حكومة «الوفاق» تبحث مصير أرامل ويتامى «الدواعش» في سجون طرابلس

ترحيل صومالية وأطفالها إلى مقديشو بعد توقيفهم 4 أعوام

صومالية وأطفالها من أحد عناصر «داعش» المقتولين في سرت قبل ترحيلهم (وزارة العدل في «الوفاق»)
صومالية وأطفالها من أحد عناصر «داعش» المقتولين في سرت قبل ترحيلهم (وزارة العدل في «الوفاق»)
TT

حكومة «الوفاق» تبحث مصير أرامل ويتامى «الدواعش» في سجون طرابلس

صومالية وأطفالها من أحد عناصر «داعش» المقتولين في سرت قبل ترحيلهم (وزارة العدل في «الوفاق»)
صومالية وأطفالها من أحد عناصر «داعش» المقتولين في سرت قبل ترحيلهم (وزارة العدل في «الوفاق»)

يبدو أن سلطات العاصمة الليبية طرابلس عازمة على غلق ملف أرامل ويتامى لعناصر من «داعش»، قتلوا في مدينة سرت، معقل التنظيم المتشدد نهاية عام 2016، على يد عناصر عملية «البنيان المرصوص» التابعة لحكومة «الوفاق». غير أنها تنتظر تعاوناً دولياً في هذه القضية، قصد ترحيل جميع الموقوفين بسجون العاصمة، منذ القضاء على فلول التنظيم المتطرف.
وقال مصدر أمني بغرب ليبيا إن حكومة «الوفاق» عازمة على إغلاق هذا الملف بشكل نهائي، وأبدت تعاوناً مبكراً حيال ذلك. لكن «كثيراً من الدول التي لها رعايا في ليبيا تغاضت عن التعاون في تسلمهم، باستثناء القليل منها»، لافتاً إلى أن أكثر من 700 جثة لقتلى عناصر التنظيم ظلت على حالها في ثلاجات الموتى بمدينة مصراتة، بعدما رفضت دولهم أيضاً تسلمهم.
وأضاف المصدر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «جميع الموقوفين، الذين قال إن أعدادهم بالمئات، يحظون بمعاملة حسنة، ويلقون الرعاية اللازمة، وخصوصاً النساء والأطفال منهم»، لافتاً إلى أن النيابة العام سمحت بترحيل سيدة صومالية وأطفالها الثلاثة من ضحايا تنظيم «داعش» إلى بلادهم، مساء أول من أمس، وذلك بحضور القنصل الصومالي لدى ليبيا.
وأوضحت وزارة العدل التابعة لحكومة «الوفاق» أن عملية الترحيل تمت في مقر جهاز الشرطة القضائية بطرابلس، حيث تم نقل السيدة وأطفالها من مطار معيتيقة الدولي إلى بلدها، لافتة إلى أن فريق العمل، المشكل بقرار من وزير العدل، يتولى متابعة جميع الإجراءات القانونية اللازمة لإتمام إجراءات الإبعاد والترحيل، لمن تقرر الإفراج عنه من النيابة العامة من النزلاء، ذوي الجنسيات الأجنبية من ضحايا التنظيم الإرهابي.
ونوهت الوزارة إلى أن إجراءات الترحيل تمت بحضور نائب رئيس جهاز الشرطة القضائية، والقنصل الصومالي المعتمد لدى ليبيا، ومدير مؤسسة الإصلاح والتأهيل «النساء». إضافة إلى رئيس وأعضاء فريق متابعة إجراءات الإبعاد، وعدد من ضباط وعناصر الحراسة الأمنية التابعين لإدارة العمليات والأمن القضائي.
وكان فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق»، قد أعلن في 18 من ديسمبر (كانون الأول) عام 2016 «تحرير» مدينة سرت من تنظيم «داعش»، وقتل عدد من العناصر، الذين خلفوا وراءهم أطفالاً كثيراً ونساءً. كما سبق أن أمرت وزارة العدل بحكومة «الوفاق» بترحيل 11 نزيلة من ضحايا تنظيم «داعش» في 17 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، إلى غانا بينهم أطفال، وذلك بعد توقيفهم بسجن النساء في العاصمة لقرابة أربعة أعوام. وقبل ذلك سلمت سلطات طرابلس ثمانية أطفال آخرين إلى السلطات السودانية، بعدما قُتل آباؤهم في معارض التنظيم بسرت.
وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، سلمت سلطات طرابلس تونس ستة أطفال أيتام لآباء من التنظيم، قتلوا سنة 2016 في سرت، وقد استقبلهم الرئيس قيس سعيد، مطالباً في حينها بضرورة إعادة بقيّة الأطفال العالقين في ليبيا، والذين لم يُحدّد بيان الرئاسة عددهم. لكنه اكتفى بأنهم «محلّ عناية خاصة ومتابعة دقيقة» من الرئيس التونسي لتأمين عودتهم إلى عائلاتهم في تونس.
وكان الهلال الأحمر الليبي قد تكفل بالأطفال، الذين تتراوح أعمارهم بين 3 و12 عاماً، مع عشرات الأطفال من جنسيات أخرى، وآواهم في مركز استقبال بمصراتة (240 كيلومتراً غرب سرت). وسبق لرئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان، مصطفى عبد الكبير، التحدث عن قرب تسليم السلطات الليبية بلاده 22 امرأة من أرامل عناصر تنظيم «داعش» المحتجزات في سجون طرابلس، بالإضافة إلى 39 طفلاً بعدما برأهم القضاء الليبي.
ونقلت وكالة الأنباء التونسية عن قنصل تونس العام في ليبيا، توفيق القاسمي، الشهر الماضي أن 36 طفلاً لآباء كانون ينتمون إلى تنظيم «داعش» يقبعون مع أمهاتهم في سجون مصراتة وطرابلس.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.