فراغ سلطة في اليمن يقلق واشنطن

الحوثي يلعب على القضايا التي تزيد من مؤيديه

فراغ سلطة في اليمن يقلق واشنطن
TT

فراغ سلطة في اليمن يقلق واشنطن

فراغ سلطة في اليمن يقلق واشنطن

تركت الفوضى التي عصفت باليمن (خلفت ما لا يقل عن 8 قتلى يوم الاثنين في صنعاء) المواطنين يواجهون فراغا في القيادة في الوقت الذي استولت فيه الأزمات على مقدرات البلاد، بما في ذلك انتشار الصراعات المسلحة والجوع على نطاق كبير.
وقد سببت الاضطرابات مزيدا من القلق للمسؤولين الأميركيين لأن اليمن هو مقر فرع تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب»، الذي كان قد أعلن مسؤوليته حيال عدد من الهجمات الإرهابية، ومن أبرزها الهجوم على مقر مجلة «شارلي إيبدو» الفرنسية في باريس هذا الشهر.
وفي حين أن الحوثيين مناوئون لتنظيم القاعدة، إلا أنهم تعهدوا بالحد من النفوذ الأميركي على الحكومة اليمنية، التي تعاونت لسنوات طويلة مع الولايات المتحدة حيال هجمات الطائرات من دون طيار الأميركية ضد زعماء تنظيم القاعدة ومعاونيهم.
وسيطر تدهور الوضع في اليمن على أجندات الدبلوماسيين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الذي أصدر بيانا يؤكد على أن الرئيس هادي لا يزال يعتبر سلطة معترفا بها. وأدان البيان اللجوء إلى العنف وحث على الانتقال إلى الحوار.
رسخ تقدم الحوثيين يوم الثلاثاء، والمهلة الأخيرة التي أصدرها زعيمها، من مكانة الجماعة باعتبارها أقوى حركات المعارضة في اليمن. والسيد هادي، وكيل خطة الانتقال السياسي المدعومة دوليا، قد بدا أكثر تهميشها من أي وقت مضى.
بدأ صعود نجم الحوثيين في سبتمبر (أيلول)، عندما اجتاح المقاتلون العاصمة صنعاء، ليسيطروا على المنشآت الحكومية المهمة، متعهدين بإجبار حكومة الرئيس هادي على تنفيذ الإصلاحات السياسية والاقتصادية.
والحركة الحوثية (التي بدأت جماعة ناشطة تسعى لتأمين المزيد من الحقوق للأقلية الشيعية الزيدية في اليمن وحاربت لمدة 6 سنوات ضد الحكومة المركزية) قد عززت من سيطرتها على العاصمة صنعاء وخارجها.
لكن المقاتلين الحوثيين أثاروا موجة من الاستياء لمهاجمة منافسيهم، بما في ذلك الأحزاب السياسية السائدة، ليثيروا الشكوك بين شرائح الجماهير حول تكتيكاتهم العنيفة، وردود الفعل العنيفة من المتشددين السنة في تنظيم القاعدة الذين يواجههم الحوثيون.
وفي بيانه، لعب الحوثي على وتر القضايا التي تزيد من المؤيدين لحركته، واصفا هجمات مقاتليه في صنعاء بأنها رد فعل على ما سماه عناد الرئيس هادي والطبقة السياسية اليمنية الفاسدة، التي «تخلت» عن المسؤولية.
أشاد الحوثي، متحدثا أمام خلفية عليها عبارات تقول: «الثورة مستمرة»، بالجيش اليمني، محاولا مغازلة القوى الإقليمية الكبرى مثل المملكة العربية السعودية. وتعكس مطالب الحوثي، الذي اتهم الرئيس هادي بحماية الفساد، الاهتمامات الضيقة لحركته، ولا سيما الاهتمام بشأن مسودة الدستور؛ حيث اعترض الحوثيون على الخطة التي قد تؤدي إلى تقسيم اليمن إلى 6 أقاليم، ربما خوفا من أنها سوف تتسبب في إضعاف السلطة التي حازوها أخيرا. وقال: «إننا عازمون، ولن نتردد في فرض أي إجراءات ضرورية».
تقول أبريل لونغلي آلي، أبرز المحللين لدى مجموعة الأزمات الدولية التي توجد حاليا في صنعاء، إن بعض مطالب الحوثيين «مشروعة تماما». وأضافت: «إن الوسائل التي يستخدمونها هي التي تخرج بنتائج عكسية؛ فإن تطويع القوة المسلحة للحصول على ما يريدون قد خلق سيناريو يوحي باحتمالات الانهيار الحقيقي».
في يوم السبت، اختطف الحوثيون أحد كبار مساعدي الرئيس هادي في وضح النهار. وفي يوم الاثنين، اشتبكوا مع القوات الحكومية في صنعاء، باستخدام المدفعية وقذائف الهاون التي سقطت على المناطق السكنية.
وقال المسؤولون الأميركيون في اليمن إن سيارة تابعة للبعثة الدبلوماسية الأميركية في صنعاء تعرضت لإطلاق النار مساء الاثنين عند إحدى نقاط التفتيش التابعة للحوثيين بالقرب من السفارة، ولكن لم يصب أي ممن كانوا بالسيارة بأذى.
وانتهك في يوم الثلاثاء وقف إطلاق النار الهش الذي دخل حيز النفاذ مساء الاثنين، حيث طالب الحوثيون حراس القصر الرئاسي بالمغادرة وأغلقوا الطرق المؤدية إلى مقر الرئيس هادي.
قالت السيدة نادية السقاف وزيرة الإعلام اليمنية في تغريدة لها على موقع «تويتر» إن الحوثيين قصفوا مقر إقامة الرئيس هادي، ولكن السكان وصفوا القتال بأنه ليس أكثر من مناوشات بين المقاتلين الحوثيين وحراس الرئيس.
* خدمة «نيويورك تايمز»



إخضاع منتسبي القطاع الزراعي في صنعاء للتعبئة العسكرية

دورات عسكرية في صنعاء لمنتسبي القطاع الزراعي الخاضع للحوثيين (فيسبوك)
دورات عسكرية في صنعاء لمنتسبي القطاع الزراعي الخاضع للحوثيين (فيسبوك)
TT

إخضاع منتسبي القطاع الزراعي في صنعاء للتعبئة العسكرية

دورات عسكرية في صنعاء لمنتسبي القطاع الزراعي الخاضع للحوثيين (فيسبوك)
دورات عسكرية في صنعاء لمنتسبي القطاع الزراعي الخاضع للحوثيين (فيسبوك)

أخضعت الجماعة الحوثية عشرات من المسؤولين والموظفين في القطاع الزراعي الخاضع لها في العاصمة اليمنية المختطفة، صنعاء، للتعبئة الفكرية والعسكرية، ضمن حملات تطييف وتجنيد واسعة، تستهدف كافة فئات المجتمع في عموم مناطق سيطرتها، حسبما أفادت به مصادر مطلعة «الشرق الأوسط».

وألحقت الجماعة -حسب المصادر- منذ أيام، مديري إدارات وأقسام بديوان عام وزارة الزراعة في حكومة الانقلاب غير المعترف بها ومكتبها في صنعاء، إلى جانب مسؤولين وموظفين آخرين فيما تسمى «المؤسسة العامة للخدمات الزراعية»، و«هيئة البحوث والإرشاد الزراعي»؛ ألحقتهم بدورات تعبوية وقتالية، تحت اسم «دورات طوفان الأقصى».

ووسط ما يعانيه القطاع الزراعي -كغيره من القطاعات الأخرى في مناطق سيطرة الحوثيين- من حالة تدهور كبيرة جراء استمرار السياسات التدميرية للجماعة، والتي قضت على أكثر من ثلث الإنتاج الزراعي اليمني، اتهمت المصادر الجماعة بتحويل المؤسسات الزراعية في مناطق سيطرتها، من أماكن لوضع الخُطط والبرامج المستقبلية للنهوض بقطاع الزراعة، وتقديم الدعم والاستشارة للمزارعين، إلى أخرى للتعبئة، واستهداف منتسبيها بالأنشطة الفكرية والالتحاق بالجبهات.

وزعمت قيادات حوثية تُدير القطاع الزراعي في صنعاء، أن هذه البرامج والدورات العسكرية تأتي ضمن الاستعداد لمواجهة إسرائيل، تنفيذاً لتوجيهات أصدرها زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، تحض مسؤولي «إدارات التطييف» في المؤسسات على إطلاق معسكرات تعبئة وتجنيد للعاملين فيها.

إرغام عاملين في قطاع الزراعة على المشاركة في فعالية حوثية بصنعاء (إعلام حوثي)

وتركزت مضامين الدورات التعبوية -حسب المصادر- على إخضاع منتسبي القطاع الزراعي للاستماع إلى خطب ومحاضرات ودروس، يلقيها معممون حوثيون، إضافة إلى الدفع بهم لتلقي تدريبات على القتال في ميادين مفتوحة بضواحي صنعاء.

واشتكى مهندسون وعاملون زراعيون في صنعاء، شاركوا في الدورات الحوثية، لـ«الشرق الأوسط»، من إلزامهم بالحضور لتلقي برامج التعبئة، والقيام بتدريبات عسكرية ليس لها علاقة بالمشكلات التي يعانيها القطاع الزراعي ومنتسبوه.

وذكر بعضهم أن الاستهداف الحالي لهم بالتعبئة والتطييف هو من أجل خدمة أجندات الجماعة الحوثية، بعيداً عن معاناتهم المتصاعدة المتمثلة في حرمانهم من الحقوق، بما فيها الرواتب المنقطعة عنهم منذ عدة سنوات.

استهداف مُكثَّف

ويأتي الاستهداف الحوثي لموظفي القطاع الزراعي، وسط تحركات الجماعة الميدانية في أوساط السكان والعاملين في المؤسسات الحكومية الخاضعة لهم في صنعاء وبقية المناطق، من أجل إرغامهم على حضور برامج فكرية، والمشاركة في دورات عسكرية، استعداداً لإلحاقهم بجبهات القتال بزعم نصرة «القضية الفلسطينية»، وهو امتداد لسلسلة استهدافات سابقة؛ كان آخرها إرغام العاملين بذلك القطاع على تنظيم تظاهرات ووقفات احتجاجية، خدمة لأجندة الجماعة.

الحوثيون يجبرون المزارعين على تقديم قوافل لمقاتليهم في الجبهات (إعلام حوثي)

في السياق نفسه، ذكرت وسائل إعلام حوثية أن القيادي محمد هاجر، المعيَّن مسؤولاً للقطاع الزراعي في صنعاء، دعا خلال الوقفة الأخيرة، مديري وموظفي مكتب الزراعة وفروعه، للتأهب والاستعداد للمشاركة فيما سماها «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس» لمواجهة إسرائيل، ونصرة أهل غزة.

وحث القيادي الحوثي المشاركين على الاستمرار في الانخراط بدورات «طوفان الأقصى» والالتحاق بالجبهات، إلى جانب تقديم الدعم المادي لمصلحة المجهود الحربي.

وعلى مدى الأعوام المنصرمة من عمر الانقلاب الحوثي، دخل القطاع الزراعي -كغيره من القطاعات- في حالة تدهور حادة؛ إذ تفيد تقارير محلية بتضرُّر ذلك القطاع الحيوي بدرجة كبيرة.

ووفق مراقبين اقتصاديين، يعاني المزارعون اليمنيون -خصوصاً في مناطق سيطرة الجماعة- من تحديات وصعوبات عدة، بينها استمرار سيطرة الجماعة على الأسواق المركزية، ورفع رسوم البلدية ورسوم الأسواق، وإرغام المنتجين على دفع الإتاوات، و«التبرع» بجزء من منتجاتهم لمقاتلي الجماعة في الجبهات.