكمال الجندوبي الرئيس السابق لهيئة انتخابات المجلس التأسيسي (2011) التي جرت إبان تولي الباجي رئاسة الحكومة. كما مكن ماجدولين الشارني شقيقة سقراط الشارني عون الحرس التونسي الذي اغتاله الإرهابيون، من خطة كاتبة دولة مكلفة بملف شهداء وجرحى الثورة.
وفي تعليق على تشكيلة الحكومة التي أعلنها الحبيب الصيد، قال زياد العذاري المتحدث باسم حركة النهضة لـ«الشرق الأوسط» إن الحركة ستدرس تركيبة الحكومة في القريب العاجل (اليوم أو غدا)، وستعلن موقفها النهائي بشأن دعمها من عدمه.
وتابع قوله: «مبدئيا نحن نتمنى لها النجاح والتوفيق والحركة تحترم كل الاختيارات»، على حد تعبيره.
وبشأن الأسماء الواردة في تشكيلة الحكومة وإن كانت الحركة راضية عن تلك التسميات وتعرف البعض منها أو تدعمها، قال العذاري إن «بعض أسماء الوزراء سمعوا بها من خلال وسائل الإعلام، والبعض الآخر مجهول بالنسبة لقيادات الحركة، وهناك إلى جانبهم أسماء جديدة»، وتابع قوله: «وهذا الأمر يتطلب الرجوع إلى هياكل الحركة لدراسة كل المعطيات والخروج بموقف نهائي من حكومة الحبيب الصيد».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.