السعودية تعبر جسر تحديات الجائحة بمرتكزات سياسات الاقتصاد الناجعة

اقتصاديون لـ : أسعار النفط واستراتيجية التنوع تعزز نمو الناتج الإجمالي لتخطي 3 في المائة عام 2021

اقتصاد السعودية يتجاوز تحديات الجائحة ويتطلع لنمو إيجابي في 2021 (الشرق الأوسط)
اقتصاد السعودية يتجاوز تحديات الجائحة ويتطلع لنمو إيجابي في 2021 (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تعبر جسر تحديات الجائحة بمرتكزات سياسات الاقتصاد الناجعة

اقتصاد السعودية يتجاوز تحديات الجائحة ويتطلع لنمو إيجابي في 2021 (الشرق الأوسط)
اقتصاد السعودية يتجاوز تحديات الجائحة ويتطلع لنمو إيجابي في 2021 (الشرق الأوسط)

تعبر السعودية جسر تحديات الجائحة الفيروسية «كوفيد - 19» إلى العام الجديد 2021 بكل الزخم التي أثبتت فيه نجاحا منقطع النظير لدى رئاستها أعمال واجتماعات مجموعة العشرين مدفوعة بمحفزات رئيسية وتوقعات إيجابية، حيث رسم اقتصاديون لـ«الشرق الأوسط» أهم ملامح مرتكزات قوة الاقتصاد السعودي والانتقال إلى النمو في العام الجديد.
وقال عضو مجلس الشورى السعودي فضل بن سعد البوعينين لـ«الشرق الأوسط» إنه من المتوقع أن يحقق الاقتصاد السعودي نموا يفوق 3 في المائة في العام 2021 مدعوما بتحسن أسعار النفط وحجم الإنتاج إضافة إلى تحسن الأسواق العالمية، واكتمال سلسلة الإمدادات التي أثرت سلبا العام 2020.
وبرغم استراتيجية تنويع مصادر الاقتصاد السعودي، وفق البوعينين، فإنه ما زال يعتمد بشكل كبير على القطاع النفطي، معتقدا بأن تحسن أسعار النفط وحجم الإنتاج سينعكس وبشكل لافت على ناتج الاقتصاد، مشيرا إلى أن التنوع الذي بدأت نتائجه في الظهور التدريجي سيكون من دعائم الاقتصاد المعززة للنمو وبخاصة القطاع السياحي الذي يرشح أن يشهد نموا جيدا ومساهمة أكبر في الناتج المحلي الإجمالي.
وأضاف البوعينين «من أهم مقومات تنويع الاقتصاد التوسع في قطاع التعدين وتعزيز مساهمته في الناتج المحلي، إضافة إلى القطاع السياحي الذي تراهن عليه الحكومة في الوقت الحالي مع وجود مشروعات استراتيجية ضخمة ستسهم في تحويل وجه المملكة السياحي وتمكينها كوجهة سياحية مهمة في المنطقة».
ومن مقومات التنوع، بحسب البوعينين كذلك، انطلاقة الصناعات العسكرية وهي صناعات مهمة استراتيجيا وثقيلة ماليا أي أن مساهمتها في الناتج الإجمالي عند اكتمالها ستكون كبيرة، مشيرا إلى أن الطاقة المتجددة من أساسيات التنوع خاصة أن المملكة تخطط لتصدير الطاقة الكهربائية المنتجة من مصادر متجددة. وقال: «هذا القطاع حيوي ومهم وسيولد قطاعا متكاملا في الاقتصاد».
وتابع البوعينين «قطاع الخدمات اللوجيستية بدأ في التشكّل وهو يحتاج إلى وقت... لكنه سيكون ضمن المقومات المهمة والرئيسية للاقتصاد»، لافتا إلى أن الصناعات التحويلية التي تعتمد في مدخلاتها على الصناعات الأساسية وهي متوفرة في قطاع البتروكيماويات وقطاع التعدين، تمثل ركيزة إضافية لمقومات الاقتصاد السعودي، فضلا عن قطاع الصناعات التحويلية وهو برأيه الأهم والأكثر تنوعا وتوليدا للوظائف والفرص الاستثمارية.
من جانبه، قال الدكتور أسامة بن غانم العبيدي المستشار وأستاذ القانون التجاري الدولي بمعهد الإدارة العامة بالرياض: «تشير التقديرات الأولية لعام ٢٠٢١ وفقا لوزارة المالية إلى نمو الناتج المحلي للمملكة بنحو ٣.٢ في المائة بافتراض استمرار تعافي الأنشطة الاقتصادية خلال العام، أخذا في الاعتبار الظروف الاستثنائية التي شكلتها جائحة (كورونا) والتي شكلت تحديا كبيرا عصف باقتصادات العالم، وكذلك التراجع الكبير في أسعار النفط».
ومضى العبيدي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن قوة الاقتصاد السعودي تعتمد على مرتكز ثابت هو تنفيذ برامج «رؤية المملكة 2030» ما يؤدي إلى أن الاقتصاد السعودي يستند على منهجية قائمة وأهداف واضحة تعزز من مقاومة تأثيرات العوامل الخارجية، كما هو الحال لتداعيات «كورونا» المستجد.
وأوضح العبيدي أن السعودية، مضت قدما في مسيرة النمو الاقتصادي والتنمية الشاملة والتركيز على رفع مشاركة القطاع الخاص في رفد الاقتصاد الوطني، مقابل تقوية المركز المالي لميزانية الدولة حيث تستهدف خفض الدين العام ليبلغ ٣٤.٤ في المائة من الناتج المحلي السعودي وهي برأيه نسبة منخفضة بالمعايير العالمية وتقل بشكل كبير عن السقف المحدد للدين العام العالمي.
ولفت العبيدي إلى مساعي السعودية في تطوير أسواق المال لجذب المستثمرين الأجانب ودفع عجلة النمو الاقتصادي وتحسين الكفاءة والأداء والحوكمة والشفافية في أداء الأعمال والحوكمة وتحسين الأطر القانونية والتنظيمية المتعلقة بالتجارة والاستثمار وزيادة مشاركة المرأة وتمكينها وإفراز فرص عمل جديدة للشباب وتشجيع النشاط السياحي وتطويره، مشيرا إلى أن كل هذه الجهود ستؤدي إلى زيادة موارد الدولة وتعظيمها.
من ناحيته، يوضح الدكتور عبد الرحمن باعشن رئيس مركز الشروق للدراسات الاقتصادية حول رؤيته المستقبلية للعام الحالي «أن السعودية لديها مخزون تعديني وموارد طبيعية بجانب احتياطها النفطي الكبير وما تختزن من معادن أخرى بكميات كبيرة، ومنتجات جديدة وقطاعات استثمارية واعدة، بالإضافة إلى برامجها في إطار (رؤية 2030) وحزمة الإصلاحات والتحسينات التي أقرّتها»، ما سيمكنها من تحقيق النمو المستهدف العام الجاري.
وشدد باعشن على قدرات المملكة لتوسيع القاعدة الاقتصادية وتحسين بيئة الأعمال والتنافسية ومكافحة الفساد وجذب الاستثمارات الأجنبية، الأمر الذي يصبّ في صالح سياسة تنويع الاقتصاد، لافتا إلى أهمية إعادة هيكلة المدن الاقتصادية وإنشاء مناطق خاصة ومواصلة تطوير البيئة التشريعية وكذلك رفع كفاءة صندوق الاستثمارات العامة.



إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
TT

إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)

أعلن وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي، المهندس صالح الجاسر، عن تحقيق الموانئ تقدماً كبيراً بإضافة 231.7 نقطة في مؤشر اتصال شبكة الملاحة البحرية، وفق تقرير «مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)» لعام 2024، إلى جانب إدخال 30 خطاً بحرياً جديداً للشحن.

كما كشف عن توقيع عقود لإنشاء 18 منطقة لوجيستية باستثمارات تتجاوز 10 مليارات ريال (2.6 مليار دولار).

جاء حديث المهندس الجاسر خلال افتتاح النسخة السادسة من «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»، في الرياض، الذي يهدف إلى تعزيز التكامل بين أنماط النقل ورفع كفاءة الخدمات اللوجيستية، ويأتي ضمن مساعي البلاد لتعزيز موقعها مركزاً لوجيستياً عالمياً.

وقال الوزير السعودي، خلال كلمته الافتتاحية في المؤتمر، إن «كبرى الشركات العالمية تواصل إقبالها على الاستثمار في القطاع اللوجيستي؛ من القطاع الخاص المحلي والدولي، لإنشاء عدد من المناطق اللوجيستية».

يستضيف المؤتمر، الذي يقام يومي 15 و16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، عدداً من الخبراء العالميين والمختصين، بهدف طرح التجارب حول أفضل الطرق وأحدث الممارسات لتحسين أداء سلاسل الإمداد ورفع كفاءتها. كما استُحدثت منصة تهدف إلى تمكين المرأة في القطاع من خلال الفرص التدريبية والتطويرية.

وأبان الجاسر أن منظومة النقل والخدمات اللوجيستية «ستواصل السعي الحثيث والعمل للوصول بعدد المناطق اللوجيستية في السعودية إلى 59 منطقة بحلول 2030، من أصل 22 منطقة قائمة حالياً، لتعزيز القدرة التنافسية للمملكة ودعم الحركة التجارية».

وتحقيقاً لتكامل أنماط النقل ورفع كفاءة العمليات اللوجيستية، أفصح الجاسر عن «نجاح تطبيق أولى مراحل الربط اللوجيستي بين الموانئ والمطارات والسكك الحديدية بآليات وبروتوكولات عمل متناغمة؛ لتحقيق انسيابية حركة البضائع بحراً وجواً وبراً، بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، ودعم العمليات والخدمات اللوجيستية وترسيخ مكانة المملكة مركزاً لوجيستياً عالمياً».

وخلال جلسة بعنوان «دور الازدهار اللوجيستي في تعزيز أعمال سلاسل الإمداد بالمملكة وتحقيق التنافسية العالمية وفق (رؤية 2030)»، أضاف الجاسر أن «الشركة السعودية للخطوط الحديدية (سار)» تعمل على تنفيذ ازدواج وتوسعة لـ«قطار الشمال» بما يتجاوز 5 مليارات ريال (1.3 مليار دولار)، وذلك مواكبةً للتوسعات المستقبلية في مجال التعدين بالسعودية.

إعادة التصدير

من جهته، أوضح وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، أن السعودية سجلت في العام الحالي صادرات بلغت 61 مليار ريال (16.2 مليار دولار) من قطاع إعادة التصدير، بنمو قدره 23 في المائة مقارنة بالعام الماضي، «وهو ما تحقق بفضل البنية التحتية القوية والتكامل بين الجهات المعنية التي أسهمت في تقديم خدمات عالية الكفاءة».

وأشار، خلال مشاركته في جلسة حوارية، إلى أن شركة «معادن» صدّرت ما قيمته 7 مليارات ريال (1.8 مليار دولار) من منتجاتها، «وتحتل السعودية حالياً المركز الرابع عالمياً في صادرات الأسمدة، مع خطط لتحقيق المركز الأول في المستقبل».

جلسة حوارية تضم وزير النقل المهندس صالح الجاسر ووزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف (الشرق الأوسط)

وبين الخريف أن البلاد «تتمتع بسوق محلية قوية، إلى جانب تعزيز الشركات العالمية استثماراتها في السعودية، والقوة الشرائية الممتازة في منطقة الخليج»، مما يرفع معدلات التنمية، مبيناً أن «قوة السعودية في المشاركة الفاعلة بسلاسل الإمداد تأتي بفضل الموارد الطبيعية التي تمتلكها. وسلاسل الإمداد تساهم في خفض التكاليف على المصنعين والمستثمرين، مما يعزز التنافسية المحلية».

وفي كلمة له، أفاد نائب رئيس «أرامكو السعودية» للمشتريات وإدارة سلاسل الإمداد، المهندس سليمان الربيعان، بأن برنامج «اكتفاء»، الذي يهدف إلى تعزيز القيمة المُضافة الإجمالية لقطاع التوريد في البلاد، «أسهم في بناء قاعدة تضم أكثر من 3 آلاف مورد ومقدم خدمات محلية، وبناء سلاسل إمداد قوية داخل البلاد؛ الأمر الذي يمكّن الشركة في الاستمرار في إمداد الطاقة بموثوقية خلال الأزمات والاضطرابات في الأسواق العالمية».

توقيع 86 اتفاقية

إلى ذلك، شهد «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية» في يومه الأول توقيع 86 اتفاقية؛ بهدف تعزيز أداء سلاسل الإمداد، كما يضم معرضاً مصاحباً لـ65 شركة دولية ومحلية، بالإضافة إلى 8 ورشات عمل تخصصية.

جولة لوزيرَي النقل والخدمات اللوجيستية والصناعة والثروة المعدنية في المعرض المصاحب للمؤتمر (الشرق الأوسط)

وتسعى السعودية إلى لعب دور فاعل على المستوى العالمي في قطاع الخدمات اللوجيستية وسلاسل التوريد، حيث عملت على تنفيذ حزمة من الإصلاحات الهيكلية والإنجازات التشغيلية خلال الفترة الماضية، مما ساهم في تقدمها 17 مرتبة على (المؤشر اللوجيستي العالمي) الصادر عن (البنك الدولي)، وساعد على زيادة استثمارات كبرى الشركات العالمية في الموانئ السعودية».