توافق مصري ـ جزائري على التنسيق لإعادة الاستقرار إلى ليبيا

قوات «الوفاق» تجري تدريبات عسكرية بإشراف تركي

جانب من تدريبات قوات «بركان الغضب» الموالية لحكومة «الوفاق» بعربات تركية وسط طرابلس (أ.ف.ب)
جانب من تدريبات قوات «بركان الغضب» الموالية لحكومة «الوفاق» بعربات تركية وسط طرابلس (أ.ف.ب)
TT

توافق مصري ـ جزائري على التنسيق لإعادة الاستقرار إلى ليبيا

جانب من تدريبات قوات «بركان الغضب» الموالية لحكومة «الوفاق» بعربات تركية وسط طرابلس (أ.ف.ب)
جانب من تدريبات قوات «بركان الغضب» الموالية لحكومة «الوفاق» بعربات تركية وسط طرابلس (أ.ف.ب)

اتفق الرئيسان المصري والجزائري: عبد الفتاح السيسي، وعبد المجيد تبون، على تكثيف التنسيق المشترك، خلال الفترة المقبلة بين البلدين، من أجل عودة الأمن والاستقرار في ليبيا. وجاء ذلك في وقت تجري فيه قوات «الوفاق»، برئاسة فائز السراج، استعداداتها للبدء في تدريبات عسكرية مشتركة مع تركيا.
وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية، السفير بسام راضي، في بيان أمس، إن الرئيس عبد الفتاح السيسي، أجرى اتصالاً هاتفياً بنظيره الجزائري عبد المجيد تبون، لتهنئته على تعافيه من فيروس «كورونا»، وتطرقا إلى قضايا عدة بالمنطقة؛ حيث تبادلا الرؤى بشأن عدد من الملفات الإقليمية؛ خصوصاً الأوضاع في ليبيا.
وأضاف المتحدث أن الرئيس السيسي استعرض الجهود المستمرة التي تبذلها مصر في إطار المسار السياسي للأزمة الليبية، وأنه تم التوافق على تكثيف التنسيق المشترك خلال الفترة المقبلة بين البلدين، من أجل عودة الأمن والاستقرار لهذا البلد الشقيق؛ مشيراً إلى أن الاتصال تناول أيضاً التباحث حول سبل تعزيز أطر التعاون الثنائي بين البلدين لمكافحة انتشار «كورونا»، وإجراءات الوقاية الصحية، من خلال تبادل الخبرات بين الأجهزة المعنية.
ونقل المتحدث أن الرئيس تبون أكد اعتزاز الجزائر بالروابط والعلاقات الوثيقة التي تربطها بمصر على المستويين الرسمي والشعبي، مثمناً «تفاعل مصر المتزن والحكيم للتعامل مع مختلف القضايا الإقليمية، المستند على ثقلها السياسي المحوري على الصعيدين الإقليمي والدولي».
واستعداداً للتدريبات العسكرية التي ستجريها قوات «الوفاق» مع القوات التركية الموجودة في ليبيا، تفقد صلاح النمروش، وزير الدفاع بحكومة «الوفاق»، ورئيس الأركان العامة لقواتها الفريق محمد الحداد، قاعدة الخمس البحرية للوقوف على اكتمال تجهيزاتها، استعداداً لتنفيذ «برامج التدريب المشترك».
ووزعت عملية «بركان الغضب» التي تشنها قوات «الوفاق»، صوراً للزيارة، مشيرة إلى أن هذه التدريبات ستجريها عناصرها ضمن برنامج تدريبي ينفذه الجيش التركي، في إطار مذكرة التعاون الأمنية والعسكرية المبرمة بين الطرفين.
في غضون ذلك، أكد سفراء ألمانيا وإيطاليا والولايات المتحدة، والقائمان بأعمال سفارتي فرنسا والمملكة المتحدة، بالإضافة إلى بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، في اجتماع افتراضي عقدوه مساء أول من أمس، مع رئيس حكومة «الوفاق»، دعمهم الكامل لنجاح منتدى الحوار السياسي الليبي والحوارات الاقتصادية والأمنية المرتبطة به، والتي تيسرها الأمم المتحدة.
ورحبوا في بيان بعمليات تبادل الأسرى في الآونة الأخيرة، وحثوا على إحراز تقدم سريع لتسهيل إعادة فتح الطريق الساحلي بين مصراتة وسرت، حسبما اتفقت عليه اللجنة العسكرية المشتركة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
واعتبر المشاركون أن هناك حاجة إلى قيادة ليبية قوية ومشتركة، قُبيل الانتخابات المقررة في ديسمبر (كانون الأول) 2021. كما أكدوا على الحاجة إلى أن تكون التصريحات العامة بناءة وداعمة للعملية. كما لفت البيان إلى أن الجهات الدولية الفاعلة «تراقب عن كثب الإجراءات التي تتخذها جميع الأطراف للوفاء بالتزاماتها بنجاح الحوارات التي تيسرها الأمم المتحدة. وباعتبارها الحكومة المعترف بها دولياً، فإن لحكومة (الوفاق) دوراً خاصاً تلعبه في دعم هذه العملية بشكل كامل».
بدورها، أكدت ستيفاني ويليامز، رئيسة بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، أن موعد الانتخابات المقررة في ليبيا: «إنجاز ملح»، وأبلغت اجتماع ملتقى الحوار السياسي الذي عقد مساء أول من أمس، بأن «موعد الانتخابات في 24 ديسمبر المقبل، والطريق إلى هذه الانتخابات، هدفان لن نتراجع عنهما».
وأضافت ويليامز موضحة: «لا يمكننا الاستمرار في عملية مفتوحة إلى ما لا نهاية. لدينا هدف واضح وهو الانتخابات، وهناك حاجة ماسة لتوحيد المؤسسات، ومع ذلك فإننا نواجه تأخراً في التقدم نحو تحقيق مستوى مقبول من الإجماع على آلية لاختيار السلطة التنفيذية»، مقترحة تشكيل لجنة استشارية مكونة من 15 مشاركاً في الملتقى «للمساعدة في التوصل إلى توافق، بشأن هذه القضايا الخلافية».
في سياق ذلك، اعتبرت ويليامز أن نجاح العملية السياسية «لن يتحقق إذا كان النهج المتبع في هذه المداولات المهمة مبنياً على حسابات الربح والخسارة»، مشيرة إلى أن ما تحتاجه ليبيا «ليس معادلة لتقاسم السلطة؛ بل معادلة لتحمل المسؤولية بشكل تشاركي وصولاً إلى الانتخابات».
ولليوم الثاني على التوالي، تجاهل المستشار عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبي، ما كشفه أول من أمس وزير الخارجية التركي، مولود أوغلو، عن «اتصالات سرية» بين الطرفين، في وقت نفى فيه أحميد حومه، النائب الثاني لصالح، أمس، في بيان مقتضب، ما يتم تداوله من أخبار نقلت عنه حول العلاقات مع تركيا وزيارة مبعوثين لها، وقال إن ما يُنشر عنه في هذا الصدد عارٍ عن الصحة، وأنه «لا علم له بأي اتصالات في هذا الإطار».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».