لبنان يبدأ اليوم الامتحان الأصعب أمام «كورونا»

مع انطلاق مرحلة الإقفال الثالثة

ممرض ينقل مريضاً بـ«كورونا» في مستشفى رفيق الحريري (أ.ف.ب)
ممرض ينقل مريضاً بـ«كورونا» في مستشفى رفيق الحريري (أ.ف.ب)
TT

لبنان يبدأ اليوم الامتحان الأصعب أمام «كورونا»

ممرض ينقل مريضاً بـ«كورونا» في مستشفى رفيق الحريري (أ.ف.ب)
ممرض ينقل مريضاً بـ«كورونا» في مستشفى رفيق الحريري (أ.ف.ب)

يبدأ اليوم لبنان اليوم (الخميس) الامتحان الأصعب أمام «وباء كورونا» مع انطلاق المرحلة الثالثة من الإقفال بعدما خرج انتشار الفيروس عن السيطرة باعتراف المسؤولين ومع تشكيك معنيين في القطاع الصحي من الالتزام بالإجراءات بناء على التجارب السابقة.
وكان عدّد «كورونا» سجّل أول من أمس (الثلاثاء) رقماً قياسياً جديداً حيث أعلنت وزارة الصحة العامة عن 3620 إصابة جديدة و17 حالة وفاة، مما رفع العدد التراكمي للحالات المثبتة إلى 195759 إصابة.
وبعدما كانت لجنة الصحة النيابية قد أصدرت ليلاً بياناً طالبت فيه الحكومة بالمزيد من التشدّد وإعادة النظر في الاستثناءات التي يشملها قرار الإقفال التام، وصف أمس رئيسها النائب عاصم عراجي الوضع بـ«الخطير جداً». وجدّد في حديث إذاعي تأكيده أن الاستثناءات في قرار الإقفال التام فضفاضة بشكل كبير، لافتاً إلى أن الإقفال الجديد كالإقفالات التي سبقته والتي لم يأتِ بأي نتيجة، من هنا أبدى عراجي تخوفه من «أن تؤدي الاستثناءات إلى أن تقف الإصابات إلى حد 3000 أو 3500 إصابة يومياً». وأوضح «لقد مررنا بظروف قبل رأس السنة بإصابات فوق الـ2000 و2500 إصابة والآن ربما نشهد إصابات تحتاج إلى العناية الفائقة»، رافعاً الصوت «لأن ما من سرير شاغر في المستشفيات».
وأكد أن «إمكانياتنا ليست كفرنسا وبريطانيا وغيرها، فهذه الدول أخذت إجراءات أقوى ولديها قطاع صحي قوي، لافتاً إلى «أن الناس الملتزمة تدفع الثمن بسبب انعدام ثقافة الوعي لدى البعض الآخر».
الموقف نفسه عبر عنه مدير مستشفى رفيق الحريري الجامعي الدكتور فراس الأبيض محذراً من «أرقام أسوأ في الأسابيع المقبلة».
وكتب الأبيض عبر «تويتر»: «للمرّة الأولى منذ بداية الوباء، أتت النتائج إيجابية لأكثر من 30 في المائة من فحوصات كورونا التي أجريت أمس (أول من أمس) في مختبرنا في مستشفى رفيق الحريري الجامعي. هذا أمر مقلق، وينذر بأرقام (كورونا) أسوأ في الأسابيع المقبلة»، ووجه التحية إلى العاملين في الرعاية الصحية للتضحيات التي يقدمونها واصفاً إياهم بـ«الأبطال».
وكانت لجنة الصحة النيابية قد اعتبرت بعد الإعلان عن البيان الرسمي لقرار الإقفال أن «التدابير الواردة في متن البيان أتت دون الخطر المتعاظم الذي تعكسه أرقام الإصابات والوفيات اليومية الصادرة عن وزارة الصحة العامة، فضلاً عن التناقص المُخيف في عدد أسرة العناية الفائقة الشاغرة في المستشفيات من جهة، وكذلك ما تتناقله وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي عن الحشود المتجمعة في الأفراح والأحزان، وكل ذلك دون ارتداء الكمّامات أو مُراعاة حدود التباعد الاجتماعي، كما يصل الأمر ببعض المواطنين إلى تحدي السلطات في تعاميمها وتدابيرها جهراً وأمام وسائل الإعلام المحلية والأجنبية».
وعبرت اللجنة عن استغرابها من «المستوى التساهلي الذي اعتمده بيان اللجنة الوزارية والذي لم تر اللجنة شبيهاً له في أي دولة اجتاحها الوباء الفتاك، خاصة لجهة (سلسلة) الاستثناءات الواردة في متنه، والتي تكاد تشكل فرصة إضافية للوباء للإمعان فتكاً وانتشاراً؛ بحيث تقضي هذه الاستثناءات على إمكان نجاة شرائح واسعة من (مصيدة) الوباء».
من هنا طالبت «بإعادة النظر بالاستثناءات داعية إلى المزيد من التشدد في تدابير الإقفال وأن تقترن التدابير بحزمة من المساعدات المالية أو العينية تسد بعضاً من حاجة المنكفئين في بيوتهم وعصا يتكؤون عليها إلى أقرب فرصة يتمكّنون بعدها من الخروج إلى رزقهم وحاجاتهم».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.