لبنان يترقب قراراً بالإقفال العام

تحذيرات من وضع صحي «كارثي»

شارع بروميناد في بيروت أمس (أ.ف.ب)
شارع بروميناد في بيروت أمس (أ.ف.ب)
TT

لبنان يترقب قراراً بالإقفال العام

شارع بروميناد في بيروت أمس (أ.ف.ب)
شارع بروميناد في بيروت أمس (أ.ف.ب)

تتجه الأنظار، اليوم (الاثنين)، في لبنان، إلى القرار الذي ستتخذه الحكومة لجهة التشدد في إجراءات الوقاية من وباء «كورونا»، بعد ارتفاع الأعداد إلى مستوى غير مسبوق، في وقت استمرت المطالبات بالإقفال العام من المعنيين في القطاع الطبي، محذرين من المرحلة المقبلة التي من المتوقَّع أن تشهد تزايداً إضافيّاً في عدد المصابين.
وفيما كانت لجنة الصحة النيابية، اقترحت الإقفال لمدة ثلاثة أسابيع للحد من ارتفاع الإصابات بـ«كورونا» وإعطاء فرصة للقطاع الطبي، تشير المعلومات إلى أن التوجُّه هو لاتخاذ قرار بالإقفال بدءاً من يوم الخميس المقبل، وتحديداً بعد عيد الميلاد لدى الطوائف الأرمنية، ويستمر الإغلاق لمدة ثلاثة أسابيع. ووصفت مستشارة رئيس حكومة تصريف الأعمال بترا خوري الوضع الصحي في لبنان بالكارثي، وقالت في حديث إذاعي: «إن موعد الإقفال لم يُحدّد بعد، أما بالنسبة للمدة المحددة، فأقلها ثلاثة أسابيع، مع التشديد بالاستثناءات، بعدما وصلت نسبة الإشغال في العناية الفائقة في المستشفيات إلى تسعين في المائة»، مؤكدة: «نعمل كي يتحضر الطاقم الطبي للمواجهة الجديدة، لأن المشكلة في عدم وجود الأسرَّة في المستشفيات».
كذلك جدّد نقيب الأطباء شرف أبو شرف مطالبته بـ«الإقفال العام؛ إذ لم يعد هناك أسرَّة فارغة في المستشفيات، ولا في العناية الفائقة، لاستقبال المرضى، والأعداد تتزايد بسرعة كبيرة لا يتحملها البلد»، مؤكداً أنه «لا حل مرحليّاً حتى وصول اللقاح، ويصبح هناك علاج لـ(كورونا)، إلا بالإقفال العام، والتزام الإجراءات الوقائية».
بدوره، قال رئيس دائرة الأمراض الجرثومية في مستشفى رفيق الحريري الجامعي، الدكتور بيار أبي حنا، لـ«الوكالة الوطنية للإعلام»: «نحن في وضع صعب؛ فهناك مرضى يجدون بصعوبة أسرَّة في المستشفيات، وآخرون ينتظرون دورهم في الطوارئ، والمستشفيات تركز على المصابين الصغار في السن». وعن الإقفال، رأى أبي حنا أنه «يساعد ويخفف الاحتكاك بين الناس، وبالتالي يخفف عدد الإصابات، وإن كانت نتيجته لا تظهر إلا بعد أسابيع عدة، لكن ليس لدينا خيار آخر حتى نسيطر على الوضع، لأننا إذا استمررنا في الوضع الحالي الصعب، فحتماً سنخرج عن السيطرة».
وعن لقاح «فايزر» الذي ستعتمده الحكومة، وسبق أن أعلن وزير الصحة عن حجز مليونين منه، قال أبي حنا: «هناك الكثير من الشائعات على مواقع التواصل الاجتماعي التي تحذر من فعالية لقاح (كورونا)»، مؤكداً أن «الدراسات أثبتت أن لقاح (فايزر) فعّال وليس له عوارض مهمة، والملايين في دول العالم بدأوا بتلقيه، ولم يُسجّل حتى الآن أي عوارض مهمة، وهو أملنا في القضاء على وباء (كورونا)».
بدوره، أوضح رئيس اللجنة الوطنية للأمراض السارية والجرثومية في لبنان، عبد الرحمن البزري، في حديث تلفزيوني، أن النتائج الكارثية لاحتفالات ليلة رأس السنة ستكون لها عواقب على القطاع الصحي والاستشفائي، مشيراً إلى أن الأمور من المفترض أن تظهر خلال فترة أسبوع أو أسبوعين، واليوم العاشر سيكون مهمّاً جداً على هذا الصعيد.
وفي حين أشار البزري إلى أن الإصابات في هذا الأسبوع قد تكون مرتفعة، رأى أن السيناريو اللبناني قد يكون أسوأ من أي سيناريو آخر، خصوصاً أن الكارثة جاءت في وقت يعاني فيه لبنان من مشكلة كبيرة على المستوى الاقتصادي.
وأوضح البزري أن المهم هو الهدف من الإغلاق التام؛ إذا اتخذ القرار، موضحاً: «التحدي الحقيقي هو ماذا سنفعل بعد الإغلاق»، ومتوقعاً أن تفشل الدولة اللبنانية على هذا الصعيد.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.