البنتاغون يأمر بعودة حاملة طائرات لخفض التوترات في الخليج

حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس نيميتز» (أ.ف.ب)
حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس نيميتز» (أ.ف.ب)
TT

البنتاغون يأمر بعودة حاملة طائرات لخفض التوترات في الخليج

حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس نيميتز» (أ.ف.ب)
حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس نيميتز» (أ.ف.ب)

أمر وزير الدفاع بالإنابة كريستوفر ميلر بعودة حاملة الطائرات «يو إس إس نيميتز» إلى قاعدتها بالولايات المتحدة، في خطوة تهدف إلى خفض التوتر في الخليج العربي، في وقت أبلغت إيران القوى العالمية أنها ترغب في تجنب حرب في المنطقة، عقب عرض القوة الأخير من الولايات المتحدة، قبيل الذكرى السنوية الأولى لمقتل قائد «فيلق القدس»، الذراع الخارجية في «الحرس الثوري» الجنرال قاسم سليماني.
ووجه القائم بأعمال البعثة الإيرانية الدائمة لدى الأمم المتحدة، عشق الحبيب، رسالة إلى مجلس الأمن يعبر فيها عن تنديد إيران بما سماه «المغامرة العسكرية» الأميركية في الخليج وبحر عمان، متهما الولايات المتحدة بنشر «المعلومات الكاذبة، والاتهامات التي لا أساس لها، والخطاب التهديدي ضد بلاده».
وجاء في الرسالة «إذا تركت هذه الأعمال الحربية من دون رادع، فقد تزيد التوترات إلى مستوى ينذر بالخطر ومن الواضح أن المسؤولية الكاملة عن كل تداعياتها ستكون على عاتق الولايات المتحدة»، التي قامت بـ«إرسال أسلحة متطورة للغاية إلى هذه المنطقة في الأسابيع العديدة الماضية»، فضلاً عن أن الولايات المتحدة «قامت بعدد من الأعمال العسكرية الاستفزازية التي تشمل، على سبيل المثال لا الحصر، تحليق عدد من قاذفاتها الاستراتيجية بعيدة المدى في الأيام الأخيرة فوق الخليج». وقال: «أدت تدابير المواجهة هذه إلى زيادة تدهور البيئة الأمنية المتوترة بالفعل في هذه المنطقة شديدة الاضطراب».
وتابعت الرسالة أن إيران «لا تسعى إلى الحرب»، علماً أن «قدرتنا وتصميمنا الحازم على حماية شعبنا، والدفاع عن أمننا وسيادتنا وسلامتنا الإقليمية ومصالحنا الحيوية وكذلك الرد بحزم يوجب علينا عدم الاستهانة بأي تهديد أو استخدام للقوة ضد إيران». واعتبرت أن «هذه المغامرة العسكرية تتعارض بشكل واضح مع مقاصد ومبادئ الأمم المتحدة ولها تداعيات خطيرة على السلم والأمن الإقليميين والدوليين»، مطالبا مجلس الأمن بدفع الولايات المتحدة إلى «الالتزام بمبادئ وقواعد القانون الدولي ووقف هذه الإجراءات غير القانونية»، بالإضافة إلى مطالبة واشنطن «بوضع حد لإجراءاتها المزعزعة للاستقرار في منطقة مضطربة مثل الخليج».
وكانت القيادة الوسطى الأميركية قد أعلنت إرسال قاذفتين استراتيجيتين من طراز «بي 52» إلى الشرق الأوسط للتأكيد على ما قالت إنه التزام من جانب الجيش الأميركي تجاه أمن المنطقة وردع التهديدات الإيرانية.
ومع ذلك، أمر وزير الدفاع بالإنابة كريستوفر ميلر بعودة حاملة الطائرات «يو إس إس نيميتز» إلى قاعدتها بالولايات المتحدة. ونقلت شبكة «سي إن إن» عن مسؤولين في وزارة الدفاع «البنتاغون» أن الهدف من الخطوة هو خفض التوتر مع إيران، وأن هناك انقسامات في شأن مستوى التهديد الحالي من إيران. كما أشار المسؤولون إلى أن التوتر الأخير مبعثه معلومات استخباراتية تفيد بأن إيران والميليشيات المتحالفة معها في العراق تخطط لهجمات ضد القوات الأميركية بالمنطقة، وأن نشر قطع عسكرية أميركية بالخليج يعود لمعلومات تفيد بأن إيران نقلت صواريخ باليستية قصيرة المدى إلى العراق. وأكدوا أنه ليس هناك معلومات مؤكدة تشير إلى أن هجوم إيران على القوات الأميركية قد يكون وشيكاً.



سموتريتش يدعو مجدداً إلى تهجير نصف سكان غزة

مستوطنون يرقصون في مؤتمر يدعو إلى إعادة إنشاء المستوطنات اليهودية في غزة 21 أكتوبر الماضي (تايمز أوف إسرائيل)
مستوطنون يرقصون في مؤتمر يدعو إلى إعادة إنشاء المستوطنات اليهودية في غزة 21 أكتوبر الماضي (تايمز أوف إسرائيل)
TT

سموتريتش يدعو مجدداً إلى تهجير نصف سكان غزة

مستوطنون يرقصون في مؤتمر يدعو إلى إعادة إنشاء المستوطنات اليهودية في غزة 21 أكتوبر الماضي (تايمز أوف إسرائيل)
مستوطنون يرقصون في مؤتمر يدعو إلى إعادة إنشاء المستوطنات اليهودية في غزة 21 أكتوبر الماضي (تايمز أوف إسرائيل)

دعا وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، مجدداً، إلى احتلال قطاع غزة، وتشجيع نصف سكانه البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة على الهجرة خلال عامين، معززاً المخاوف حول وجود خطة فعلية لذلك.

وفي حديثه خلال مؤتمر نظمه مجلس «يشع»، وهو منظمة تمثل بلديات المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، قال سموتريتش: «يمكننا احتلال غزة، وتقليص عدد سكانها إلى النصف خلال عامين، من خلال استراتيجية تشجيع الهجرة الطوعية». وأضاف: «من الممكن خلق وضع كهذا... لن يكلف الكثير من المال، وحتى لو كان مكلفاً، فلا ينبغي لنا أن نخاف من دفع ثمنه».

وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش (أ.ب)

ومطالب سموتريتش باحتلال غزة ليست جديدة، لكنها تعزز المخاوف الكثيرة من أن هذه المطالب المتكررة تعكس وجود أهداف غير معلنة للحرب الحالية في غزة، وتشمل احتلالاً طويلاً وحكماً عسكرياً واستئناف الاستيطان هناك. وعلى الرغم من أن الأهداف المعلنة للحرب، ما زالت كما هي، «القضاء على (حماس)» و«استعادة المحتجزين»، لكن ما يجري في تل أبيب وقطاع غزة نفسها، لا يؤيد ذلك، ويشير إلى أهداف أخرى، إذ يمتنع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن وضع خطة لليوم التالي في قطاع غزة، وتعمل إسرائيل في غزة على تعميق السيطرة عبر توسيع المحاور، وإنشاء ما يشبه «المواقع العسكرية» الدائمة.

ولا يبدو أن إسرائيل تخطط لحكم عسكري وحسب، إذ أصبح هذا مكشوفاً إلى حد ما، لكن أيضاً لاستئناف الاستيطان هناك، وهي الخطوة الأكثر إثارة للجدل لو حدثت.

وتثير العملية العسكرية الدامية في شمال قطاع غزة القائمة على تهجير الفلسطينيين تحت النار، وعزل جزء من الشمال عن بقية مناطق القطاع المقسمة، المخاوف من أن الجيش يمهد المكان لعودة المستوطنين.

وفي وقت سابق الأسبوع الماضي، في ذروة الهجوم الإسرائيلي المنظم، قام جنود إسرائيليون في غزة بمساعدة قيادية استيطانية على دخول القطاع لمسح المواقع المحتملة للمستوطنات اليهودية دون الحصول على إذن من قادتهم.

وقالت «هيئة البث الإسرائيلية» آنذاك إن دانييلا فايس، التي تقود الجهود لإعادة الاستيطان في شمال غزة، قامت بجولة على الجانب الإسرائيلي من السياج الحدودي لغزة، وقد عبرت مع مجموعتها الحدود، من خلال وسائل غير واضحة، وسارت مسافة قصيرة داخل القطاع، مؤكدة أنها تنوي الاستفادة من الوجود العسكري في غزة لتوطين اليهود هناك تدريجياً.

وثمة ربط مباشر بين تهجير الفلسطينيين وإقامة مستوطنات جديدة في غزة. وكانت إسرائيل تقيم في غزة 21 مستوطنة، فككت جميعها بموجب خطة فك الارتباط عام 2005، والتي أدت كذلك إلى انسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع.

ويتضح من تصريحات سموتريتش أنه يضع ميزانية لاحتلال غزة. وقال سموتريتش إن «احتلال غزة ليس كلمة قذرة. إذا كانت تكلفة السيطرة الأمنية (على القطاع) 5 مليارات شيقل (1.37 مليار دولار)، فسأقبلها بأذرع مفتوحة. إذا كان هذا هو المطلوب لضمان أمن إسرائيل، فليكن».

وكانت سموترتيش يرد على مخاوف أثارتها المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ووزارة الخزانة من العواقب الهائلة التي قد يخلفها احتلال غزة على الاقتصاد الإسرائيلي.

وأصر سموتريتش على أن الطريقة الوحيدة لهزيمة «حماس» هي استبدال حكمها في غزة، وأن إسرائيل هي الطرف الوحيد القادر على القيام بذلك، حتى لو كان ذلك يعني تكليف الجيش الإسرائيلي بإدارة الشؤون المدنية للفلسطينيين في غزة.

وزعم سموتريتش أنه بمجرد إثبات نجاح سياسة «تشجيع الهجرة» في غزة، يمكن تكرارها في الضفة الغربية، حيث يعيش 3 ملايين فلسطيني.

وينادي رئيس حزب «الصهيونية الدينية» منذ فترة طويلة بضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية، وأعلن في وقت سابق من هذا الشهر أن فوز الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في الانتخابات يوفر فرصة لتحقيق هذه الرؤية.

وكان سموتريتش واحداً من بين الكثير من الوزراء في الحكومة الذين حضروا حدثاً، الشهر الماضي، يدعو إلى إعادة إنشاء المستوطنات اليهودية في غزة. وقال سموتريتش قبيل مشاركته في المؤتمر إن الأراضي التي تخلت عنها إسرائيل في الماضي تحولت إلى «قواعد إرهابية أمامية إيرانية»، وعرضت البلاد للخطر.

فلسطينيون على طول الطريق بعد هطول الأمطار في خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)

لكن هل يستطيع سموترتيش إعادة احتلال واستيطان غزة؟ بالنسبة للكثيرين نعم، وهناك آخرون يعتقدون أنه لا يمكن ذلك، وعلى الأغلب فإن الأمر منوط بكيف ستنتهي الحرب في القطاع. وكتب عيران هلدسهايم في «تايمز أوف إسرائيل» متهماً سموتريتش بأنه يحاول أن يقنع الجمهور بسرد جديد يقوم على أنه إذا حققت إسرائيل أهدافها في الحرب وهزمت أعداءها، فإن السلام والأمن سيعودان إلى المنطقة.

وقال هلدسهايم: «في الظاهر، تبدو هذه الرواية منطقية، لكنها في الواقع شعار فارغ. ويبدو أن هذه الرواية تهدف بالأساس إلى إعداد الرأي العام لاستمرار الحرب، وفي الوقت نفسه الترويج لرؤية الاستيطان في قطاع غزة، وهو الهدف المركزي لسموتريتش ومؤيديه، لكن التاريخ يروي قصة مختلفة تماماً».

وأضاف: «يظهر التاريخ أن الحروب المطولة انتزعت ثمناً اقتصادياً باهظاً من إسرائيل، ولم تسهم في النمو». وتابع: «نهاية الحرب، كما طرحها سموتريتش، تعني الاستيلاء على مساحات واسعة في قطاع غزة. في المرحلة الأولى، يضغط الوزير بأن يكون الجيش هو من يقوم بتوزيع المواد الغذائية على السكان. وبعد أن تحظى هذه الخطوة بقبول الجمهور، يخطط سموتريتش للانتقال إلى المرحلة التالية: تطبيق الحكم العسكري الكامل في القطاع وإدارة حياة السكان الفلسطينيين بشكل مباشر. والهدف النهائي لهذه الخطة العظيمة هو إعادة الاستيطان في قطاع غزة».

ورأى الكاتب أن «رؤية سموتريتش تضع عبئاً مالياً ثقيلاً لا يطاق على كاهل إسرائيل»، مشيراً إلى أن التقديرات إلى تكلفة إضافية تبلغ نحو 20 مليار شيقل سنوياً، وهو مبلغ لا تملكه الدولة، ودون الأخذ في الحسبان تكاليف إعادة إعمار القطاع والثمن الباهظ المتمثل في حياة الجنود. ستُضطر إسرائيل إلى اعتماد خطة «الاقتصاد بعون الله» للخروج من هذا الوضع بسلام.

وتحدث الكاتب عن تهديدات خارجية أهم من «حماس» مثل إيران، وأخرى داخلية متمثلة بالتهديد الذي يقوض قدرة «الصمود الوطنية» أكثر من أي عدو. وقال: «إن ادعاء سموتريتش بأن النصر سوف يجلب الأمن، والأمن سوف يؤدي إلى النمو، يتجاهل الواقع المعقد»، وحقيقة أن الأمن الاقتصادي والاجتماعي لا يتحقق من خلال الحروب التي لا نهاية لها والحكم العسكري، بل من خلال الاستقرار الإقليمي. وأردف: «لكن كل هذه الأمور تتعارض مع الهدف الرئيسي لسموتريتش وهو الاستيطان في قطاع غزة؛ لذلك لا يمكنه إلا الاستمرار في بيع الأوهام للجمهور».