رئيس الأركان الإسرائيلي يلغي مشاركته في ملتقى الناتو خوفا من تدهور أمني

الإسرائيليون يتوقعون ردا حتميا من حزب الله على عملية القنيطرة

رئيس الأركان الإسرائيلي يلغي مشاركته في ملتقى الناتو خوفا من تدهور أمني
TT

رئيس الأركان الإسرائيلي يلغي مشاركته في ملتقى الناتو خوفا من تدهور أمني

رئيس الأركان الإسرائيلي يلغي مشاركته في ملتقى الناتو خوفا من تدهور أمني

قررت إسرائيل إلغاء جميع رحلات الجنرال بيني غانتس، رئيس الأركان، واللواء أمير إيشل، قائد سلاح الجو، المقررة إلى الخارج، وذلك بسبب أخطار التدهور الأمني في الشمال، نتيجة عملية القنيطرة، التي نفذت الأحد الماضي وقتل فيها جنرال إيراني، بالإضافة إلى جهاد مغنية و10 مسؤولين آخرين. وبناء على ذلك ألغى غانتس مشاركته في مؤتمر قادة جيوش حلف شمال الأطلسي، بينما ألغى الجنرال إيشيل في وقت سابق من هذا الأسبوع رحلة عمل أخرى في الخارج، رفض الإفصاح عن تفاصيلها.
ويؤكد هذا القرار مدى الشعور بالتوتر الشديد في المنطقة، والتوقع بتدهور أمني جديد، خاصة أن الإسرائيليين يتوقعون ردا حتميا من حزب الله والحرس الثوري الإيراني على عملية القنيطرة. ومن علامات هذا التوتر ما حدث مساء أول من أمس، عندما أعلن الجيش «حالة تأهب قصوى» (درجة واحدة أقل من حالة تأهب حربي) في بلدة ريخس راميم، الواقعة على الحدود اللبنانية، وذلك بعد مشاهدة عدة أشخاص وراء السياج، فاعتقدت القوات الإسرائيلية أنهم مجموعة من جند حزب الله تنوي التسلل إلى إسرائيل، وكنتيجة لذلك تم استدعاء قوات التأهب في البلدات الحدودية، وإغلاق غالبية الطرق في المنطقة أمام حركة المرور، وطولب السكان بالبقاء داخل بيوتهم. لكن بعد نحو ساعة تبين أن الأشخاص اختفوا ولا يوجد أي خطر على البلدات، فأمر الجيش بالعودة إلى الروتين.
وعلى ضوء التوتر السائد في المنطقة، واصل الجيش تعزيز قواته، سواء من خلال نصب بطاريات القبة الحديدية، أو زيادة أسلحة المدفعية وقوات المشاة، وحشد مئات الدبابات. كما قرر الجيش رفع حالة التأهب في سلاح الجو وتقليص فترة رد الطائرات المقاتلة. كما تجري قيادة الجيش منذ مطلع الأسبوع تقييمات كثيرة للأوضاع. وفي هذا الإطار وصل غانتس إلى مقر قيادة الشمال لسماع تقييم حول الأوضاع، وإمكانية حدوث تصعيد في المنطقة، وسبل رد حزب الله على عملية الاغتيال، خاصة بعد أن نشرت الولايات المتحدة تحذيرا لرعاياها في إسرائيل من الوصول إلى مسافة 2.5 كلم من الحدود اللبنانية والسورية.
وذكرت صحيفة «هآرتس»، أمس، أن أحد التقديرات العسكرية هو أن حزب الله سيسعى لقصف مكان لتجمع الجنود، ولذلك أعطيت أوامر صارمة بالتقليل من عدد الجنود في أي مكان. وقال مسؤول للصحيفة، إن «حزب الله وإيران يرغبان في رؤية الكثير من الدم، وفي إسرائيل يتكهنون بأنهما يخططان لعملية وحشية بشكل خاص. ويسود التقدير حاليا بأنهما سيوجهان العملية ضد رجال الجيش بهدف جباية ثمن مؤلم من إسرائيل، يشمل أكبر عدد من القتلى والجرحى، وبالتالي تنفيذ العقاب والانتقام وتلقين إسرائيل درسا كي ترتدع. لقد أوقعتهما عملية الاغتيال يوم الأحد الماضي في وضع لا مفر منه. حزب الله وسوريا ينظران نحو الراعي الإيراني وترغبان برؤية ما الذي يجيد عمله عندما تهينه إسرائيل على الملأ. ونقطة الانطلاق هي أنهم سيبحثون عن تجمع للجنود».
من جهة ثانية، يتضح أن السلطات في إسرائيل ليست موحدة في الموقف من إيران ومشروعها النووي، حيث كشفت وكالة «بلومبيرغ» الإخبارية الأميركية، أن مسؤولين في الموساد بعثوا برسالة إلى المشرعين الأميركيين، وإلى جهات أميركية رسمية، يؤكدون فيها أن فرض عقوبات على إيران سيمس بالمفاوضات بشأن البرنامج النووي الإيراني، وذلك خلافا لموقف رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو. واقتبس وزير الخارجية الأميركية جون كيري، أقوال مسؤول استخباري إسرائيلي جاء فيها، أن فرض عقوبات جديدة على إيران سيكون بمثابة «إلقاء قنبلة إلى داخل عملية المفاوضات».
الجدير ذكره، أن رئيس الموساد أصدر بيانا نفى فيه أن يكون على خلاف مع الحكومة في الموضوع الإيراني. ولكنه قال في صلب البيان، إن رئيس الموساد قال لوفد من البرلمانيين الأميركيين الأسبوع الماضي، إنه يرى أن العقوبات الحالية جيدة وتؤثر كثيرا على الإيرانيين، ولولاها لما حضروا للتفاوض مع الغرب. كما قال: «إن سن قانون في أميركا ضد استمرار المفاوضات سيؤدي إلى انهيار المفاوضات بشكل تام».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.