تلقى ناشطون بالحراك الشعبي في الجزائر، المتوقف بسبب جائحة كورونا، باستياء بالغ استدعاء 32 متظاهراً إلى القضاء للرد على تهمة «التجمهر غير المسلح بما يعرَض حياة الأشخاص للخطر»، بينما تم نقل ثلاثة آخرين، أمس، من السجن إلى مستشفى خارجي، بسبب تدهور حالتهم الصحية، وهم: «شاعر الحراك المشهور، محمد تاجديت، الذي أدانه القضاء بالسجن بسبب أشعار هاجم فيها الرئيس والجيش، والناشطان الشابان عبد الحق بن رحماني، ونور الدين خيمود».
واستنكر البرلماني السابق، جمال فرج الله، في تصريحات لصحافيين استدعاء ابنه للمثول أمام القاضي بمحكمة الجنح ببجاية (250 كلم شرق العاصمة)، في السابع من الشهر الجاري، رفقة 31 شخصاً، وذلك بسبب مظاهرات نظموها خلال الأسابيع الماضية في الساحات العامة لمدينة بجاية، للمطالبة بإطلاق سراح أكثر من 90 ناشطاً ومعتقل رأي من كل الولايات. وتتعامل السلطات بحدة مع محاولات ناشطين، وخاصة طلاب الجامعات، إعادة الحراك إلى الشارع بعد تعليقه من طرف أعضائه قبل 10 أشهر، تماشياً مع إجراءات الحكومة للوقاية من فيروس كورونا. وينص دستور البلاد على أن المظاهرات متاحة لجميع الجزائريين، بشرط ألا تنحو إلى العنف. واللافت أن السلطات غضت الطرف عن خروج جماعي لمئات الأشخاص ببعض المدن للاحتفال بعودة الرئيس، عبد المجيد تبون، يوم 29 من الشهر الماضي من ألمانيا، حيث قضى شهرين للعلاج من إصابته بكورونا. لكنها ترفض في المقابل، وبشدة تنظيم احتجاجات ضد سياستها، وتم اتهام العشرات من المحتجين بـ«المس بالوحدة الوطنية»، و«تعريض حياة الغير للخطر»، بسبب ذلك. ونشرت «اللجنة الوطنية للإفراج عن معتقلي الحراك»، أمس، لائحة تتضمن أسماء 90 سجيناً، غالبيتهم في الحبس الاحتياطي ينتظرون المحاكمة. وتم اتهام هؤلاء بسبب منشورات بشبكة التواصل الاجتماعي، عدّتها الحكومة مسيئة للرئيس، وبعضها مسيء للجيش وقياداته.
وأدانت محكمة أول من أمس الناشط العشريني وليد كشيدة بالسجن ثلاث سنوات مع التنفيذ، على أساس نشر رسوم ساخرة اعتبرتها النيابة «مهينة لرموز الدولة وللدين الإسلامي». وأمس أعلنت عائلة «شاعر الحراك»، محمد تاجديت عن نقله من سجنه إلى المستشفى، إثر تدهور حالته الصحية بسبب إضرابه عن الطعام، احتجاجاً على «سجنه تعسفاً».
واستبشر الناشطون السياسيون والحقوقيون خيراً، بعد تبرئة الشخصيات البارزة في نظام الرئيس المعزول عبد العزيز بوتفليقة، وفي مقدمتهم أخوه سعيد بوتفليقة، ومديري الاستخبارات سابقاً محمد مدين، وعثمان طرطاق، ورئيسة «حزب العمال» لويزة حنون، السبت الماضي، من تهمة «التآمر على الجيش». وتوقعوا رفع التهم، وإلغاء المتابعة بحق كل معتقلي الرأي، طالما أن قضاياهم أبسط بكثير، والتهم أقل خطورة. لكن استدعاء 32 ناشطا للمحاكمة ببجاية، وإدانة وليد كشيدة بالسجن خلف اعتقاداً بأن السلطة ماضية في قبضتها الحديدية مع معارضيها.
وصرح المحامي المدافع عن معتقلي الرأي، طارق مرَاح، لـ«الشرق الأوسط» أمس بأن الوضع العام «مربك بالنسبة للسلطة التي وجدت نفسها في حرج، فلو تتم تبرئة معتقلي الرأي من التهم فإن الرئيس سيبدو مغلوباً على أمره». ويوجد في السجن أيضاً 3 أشخاص بارزين، وهم الصحافي خالد درارني، مراقب منظمة «مراسلون بلا حدود»، الذي أدانته محكمة الاستئناف بالسجن عامين مع التنفيذ، بسبب تغطياته لمظاهرات الحراك، وهو في السجن منذ 10 أشهر، واللواء المتقاعد علي غديري، المسجون على ذمة التحقيق منذ أشهر طويلة، وهو متهم بـ«إضعاف معنويات الجيش»، وتتعلق التهمة بتصريحات له حول «إصلاح المؤسسة العسكرية». إضافة إلى الناشط المعارض رشيد نكاز، المتهم بـ«عرقلة تنظيم الانتخابات الرئاسية»، التي نظمت نهاية 2019.
السلطات الجزائرية تشدّد قبضتها ضد النشطاء المعارضين
السلطات الجزائرية تشدّد قبضتها ضد النشطاء المعارضين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة