منوتشين يوقّع اليوم اتفاقية القرض الجسري مع السودان

وزير الخزانة الأميركي إلى الخرطوم للقاء البرهان وحمدوك

وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين (رويترز)
وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين (رويترز)
TT

منوتشين يوقّع اليوم اتفاقية القرض الجسري مع السودان

وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين (رويترز)
وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين (رويترز)

يصل وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين، إلى الخرطوم اليوم في زيارة تستغرق يوماً واحداً، ويوقّع مع الحكومة السودانية على «القرض الجسري»، لمساعدة السودان في سداد ديونه للبنك الدولي.
وقالت مديرة إدارة الشؤون الأميركية بوزارة الخارجية السودانية، السفيرة مها أيوب، في تصريح لــ««وكالة السودان للأنباء» إن المسؤول الأميركي سيعقد لقاءات، مع رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك، وعدد من المسؤولين بالحكومة. وحسب مصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط» فإن وزير الخزانة الأميركي سيوقّع مع الحكومة السودانية القرض الجسري للبنك الدولي.
ومنذ الإطاحة بنظام الرئيس المعزول عمر البشير، تتالت زيارات كبار المسؤولين الأميركيين إلى السودان، على رأسهم وزير الخارجية مايك بومبيو، ووزير الخزانة ومسؤول الشؤون الأفريقية في الخارجية تيبور ناجين، وستصل غداً رئيسة بنك الاستيراد والتصدير الأميركي كيمبرلي ريد، برفقتها وفد عالٍ، ومن المقرر أن تناقش عودة السودان إلى النظام المصرفي العالمي.
وأضافت السفيرة مها أيوب أن اللقاءات ستناقش الوضع الاقتصادي والمساعدات التي ستقدمها أميركا للسودان، وبحث إعفاء الديون الخارجية للسودان، وعدداً من القضايا الثنائية المشتركة.
وتأتي زيارة وزير الخزانة للسودان في إطار جولة في منطقة الشرق الأوسط تشمل زيارة عدد من دول المنطقة.
من ناحية أخرى، رحبت الخارجية السودانية بإقرار الكونغرس الأميركي قانون الانتقال الديمقراطي في البلاد.
وعبّرت في بيان أمس، عن أملها أن يسهم تطبيق القانون في تحقيق دعم الانتقال والمساعدة في تعزيز سلطة القانون وحقوق الإنسان والحكم الديمقراطي. وأشارت إلى أن القانون يتضمن برامج لتحفيز النمو الاقتصادي وإسناد السلام والاستقرار، يلتفّ حوله السودانيون، بكل قواهم الاجتماعية ومنطلقاتهم السياسية، لتحقيق تطلعاتهم وتأكيد خياراتهم.
وفي منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، منحت واشنطن البنك الدولي، قرضاً بقيمة مليار دولار للمساعدة في سداد متأخرات ديون السودان. وستتيح اتفاقية «القرض الجسري» للسودان الحصول على تمويل من مؤسسة التنمية التابعة للبنك الدولي، يُنعش الاقتصاد السوداني المتعثر، حسبما أعلنت عن ذلك وزارة المالية.
ويمهد رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب للحصول على 1.5 مليار دولار سنوياً مساعدات تنموية من مبادرة لدعم الدول الفقيرة المثقلة بالديون.
وأقر الكونغرس الأميركي، مطلع يناير (كانون الثاني) الحالي، مشروع قانون يدعم الانتقال الديمقراطي في السودان، يتضمن إصلاحات للقطاع العسكري والأمني في البلاد من الحكومة السودانية. ويتطلب المشروع تقديم استراتيجية تفصل الدعم الأميركي لعملية انتقالية نحو حكومة مدنية، وتقديم مساعدات تسهل عملية الانتقال السياسي، إلى جانب دعم البرامج الهادفة إلى تقديم النمو الاقتصادي. ويشدد المشروع الرقابة المدنية للشركات والأموال بحوزة الأجهزة الأمنية والعسكرية، وأيلولتها بالكامل لوزارة المالية، كما يشدد على المساءلة والشفافية في إدارة الأموال.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.