الحكومة اليمنية تتجاوز صدمة التفجير وتعقد أولى اجتماعاتها في عدن

دعت إلى تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية... ورئيس الوزراء يتوعد الفاسدين

جانب من أول اجتماع للحكومة اليمنية في عدن أمس (الشرق الأوسط)
جانب من أول اجتماع للحكومة اليمنية في عدن أمس (الشرق الأوسط)
TT

الحكومة اليمنية تتجاوز صدمة التفجير وتعقد أولى اجتماعاتها في عدن

جانب من أول اجتماع للحكومة اليمنية في عدن أمس (الشرق الأوسط)
جانب من أول اجتماع للحكومة اليمنية في عدن أمس (الشرق الأوسط)

تجاوزت الحكومة اليمنية أمس (الخميس) صدمة محاولة اغتيالها بالهجوم الصاروخي الذي استهدف مطار عدن «الأربعاء»، وعقدت أولى اجتماعاتها في العاصمة المؤقتة، متهمة خبراء إيرانيين بالتحضير للهجوم الذي قالت إنه تم بصواريخ موجهة من مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية.
وفيما خصصت الحكومة اجتماعها الأول برئاسة رئيس مجلس الوزراء الدكتور معين عبد الملك، لمناقشة «الهجوم الإرهابي الآثم على مطار عدن الدولي» بدأت تحركاتها على الأرض لمعاينة الأضرار، وتعويض الضحايا، والعمل على استئناف حركة الطيران في غضون يومين.
جاء ذلك في وقت أفادت فيه وزارة الصحة بارتفاع ضحايا القصف الصاروخي للمطار الذي تزامن مع وصول الطائرة التي تقل الحكومة إلى 25 قتيلاً و110 جرحى، بينهم إعلاميون ومسؤولون و3 موظفين في اللجنة الدولية في «الصليب الأحمر» الدولي.
ودعت الحكومة في اجتماعها الاستثنائي المجتمع الدولي إلى تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية، وأقرت تأجيل مناقشة موجهات البرنامج العام لعملها إلى اجتماع آخر، وأكدت أن من خطط ونفذ للهجوم أراد «محاولة عرقلة توحيد الصف الوطني وتنفيذ اتفاق الرياض، واستعادة الدولة واستكمال إنهاء الانقلاب».
وبثت وسائل الإعلام الرسمية كلمة لرئيس الحكومة معين عبد الملك الذي أمر بصرف تعويضات لأسر الضحايا ومعالجة الجرحى على نفقة الدولة، وقام بزيارات ميدانية إلى المستشفيات للاطمئنان على أحوالهم ومتابعة علاجهم.
وقال عبد الملك: «المؤشرات الأولية للتحقيقات في الهجوم الإرهابي على مطار عدن الدولي تشير إلى وقوف ميليشيا الحوثي الانقلابية وراء هذا الهجوم، الذي تم من خلال صواريخ موجهة»، مشيراً إلى وجود معلومات استخباراتية وعسكرية عن وجود خبراء إيرانيين كانوا موجودين لتولي هذه الأعمال.
وأضاف: «عندما نتحدث عن ميليشيا الحوثي، فإن هذا يقودنا إلى الحديث عن إيران ومشروعها التخريبي في المنطقة من خلال تهديد الملاحة الدولية وابتزاز العالم عبر أذرعها ووكلائها من الميليشيات في المنطقة».
وتابع بالقول: «إن الهجوم الإرهابي رسالة واضحة من ميليشيا الحوثي إلى الشعب اليمني والمجتمع الدولي بأنها مجرد أدوات لدى إيران وليست جادة في السلام»... مشيراً إلى أن استهداف الحكومة هو استهداف للسلام وتأكيد على مضي هذه الميليشيا الإرهابية في أعمالها.
وشدد رئيس الحكومة اليمنية على «ضرورة أن تتعدى إدانات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي مجرد الاستنكار إلى الإشارة لمن ارتكب هذا الهجوم الإرهابي بوضوح ودون مواربة».
قال: «المجتمع الدولي لا يزال يناقش تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية أما بالنسبة لنا فالأمر واضح وأفعال وجرائم هذه الميليشيات تثبت أنها تنظيم إرهابي»، مشيراً إلى الهجوم الصادم وغير المسبوق باستهداف مطار مدني، وإلى ما وصفه بـ«تلك الصور المفزعة للضحايا» الذين سقطوا جراء الهجوم.
وذكرت المصادر الرسمية أن عبد الملك «وجّه وزارتي الخارجية والمغتربين والشؤون القانونية وحقوق الإنسان بالبدء في إعداد ملف متكامل عن الهجوم الإرهابي وتقديمه إلى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان والمجتمع الدولي»، مشدداً على ضرورة استكمال التحقيقات واستكمال اللجنة المشكلة من رئيس الجمهورية إجراءاتها في أسرع وقت ممكن. وكان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أمر بتشكيل لجنة برئاسة وزير الداخلية للتحقيق في الهجوم الصاروخي وكشف ملابساته.
وأكد عبد الملك أن حكومته «لا سبيل أمامها إلا النجاح وأنها ستكون أكثر صلابة في المرحلة المقبلة حتى يستعيد اليمن عافيته» وقال: «لن نهاب التهديدات مهما بلغت خطورتها، ولا شيء في هذه المرحلة مغرٍ في أي منصب كان، بل نضع أعناقنا على أيدينا من أجل الوطن، وسنقدم أي تضحيات لخدمة الشعب اليمني».
وأضاف: «هذه الحكومة هي الأمل لاستعادة التعافي والاستقرار، وأكرر أنه ليست لدينا حلول سحرية، لكننا سنعمل بكل الإمكانات على تطبيع الأوضاع في العاصمة المؤقتة والمحافظات المحررة والمضي في معركة استكمال إنهاء الانقلاب واستعادة الدولة، ولا وقت لدينا لنضيعه في هذه المرحلة الخطيرة، وعلى كل الوزراء فوراً القيام بمهامهم ومسؤولياتهم، وقد بدأ بالفعل عدد منهم فور وصولهم بمباشرة مهامهم، وهذا يستحق التقدير»، مؤكداً وقوف الحكومة إلى جانب محافظ عدن، وستقوم بكل ما يلزم لمساندته في ترتيب الجانب الأمني وتوحيد القرار العسكري والأمني. وشدد رئيس الوزراء على أن الحكومة «ستكون في حالة انعقاد دائم لمراقبة التطورات والعمل بكل الوسائل لتعزيز الأمن والاستقرار، ومراقبة الأوضاع الاقتصادية والإنسانية واتخاذ كل التدابير لتخفيف الأعباء على المواطنين».
وقال: «نشكر الأشقاء في تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية، ونحتاج في هذه المرحلة إلى مساندة إضافية للحكومة للقيام بمهامها وواجباتها، وكذلك نتطلع إلى دعم شركاء اليمن في التنمية من الدول الشقيقة والصديقة والمنظمات المانحة».
وذكرت المصادر الرسمية أن الاجتماع الحكومي «استمع إلى تقرير أولي من وزير الداخلية حول أعمال لجنة التحقيق في الحادث الإرهابي الذي استهدف مطار عدن الدولي وحول زيارته إلى المطار للاطلاع على إجراءات التحقيق، إضافة إلى الخطوات الجارية لتوحيد الأجهزة الأمنية ورفع قدراتها وكفاءاتها، وأولويات الوزارة وخططها لتنفيذ ذلك».
وبخصوص الوضع الاقتصادي والمالي، وجّه عبد الملك «بالتعامل بحزم مع أي محاولات تستهدف استغلال الأوضاع لزيادة الأعباء على المواطنين»، مؤكداً ضرورة انعكاس أسعار الصرف وتحسن العملة الوطنية على أسعار السلع وتنفيذ حملات رقابية من الوزارات المختصة لمتابعة ذلك، بحسب ما أوردته المصادر الرسمية.
وفي الوقت الذي أكدت الحكومة اليمنية أنها ستتخذ كل الإجراءات لسرعة إعادة تأهيل مطار عدن واستئناف عمله في أقرب وقت ممكن، قدرت مصادر أمنية أن يستأنف المطار نشاطه في غضون يومين.
وكانت الخطوط الجوية اليمنية أعلنت تحويل مسار الطيران القادم إلى عدن إلى مدينة سيئون، على خلفية الأضرار التي طالت المطار بسبب الهجوم الصاروخي.
في غضون ذلك، أعلنت وزارة الصحة العامة والسكان ارتفاع عدد ضحايا الهجوم إلى 134 شخصاً منهم 25 قتيلاً و110 جرحى، بينهم نساء وأطفال ومسؤولون حكوميون وموظفون بمؤسسات الدولة ومنظمات دولية ومدنيون، وتوزعوا على عدد من المستشفيات العامة والخاصة في مديريات عدن. وتوقعت الوزارة ارتفاع عدد الوفيات بسبب وجود كثير من الجرحى قالت إن حالاتهم حرجة، معربة عن أسفها لسقوط قتلى وجرحى «من موظفي اللجنة الدولية للصليب الأحمر، جراء الهجوم الذي طال أيضاً الطواقم والعاملين بالمجال الإغاثي والإنساني».
في الأثناء، دعت وزارة الشؤون القانونية وحقوق الإنسان في الحكومة اليمنية، الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمنظمات الدولية والإقليمية والعربية إلى الوقوف مع الحكومة لتصنيف من يقف وراء استهداف مطار عدن «جماعة إرهابية»، ما يجب أن يكون مستهدفاً في إطار العمل الدولي لمكافحة الإرهاب.
وقالت الوزارة، في بيان رسمي: «الاعتداء الإرهابي الجبان والغادر تبدو عليه بشكل واضح بصمات الميليشيات الحوثية الإرهابية مستهدفةً مطار عدن الدولي أثناء وصول الطائرة المدنية التي تقل حكومة الشراكة الوطنية بقصد القتل العمد وإيقاع أكبر قدر من الضحايا والأضرار».
وأكدت أن الهجوم «يعد خرقاً وانتهاكاً للقانون الدولي الإنساني، وكل الشرائع السماوية التي تحرم الاعتداء على المنشآت والأعيان المدنية وحياة المدنيين تحت أي ظروف، وتصنف مثل هذا السلوك سلوكاً إرهابياً وجرائم لا تسقط بالتقادم».
وأشار البيان إلى أهمية القرار الرئاسي «بتشكيل لجنة للتحقيق المهني في ملابسات الحادث الإجرامي، مع إمكانية مشاركة خبراء مجلس الأمن في الاطلاع على سير التحقيقات وسلامتها، وتحديد الجهة المسؤولة، وإعلان ذلك للرأي العام».


مقالات ذات صلة

الانفلات الأمني يفتك بمناطق سيطرة الحوثيين

العالم العربي تشييع قيادي حوثي توفي بشكل غامض في إب وسط تكهنات باغتياله جراء خلافات مالية (إعلام حوثي)

الانفلات الأمني يفتك بمناطق سيطرة الحوثيين

تشهد مناطق سيطرة الجماعة الحوثية تسارعاً غير مسبوق في الإعدامات الميدانية للمدنيين، وعلى خلفيات مناطقية، وتسبب الانفلات الأمني في حوادث اغتيال عدد من القيادات

وضاح الجليل (عدن)
مسلح حوثي يراقب تجمعاً لرجال القبائل في صنعاء (إ.ب.أ)

انفلات الثأر القبلي يكشف زيف مزاعم الحوثيين باحتواء الصراعات

تصاعدت حوادث الثأر والعنف القبلي في مناطق الحوثيين على الرغم من ادعاءاتهم تبني سياسات للصلح وإنهاء النزاعات التي يستغلونها لتعزيز نفوذهم وجني مزيد من الموارد.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي دعا عدد من السفراء الأجانب لخفض التصعيد وتسوية الخلافات بالحوار في اليمن (السفارة البريطانية)

دعوات دولية لخفض التصعيد وتسوية الخلافات بالحوار في اليمن

العليمي:«الإجراءات الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي تمثل خرقاً صريحاً لمرجعيات المرحلة الانتقالية وتهديداً مباشراً لوحدة القرار الأمني، والعسكري».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي يمنيان يبيعان الحبوب المنتجة محلياً في سوق بوسط صنعاء (إ.ب.أ)

انفجار أسعار في مناطق سيطرة الحوثيين يخنق معيشة السكان

التهمت موجة غلاء جديدة ما تبقّى من قدرة السكان الشرائية، في مناطق سيطرة الحوثيين الذين يضاعفون الجبايات، بالتوازي مع تراجع عالمي في أسعار المواد الاستهلاكية

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي أكد طارق صالح أن الظروف الراهنة مواتية لصالح حسم المعركة واستعادة الدولة ومؤسساتها (سبأ)

مسؤولان يمنيان يرفعان جاهزية الجبهات العسكرية

يعتقد المسؤولون اليمنيون أن جماعة الحوثي هي العدو الرئيسي والوحيد للشعب اليمني، وأن الظروف الراهنة مواتية لصالح حسم المعركة، واستعادة الدولة ومؤسساتها.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

جناح «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يستكمل خضوعه للحوثيين

جانب من اجتماعات سابقة لقيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء (إعلام محلي)
جانب من اجتماعات سابقة لقيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء (إعلام محلي)
TT

جناح «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يستكمل خضوعه للحوثيين

جانب من اجتماعات سابقة لقيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء (إعلام محلي)
جانب من اجتماعات سابقة لقيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء (إعلام محلي)

استكمل جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرة الحوثيين مسارَ الرضوخ لإملاءات الجماعة، وذلك بفصل الأمين العام للحزب، غازي علي الأحول، الذي لا يزال رهن الاعتقال، وتعيين شخصية مقرّبة من الجماعة نائباً لرئيس الحزب بديلاً عن أحمد علي صالح، نجل الرئيس اليمني الأسبق.

وعقدت اللجنة العامة (المكتب السياسي) لجناح الحزب اجتماعاً في صنعاء، الخميس، برئاسة صادق أمين أبو راس، رئيس الجناح في مناطق سيطرة الحوثيين، انتهى إلى اختيار عبد العزيز بن حبتور، الرئيس السابق لحكومة الحوثيين غير المعترف بها، نائباً لرئيس الحزب، في خطوة عُدّت استجابة مباشرة لمطالب حوثية علنية بعزل نجل الرئيس الأسبق، وتهديدات متكررة بإغلاق الحزب ومنع أنشطته.

جاء قرار إزاحة أحمد علي صالح بعد أسابيع من ضغوط متصاعدة مارستها الجماعة على قيادة جناح الحزب، شملت فرض قيود أمنية مشددة على تحركات رئيسه، وتهديدات بحل الحزب.


الدفاع المدني في غزة: سقوط 5 قتلى في قصف إسرائيلي على مدرسة

طفل فلسطيني يقف أمام منازل محطمة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل فلسطيني يقف أمام منازل محطمة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

الدفاع المدني في غزة: سقوط 5 قتلى في قصف إسرائيلي على مدرسة

طفل فلسطيني يقف أمام منازل محطمة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل فلسطيني يقف أمام منازل محطمة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

أعلن الدفاع المدني في غزة مقتل 5 فلسطينيين، الجمعة، في قصف إسرائيلي على مدرسة حوّلت إلى ملجأ، في حين قال الجيش إنه أطلق النار على «أفراد مشبوهين».

وقال المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل، لوكالة الصحافة الفرنسية، إنه تم «انتشال 5 شهداء جراء القصف الإسرائيلي لمركز إيواء مدرسة شهداء غزة» في حي التفاح، شرق مدينة غزة (شمال).

من جهته، قال الجيش الإسرائيلي لوكالة الصحافة الفرنسية إن قواته «أطلقت النار على الأفراد المشتبه بهم للقضاء على التهديد»، مضيفاً أنه «على علم بالادعاء المتعلق بوقوع إصابات في المنطقة، والتفاصيل قيد المراجعة».


العليمي يشيد بجهود السعودية والإمارات في خفض التصعيد شرق اليمن

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)
TT

العليمي يشيد بجهود السعودية والإمارات في خفض التصعيد شرق اليمن

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

أشاد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد محمد العليمي، بجهود السعودية والإمارات في احتواء التصعيد وخفض التوتر بالمحافظات الشرقية، مؤكداً أهمية عدم الانزلاق إلى خطوات أحادية، أو تحركات عسكرية خارج الأطر المرجعية للمرحلة الانتقالية.

وجاءت تصريحات العليمي خلال لقائه، الخميس، في الرياض، رئيس مجلس النواب، سلطان البركاني، وعضوي هيئة رئاسة المجلس، محمد الشدادي ومحسن باصرة، للتشاور حول المستجدات الوطنية، وفي مقدمتها التطورات في محافظتي حضرموت والمهرة، وجهود احتواء تداعياتها السياسية والاقتصادية والخدمية.

وبحسب المصادر الرسمية، استعرض العليمي خلال اللقاء، نتائج الاتصالات الجارية على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، مشدداً على ضرورة الحفاظ على التوافق الوطني القائم، وعدم اتخاذ أي إجراءات أحادية قد تعقّد المشهد أو تقوّض مسار الشراكة السياسية، مع التذكير بالمرجعيات الناظمة للمرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وأشاد رئيس مجلس القيادة الرئاسي بالدور الذي تضطلع به السعودية، ومعها الإمارات، في قيادة مسار تهدئة مسؤول يهدف إلى خفض التصعيد وإعادة تطبيع الأوضاع في المحافظات الشرقية، بما يشمل انسحاب القوات الوافدة من خارج هذه المحافظات، وتمكين أبنائها من إدارة شؤونهم المحلية، بما يعزز الاستقرار ويحافظ على السلم الأهلي.

وجدد العليمي التأكيد على موقف الدولة من القضية الجنوبية، بوصفها «قضية وطنية عادلة»، وجزءاً أصيلاً من أي تسوية سياسية شاملة، تبدأ بمعالجة مظالم الماضي، وتنفتح على الخيارات التي تقررها الإرادة الشعبية في ظروف طبيعية. كما رحب بما صدر عن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من دعم جهود خفض التصعيد، والتنبيه إلى مخاطر أي توترات على فرص العيش والسلم الأهلي والأمن الإقليمي.

تشييع قتلى ومخاوف حقوقية

ميدانياً، شُيعت في مدينة مأرب، الجمعة، جثامين عدد من قتلى المنطقة العسكرية الأولى في موكب جنائزي رسمي وشعبي، بحضور رئيس هيئة الأركان العامة، قائد العمليات المشتركة الفريق ركن صغير بن عزيز، وقيادات عسكرية وأمنية، وأعضاء مجلس النواب، وشخصيات اجتماعية. وأكد المشيعون، بحسب الإعلام الرسمي، المضي في استكمال ما وصفوه بالأهداف الوطنية، مع التشديد على استعادة مؤسسات الدولة وإنهاء انقلاب الجماعة الحوثية.

تشييع جنود في مأرب قتلوا خلال التصعيد العسكري بوادي حضرموت (سبأ)

من جهتها، أعلنت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات توثيق 312 حالة اعتقال تعسفي وإخفاء قسري، قالت إن عناصر تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي نفذتها في وادي وصحراء حضرموت خلال الفترة من 2 إلى 18 ديسمبر (كانون الأول) 2025. وأوضحت الشبكة أن الاعتقالات شملت عسكريين ومدنيين من محافظات عدة، بينها حضرموت وتعز وريمة وذمار وحجة وأبين.

وأشارت الشبكة إلى تلقي بلاغات عن حملات اقتحام واعتقال واسعة في مدينة الشحر دون أوامر قضائية، إضافة إلى توثيق حالات اختطاف في مدينة سيئون، من بينها قاصران، معتبرة أن ذلك يمثل انتهاكاً خطيراً للقوانين الوطنية والمواثيق الدولية، لا سيما اتفاقية حقوق الطفل. وطالبت الشبكة بالإفراج الفوري عن جميع المحتجزين وفتح تحقيقات مستقلة، محذرة من مخاطر استمرار هذه الممارسات على السلم المجتمعي وسيادة القانون.

الزبيدي: الوجهة صنعاء

في موازاة ذلك، قال عضو مجلس القيادة الرئاسي ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي، إن الهدف المشترك للقوى الوطنية المناهضة للجماعة الحوثية، يتمثل في تحرير مناطق الشمال الخاضعة لسيطرتها، وصولاً إلى العاصمة صنعاء.

وجاءت تصريحاته خلال لقائه، في القصر الرئاسي بمدينة عدن، قيادات جبهة مريس وحجر شمال محافظة الضالع، حيث استعرض مستجدات الأوضاع العسكرية وسبل تنسيق الجهود لمواجهة ما وصفه بالتصعيد الحوثي.

ونقل إعلام المجلس الانتقالي الجنوبي عن الزبيدي قوله إن الإجراءات التي نفذتها القوات التابعة للمجلس أخيراً في محافظتي حضرموت والمهرة، جاءت في سياق «تأمين الجنوب»، ليكون منطلقاً لتحرير مناطق الشمال، مؤكداً أن «الوجهة هي صنعاء»، رغم ما عدّه محاولات بعض القوى «حرف مسار المعركة عبر افتعال صراعات جانبية».

الزُّبيدي مجتمعاً في القصر الرئاسي بعدن مع قيادات عسكرية مرابطة في جبهات الضالع (المجلس الانتقالي الجنوبي)

ودعا الزبيدي إلى عدم الالتفات لما وصفها بـ«حملات التشويش والضجيج الإعلامي» الصادرة عن قوى فقدت تأثيرها السياسي، معتبراً أن الالتزام بالمسؤولية الوطنية والشراكة الصادقة يمثل الطريق الوحيد لتحقيق النصر.

وأضاف أن المجلس الانتقالي والقوات الجنوبية «ماضون على العهد» في مواجهة الحوثيين، مجدداً التأكيد على أن المعركة الأساسية يجب أن تبقى موجهة نحو الجماعة المدعومة من إيران.

وتطرق الزبيدي إلى الأوضاع الإنسانية في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، معرباً عن أسفه لما يتعرض له السكان هناك من «قتل واضطهاد»، ومحملاً قيادات سابقة مسؤولية ما وصفه بالتخلي عن مسار التحرير والانحراف نحو مصالح خاصة، على حساب المصلحة الوطنية العليا، وفق تعبيره.