أفلاطون في صقلية... تحويل الملك إلى فيلسوف

مرّ بسلسلة من الثورات العنيفة التي وصلت إلى ذروتها في إعدام معلمه سقراط

أفلاطون
أفلاطون
TT

أفلاطون في صقلية... تحويل الملك إلى فيلسوف

أفلاطون
أفلاطون

كان أفلاطون يناهز الأربعين عام 388 ق.م. كان قد شهد انقلاباً أقلوياً، استعادة ديمقراطية للسلطة، وإعدام معلمه المحبوب سقراط على يد محلفين من مواطني أثينا التي ينتمي إليها. فكر أفلاطون في شبابه بالدخول في عالم السياسة الأثينية المضطرب، لكنه قرر أن إصلاحاته لدستور المدينية وممارساتها التربوية كانت بعيدة جداً عن احتمالات التطبيق. بدلاً من ذلك، كرس نفسه للمسار الفلسفي، ولكنه احتفظ باهتمام أساسي بالسياسة، مطوراً في نهاية الأمر ما يمكن اعتباره أشهر مقولاته: أن العدالة السياسية والسعادة البشرية تتطلبان من الملوك أن يكونوا فلاسفة أو من الفلاسفة أن يكونوا ملوكاً. باقترابه من الأربعين، زار أفلاطون مدينة ميغارا اليونانية، ومصر، وقوريني (شحات في ليبيا)، وجنوب إيطاليا، والأكثر أهمية بينها، سرقسطة التي تتحدث اليونانية على جزيرة صقلية.
في سرقسطة التقى أفلاطون شاباً قوياً ذا توجه فلسفي اسمه دايون، وهو نسيب ديكتاتور سرقسطة، مجنون العظمة، المتهتك دايونيسيوس الأول. سيصبح دايون صديقاً دائماً لأفلاطون يتبادل معه الرسائل. وأدت تلك العلاقة إلى إدخال أفلاطون في البلاط الخاص للسياسة السرقسطية، وهناك قرر أن يختبر نظريته حول ما إذا كان الملوك يمكنهم أن يصيروا فلاسفة - أو الفلاسفة ملوكاً - لتزدهر العدالة والسعادة معاً أخيراً.
كانت لسرقسطة شهرة بوصفها مرتعاً للفساد والفجور، وكان أن اصطدمت قناعة أفلاطون بواقع الحياة السياسية في صقلية. كان البلاط في سرقسطة ممتلئاً بالشكوك والعنف والولع بالملذات، وكان دايونيسيوس الأول مهووساً بالخوف من أن يتم اغتياله، لذا رفض أن يُقص شعره بسكين وأمر أن يُحرق بالفحم. كان يجبر زواره - حتى ابنه دايونيسيوس الثاني وأخاه ليبتينيس - بأن يثبتوا أنهم غير مسلحين بأن تتم تعريتهم ويُفحصوا ويغيروا ملابسهم. لقد ذبح ضابطاً لأن الضابط حلم بقتله، وقتل جندياً لأنه أعطى ليبتينيس رمحاً ليرسم خريطة على التراب. لم يكن ذلك مرشحاً للقب الفيلسوف - الملك.
ولم تنجح خطة أفلاطون. لقد أغضب دايونيسيوس الأول بنقده الفلسفي لهيمنة البحث عن الملذات في بلاط سرقسطة، حين جادل في أنه بدلاً من الحفلات الماجنة والخمر على المرء أن يبحث عن العدالة والاعتدال ليحقق السعادة الحقيقية. مهما كانت حياة المستبد مترفة سيظل عبداً لرغباته طالما هيمن عليه البحث الدائم عن المتع الحسية. قال أفلاطون للطاغية معلماً أن العكس صحيح: الإنسان المستعبد لشخص آخر يمكن أن يحتفظ بالسعادة إن هو امتلك روحاً عادلة ومتزنة. ثم انتهت زيارة أفلاطون إلى صقلية بمفارقة كئيبة: باع دايونيسيوس الأول أفلاطون للعبودية. بدا له أنه إن كان اعتقاد أفلاطون صحيحاً فإن بيعه ليكون عبداً لن يكون ذا أهمية طالما، بتعبير كاتب السير اليوناني بلوتارخ، «أنه لن يرى في ذلك أذى، لكونه الإنسان نفسه الذي كانه من قبل؛ سيستمتع بالسعادة وإن فقد حريته».
لحسن الحظ أن أصدقاء أفلاطون افتدوه بسرعة، فعاد إلى أثينا ليؤسس الأكاديمية التي أنتج فيها على الأرجح العديد من أعظم أعماله، ومنها «الجمهورية» و«المأدبة». لكن تدخلاته في سياسة صقلية لم تتوقف. عاد إلى سرقسطة مرتين محاولاً في رحلتيه أن يؤثر في عقل وشخصية دايونيسيوس الثاني بإلحاح من دايون.
هذه الأحداث الثلاثة غائبة بصفة عامة عن فهمنا لفلسفة أفلاطون أو مرفوضة بوصفها اختراعات شاردة لكتّاب سيرته المتأخرين. لكن ذلك خطأ ناتج عن تجاهل الأهمية الفلسفية لرحلات أفلاطون الإيطالية. إن رحلاته إلى صقلية، في حقيقة الأمر، تكشف أن المعرفة الفلسفية تتضمن ممارسة، تظهر ما تملكه الصداقة من قوة هائلة في حياة أفلاطون وفلسفته، وتوحي بأن أطروحة الملك - الفيلسوف عند أفلاطون ليست وهمية بقدر ما هي غير مكتملة.
تعبر عن هذه الأحداث الحاسمة وعلى نحو مقنع رسالةُ أفلاطون السابعة والمهملة غالباً. لقد كانت تلك الرسالة لغزاً للباحثين ابتداء على الأقل بفقهاء اللغة الألمان في القرن التاسع عشر. ولئن قَبلت بصحتها النسبة الكبرى من الباحثين، فإن القلة منحت نظرية الفعل السياسي فيها مكانة بارزة في تحليل فلسفة أفلاطون. بل إن بعض الباحثين، على مدى العقود الثلاثة الأخيرة، قاموا بمحوها من المعتمد الأفلاطوني، فأشارت أحدث تعليقات أكسفورد إليها بوصفها «الرسالة السابعة المزيفة لأفلاطون» (2015). إن لكل عصر أفلاطونه الخاص به، وبالنظر إلى النزوع إلى الصمت والبعد عن السياسة لدى العديد من الأكاديميين يتضح السبب في إهمال الأكاديميين المعاصرين في الغالب مناقشة ممارسات أفلاطون السياسية. ومع ذلك فإن معظم الباحثين - حتى أولئك الذين يودون لو كانت الرسالة مزيفة - وجدوها صحيحة استناداً إلى دلائل تاريخية وأسلوبية. لو عدنا إلى حكاية الرحلات الإيطالية التي قام بها أفلاطون، والتي يتحدث عنها الفيلسوف نفسه في الرسالة السابعة، سيمكننا أن نعيد إلى الحياة أفلاطون التاريخي الذي خاطر بحياته لكي يجمع الفلسفة والقوة. في حين تركز الرسالة السابعة على قصة الرحلات الثلاث التي قام بها أفلاطون إلى سرقسطة، فإنها تبدأ بعرض موجز لحياته المبكرة. مثل معظم أعضاء النخبة الأثينية، كان طموحه أن يدخل السياسة والحياة العامة. في عشريناته، مر أفلاطون بسلسلة من الثورات العنيفة التي وصلت إلى ذروتها في استعادة الديمقراطية وإعدام معلمه سقراط عام 399 ق.م. كتب أفلاطون: «في حين كنت ممتلئاً بالحماسة للحياة العامة، فإنني حين لاحظت هذه التغيرات ورأيت كيف كان كل شيء متقلباً، أصابني الدوار الكامل في النهاية». توصل إلى أن الوقت كان أكثر فوضوية من أن يسمح بالعمل المفيد، لكنه لم يتخلَّ عن رغبته في التدخل بالحياة السياسية. كان، بتعبيره، «ينتظر الوقت المناسب». وكان أيضاً ينتظر الأصدقاء المناسبين.
إن منتقدي أفلاطون ودايون يفهمون الفلسفة فقط من زاوية أداتية - من حيث هي وسيلة إلى تحقيق التأثير السياسي في النهاية. افترضوا أن القوة هي الخير الأعلى الذي يمكن للإنسان تحقيقه. كانوا بذلك يمهدون لدعوى توماس هوبز في كتابه «الوحش» (ليفاياثَن، 1651) أن البشر يمتلكون «رغبة دائمة لا تهدأ في امتلاك القوة سعياً إلى السلطة، رغبة لا تهدأ إلا بالموت». ولكن بالنسبة لأفلاطون، ليست القوة هدفاً وإنما الوسيلة الكامنة لخير أسمى. كما يتضح من أمثولة الكهف في «الجمهورية»، يسحر الفلاسفة جمالُ الأشكال: يريدون أن يبقوا في مملكة الديمومة والكينونة الخالصة التي يجدونها في العالم الأعلى. يجب دفعهم للعودة إلى ظلام الكهف وظلاله؛ لا لأنها سترفع من درجة متعتهم الفردية إلى أقصاها، وإنما لأنها ترفع من شأن المدينة ككل. غير أن موظفي بلاط سرقسطة كسبوا المعركة. بعد إقامة أفلاطون بأربعة أيام اتهم دايونيسيوس الثاني دايون بـ«التخطيط ضد الاستبداد» ونفاه. أمضى دايونيسيوس الثاني الوقت محاولاً كسب إعجاب أفلاطون، لكنه فشل في إيقاظ أي رغبة لديه في الفلسفة. بتعبير أفلاطون نفسه:
«تحملت كل هذا، متمسكاً بالهدف الأصلي الذي جئت من أجله، متأملاً أن يرغب على نحو ما في الحياة الفلسفية؛ لكن مقاومته لها كانت أقوى مني. لقد هبط الفيلسوف إلى عالم الظلال، بينما لم يصعد المستبد إلى الضوء».
قام أفلاطون برحلته الأخيرة إلى صقلية حين كان في السبعين من عمره. اضطرته فلسفته مرة أخرى إلى فعل شيء. كانت لديه فرصة لمساعدة دايون الذي كان دايونيسيوس الثاني قد نفاه، ولربما احتفظ بالأمل في أن رغبة الملك في الفلسفة ستستيقظ. جاءت الدعوة هذه المرة من أرخيتاس التارينتي، فيلسوف جنوب إيطاليا. وإن من المدهش أن أفلاطون، بعد حياة مليئة بالمصاعب في سرقسطة، أبحر مرة أخرى إلى صقلية، مواجهاً مخاطر البحر والقراصنة، واحتل مكانه في بلاط دايونيسيوس الثاني. ظل الملك مذهولاً بهالة الفلسفة، بل إنه كتب عن أفكار أفلاطون الفلسفية (وإن امتلأت كتابته بسوء الفهم والسرقة).
لكي يتأكد عما إذا كان دايونيسيوس الثاني مهيأً للنهوض بممارسة الفلسفة، اختبره أفلاطون بتأكيد ما تنطوي عليه الفلسفة الحقيقية من صعوبة حادة وتغيير في أسلوب الحياة:
«أولئك البعيدون عن أن يكونوا فلاسفة حقيقيين وليس لديهم سوى غطاء من الأفكار، مثل الرجال الذين تلوّح الشمس أجسادهم، عندما يرون كثرة ما يتطلبه طلب المعرفة، وكم عليهم أن يبذلوا من جهد عظيم، وتنظيم لحياتهم اليومية، ليتناسب مع الهدف الذي يسعون إليه، سيستنتجون أن المهمة صعبة؛ وهي كذلك لأنهم ليسوا مهيئين لذلك المسار». فشل دايونيسيوس الثاني في نهاية المطاف لأنه أراد أن يحول الفلسفة إلى أداة لتكون وسيلة أخرى للسلطة. لقد تأسس اختبار أفلاطون على إيمانه المتواصل بممارسة الفلسفة - وليس استعمالها - وهي مسار يقتضي التخلي عن المتع الحسية والسلطة من أجلها. يصف أفلاطون هذا المسار بالتفصيل:
«فقط حين... تحتك الأسماء والتعريفات والتصورات المرئية وغيرها وتُختبر في تداخلاتها، ويطرح التلميذ والمعلم أسئلة وإجابات بنية طيبة وبلا حسد، فقط عندئذٍ، حين يكون العقل والمعرفة النهايتين القصويين للجهد الإنساني، يمكن لهما أن يضيئا طبيعة الموضوع».
هنا مرة أخرى تكون المقابلة بين أفلاطون وهوبز مفيدة. فبينما يرى هوبز سوء النية و«الحسد» سمتين للطبيعة البشرية لا يمكن التخلص منهما، يرى أفلاطون أن إزالتهما شرط مسبق لممارسة الفلسفة ومن ثم للازدهار البشري.
هكذا لم يتحول دايونيسيوس الثاني إلى فيلسوف، ومات دايون في صراع أهلي دمر سرقسطة في نهاية المطاف. رغبة دايونيسيوس في تحويل الفلسفة إلى أداة جعلته يبحث عن المعرفة بوصفها مظهراً احتفالياً وأداة للهيمنة. لكنه تراجع حين طالبه الفيلسوف بدلاً من ذلك بتغيير كلي لحياته.
في نهاية الأمر، انسجمت المواجهات بين الفيلسوف والملك في صقلية مع المشهد المجازي للكهف في «الجمهورية»: دايونيسيوس الثاني يسعى للصعود من ظلال السياسة إلى ضوء الفلسفة بينما يسير أفلاطون في الاتجاه المعاكس، هابطاً من وضوح الفلسفة إلى ظلال السياسة. القول إن أفلاطون «فشل» في هداية دايونيسيوس الثاني إلى الفلسفة قول مضلل. ربما يكون من المنطقي أكثر أن نلاحظ أن الملك نفسه فشل، لكن حتى هذا يفرض على إرث العصور القديمة مفهوماً فردانياً لتشكل الشخصية. لم تكن شخصية دايونيسيوس الثاني مما صنعه هو؛ لقد شكله تعليمُه البسيط، حياته الباذخة والطبيعة المرتزقية للمحيطين به. إلقاء اللوم على أفلاطون لعدم تمكنه بصورة عجائبية من إلغاء كل ذلك التأثير أشبه بلوم المظلة الشمسية لأنها لم تعمل كالباراشوت. ما كان أساسياً بالنسبة لأفلاطون لم يكن تحقيق هدفه السياسي، وإنما ممارسته لفلسفته الحقيقية...
ربما يكون السبب الرئيسي بالنسبة لأفلاطون في أن الفلاسفة يجب أن يكونوا ملوكاً هو أنهم يستطيعون التأثير في طبيعة التعليم. بعض مقترحات أفلاطون حول كيفية عمل ذلك في «الجمهورية» ليست مقنعة (كما في فكرة تجريد الأطفال من معرفة والديهم لكي يكون الصغار أكثر مرونة). لكن التعليم بوصفه استثماراً للروح وممارسة للفلسفة، التي تتضمن القدرة على جعل ما يسميه هوبز «رغبة فردانية في القوة» ثانوية بالنسبة للمسعى الاجتماعي نحو العدالة، يظل ذلك هدفاً ضرورياً وملحاً.
في «ولادة المأساة» (1872) يعلن فريدريك نيتشه: «المعرفة تقتل الفعل؛ الفعل يستدعي حجاب الوهم». ما زلنا نعيش تحت ظلال هذا الاعتقاد. عصرنا المتطرف في فردانيته وتخصصه يجيز الفصل بين المعرفة والقوة، حيث يتبع الأكاديميون أحدهما ويمارس السياسيون الآخر. رسالة أفلاطون السابعة تقدم رؤية مختلفة باستدعاء العلاقة الحميمة والضرورية بين الفلسفة والسياسة، المجمتع والعدالة، الصداقة والمعرفة. فوق ذلك تعلمنا أن الفعل يتطلب المعرفة، والمعرفة الفعل.

*روميو (أستاذ الفلسفة في كلية إيراسموس) وتيكوزبيري (طالب دراسات عليا في الكلاسيكيات في جامعة ستانفورد)
موقع «آيون» (Aeon)



إسرائيل ستشارك في «يوروفيجن 2026»

المغنية الإسرائيلية إيدن جولان الممثلة لبلدها على خشبة المسرح خلال التدريبات قبل الجولة النهائية لمسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن) لعام 2024 في مالمو بالسويد يوم 10 مايو 2024 (رويترز)
المغنية الإسرائيلية إيدن جولان الممثلة لبلدها على خشبة المسرح خلال التدريبات قبل الجولة النهائية لمسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن) لعام 2024 في مالمو بالسويد يوم 10 مايو 2024 (رويترز)
TT

إسرائيل ستشارك في «يوروفيجن 2026»

المغنية الإسرائيلية إيدن جولان الممثلة لبلدها على خشبة المسرح خلال التدريبات قبل الجولة النهائية لمسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن) لعام 2024 في مالمو بالسويد يوم 10 مايو 2024 (رويترز)
المغنية الإسرائيلية إيدن جولان الممثلة لبلدها على خشبة المسرح خلال التدريبات قبل الجولة النهائية لمسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن) لعام 2024 في مالمو بالسويد يوم 10 مايو 2024 (رويترز)

قال مصدران في دولتين من أعضاء اتحاد البث الأوروبي، لوكالة «رويترز»، إن إسرائيل ستتمكن من المشاركة في مسابقة «يوروفيجن» 2026، بعد أن قرر أعضاء الاتحاد، اليوم (الخميس)، عدم الدعوة إلى التصويت بشأن مشاركتها، رغم تهديدات بمقاطعة المسابقة من بعض الدول.

وذكر المصدران أن الأعضاء صوتوا بأغلبية ساحقة لدعم القواعد الجديدة التي تهدف إلى ثني الحكومات والجهات الخارجية عن الترويج بشكل غير متكافئ للأغاني للتأثير على الأصوات، بعد اتهامات بأن إسرائيل عززت مشاركتها هذا العام بشكل غير عادل.

انسحاب 4 دول

وأفادت هيئة البث الهولندية (أفروتروس)، اليوم (الخميس)، بأن هولندا ستقاطع مسابقة «يوروفيجن» 2026؛ احتجاجاً على مشاركة إسرائيل.

وذكرت وكالة «أسوشييتد برس» أن إسبانيا انسحبت من مسابقة «يوروفيجن» للأغنية لعام 2026، بعدما أدت مشاركة إسرائيل إلى حدوث اضطراب في المسابقة.

كما ذكرت شبكة «آر تي إي» الآيرلندية أن آيرلندا لن تشارك في المسابقة العام المقبل أو تبثها، بعد أن قرر أعضاء اتحاد البث الأوروبي عدم الدعوة إلى تصويت على مشاركة إسرائيل.

وقال تلفزيون سلوفينيا الرسمي «آر تي في» إن البلاد لن تشارك في مسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن) لعام 2026، بعد أن رفض أعضاء اتحاد البث الأوروبي اليوم (الخميس) دعوة للتصويت على مشاركة إسرائيل.

وكانت سلوفينيا من بين الدول التي حذرت من أنها لن تشارك في المسابقة إذا شاركت إسرائيل، وفقاً لوكالة «رويترز».

وقالت رئيسة تلفزيون سلوفينيا الرسمي ناتاليا غورشاك: «رسالتنا هي: لن نشارك في مسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن) إذا شاركت إسرائيل. نيابة عن 20 ألف طفل سقطوا ضحايا في غزة».

وكانت هولندا وسلوفينيا وآيسلندا وآيرلندا وإسبانيا طالبت باستبعاد إسرائيل من المسابقة؛ بسبب الهجوم الذي تشنّه على المدنيين الفلسطينيين في غزة.

وتنفي إسرائيل استهداف المدنيين خلال هجومها، وتقول إنها تتعرض لتشويه صورتها في الخارج على نحو تعسفي.


صور الجمال وتجلياته في أدب الغرب

صور الجمال وتجلياته في أدب الغرب
TT

صور الجمال وتجلياته في أدب الغرب

صور الجمال وتجلياته في أدب الغرب

لم يكن الجمال بوجوهه المتغايرة مثار اهتمام الفلاسفة والعلماء وحدهم، بل بدت أطيافه الملغزة رفيقة الشعراء إلى قصائدهم، والفنانين إلى لوحاتهم والموسيقيين إلى معزوفاتهم، والعشاق إلى براري صباباتهم النائية. والأدل على تعلق البشرفي عصورهم القديمة بالجمال، هو أنهم جعلوا له آلهة خاصة به، ربطوها بالشهوة تارة وبالخصب تارة أخرى، وأقاموا لها النصُب والمعابد والتماثيل، وتوزعت أسماؤها بين أفروديت وفينوس وعشتروت وعشتار وغير ذلك.

وحيث كان الجمال ولا يزال، محلّ شغف الشعراء والمبدعين واهتمامهم الدائم، فقد انشغل به الأدب والفن الغربيان على نحو واسع، وكتبت عنه وفيه القصائد والمقطوعات والأغاني. كما تلمّسته النظرات الذاهلة للواقعين في أشراكه، بأسئلة ومقاربات ظلت معلقة أبداً على حبال الحيرة والقلق وانعدام اليقين. وقد بدا ذلك القلق واضحاً لدى الشاعر الروماني أوفيد الذي لم يكد يُظهر شيئاً من الحكمة والنضج، حين دعا في ديوانه «الغزليات» الشبان الوسيمين إلى أن «يبدعوا لأنفسهم روحاً مشرقة صيانةً لجمالهم»، حتى أوقعه الجمال المغوي بنماذجه المتعددة في بلبلة لم يعرف الخروج منها، فكتب يقول: «لا يوجد جمال محدد يثير عاطفتي، هنالك آلاف الأسباب تجعلني أعيش دائماً في الحب، سواء كنت أذوب حباً في تلك الفتاة الجميلة ذات العينين الخجولتين، أو تلك الفتاة اللعوب الأنيقة التي أولعتُ بها لأنها ليست ساذجة. إحداهن تخطو بخفة وأنا أقع في الحب مع خطوتها، والأخرى قاسية ولكنها تغدو رقيقة بلمسة حب».

على أن الجمال الذي يكون صاعقاً وبالغ السطوة على نفوس العاجزين عن امتلاكه، يفقد الكثيرمن تأثيراته ومفاعيله في حالة الامتلاك. ذلك أن امتناع المتخيل عن تأليف صورة الآخر المعشوق، تحرم هذا الأخير من بريقه الخلاب المتحالف مع «العمى»، وتتركه مساوياً لصورته المرئية على أرض الواقع. وفضلاً عن أن للجمال طابعه النسبي الذي يعتمد على طبيعة الرائي وثقافته وذائقته، فإن البعض يعملون على مراوغة مفاعيله المدمرة عن طريق ما يعرف بالهجوم الوقائي، كما هو شأن الشعراء الإباحيين، وصيادي العبث والمتع العابرة، فيما يدرب آخرون أنفسهم على الإشاحة بوجوههم عنه، تجنباً لمزالقه وأهواله. وهو ما عبر عنه الشاعر الإنجليزي جورج ويذر المعاصر لشكسبير، بقوله:

«هل عليّ أن أغرق في اليأس

أو أموت بسبب جمال امرأة

لتكن أجمل من النهار ومن براعم أيار المزهرة

فما عساني أبالي بجمالها إن لم تبدُ كذلك بالنسبة لي».

وإذ يعلن روجر سكروتون في كتابه «الجمال» أن على كل جمال طبيعي أن يحمل البصمة البصرية لجماعة من الجماعات، فإن الشاعر الإنجليزي الرومانسي وردسوورث يعلن من جهته أن علينا «التطلع إلى الطبيعة ليس كما في ساعة الشباب الطائشة، بل كي نستمع ملياً للصوت الساكن الحزين للإنسانية».

والأرجح أن هذا الصوت الساكن والحزين للجمال يعثر على ضالته في الملامح «الخريفية» الصامتة للأنوثة المهددة بالتلاشي، حيث النساء المعشوقات أقرب إلى النحول المرضي منهن إلى العافية والامتلاء. وقد بدوْن في الصور النمطية التي عكستها القصائد واللوحات الرومانسية، مشيحات بوجوههن الشاحبة عن ضجيج العصر الصناعي ودخانه السام، فيما نظراتهن الزائغة تحدق باتجاه المجهول. وإذا كان بعض الشعراء والفنانين قد رأوا في الجمال الساهم والشريد ما يتصادى مع تبرمه الشديد بالقيم المادية للعصر، وأشاد بعضهم الآخر بالجمال الغافي، الذي يشبه «سكون الحسن» عند المتنبي، فقد ذهب آخرون إلى التغني بالجمال الغارب للحبيبة المحتضرة أو الميتة، بوصفه رمزاً للسعادة الآفلة ولألق الحياة المتواري. وهو ما جسده إدغار آلان بو في وصفه لحبيبته المسجاة بالقول: «لا الملائكة في الجنة ولا الشياطين أسفل البحر، بمقدورهم أن يفرقوا بين روحي وروح الجميلة أنابيل لي، والقمر لا يشع أبداً دون أن يهيئ لي أحلاماً مناسبة عن الجميلة أنابيل لي، والنجوم لا ترتفع أبداً، دون أن أشعر بالعيون المتلألئة للجميلة أنابيل لي».

لكن المفهوم الرومانسي للجمال سرعان ما أخلى مكانه لمفاهيم أكثر تعقيداً، تمكنت من إزالة الحدود الفاصلة بينه وبين القبح، ورأت في هذا الأخير نوعاً من الجمال الذي يشع من وراء السطوح الظاهرة للأشياء والكائنات. إنه القبح الذي وصفه الفيلسوف الألماني فريدريك شليغل بقوله «القبح هو الغلبة التامة لما هو مميز ومتفرد ومثير للاهتمام. إنه غلبة البحث الذي لا يكتفي، ولا يرتوي من الجديد والمثير والمدهش». وقد انعكس هذا المفهوم على نحو واضح في أعمال بودلير وكتاباته، وبخاصة مجموعته «أزهار الشر» التي رأى فيها الكثيرون المنعطف الأهم باتجاه الحداثة. فالشاعر الذي صرح في تقديمه لديوانه بأن لديه أعصابه وأبخرته، وأنه ليس ظامئاً إلا إلى «مشروب مجهول لا يحتوي على الحيوية أو الإثارة أو الموت أو العدم»، لم يكن معنياً بالجمال الذي يؤلفه الوجود بمعزل عنه، بل بالجمال الذي يتشكل في عتمة نفسه، والمتأرجح أبداً بين حدي النشوة والسأم، كما بين التوله بالعالم والزهد به.

وليس من المستغرب تبعاً لذلك أن تتساوى في عالم الشاعر الليلي أشد وجوه الحياة فتنة وأكثرها قبحاً، أو أن يعبر عن ازدرائه لمعايير الجمال الأنثوي الشائع، من خلال علاقته بجان دوفال، الغانية السوداء ذات الدمامة الفاقعة، حيث لم يكن ينتظره بصحبتها سوى الشقاء المتواصل والنزق المرَضي وآلام الروح والجسد. وليس أدل على تصور بودلير للجمال من قوله في قصيدة تحمل الاسم نفسه:

«أنا جميلة، أيها الفانون، مثل حلمٍ من الحجر

وصدري الذي أصاب الجميع بجراح عميقة

مصنوعٌ لكي يوحي للشاعر بحب أبدي وصامت كالمادة

أنا لا أبكي أبداً وأبداً لا أضحك».

وكما فعل آلان بو في رثائه لجمال أنابيل لي المسجى في عتمة القبر، استعار رامبو من شكسبير في مسرحيته «هاملت» صورة أوفيليا الميتة والطافية بجمالها البريء فوق مياه المأساة، فكتب قائلاً: «على الموج الأسود الهادئ، حيث ترقد النجوم، تعوم أوفيليا البيضاء كمثل زنبقة كبيرة. بطيئاً تعوم فوق برقعها الطويل، الصفصاف الراجف يبكي على كتفيها، وعلى جبينها الحالم الكبير ينحني القصب». وإذا كان موقف رامبو من الجمال قد بدا في بعض نصوصه حذراً وسلبياً، كما في قوله «لقد أجلست الجمال على ركبتيّ ذات مساء، فوجدت طعمه مراً» فهو يعود ليكتب في وقت لاحق «لقد انقضى هذا، وأنا أعرف اليوم كيف أحيّي الجمال».

ورغم أن فروقاً عدة تفصل بين تجربتي بودلير ورامبو من جهة، وتجربة الشاعر الألماني ريلكه من جهة أخرى، فإن صاحب «مراثي دوينو» يذهب بدوره إلى عدّ الجمال نوعاً من السلطة التي يصعب الإفلات من قبضتها القاهرة، بما دفعه إلى استهلال مراثيه بالقول:

«حتى لو ضمني أحدهم فجأة إلى قلبه

فإني أموت من وجوده الأقوى

لأن الجمال بمثابة لا شيء سوى بداية الرعب

وكلُّ ملاكٍ مرعب».

انشغل به الأدب والفن الغربيان على نحو واسع وكتبت عنه وفيه القصائد والمقطوعات والأغانيrnولا يزال الشغف به مشتعلاً

وفي قصيدته «كلمات تصلح شاهدة قبر للسيدة الجميلة ب»، يربط ريلكه بين الجمال والموت، مؤثراً التماهي من خلال ضمير المتكلم، مع المرأة الراحلة التي لم يحل جمالها الباهر دون وقوعها في براثن العدم، فيكتب على لسانها قائلاً: «كم كنتُ جميلة، وما أراه سيدي يجعلني أفكر بجمالي. هذه السماء وملائكتك، كانتا أنا نفسي».

أما لويس أراغون، أخيراً، فيذهب بعيداً في التأويل، حيث في اللحظة الأكثر مأساوية من التاريخ يتحول الجمال مقروناً بالحب، إلى خشبة أخيرة للنجاة من هلاك البشر الحتمي. وإذا كان صاحب «مجنون إلسا» قد جعل من سقوط غرناطة في قبضة الإسبان، اللحظة النموذجية للتماهي مع المجنون، والتبشير بفتاته التي سيتأخر ظهورها المحسوس أربعة عقود كاملة، فلأنه رأى في جمال امرأته المعشوقة، مستقبل الكوكب برمته، والمكافأة المناسبة التي يستحقها العالم، الغارق في يأسه وعنفه الجحيمي. ولذلك فهو يهتف بإلسا من أعماق تلهفه الحائر:

« يا من لا شبيه لها ويا دائمة التحول

كلُّ تشبيه موسوم بالفقر إذا رغب أن يصف قرارك

وإذا كان حراماً وصفُ الجمال الحي

فأين نجد مرآة مناسبة لجمال النسيان».


فخار مليحة

فخار مليحة
TT

فخار مليحة

فخار مليحة

تقع منطقة مليحة في إمارة الشارقة، على بعد 50 كيلومتراً شرق العاصمة، وتُعدّ من أهم المواقع الأثرية في جنوب شرق الجزيرة العربيَّة. بدأ استكشاف هذا الموقع في أوائل السبعينات من القرن الماضي، في إشراف بعثة عراقية، وتوسّع في السنوات اللاحقة، حيث تولت إدارة الآثار في الشارقة بمشاركة بعثة أثرية فرنسية مهمة إجراء أعمال المسح والتنقيب في هذا الحقل الواسع، وكشفت هذه الحملات عن مدينة تضم أبنية إدارية وحارات سكنية ومدافن تذكارية. دخلت بعثة بلجيكية تابعة لمؤسسة «المتاحف الملكية للفن والتاريخ» هذا الميدان في عام 2009، وسعت إلى تحديد أدوار الاستيطان المبكرة في هذه المدينة التي ازدهرت خلال فترة طويلة تمتدّ من القرن الثالث قبل الميلاد إلى القرن الرابع للميلاد، وشكّلت مركزاً تجارياً وسيطاً ربط بين أقطار البحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي ووادي الرافدين.

خرجت من هذا الموقع مجموعات متعدّدة من اللقى تشهد لهذه التعدّدية الثقافية المثيرة، منها مجموعة من القطع الفخارية صيغت بأساليب مختلفة، فمنها أوانٍ دخلت من العالم اليوناني، ومنها أوانٍ من جنوب بلاد ما بين النهرين، ومنها أوانٍ من حواضر تنتمي إلى العالم الإيراني القديم، غير أن العدد الأكبر من هذه القطع يبدو من النتاج المحلّي، ويتبنّى طرازاً أطلق أهل الاختصاص عليه اسم «فخار مليحة». يتمثّل هذا الفخار المحلّي بقطع متعدّدة الأشكال، منها جرار متوسطة الحجم، وجرار صغيرة، وصحون وأكواب متعدّدة الأشكال، وصل جزء كبير منها على شكل قطع مكسورة، أُعيد جمع بعض منها بشكل علمي رصين. تعود هذه الأواني المتعدّدة الوظائف إلى الطور الأخير من تاريخ مليحة، الذي امتدّ من مطلع القرن الثاني إلى منتصف القرن الثالث للميلاد، وتتميّز بزينة بسيطة ومتقشّفة، قوامها بضعة حزوز ناتئة، وشبكات من الزخارف المطلية بلون أحمر قانٍ يميل إلى السواد. تبدو هذه الزينة مألوفة، وتشكّل من حيث الصناعة والأسلوب المتبع امتداداً لتقليد عابر للأقاليم والحواضر، ازدهر في نواحٍ عدة من الجزيرة العربية منذ الألفية الثالثة قبل الميلاد.

تختزل هذا الطراز جرة جنائزية مخروطية ذات عنق مدبب، يبلغ طولها 30.8 سنتيمتر، وقطرها 22 سنتيمتراً. عنق هذه الجرة مزين بأربع دوائر ناتئة تنعقد حول فوهتها، تقابلها شبكة من الخطوط الأفقية الغائرة تلتف حول وسطها، وبين هذه الدوائر الناتئة وهذه الخطوط الغائرة، تحلّ الزينة المطلية باللون الأحمر القاتم، وقوامها شبكة من المثلثات المعكوسة، تزين كلاً منها سلسلة من الخطوط الأفقية المتوازية. تشهد هذه الجرة لأسلوب متبع في التزيين يتباين في الدقّة والإتقان، تتغيّر زخارفه وتتحوّل بشكل مستمرّ.

تظهر هذه التحوّلات الزخرفية في قطعتين تتشابهان من حيث التكوين، وهما جرتان مخروطيتان من الحجم الصغير، طول أكبرهما حجماً 9.8 سنتيمتر، وقطرها 8.5 سنتيمتر. تتمثّل زينة هذه الشبكة بثلاث شبكات مطليّة، أولاها شبكة من الخطوط الدائرية الأفقية تلتف حول القسم الأسفل من عنقها، وتشكّل قاعدة له، ثمّ شبكة من المثلثات المعكوسة تنعقد حول الجزء الأعلى من حوض هذا الإناء، وتتميّز بالدقة في الصوغ والتخطيط. تنعقد الشبكة الثالثة حول وسط الجرّة، وهي أكبر هذه الشبكات من حيث الحجم، وتتكوّن من كتل هرمية تعلو كلاً منها أربعة خطوط أفقية متوازية. في المقابل، يبلغ طول الجرة المشابهة 9 سنتيمترات، وقطرها 7.5 سنتيمتر، وتُزيّن وسطها شبكة عريضة تتكون من أنجم متوازية ومتداخلة، تعلو أطراف كلّ منها سلسلة من الخطوط الأفقية، صيغت بشكل هرمي. تكتمل هذه الزينة مع شبكة أخرى تلتفّ حول القسم الأعلى من الجرة، وتشكّل عقداً يتدلى من حول عنقها. ويتكوّن هذا العقد من سلسلة من الخطوط العمودية المتجانسة، مرصوفة على شكل أسنان المشط.

تأخذ هذه الزينة المطلية طابعاً متطوّراً في بعض القطع، أبرزها جرة من مكتشفات البعثة البلجيكية في عام 2009، وهي من الحجم المتوسط، وتعلوها عروتان عريضتان تحيطان بعنقها. تزين هذا العنق شبكة عريضة من الزخارف، تتشكل من مثلثات متراصة، تكسوها خطوط أفقية متوازية. يحد أعلى هذه الشبكة شريط يتكوّن من سلسلة من المثلثات المجردة، ويحدّ أسفلها شريط يتكوّن من سلسلة من الدوائر اللولبية. تمتد هذه الزينة إلى العروتين، وقوامها شبكة من الخطوط الأفقية المتوازية.

من جانب آخر، تبدو بعض قطع «فخار مليحة» متقشّفة للغاية، ويغلب عليها طابع يفتقر إلى الدقّة والرهافة في التزيين. ومن هذه القطع على سبيل المثال، قارورة كبيرة الحجم، صيغت على شكل مطرة عدسية الشكل، تعلوها عروتان دائريتان واسعتان. يبلغ طول هذه المطرة 33.5 سنتيمتر، وعرضها 28 سنتيمتراً، وتزيّن القسم الأعلى منها شبكة من الخطوط المتقاطعة في الوسط على شكل حرف «إكس»، تقابلها دائرة تستقر في وسط الجزء الأسفل، تحوي كذلك خطين متقاطعين على شكل صليب.

يُمثل «فخار مليحة» طرازاً من أطرزة متعددة تتجلّى أساليبها المختلفة في مجموعات متنوّعة من اللقى، عمد أهل الاختصاص إلى تصنيفها وتحليلها خلال السنوات الأخيرة. تتشابه هذه اللقى من حيث التكوين في الظاهر، وتختلف اختلافاً كبيراً من حيث الصوغ. يشهد هذا الاختلاف لحضور أطرزة مختلفة حضرت في حقب زمنية واحدة، ويحتاج كل طراز من هذه الأطرزة إلى وقفة مستقلّة، تكشف عن خصائصه الأسلوبية ومصادر تكوينها.