تقارير أوروبية تؤكد مواصلة تركيا إرسال الأسلحة والمرتزقة إلى ليبيا

وزير الدفاع التركي خلال زيارته الأخيرة إلى طرابلس لدعم حكومة الوفاق (أ.ب)
وزير الدفاع التركي خلال زيارته الأخيرة إلى طرابلس لدعم حكومة الوفاق (أ.ب)
TT

تقارير أوروبية تؤكد مواصلة تركيا إرسال الأسلحة والمرتزقة إلى ليبيا

وزير الدفاع التركي خلال زيارته الأخيرة إلى طرابلس لدعم حكومة الوفاق (أ.ب)
وزير الدفاع التركي خلال زيارته الأخيرة إلى طرابلس لدعم حكومة الوفاق (أ.ب)

كشفت تقارير أوروبية، أمس، استمرار تركيا في إرسال الأسلحة إلى قاعدة الوطية الجوية بغرب طرابلس، التي تتخذها مقرا لقواتها في ليبيا. في الوقت الذي أكد فيه المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، احتفاظ تركيا بسبعة آلاف من المرتزقة السوريين، الذين قامت بنقلهم للقتال إلى جانب ميليشيات حكومة الوفاق الوطني، بعد أن أعادت أكثر من 10 آلاف منهم خلال الشهرين الماضيين.
وأفادت وكالة «نوفا» الإيطالية أمس بوصول طائرتي شحن تركيتين إلى قاعدة الوطية، قائلة إن إحداهما حملت أنظمة دفاع جوي، تستخدم حصرا ضمن منظومة حلف شمال الأطلسي (الناتو). فيما حملت الثانية مواد لوجستية وعناصر من تركمان سوريا، من الفصائل السورية المسلحة الموالية لتركيا، الذين ترسلهم للقتال كمرتزقة إلى جانب حكومة الوفاق. في الوقت ذاته، كشف مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، أمس، عن وجود 7000 مرتزق سوري جلبتهم تركيا للقتال إلى جانب حكومة الوفاق.
وقال عبد الرحمن في تصريح إن المرتزقة لم يحصلوا على كامل مرتباتهم، التي وعدتهم بها تركيا، والمقدرة بـ 2000 إلى 3000 دولار، مبرزا أن قادة المرتزقة يقومون باقتطاع مبالغ مهمة من مرتباتهم قبل تحويلها لأهلهم في بلدهم، كما يتم تأخيرها للاتجار بها في سوق العملات التركية.
ولفت المرصد السوري في تقرير له إلى أن قضية وجود المرتزقة السوريين في ليبيا، عادت إلى الواجهة في ظل تعليق الملف من قبل الحكومة التركية، التي حولت المقاتلين إلى مرتزقة وأرسلتهم إلى هناك، على الرغم من اتفاق الأطراف الليبية بجنيف في 24 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي على منح مهلة 90 يوما لخروج المقاتلين الأجانب والمرتزقة من ليبيا. لكن تركيا أوقفت عودة مقاتلي الفصائل من ليبيا إلى سوريا منذ منتصف نوفمبر الماضي.
ويعزز إيقاف تركيا لعملية عودة المرتزقة، الذين أرسلتهم للقتال في ليبيا، الشكوك حيال نيّة أنقرة عرقلة جهود التسوية في البلاد، لاسيما وأنها مددت مؤخرا مهمة قواتها في طرابلس 18 شهرا.
وأشار المرصد إلى أن تعداد المجندين الذين ذهبوا إلى الأراضي الليبية حتى الآن، بلغ نحو 18 ألف مرتزق من الجنسية السورية، من بينهم 350 طفلا دون سن الـ18، عاد منهم نحو 10750 إلى سوريا، بعد انتهاء عقودهم وأخذ مستحقاتهم المالية، كما سقط منهم 496 قتيلا. وكان موقع الرصد العسكري الإيطالي «إيتمال رادار»، المختص في تعقب حركة الطيران العسكري فوق البحر المتوسط، قد كشف أن تركيا واصلت نقل الأسلحة إلى غرب ليبيا، عبر رحلات طائرات شحن عسكرية تابعة لها. وأكد الموقع هبوط طائرتي شحن عسكريتين تركيتين من طراز «إيرباص إيه 400 إم» في قاعدة الوطية، مشيراً إلى أن الطائرتين انطلقتا من قاعدة «كونيا» وسط تركيا.
كما أشارت وسائل إعلام ليبية، نقلاً عن مصادر مطلعة، إلى أن تركيا نقلت إلى الأراضي الليبية بطاريات لصواريخ «هوك» الأميركية، وهي منظومة من نوع «أرض - جو» متوسطة المدى تمتلكها تركيا، ومنظومتي رادار «كالكان» ثلاثي الأبعاد، اللتين تستخدمان في عمليات الدفاع الجوي منخفضة ومتوسطة المدى، بالإضافة إلى معدات اتصال أخرى.
وتزامن ذلك مع إعلان وزارة الدفاع التركية استمرار التدريبات، التي انطلقت في 20 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، لعناصر من البحرية التابعة للوفاق حول الدفاع تحت الماء، والتي تستمر ستة أسابيع، قائلة إن دوراتها التدريبية متعددة الأبعاد لأفراد الجيش الليبي مستمرة في إطار اتفاقية التدريب والتعاون والتشاور العسكري، الموقعة مع حكومة الوفاق في 29 نوفمبر (تشرين الثاني) 2019. لافتة إلى أن التدريبات البحرية تجري في قاعدة «الخمس» شرق طرابلس.
وفي وقت سابق أعلنت وزارة الدفاع التركية أن قواتها نظمت تدريبات لعناصر الجيش الليبي، التابع لحكومة الوفاق الوطني على إطلاق النار بالأسلحة الثقيلة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».