الهجمات التركية على تل تمر تخطف بهجة عيد الميلاد

البلدة تقطنها أقلية آشورية مسيحية

آشوريون يحتفلون بعيد الميلاد في كنيسة ببلدة تل تمر أمس (الشرق الأوسط)
آشوريون يحتفلون بعيد الميلاد في كنيسة ببلدة تل تمر أمس (الشرق الأوسط)
TT

الهجمات التركية على تل تمر تخطف بهجة عيد الميلاد

آشوريون يحتفلون بعيد الميلاد في كنيسة ببلدة تل تمر أمس (الشرق الأوسط)
آشوريون يحتفلون بعيد الميلاد في كنيسة ببلدة تل تمر أمس (الشرق الأوسط)

شارك المئات من أتباع الأقلية السريانية الآشورية المسيحية أمس والجمعة الماضي، في قداسين أقيما بمناسبة أعياد الميلاد بكنيسة وسط بلدة تل تمر الواقعة في شمال شرقي سوريا، التي يتعرض ريفها الشمالي والغربي لهجمات متقطعة من قبل الجيش التركي وفصائل سورية مسلحة موالية.
وغابت المظاهر الاحتفالية في شوارع البلدة وأحيائها القديمة مع غياب تام لزينة الميلاد وأشجار العيد التي كانت تملأ المكان في مثل هذا الوقت من كل عام، لكنها بقيت خجولة جداً بسبب الهجمات المستمرة. وتقع تل تمر على ضفتي نهر الخابور وتبعد نحو 40 كيلومتراً إلى الشمال الغربي من محافظة الحسكة.
والبلدة تُعد الموطن الأصلي للأقلية الآشورية في سوريا، وكان قد تعرض ريفها الشمالي والغربي في أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي لهجوم واسع نفذه الجيش التركي وفصائل مرتبطة به ضمن «الجيش الوطني السوري». وسيطرت القوات المهاجمة على بلدة رأس العين المجاورة لتل تمر، ومدينة تل أبيض بريف الرقة الشمالي.
وقال الأب بوغوص إيشايا بطريرك رعية الآشوريين المسيحيين في تل تمر وضواحيها، وكان قد ترأس قداس العيد الذي أقيم بشكل محدود أمس: «رغم الحروب الدائرة في محيط المنطقة والهجمات المتكررة، أشعر بفرحة وسعادة للاحتفال بالعيد وزادتني السعادة بمجيء المسيحيين من دمشق وحلب والحسكة وبمشاركة مكونات البلدة من عرب وكرد».
وأخبر الشماس شليمون برشا الذي يعمل كاهناً في {كنيسة القديسة}، أن قرابة مائتي عائلة فقط بقيت بالبلدة وريفها، ولا يتجاوز عدد أفرادها نحو 500 نسمة، بينما كان يبلغ عددهم قبل اندلاع الحرب سنة 2011 نحو 30 ألفاً. وقال: «سكان قرى الضفة الجنوبية والغربية لنهر الخابور هجروها ولم يعد يسكنها أحد، أما قرى الضفة الشمالية فيسكنها عدد قليل من الأسر لا يتجاوز أصابع اليد يسكنون 34 قرية».
لكن برشا وزوجته فضلوا البقاء في مسقط رأسهم ويتذكر مثل هذه الأيام التي كانوا يقضونها بجلسات مع الأقرباء والجيران وسط زينة العيد: «لم يبقَ سوى جار واحد لي، ذهبت بعد القداس وتبادلنا تهاني العيد، لكن بقية الشارع كله ومعظم أحياء البلدة شبه فارغة، نشعر لحنين للأيام الجميلة وضحكات وصيحات الأطفال».
وباتت بلدة تل تمر منقسمة السيطرة يخضع قسم من ريفها الشمالي والغربي وكامل الريف الجنوبي لقوات «المجلس السرياني العسكري»، وقوات «مجلس تل تمر العسكري» المتحالفة مع «قوات سوريا الديمقراطية» العربية - الكردية والمدعومة من واشنطن، بينما يخضع ريفها الشمالي لفصائل سورية مسلحة تدعمها تركيا حتى مدينة رأس العين شمالاً.
وتحدث بطرس شليمون عن تأقلمه على العيش مع الذين اختاروا البقاء والعيش وسط اشتباكات يومية تتخللها أصوات القذائف والرصاص، وقال: «من تبقى من السريان الآشوريين لا يشكلون سوى 5 في المائة من أعداد الآشوريين. كلما يتصل المغتربون من سكان المنطقة أقول لهم وأشجعهم على العودة لموطننا، فهذه الأرض كانت وستبقى لنا». ولم يخف من تأثير الهجمات التركية التي تتعرض لها المنطقة، قائلاً: «في حال سيطرت تركيا على تل تمر وناحية أبو راسين، فقد تجبر على الهجرة من تبقى من الآشوريين الذين سيحاولون الرحيل إلى دول أوروبية توفر لهم الحماية والأمان من هذه الحروب والصراعات العسكرية».
ومنذ انتشار القوات الروسية والقوات الحكومية الموالية للرئيس السوري بشار الأسد نهاية العام الماضي، قال كثير من المسيحيين الآشوريين من سكان البلدة إنهم لا يشعرون بحالة الاستقرار وابتعاد شبح الحرب ويخشون من عمليات عسكرية متوقعة من كل الأطراف.
وتقول سارة التي شاركت في احتفالات عيد الميلاد وعادت لمنزلها تنتظر اتصال أبنائها وأقربائها من خارج سوريا عبر وسائل التواصل الاجتماعي: «يحزنني غيابهم عن مائدة الطعام والمشاركة بإفطار العيد بعد الصوم. لم نعد نسمع ضحكات النساء وصيحات الأطفال من شوارع تل تمر وقراها».



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).