«معركة بيانات» بين واشنطن وبكين في بغداد

على خلفية قضايا تتعلق بـ«انتهاكات» لحقوق الإنسان في الصين

TT

«معركة بيانات» بين واشنطن وبكين في بغداد

أصدرت السفارة الصينية في بغداد، أمس الأربعاء، بياناً مطولاً وشديد اللهجة، رداً على بيان مماثل نشرته السفارة الأميركية في بغداد، حول السياسة الصينية المتعلقة بحقوق الإنسان وشؤون الأقليات القومية والدينية هناك.
ولم يسبق أن تبادلت الدولتان بيانات عدائية في بغداد عبر تمثيلهما الدبلوماسي في البلاد. ويعاني العراق منذ سنوات من تحول أراضيه إلى ساحة مفتوحة للصراعات الدولية والإقليمية، نتيجة الوهن الذي أصاب البلاد بعد سنوات طويلة من العنف والصراعات وعدم الاستقرار السياسي. وبينما لم يصدر أي تعليق من الحكومة العراقية والقوى السياسية على الخلاف «البغدادي» بين واشنطن وبكين، ولم يعرف على وجه الدقة الأسباب التي دعت واشنطن لإصدار بيان عدائي في هذا التوقيت ضد بكين، رأت الأخيرة في بيانها أن واشنطن تسعى إلى «زرع بذور الشقاق عن قصد في علاقات التعاون الودي بين الصين والدول الإسلامية الغفيرة، بما فيها العراق».
ويتحدث مراقبون محليون منذ فترة عن صراع مصالح محتمل مقبل في العراق بين واشنطن وبكين، يستند على أسباب اقتصادية بشأن استثمارات النفط والغاز ومشروعات كبيرة أخرى تشتد حاجة البلاد إليها في السنوات المقبلة. وذكرت السفارة الصينية في بيان أن سفارة واشنطن تسعى إلى «بث الشائعات، ومهاجمة الصين وتشويش سمعتها بشكل تعسفي». وقالت إن البيان «محض هراء، ومحاولة السفارة الأميركية لنشره كمعلم متكبر لحقوق الإنسان، أمر مضحك، ويرفض الجانب الصيني ذلك رفضاً قاطعاً».
كانت سفارة واشنطن قد نشرت، أول من أمس، عبر منصاتها الرسمية في مواقع التواصل الاجتماعي، بياناً هاجمت فيه الحزب الشيوعي الصيني، واتهمته بانتهاك حقوق إنسان إقليم شينجيانغ الذي توجد فيه أقلية من طائفة الإيغور وأعضاء من أقليات أخرى، معظمها من المسلمين. وقالت إن «الحزب الشيوعي الصيني يدير دولة المراقبة في الصين، وبشكل ملحوظ جداً في إقليم شينجيانغ».
وأضافت أن «انتهاكات الحزب الشيوعي الصيني تمتد لحقوق الإنسان إلى مناطق وجماعات أخرى في الصين، من بينها التبت، والبوذيون، والمسيحيون، ومن يمارسون عقيدة الفالونغ غونغ». وقد ردت سفارة بكين بشكل تفصيلي على ما ورد في بيان سفارة واشنطن، وخصوصاً الفقرة المتعلقة بمنطقة شينجيانغ الإيغورية ذاتية الحكم، وذكرت أنها جزء لا يتجزأ من الأراضي الصينية، وأن «جوهر قضية شينجيانغ هو محاولة مجموعة صغيرة من الانفصاليين لفصل شينجيانغ عن الصين من خلال العنف. إن هؤلاء العناصر يحدثون أعمال العنف والإرهاب في شينجيانغ تحت عباءة الدين بلا وازع، الأمر الذي أدى إلى مقتل وإصابة كثير من المدنيين الأبرياء بمن فيهم المدنيون المسلمون، وزعزعة استقرار شينجيانغ وتنميتها بشكل خطير».
وقالت إن «قوى الإرهاب والعنف كـ(حركة تركستان الشرقية الإسلامية) تمد براثنها إلى قيرغيزستان وأفغانستان والعراق وسوريا وغيرها من دول آسيا الوسطى والشرق الأوسط، ويتآمرون مع (داعش) و(القاعدة) لارتكاب جرائم إرهابية بشعة ضد شعوب ودول المنطقة».
وتابعت السفارة في بيانها: «قد أدرجت (حركة تركستان الشرقية الإسلامية) على قائمة المنظمات الإرهابية الدولية بموجب قرار مجلس الأمن الدولي المرقم 1267. وهذا يشكل حقيقة لا جدال فيها، فمن الضروري أن تكافح الحكومة الصينية القوى الإرهابية والانفصالية وفقاً للقانون». وأردفت: «لن نسمح لأي قوة خارجية بالتدخل في الشؤون الداخلية للصين، وانتهاك سيادة الصين ووحدتها وسلامة أراضيها، وتقويض التضامن القومي والاستقرار الاجتماعي في الصين».
وتحدث بيان السفارة الصينية عن سلسلة الحروب التي شنتها الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط، الأمر الذي سبب مقتل عدد لا يحصى من المدنيين، والشرطة الأميركية نفذت القانون بلا رادع حتى قتلت المدنيين من الأقليات القومية جهاراً نهاراً، وأصدرت إدارة ترمب عفواً عن السفاحين الذين قتلوا المدنيين العراقيين؛ في إشارة إلى العفو الذي أصدره الرئيس الأميركي، الشهر الماضي، عن أربعة عناصر من شركة «بلاك ووتر» الأمنية متورطين في مقتل 17 مدنياً في العراق عام 2007. وأضاف أن «سجل أميركا في حقوق الإنسان مليء بالبقع السوداء، فلا يحق لها على الإطلاق التعليق على حقوق الإنسان في الصين بشكل تعسفي، وإن الكذبة ستبقى كذبة حتى لو أنها تُكرر ألف مرة».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.