«مستوعبات الموت» تهدد بيروت ومرفأها مجدداً

المستوعبات التي تحوي مواد خطرة في مرفأ بيروت (الشرق الأوسط)
المستوعبات التي تحوي مواد خطرة في مرفأ بيروت (الشرق الأوسط)
TT

«مستوعبات الموت» تهدد بيروت ومرفأها مجدداً

المستوعبات التي تحوي مواد خطرة في مرفأ بيروت (الشرق الأوسط)
المستوعبات التي تحوي مواد خطرة في مرفأ بيروت (الشرق الأوسط)

قد ينخدع أي زائر لمرفأ بيروت بمئات المستوعبات الملونة المتراصة الموضوعة في المنطقة المخصصة لها، التي لم تتضرر بالانفجار الذي وقع في أغسطس (آب) الماضي. فألوانها الزاهية، وطريقة ترتيبها، قد تدفعه حتى للتفكير بالتقاط صور لها أو معها من دون أن يرد، ولو لوهلة في ذهنه، أن بعضها يحوي مواد خطرة متفجرة قد تؤدي لـ«4 أغسطس جديد»، في حال وجد صاعق ما، كالذي أدى لاشتعال أطنان من مادة نيترات الأمونيوم التي انفجرت في الصيف الماضي.
في المرفأ حالياً 52 مستوعباً تحوي مواد خطرة تعمل شركة ألمانية متخصصة على معالجتها وتصديرها إلى الخارج. فبعد أن وقعت السلطات اللبنانية عقداً الشهر الماضي مع شركة «كومبي ليفت» لإزالة «مواد أسيدية خطرة قابلة للاشتعال وسريعة التفاعل» من 49 مستودعاً في المرفأ، كشف المدير العام لإدارة واستثمار مرفأ بيروت باسم القيسي لـ«الشرق الأوسط»، أن عدد المستوعبات ارتفع إلى 52 بعدما وُجدت 3 مستوعبات جديدة تحوي مواد خطرة، وأضاف: «الشركة الألمانية تعمل حالياً على تفريغ المواد الخطرة التي تبين أنها عبارة عن 8 أنواع من (الأسيد) وليست من (النيترات)، من المستوعبات المهترئة وتضعها في مستوعبات جديدة ليتم شحنها إلى الخارج بعد صدور تقارير مرتبطة بكل مستوعب عن وزارتي البيئة الألمانية واللبنانية للتأكد من أن عملية الشحن تتم وفق النظم والقوانين الأوروبية».
وأوضح القيسي أن عملية الترحيل لم تبدأ بعد «ولا نزال في مرحلة التفريغ والتعبئة والتوضيب»، لافتاً إلى أن وجود كل هذه المواد الخطرة في المرفأ سببه الرئيسي «الإهمال وعدم إنهاء الآليات الإدارية لإتلاف هذه المواد أو إعادة تصديرها، وهي مسؤولية لا تتحملها إدارة المرفأ».
وبالتوازي مع العمليات التي تقوم بها الشركة الألمانية، ينكب عناصر الجيش اللبناني منذ نحو أسبوع على الكشف على أكثر من 725 مستوعباً مجهول المحتوى والمالك، من أصل نحو 10 آلاف مستوعب موجود في المرفأ. وحسب مصادر عسكرية، فإن العمل يتم بشكل متواصل طوال ساعات اليوم، وقد تم الكشف على أكثر من 656 مستوعباً، في وقت يستمر العمل على عشرات المستوعبات الأخرى؛ بعضها صعب الفتح نتيجة الآثار التي تركها عليها الانفجار.
وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن كل المستوعبات التي تم فتحها حتى الساعة لا تحوي مواد سامة، موضحة أنه «تم الاشتباه ببعض المواد الموجودة فيها، فأجريت لها فحوصات بالمختبر، ليتبين أنها مواد عضوية وأملاح وغيرها من المواد غير الخطرة». وأضافت المصادر: «معظم ما تحويه المستوعبات الأخرى، مأكولات منتهية الصلاحية وملابس لم يعد من مصلحة أصحابها التقدم لتسلمها، بعدما باتت الكلفة التي سيتكبدونها مرتفعة، لذلك ما يتم فرزه سيعاد توضيبه في المستوعبات وختمه وتسليمه للجمارك لتتصرف بها».
وللمفارقة أن مستوعبات المواد الخطرة التي تهدد المرفأ، كما العاصمة بيروت ككل، لم تكن تقتصر على الـ2750 طن نيترات التي انفجر قسم كبير منها في أغسطس الماضي، ولا على الـ52 مستوعباً التي تعالجها الشركة الألمانية، باعتبار أنه وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، أعلنت قيادة الجيش اللبناني الكشف على 4 مستوعبات في «بورة الحجز» التابعة للجمارك خارج المرفأ قرب المدخل رقم 9، تبين أنها تحتوي على كمية من مادة نيترات الأمونيوم تبلغ زنتها حوالي 4 أطنان و350 كلغ، تمت معالجتها في ذلك الوقت.
وليس بعيداً، ترسو إحدى البواخر الشاهدة على هول انفجار الرابع من أغسطس على البر قبالة إهراءات القمح المتداعية. هي تبدو مهترئة تماماً ولم يعد فيها صامداً إلا بعض هيكلها الذي عاف به الصدأ لحد يدفع للاعتقاد أنها كانت في المرفأ منذ نشأته. وحسب مدير عام النقل البري والبحري الدكتور أحمد تامر، فإن هناك 13 باخرة عالقة في مرفأ بيروت بينها 7 غارقة وحوالي 10 منها لديها مشكلات قانونية، وأخرى تنتظر حل مشاكلها مع شركات التأمين، مشدداً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، على وجوب إصدار القضاء قراراته سريعاً لبيعها في المزاد العلني وتوزيع مردودها على أصحابها، لأن وجودها على حالها هناك يعطل عدداً من الأرصفة.
وترسو باخرتان متضررتان على الرصيف رقم 15 وباخرة أخرى على الرصيف رقم 10، فيما تستعد إحدى البواخر المتضررة المحملة بالقمح لمغادرة الرصيف رقم 8 بعد تلف حمولتها.
ولعل أضخم البواخر الغارقة في المرفأ هي الباخرة السياحية «أورينت كوين» التي لا يزال يطفو جزء صغير منها فوق سطح الماء. وكان صاحبها رجل الأعمال اللبناني مرعي أبو مرعي، تقدم بدعوى قضائية ضد المسؤولين اللبنانيين كافة، والمتسببين بانفجار مرفأ بيروت، الذي تسبب بغرق باخرته السياحية ومقتل اثنين من طاقمها.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.