تحت ضغط الموجة الثانية من جائحة كورونا في مصر، أطلقت «قاعة راكوتيس المصرية للفن» معرضاً افتراضياً بعنوان «Atmosphere «، يضم 85 عملاً لـ22 فناناً من مشاهير الفن التشكيلي في مصر، بجانب فنانين من السودان والصين.
ويهدف المعرض الذي يستمر حتى 31 يناير (كانون الثاني) الحالي، للترويج للأعمال التشكيلية التي تتنوع بين النحت والتصوير والتجهيز في الفراغ، ويقول الفنان محمد الزهيري، مؤسس «راكوتيس» لـ«الشرق الأوسط»، «يبرز المعرض التجارب والتفاعلات الإنسانية المتباينة لهؤلاء الفنانين خلال الجائحة، وما قبلها، وتقدم أعماله المتنوعة مشاهد من الحياة اليومية المليئة بالتناقضات، كما تظهر الأماكن والأزمنة خلال الأعمال بوضوح، باعتبارها أجواء تؤثر في الفنانين وأعمالهم التشكيلية».
ويضم المعرض عشرات الأعمال لـ22 فناناً، من بينهم طه نصر، وأحمد سنبل، ومحمد عادل الدسوقي، وأحمد علام، وسعاد عبد الرسول، ومحمد زيادة، ورانيا أبو العزم، ووائل درويش، وماريان نصحي، ونهى ناجي، وأحمد يسري، وسارة قاسم، بالإضافة للفنان السوداني خالد عبد الرحمن، والفنانة الصينية كيرو هي، التي درست السينما والرسم والخزف قبل قدومها إلى مصر للتركيز على الإبداع الفني.
ويشير الزهيري إلى أن معرض «أتموسفير» يقدّم مزيجاً من التجارب الفنية التي تنتمي إلى بيئات ثقافية مختلفة، لافتاً إلى أن «المعارض الافتراضية تُنظّم بكثرة، في أوروبا وأميركا، لكن التواجد العربي والأفريقي فيها يعدّ نادراً نوعاً ما، والمنافسة فيها تبدو صعبة جداً؛ لذلك حاول المعرض الحالي، إتاحة الفرصة لظهور أعمال الفنانين للجمهور على نطاق واسع، خصوصاً مع اشتداد الموجة الثانية من الجائحة في مصر وبعض دول العالم».
وطغت على اللوحات تأثيرات البيئة المحيطة بالفنانين، فمنهم من قدّم وجوهاً حزينة، ترتسم عليها علامات القلق والخوف من المستقبل، مثل الفنان جوزيف الدويري، ومنهم من قدم تفاصيل للبيئة التي يعيش فيها ببيوتها وساحاتها الفسيحة، وأشجارها التي تطل على العالم من بين البيوت.
أمّا الفنان أحمد الزلباني، فقد جمع في لوحاته العديد من الكائنات التي تبدو في حالة مغادرة، فبدت كأنها في سفينة نوح تسعى للهرب من الواقع الذي تعيش فيه والنجاة من مجهول تخشاه، في حين بدت الفنانة عزة مصطفى متفائلة، واستخدمت العديد من العناصر النباتية، وثمار الفاكهة، ووضعتها في أجواء مفرحة، وجعلت منها قاعدة للعديد من الفروع والأوراق المضيئة، التي تملأ فضاء المكان، وفي لوحات الفنان وائل درويش سيطر اللون الأزرق والأصفر على أجوائها، بينما استعان الفنان مصطفى نبوي في نقل رغبته في الخروج من أسر اللحظة الراهنة بكائنات سابحة في الأجواء، منح بعضها أجنحة، وظهر بعضها الآخر كأنه على حافة الفرح والخروج من مأزق ما، وفي لوحات الفنان مجدي الكفراوي بدت سيدات في حالة انتظار وتأمّل، كأنّهنّ يتطلعن لشيء ما، وسيطرت على لوحات الفنانة الصينية كيرو عناصر إنسانية ومكانية، فبدت فيها النساء كأنهنّ كائنات أسطورية يشرفن على البيوت والمدينة من أعلى، ويضئن أجواءها.
وتقول كيرو هي، التي تشارك في المعرض بأكثر من عمل، لـ«الشرق الأوسط»، «ساعدني الاستقرار في القاهرة منذ 4 سنوات على التواجد بشكل دائم في المعارض الفنية المتنوعة»، وأشارت إلى أن «التطور السريع للاقتصاد الصيني ساعد في ظهور الكثير من الأفكار الجديدة لدى فنانين يقدّمون أعمالاً فنية تجنح للتجريبية بشكل لافت، وهذا هو أكبر اختلاف بين مصر والصين في الفن المعاصر، وعلى الرغم من الجنوح نحو التجريبية، فإنه يصعب تحديد الاتجاه الفني الأكثر شيوعاً في الصين خلال الفترة الحالية»، مبررة ذلك بأن «كل أنواع الفنون تزدهر معاً وفي وقت واحد؛ لذا يمكن ملاحظة أن الفنّين التقليدي والمعاصر يتمتعان بقدر متساوٍ من الانتشار؛ ما يجعل سوق الفن الصيني تعج بالحياة، وهي مرشحة لأن تكون الأكبر في العالم قريباً»، على حد تعبيرها.
ووفق الفنان وائل درويش، فإن عنوان المعرض «أتموسفير» يعتبر جزءاً من فلسفة أعماله التي ترتبط بالمجتمع، وتسجّل تبدلاته وحركته.
ويقول درويش الذي يعمل أستاذاً للرسم والتصوير في كلية التربية الفنية جامعة حلوان، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الرسم يشغل جزءاً كبيراً من حياته، وإنّه يسعى لاستكمال الرؤية الفنية لمشروعه الذي يعكف عليه، ويعمل على تطويره بخوض تجارب كثيرة لتطوير أفكاره»، مشيراً إلى أنه «يعتمد على دمج اتجاهات فنية عدّة في كل لوحة من لوحاته، حيث يشكل العنصر الإنساني فيها دور البطولة، ويُتناول في إطار سريالي يذخر بالرموز، وتتجلى فيه تعبيرية لونية تندمج في أجواءٍ من الواقعية السّحرية، وتتنوّع بين العمل الفني التصويري وخلط الخامات والتجهيز في الفراغ والفن الرقمي».
تفاعلات إنسانية متباينة في «أتموسفير»
معرض افتراضي في مصر يضم 85 عملاً متنوعاً
تفاعلات إنسانية متباينة في «أتموسفير»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة