الصين تعزز جودة سياستها المالية

تباطؤ التصنيع نتيجة للموجة الثانية عالمياً

قال وزير المالية الصيني إن الحكومة «ستشد الحزام» لتوفير الأموال وإثراء الشعب (أ.ب)
قال وزير المالية الصيني إن الحكومة «ستشد الحزام» لتوفير الأموال وإثراء الشعب (أ.ب)
TT

الصين تعزز جودة سياستها المالية

قال وزير المالية الصيني إن الحكومة «ستشد الحزام» لتوفير الأموال وإثراء الشعب (أ.ب)
قال وزير المالية الصيني إن الحكومة «ستشد الحزام» لتوفير الأموال وإثراء الشعب (أ.ب)

قال وزير المالية الصيني ليو كون إن الصين ستعزز فاعلية ونوعية سياستها المالية، وذلك من خلال تحسين هياكل الإنفاق وتقوية الإدارة، مشدداً على أن الحكومة ستطبع تطبيقها لآلية الدفع المالي المخصص لرفع فاعلية الإنفاق المالي، بينما «ستشد الحزام» لتوفير الأموال وإثراء الشعب.
وأضاف ليو في مقابلة مع وكالة «شينخوا»: «سنزيد الأموال المالية الموزعة مباشرة إلى الحكومات على مستويات المدن والمحافظات، علاوة على توسيع نطاق الشمل»، مؤكدا على أن الحكومة ستعزز الإشراف أثناء هذه العملية.
وحتى 29 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ذهب إجمالي 1.52 تريليون يوان (حوالي 234.71 مليار دولار) من الأموال المالية من خلال آلية الدفع المالي المخصص المذكور. وذكر الوزير أن الصين قررت أيضا الحفاظ على آلية محددة لسياساتها في خفض الضرائب والرسوم، ومواصلة تطبيق التخفيضات المؤسسية للضرائب والرسوم لدعم الشركات.
وحسب ليو، من الأرجح أن تتجاوز تخفيضات الضرائب والرسوم 2.5 تريليون يوان في عام 2020، كما قال إنه سيتم منح أولوية الإنفاق المالي لمعيشة الشعب، وسيركز الإنفاق الحكومي في عام 2021 رئيسيا على قطاعات مثل التوظيف والتعليم والرفاهية الاجتماعية والصحة العامة والصناعات الثقافية.
إلى جانب ذلك، في عام 2021 ستصبح السياسة المالية الاستباقية «أكثر استدامة» من حيث نطاق الإنفاق وقوة السياسة لترك المزيد من المساحة للسياسات في مواجهة المخاطر والتحديات في المستقبل.
ومن جانب قروض الحكومة، قال ليو إن مخاطر قروض الحكومات المحلية تحت السيطرة بشكل عام. رغم ذلك، تتزايد مخاطر القروض الحكومية الكامنة والتخلف عن السداد في مناطق عديدة. وذكر ليو أن الحكومة ستبذل «اهتماما وثيقا» وستحافظ على «حالة تأهب قصوى» بشأن هذه المشاكل.
وفي سياق منفصل، أظهر تقرير اقتصادي نشر الأربعاء تراجع وتيرة نمو نشاط قطاع الخدمات في الصين خلال الشهر الماضي. وبحسب تقرير مؤسسة كايشين للبيانات الاقتصادية، تراجع مؤشر مديري مشتريات قطاع التصنيع إلى 56.3 نقطة في ديسمبر الماضي، مقابل 57.8 نقطة في نوفمبر (تشرين الثاني) السابق عليه.
ويذكر أن قراءة المؤشر أقل من 50 نقطة تشير إلى انكماش النشاط الاقتصادي للقطاع، وتشير قراءة أكثر من 50 نقطة إلى حدوث نمو.
وتزامن تراجع المؤشر الرئيسي لمديري مشتريات القطاع مع تراجع المؤشر الفرعي للطلبيات الجديدة في نهاية العام الماضي. ورغم استمرار نمو الطلبيات الجديدة بشكل عام، فإنها سجلت في ديسمبر أقل معدل نمو لها منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، وهو ما يرجعه مراقبون إلى تفشي الموجة الثانية لوباء «كوفيد - 19» على المستوى الدولي. كما جاء تراجع المؤشر الرئيسي إلى جانب تراجع وتيرة تعافي الطلب الخارجي، حيث سجلت مبيعات التصدير ارتفاعا طفيفا بشكل عام، بعد نموها في نوفمبر الماضي بأسرع وتيرة لها منذ عام ونصف العام.
وأشار أعضاء لجنة المسح إلى أن الأوضاع الخاصة بجائحة فيروس «كورونا» المستجد والزيادة الأخيرة في أعداد المصابين بالفيروس في العديد من أسواق التصدير الرئيسية تواصل الحد من نمو الأعمال في الخارج.



رغم تراجعه... اقتصاديون يرون التضخم في تركيا بات هيكلياً

أشخاص يتسوقون في سوق مفتوح في إسطنبول (رويترز)
أشخاص يتسوقون في سوق مفتوح في إسطنبول (رويترز)
TT

رغم تراجعه... اقتصاديون يرون التضخم في تركيا بات هيكلياً

أشخاص يتسوقون في سوق مفتوح في إسطنبول (رويترز)
أشخاص يتسوقون في سوق مفتوح في إسطنبول (رويترز)

رغم تباطئه في سبتمبر، ما زال التضخم في تركيا مرتفعاً بشكل كبير، في ظل إحجام الحكومة عن اتخاذ قرارات صعبة قادرة على لجم ارتفاع الأسعار، بحسب محللين.

وعانت تركيا على مدى العامين الماضيين تضخماً متسارعاً، بلغ ذروته عند معدل سنوي 85.5 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، و75.45 في المائة في مايو (أيار) الماضي.

وأفادت بيانات رسمية، يوم الخميس، بانخفاض معدل التضخم إلى 49.38 في المائة في سبتمبر. إلا أن إحصاءات مجموعة «إي إن إيه جي» المؤلفة من اقتصاديين مستقلين، أشارت إلى أن معدل التضخم السنوي في الشهر ذاته يبلغ 88.6 في المائة.

وسبق لوزير المال التركي محمد شيمشك أن أكد في تصريحات سابقة أن حكومة الرئيس رجب طيب إردوغان تأمل في خفض التضخم إلى 17.6 في المائة نهاية عام 2025، وما دون 10 في المائة عام 2026.

وأشاد إردوغان حديثاً بالمسار التراجعي للتضخم، مشدداً على أن «الأوقات الصعبة باتت خلفنا». إلا أن خبراء اقتصاديين يرون أن ارتفاع أسعار الاستهلاك في تركيا بات «مزمناً»، وتزيده سوءاً بعض السياسات الحكومية. وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة مرمرة محمد شيمشان إن «الانخفاض الراهن يعود حصراً إلى تأثير القاعدة (التي يحتسب على أساسها التضخم). ارتفاع الأسعار شهرياً ما زال كبيراً، ويبلغ 2.97 في المائة في تركيا و3.9 في المائة في إسطنبول». وأضاف: «لا يمكن اعتبار ذلك قصة نجاح».

قيمة الليرة

وعلى عكس السياسة التقليدية برفع معدلات الفوائد لمكافحة التضخم، لطالما دافع إردوغان عن سياسة خفض الفوائد، مما تسبب بانخفاض متزايد في قيمة الليرة التركية، وساهم بدوره في ارتفاع التضخم.

لكن بعد إعادة انتخابه رئيساً في مايو 2023، أطلق إردوغان يد المصرف المركزي لرفع معدلات الفائدة الأساسية من 8.5 إلى 50 في المائة، بين يونيو (حزيران) 2023 ومارس (آذار) 2024. وأبقى المصرف معدلاته دون تغيير في سبتمبر للشهر السادس توالياً.

وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة قادر هاس إرينتش يلدان، إن «مكافحة التضخم تتمحور حول أولويات القطاع المالي. نتيجة لذلك، تجري الأمور بطريقة غير مباشرة وتولّد حالة من عدم اليقين».

وشدد أستاذ الاقتصاد في جامعة كارادينيز التقنية، يعقوب كوتشوكال، على أن رفع معدلات الفوائد لا يكفي لكبح التضخم ما لم يقترن بمعالجة العجز الضخم في الميزانية، مشيراً إلى أنه يبلغ مستوى قياسياً عند 129.6 مليار ليرة (3.79 مليار دولار).

وأوضح أن وزير المال شيمشك «يقول إن هذا يعود إلى الإنفاق المرتبط بإعادة إعمار المناطق التي تضررت جراء زلزال فبراير (شباط) 2023»، في إشارة إلى الكارثة التي راح ضحيتها أكثر من 53 ألف شخص. وتابع: «لكن الثقب الأسود الفعلي يعود إلى عقود الشراكة المكلفة بين القطاعين العام والخاص»، في إشارة إلى عقود لتطوير البنى التحتية يقول منتقدوها إنها غالباً ما تؤول إلى شركات على صلة وثيقة بحكومة إردوغان.

وتشمل هذه العقود كلفة بناء وإدارة مختلف البنى التحتية من الطرق السريعة والجسور إلى المستشفيات والمطارات، وغالباً ما تكون مصحوبة بضمانات سخية مثل تعويضات حكومية إذا كان معدل استخدامها دون المتوقع. وشدد كوتشوكال على أنه «يجب أن نشكك بهذه العقود التي تشكّل عبئاً على الميزانية؛ لأن هذه التعويضات مرتبطة بالدولار أو باليورو».

وغالباً ما تنعكس إجراءات مكافحة التضخم سلباً على الأسر ذات الدخل المنخفض، علماً بأن الحد الأدنى للأجور لم يتم رفعه منذ يناير (كانون الثاني)، وفق كوتشوكال الذي أكد أن «القوة الشرائية لهؤلاء متدنية أساساً».

وتابع: «بغرض خفض الطلب، على هذه الإجراءات أن تستهدف المجموعات ذات الدخل الأعلى، لكن بالكاد يوجد ما يؤثر عليها».

إجراءات التقشف

من جهته، رأى يلدان أن «إجراءات التقشف» التي شملت على سبيل المثال إلغاء خدمات التنظيف في المدارس الرسمية، تضر بالفئات الأكثر حرماناً، وتعزز عدم المساواة، مشيراً إلى أنه من المحبذ فرض «ضريبة على الثروة، والتعاملات المالية وإيرادات العقار». لكنه لفت إلى صعوبة تحقيق ذلك نظراً إلى أن الحزب الحاكم يعوّل على دعم «شركات موالية للحكومة» فازت بعقود البنى التحتية.

ووفق دراسة أعدتها جامعة كوش، تتوقع الأسر أن يبلغ التضخم السنوي نسبة 94 في المائة بحلول نهاية العام الحالي، أي أعلى بكثير من توقعات المصرف المركزي.

ورأى شيمشان أن «ارتفاع الأسعار الذي تعانيه الطبقات المتوسطة والدنيا محزن للغاية؛ لأنه يشمل منتجات أساسية وخدمات مثل الغذاء والسكن والتعليم، حيث يبقى التضخم بالغ الارتفاع».

وأشار مراقبون إلى أن عدم اليقين بشأن المستقبل يساهم أيضاً في ارتفاع الأسعار؛ لأن التجار يحاولون أن يأخذوا في الاعتبار التكاليف المستقبلية. وقال يلدان: «التضخم بات هيكلياً ومستمراً في تركيا. في غياب إصلاحات هيكلية، سنكون عالقين في حلقة مفرغة كما كنا عليه في التسعينات».