رئيس الوزراء اليمني يبدأ معركة إصلاح الاقتصاد من بوابة «البنك المركزي»

جدد اتهام الحوثيين وإيران بمحاولة اغتيال حكومته في هجوم المطار

رئيس الوزراء اليمني لدى لقائه قيادات البنك المركزي في عدن أمس (سبأ)
رئيس الوزراء اليمني لدى لقائه قيادات البنك المركزي في عدن أمس (سبأ)
TT

رئيس الوزراء اليمني يبدأ معركة إصلاح الاقتصاد من بوابة «البنك المركزي»

رئيس الوزراء اليمني لدى لقائه قيادات البنك المركزي في عدن أمس (سبأ)
رئيس الوزراء اليمني لدى لقائه قيادات البنك المركزي في عدن أمس (سبأ)

بدأ رئيس مجلس الوزراء اليمني معين عبد الملك أمس (السبت) معركة حكومته لإصلاح الاقتصاد من بوابة «البنك المركزي»، وذلك بعد أربعة أيام من وصول الحكومة إلى العاصمة المؤقتة عدن، وفي أعقاب محاولة اغتيال أعضائها في الهجمات الصاروخية الحوثية التي استهدفت المطار الأربعاء الماضي.
ووصف عبد الملك في تصريحات نقلتها وكالة «أسوشييتد برس» الهجوم بأنه «كبير وكان يهدف إلى القضاء على الحكومة، وأنه كان رسالة ضد السلام والاستقرار في اليمن».
وقال إن «التقنيات» المستخدمة في الهجوم الصاروخي على المطار كانت من السمات المميزة لاستراتيجية الحوثيين، مؤكداً سقوط ثلاثة صواريخ دقيقة التوجيه أصابت المنشأة، مستهدفة طائرته وصالة الوصول وصالة كبار الشخصيات.
في غضون ذلك، شدد رئيس الحكومة أمس في أول تحرك اقتصادي على أهمية «التسريع بإجراءات تكليف فريق تدقيق خارجي على حسابات البنك المركزي اليمني، بما يتسم مع إجراءات الشفافية وانتهاج مبدأ الحوكمة ومكافحة الفساد، باعتبار ذلك خطوة ضرورية لضمان استمرار تطبيق المعايير والقواعد المالية الدولية».
وذكرت المصادر الرسمية أن عبد الملك ترأس اجتماعاً لقيادة وكوادر البنك المركزي اليمني، «لمناقشة الخطط المستقبلية للبنك وضرورة استثمار الفرص الراهنة في تشكيل الحكومة وما أبداه الأشقاء والأصدقاء وفي مقدمهم دول تحالف دعم الشرعية من استعداد لدعم الاقتصاد الوطني للاستمرار في إجراءات تعزيز الثقة بالعملة الوطنية وتحسين استقرار سعر الصرف، بما ينعكس بشكل مباشر على حياة ومعيشة المواطنين اليومية».
وتدارس الاجتماع الذي يعد الأول من نوعه بعد عودة الحكومة إلى عدن «الإجراءات القادمة للرقابة على أسعار الصرف التي شهدت تحسناً ملحوظاً مؤخراً، إضافة إلى السبل الكفيلة بضبط وتعزيز الإيرادات العامة وتقليل النفقات وجوانب التعاون بين البنك والحكومة والأولويات التي يمكن العمل عليها خلال الفترة القادمة، بما يتجاوز أي إخفاقات سادت العمل سابقاً، والحفاظ على سمعة البنك كمؤسسة سيادية».
وأكد معين عبد الملك، بحسب ما أوردته وكالة «سبأ»، «حرص الحكومة على استقلالية عمل ونشاط البنك المركزي اليمني وعدم التدخل في كل الإجراءات التي يتخذها لرسم السياسة النقدية، موجهاً بأهمية التكامل بين السياسة المالية والنقدية، وإعادة تشكيل وتفعيل عمل المجلس الاقتصادي الأعلى لبدء مرحلة جديدة عنوانها الاستقرار الاقتصادي وتحسين معيشة وأوضاع المواطنين».
وتطرق رئيس الوزراء اليمني إلى نتائج مشاوراته مع المؤسسات المالية الدولية، وما أبدته من استعداد لدعم الاقتصاد الوطني خلال الفترة القريبة القادمة، وما يتطلبه ذلك من إيجاد خطط للاستفادة من هذا الدعم بطريقة فعالة تركز في المقام الأول على أوضاع المواطنين ومعيشتهم.
وقال: «الحكومة حريصة على تطبيق جميع أشكال الرقابة على الإجراءات المالية المتخذة والتأكد من سلامتها ضمن خطواتها لتطبيق النزاهة والشفافية، وبما يعزز من سمعة البنك المركزي وثقة المانحين الدوليين».
وأثنى عبد الملك على «صمود البنك المركزي اليمني واستمرار عمله بجهود قيادته وجميع كوادره في الأشهر الماضية رغم التوترات والظروف الحرجة، وشدد على أهمية الحفاظ على هذه الروح وتعزيز العمل المؤسسي لبدء صفحة جديدة بحيث يكون هذا العام للتصحيح والتطوير».
وانتقد رئيس الحكومة اليمنية ما وصفه بـ«الحملات الإعلامية المضللة التي تحاول استهداف البنك المركزي اليمني»، مشيراً إلى أنها «لن تحقق أهدافها»، وأن السياسة النقدية «ستستمر ملتزمة بمقتضيات عضوية اليمن في النظام المالي العالمي، والحفاظ على سمعته، واتخاذ المزيد من الإجراءات لتعزيز الثقة به».
ونقلت المصادر الرسمية أن قيادات وكوادر البنك المركزي اليمني، أكدوا لرئيس الحكومة «أن الظروف مهيئة الآن لأحداث نقلة نوعية في عمل ونشاط البنك المركزي اليمني، خاصة مع تنفيذ اتفاق الرياض وتشكيل الحكومة ووصولها إلى العاصمة المؤقتة عدن».
على صعيد منفصل، وجه وزير النقل في الحكومة اليمنية الدكتور عبد السلام حميد بعودة الملاحة الجوية وتشغيل الرحلات لمطار عدن الدولي ابتداء من اليوم الأحد، وذلك بعد توقفها جراء الهجوم على المطار.
وقال الوزير حميد في تصريحات رسمية: «نحن أمام تحد كبير يتحتم علينا جميعاً أن نتكاتف ونعمل بروح الفريق الواحد لأجل عودة عمل المطار للعمل بعد الهجوم الإرهابي الغادر الذي لن يثنينا عن العمل وتفعيل مؤسسات الدولة والحفاظ عليها رغم الصعوبات والمعوقات».
وأشاد الوزير اليمني بالجهود التي بذلتها هيئة الطيران وإدارة المطار والبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن في تجهيز المطار وإعادة إصلاح الأضرار التي لحقت به جراء الهجمات، وذلك في وقت قياسي.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.