النفط يستقبل 2021 بآمال التعافي من جراح «كورونا»

النفط يستقبل 2021  بآمال التعافي من جراح «كورونا»
TT

النفط يستقبل 2021 بآمال التعافي من جراح «كورونا»

النفط يستقبل 2021  بآمال التعافي من جراح «كورونا»

فقدت أسواق النفط الخام العالمية نحو خُمس قيمتها في 2020؛ إذ تسببت إجراءات العزل العام الصارمة لمكافحة فيروس «كورونا» في شل معظم الاقتصاد العالمي؛ لكن الأسعار انتعشت بقوة من مستوياتها المتدنية، إذ تقدم الحكومات تحفيزاً.
ويوم الخميس، آخر أيام التداول في 2020، انخفض خام القياس العالمي برنت ثمانية سنتات، أو ما يعادل 0.2 في المائة إلى 51.55 دولار للبرميل، بحلول الساعة 07:56 بتوقيت غرينتش. وخسر خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 13 سنتاً، أو ما يعادل 0.3 في المائة إلى 48.27 دولار للبرميل.
وقال ستيفن إينس، كبير استراتيجيي السوق لدى «أكسي»: «إنه هدوء نهاية العام؛ لكن ضعف الدولار يساهم في منع السوق من التراجع أكثر».
وزاد خاما برنت وغرب تكساس الوسيط بأكثر من الضعف من المستويات المتدنية المسجلة في أبريل (نيسان)، ليتخطيا عاماً شهد أول أسعار سلبية لخام غرب تكساس، مما تسبب في صدمة للمستثمرين في أنحاء العالم.
وارتفعت الأسهم الآسيوية الخميس، وتتجه لاختتام عام 2020 المضطرب عند مستويات قياسية مرتفعة، بعد تنامي آمال المستثمرين في تعافٍ اقتصادي عالمي، مما أدى إلى انخفاض الدولار أكثر مقابل معظم العملات الرئيسية.
ويُنهي الدولار 2020 في دوامة هبوطية مع مراهنة المستثمرين على أن التعافي الاقتصادي العالمي سيجتذب الأموال للأصول عالية المخاطر، حتى في الوقت الذي تقترض فيه الولايات المتحدة المزيد لتمويل عجزها المزدوج المتضخم.
وتتجه أسواق السلع الأولية العالمية لاختتام 2020 بأداء قوي، في ظل تعافي الطلب، وحزم تحفيز واسعة الانتشار، مما يدعم الأسعار بعد اضطراب ناجم عن جائحة فيروس «كورونا». ومن المتوقع أن يدعم طرح اللقاحات للوقاية من الفيروس ودعم مالي بتريليونات الدولارات الاستثمار والإنفاق في 2021.
لكن من جهة أخرى، أظهر استطلاع للرأي أجرته «رويترز» الخميس، أن من المستبعد أن تشهد أسعار النفط كثيراً من التعافي في 2021؛ إذ تهدد السلالة الجديدة لفيروس «كورونا» والقيود على السفر المرتبطة بها الطلب على الوقود الذي يعتريه الضعف بالفعل.
وتوقع الاستطلاع الذي شمل 39 خبيراً اقتصادياً ومحللاً، وأُجري في النصف الثاني من ديسمبر (كانون الأول) أن يبلغ سعر خام برنت في المتوسط 50.67 دولار للبرميل في العام الجديد، ارتفاعاً من استطلاع شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي الذي توقع أن يبلغ متوسط السعر 49.35 دولار للبرميل في 2021؛ لكن دون تغيير عن سعر برنت في التداولات عند نحو 51 دولاراً الخميس.
وكشف الاستطلاع أنه من المتوقع أن يبلغ متوسط سعر العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 47.45 دولار للبرميل في 2021. ويمثل ذلك ارتفاعاً عن المتوسط المتوقع في نوفمبر عند 46.40 دولار للبرميل؛ لكن دون تغيير عن سعر برنت في تداولات الخميس عند 48 دولاراً.
وتسبب رصد سلالة جديدة من فيروس «كورونا» في بريطانيا في ديسمبر في زيادة مخاطر تجدد قيود وأوامر البقاء في المنازل، مما قد يؤدي بجانب التوزيع التدريجي للقاحات مضادة للفيروس إلى تقييد مكاسب الأسعار أكثر.
ويقول محللون إن تعافي الطلب على النفط سيتوقف على وتيرة توزيع اللقاحات التي جرى تطويرها للوقاية من الفيروس، بينما يتوقع البعض عدم العودة إلى مستويات ما قبل الجائحة حتى أواخر 2022 أو 2023.
وقال إدوارد مويا كبير، محللي السوق لدى «أواندا»، إن «الفيروس الجديد يفرض ضغوطاً قد تعقد التوقعات، وتؤدي إلى إجراءات عزل عام أشد صرامة ستعرقل آفاق الطلب على الخام في الربع الأول. إجراءات العزل العام الإضافية والتحرك الحذر لـ(أوبك+) لزيادة الإنتاج سيكونان النقطة المحورية للربع الأول من العام».
واتفق منتجو «أوبك» وحلفاء من بينهم روسيا، المجموعة المعروفة باسم «أوبك+»، على تقليص تخفيضات إنتاجهم بمقدار 500 ألف برميل يومياً، بدءاً من يناير (كانون الثاني) الجاري.
ومن المقرر أن تجتمع «أوبك» في الرابع من يناير لبحث سياسة الإنتاج، بما في ذلك تخفيف إضافي محتمل قدره 500 ألف برميل يومياً في فبراير (شباط) المقبل.



​فوز ترمب يعقّد مهمة «الفيدرالي» في لجم التضخم وخفض الفائدة

صورة من عام 2017 تظهر ترمب وباول (رويترز)
صورة من عام 2017 تظهر ترمب وباول (رويترز)
TT

​فوز ترمب يعقّد مهمة «الفيدرالي» في لجم التضخم وخفض الفائدة

صورة من عام 2017 تظهر ترمب وباول (رويترز)
صورة من عام 2017 تظهر ترمب وباول (رويترز)

في حملته الانتخابية، وعد دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية أكثر صرامة على شركاء الولايات المتحدة التجاريين، وترحيل ملايين المهاجرين غير الشرعيين، وتمديد تخفيضاته الضريبية لعام 2017.

لكن هذه السياسات، إذا تم تنفيذها، قد تفرض ضغوطاً تصاعدية على الأسعار والأجور والعجز الفيدرالي. وهو ما من شأنه أن يعقد مهمة الاحتياطي الفيدرالي الساعي إلى خفض التضخم إلى هدف 2 في المائة، وحماية سوق العمل.

وفي خضم هذه المهمة الدقيقة، قد يقع البنك المركزي تحت دائرة الضوء السياسية غير المريحة إذا اتبع ترمب نمطه السابق في مهاجمة رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول علناً.

لقد تعهد ترمب بإعادة فرض التعريفات الجمركية على الواردات، واقترح تعريفة بنسبة 60 في المائة على المنتجات الصينية، وتعريفة بنسبة 10 في المائة على الواردات من دول أخرى.

ووفق «مورغان ستانلي»، فإن هذه التعريفات، إلى جانب التخفيضات الضريبية، قد تدفع التضخم إلى الارتفاع بنحو 2.5 نقطة مئوية. في حين يتوقع «غولدمان ساكس» أن تدفع سياسات ترمب المقترحة التضخم الأساسي إلى ما يزيد على 3 في المائة خلال عام 2025.

وإذا ارتفع التضخم بشكل كبير، فقد لا يكون أمام الاحتياطي الفيدرالي خيار سوى الاستجابة بسياسة نقدية أكثر صرامة.

أنصار ترمب يحتفلون في فلوريدا (إ.ب.أ)

اجتماع الاحتياطي الفيدرالي

ومن المتوقع على نطاق واسع أن يخفض مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي يوم الخميس أسعار الفائدة المرجعية بمقدار ربع نقطة مئوية، وهي الخطوة التي ستأتي في أعقاب خفض بمقدار نصف نقطة في سبتمبر (أيلول). وقد توقعوا خفضاً آخر بمقدار ربع نقطة هذا العام، في ديسمبر (كانون الأول)، ونقطة كاملة إضافية من التخفيضات في عام 2025.

من المؤكد تقريباً أن باول سيواجه أسئلة حول كيفية تأثير الانتخابات على توقعات الاحتياطي الفيدرالي عندما يعقد مؤتمراً صحافياً الخميس بعد اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة.

لقد كان رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي يثير غضب ترمب بشكل متكرر خلال فترة ولايته الرئاسية الأولى. واستمرت هذه الانتقادات اللاذعة، حيث قال ترمب مؤخراً في أغسطس (آب) إن باول كان «مبكراً بعض الشيء ومتأخراً بعض الشيء» في اتخاذ القرارات.

وقال ترمب أيضاً إنه يعتقد أن الرؤساء يجب أن يكون لهم «رأي» في سياسة أسعار الفائدة في بنك الاحتياطي الفيدرالي، ولفت إلى أن صنّاع السياسات تصرفوا لأسباب سياسية عندما خفضوا أسعار الفائدة بنسبة نصف نقطة مئوية أكبر من المعتاد في سبتمبر.

باول ورئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في فيلادلفيا باتريك هاركر يتأهبان للمشاركة بمؤتمر نقدي (الاحتياطي الفيدرالي)

إبداء الرأي

في مقابلة أجريت في أكتوبر (تشرين الأول) مع «بلومبرغ»، قال ترمب إنه لا يعتقد بأنه يجب أن يكون قادراً على إصدار أوامر إلى الاحتياطي الفيدرالي بما يجب فعله، لكن لديه الحق في التعليق على اتجاه أسعار الفائدة. ومع ذلك، أثار مجمل خطابه تكهنات بأنه قد يسعى إلى الحد من استقلالية بنك الاحتياطي الفيدرالي، وإنهاء ممارسة استمرت لعقود من الزمن تتمثل في السماح للبنك المركزي بإجراء السياسة النقدية بشكل مستقل عن السلطة التنفيذية.

زعزعة الثقة

وقالت سارة بايندر، أستاذة العلوم السياسية بجامعة جورج واشنطن، إن الانتقادات العلنية والصريحة التي يوجهها الرئيس إلى بنك الاحتياطي الفيدرالي قد تزرع الشك.

وقالت بايندر: «من المؤكد أن هناك استقلالاً هيكلياً. ولكن لا يمكن لأي درجة من العزل الهيكلي أن تحميه إذا بدأ الناس يشكون في أنه سيفعل ما يقول إنه سيفعله».

وقد رفض بعض مستشاري ترمب المخاوف بشأن سعيه إلى التدخل في بنك الاحتياطي الفيدرالي. وقال سكوت بيسنت، أحد كبار مستشاريه الاقتصاديين، والرئيس التنفيذي لصندوق التحوط «كي سكوير غروب» إنه يريد فقط أن يكون صوتاً مسموعاً. وقال في مقابلة مع «بلومبرغ» إنه «يفهم أن استقلال البنك المركزي يرسخ توقعات التضخم طويلة الأجل التي ترسخ أسعار الفائدة طويلة الأجل».

وقال كيفن هاسيت، الذي شغل منصب رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين للبيت الأبيض خلال فترة ولاية ترمب الأولى، في مقابلة مع «غولدمان ساكس» نُشرت في أكتوبر، إن الشكوك حول التنسيق بين الاحتياطي الفيدرالي والسلطة التنفيذية «يجب أن تؤخذ على محمل الجد، ويجب على الإدارة المقبلة اختيار قيادة محايدة لبنك الاحتياطي الفيدرالي».

تتجمع السحب العاصفة فوق مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن قبل عاصفة رعدية (رويترز)

تأثير موارب

ستأتي الطريقة الأكثر مباشرة لترمب للتأثير على بنك الاحتياطي الفيدرالي من خلال تعيين موظفين رئيسيين في السنوات المقبلة. قال بالفعل إنه لن يعيد تعيين باول، الذي تنتهي فترة ولايته في مايو (أيار) 2026. وتنتهي فترة ولاية محافظ بنك الاحتياطي الفيدرالي أدريانا كوغلر في يناير (كانون الثاني) 2026، بينما يصبح منصب محافظ بنك الاحتياطي الفيدرالي شاغراً في يناير 2028، وبالتالي، ستتاح لترمب الفرصة لتسمية المعينين لكل من هذه المناصب.

وقالت مصادر متعددة مقربة من حملة ترمب إن هاسيت قد يكون الخيار النهائي لترمب لرئاسة الاحتياطي الفيدرالي. كما سيكون الرئيس المنتخب قادراً على ترشيح نائب رئيس للإشراف، وهو دور تنظيمي قوي يشرف على أكبر البنوك في البلاد. وقد عيّن الرئيس جو بايدن لهذا المنصب مايكل بار، الذي تنتهي ولايته في يوليو (تموز) 2026، وأثار بار انتقادات حادة من صناعة الخدمات المصرفية والجمهوريين بشأن اقتراح أولي لتعزيز رأس المال الذي يجب أن تحتفظ به البنوك.

وكتب مايكل فيرولي، كبير خبراء الاقتصاد الأميركي في «جيه بي مورغان تشيس آند كو»، في مذكرة بحثية في أكتوبر، أن شاغلي منصب بار استقالوا بعد وقت قصير من انتخاب رئيس من الحزب المعارض. أضاف فيرولي: «إذا اتبع بار هذه السابقة بعد فوز ترمب، فيمكن للرئيس الجديد التأثير بسرعة على السياسة التنظيمية، حتى لو كان تأثيره على السياسة النقدية أقل مباشرة».