الحكومة اليمنية متمسكة بإنهاء الانقلاب... وغريفيث يعلن زيارة الرياض وعدن قريباً

أعضاء الحكومة اليمنية يقرأون الفاتحة قبيل بدء أول اجتماع لهم في عدن (رويترز)
أعضاء الحكومة اليمنية يقرأون الفاتحة قبيل بدء أول اجتماع لهم في عدن (رويترز)
TT

الحكومة اليمنية متمسكة بإنهاء الانقلاب... وغريفيث يعلن زيارة الرياض وعدن قريباً

أعضاء الحكومة اليمنية يقرأون الفاتحة قبيل بدء أول اجتماع لهم في عدن (رويترز)
أعضاء الحكومة اليمنية يقرأون الفاتحة قبيل بدء أول اجتماع لهم في عدن (رويترز)

جددت الحكومة اليمنية الشرعية، أمس (الثلاثاء)، تمسكها بإنهاء انقلاب الميليشيات الحوثية، وحرصها على تحقيق سلام مستدام، بالتعاون مع المجتمع الدولي، وذلك بالتزامن مع إعلان مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث نيته التوجه إلى الرياض وعدن في سياق مساعيه لاستكمال مناقشة مسودة «الإعلان المشترك» التي يأمل أن توافق عليها الشرعية والجماعة الانقلابية.
وأفاد مكتب غريفيث، في بيان على موقعه الرسمي، بأن زيارة المبعوث الخاص ستكون أولاً إلى الرياض للقاء الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وكبار المسؤولين السعوديين، لينتقل بعدها إلى عدن للقاء رئيس الوزراء معين عبد الملك وأعضاء الحكومة اليمنية.
وأوضح البيان أن زيارة المبعوث الأممي «تأتي بعد تشكيل الحكومة الجديدة والهجوم الذي تعرّض له مطار عدن في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، والذي استهدف وزراء الحكومة وخلّف عدداً كبيراً من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين».
وفي حين يسعى غريفيث إلى مواصلة النقاش مع الأطراف حول مقترحه (الإعلان المشترك) الذي يتضمن وقفاً شاملاً لإطلاق النار وترتيبات اقتصادية وإنسانية؛ وصولاً إلى استئناف مشاورات الحل السياسي الشامل، تلقى مساعيه دعماً من الدوائر الغربية أملاً في تحقيق اختراق على طريق السلام في اليمن.
وتقول الحكومة اليمنية إنها تدعم الجهود الأممية لتحقيق السلام مع الميليشيات الحوثية ولكن على قاعدة المرجعيات الثلاث التي تشمل: المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرار مجلس الأمن «2216».
وليس واضحاً ما إذا كانت الجماعة الحوثية ستوافق في النهاية على مقترح المبعوث الأممي؛ خصوصاً بالنظر إلى سجلها خلال السنوات الماضية في إفشال المساعي الأممية وتنصلها من أي تفاهمات، إلى جانب تصعيدها الميداني المستمر وتكثيف الهجمات على مأرب، وانتهاء بمحاولة اغتيال الحكومة الشرعية في الهجوم الصاروخي على عدن.
في هذا السياق، ذكرت المصادر الرسمية أن وزير الخارجية وشؤون المغتربين في الحكومة الشرعية الدكتور أحمد عوض بن مبارك، استعرض (الثلاثاء)، عبر تقنية الاتصال المرئي، مع سفير المملكة المتحدة لدى اليمن مايكل آرون، الجهود المبذولة لتحقيق السلام الدائم والشامل في اليمن ورؤية الحكومة لتعزيز تلك الجهود.
ونقلت وكالة «سبأ» أن بن مبارك أشار خلال الاجتماع «إلى الهجوم الإرهابي الغادر على مطار عدن الدولي الذي استهدف حكومة الكفاءات السياسية أثناء وصولها للمطار»، لافتاً إلى أن «الهجوم الذي تقف خلفه ميليشيا الحوثي المدعومة إيرانياً يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن الميليشيا تسعى لإطالة أمد الحرب غير آبهة بالتداعيات».
وقال بن مبارك إن «ذلك الهجوم؛ الذي ستعمل الحكومة على معاقبة مرتكبيه، لن يثنيها عن هدفها الأساسي في إنهاء الانقلاب وتحقيق السلام»، مؤكداً أن الحكومة «ستظل شريكاً فاعلاً للمجتمع الدولي لتحقيق سلام مستدام ينهي معاناة اليمنيين وآلامهم».
ونسبت المصادر الرسمية إلى السفير البريطاني مايكل آرون أنه عبر «عن تعازيه لسقوط ضحايا في الهجوم على مطار عدن، ووصف الهجوم بالإجرامي».
إلى ذلك، عقد بن مبارك لقاءً آخر عبر تقنية الاتصال المرئي، مع سفير مملكة هولندا لدى بلاده بيتر ديرك هوف، وبحث معه سبل تعزيز وتطوير العلاقات في مختلف المجالات.
وذكرت المصادر أن وزير الخارجية اليمني استعرض مع السفير الهولندي «تفاصيل الهجوم الإرهابي على مطار عدن الدولي الذي راح ضحيته مواطنون أبرياء وصحافيون ومسؤولون حكوميون وخمسة من العاملين في المجال الإنساني».
وعلى مدى الأيام الماضية، أجرت وزارة الخارجية اليمنية اتصالات مع سفراء عدد من الدول في سياق توضيح موقفها من مساعي السلام وخطط الحكومة لتطبيع الأوضاع في المناطق المحررة بعد عودتها إلى العاصمة المؤقتة عدن.
ومن المقرر أن تشهد الأيام المقبلة قيام الحكومة بإعداد برنامج عملها الذي ستركز فيه على رؤيتها لإنقاذ الاقتصاد وحماية سعر العملة من التدهور، إلى جانب الخطط المتعلقة بالتنمية وإعادة بناء المؤسسات وتحسين الخدمات، إضافة إلى ما يتعلق بالخطط المتعلقة بحشد الجهود لمواجهة الانقلاب الحوثي سياسياً وعسكرياً.


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.