مصابو ووهان أعلى 10 مرات من الحصيلة الرسمية

وفيات العالم تقترب من 1.8 مليون وإصاباته من 82 مليوناً

الحياة تعود إلى طبيعتها في ووهان البؤرة الأولى للفيروس (إ.ب.أ)
الحياة تعود إلى طبيعتها في ووهان البؤرة الأولى للفيروس (إ.ب.أ)
TT

مصابو ووهان أعلى 10 مرات من الحصيلة الرسمية

الحياة تعود إلى طبيعتها في ووهان البؤرة الأولى للفيروس (إ.ب.أ)
الحياة تعود إلى طبيعتها في ووهان البؤرة الأولى للفيروس (إ.ب.أ)

تسبب فيروس «كورونا» المستجد بوفاة مليون و791 ألفاً و33 شخصاً في العالم منذ أبلغ «مكتب منظمة الصحة العالمية» في الصين عن ظهور المرض نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2019، حسب تعداد أجرته «وكالة الصحافة الفرنسية»، استناداً إلى مصادر رسميّة أمس (الأربعاء)، فيما أصيب أكثر من 81.933.390 شخصاً في العالم بالفيروس، تعافى منهم 51.570.000 شخص على الأقل.
ورجحت دراسة للمركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، أن يكون عدد الأشخاص الذين أصيبوا بفيروس «كورونا» المستجد في ووهان مهد هذه الجائحة، أكبر بعشر مرات من الحصيلة الرسمية الصينية المعلنة حتى الآن.
وكان مرض «كوفيد - 19» ظهر العام الماضي في هذه المدينة البالغ عدد سكانها 11 مليون نسمة والواقعة في وسط الصين. وقد فرض حجر صحي كامل عليها مدة 76 يوماً اعتباراً من 23 يناير (كانون الثاني) 2020.
وأظهرت فحوصات للمستضدات أُجريت في أبريل (نيسان)، بعد ذروة الوباء، أن 4.43 في المائة من سكان المدينة لديهم أجسام مضادة للفيروس. ويشكل هذا الرقم نسبة إلى عدد سكان المدينة نحو 480 ألف إصابة، أي أكثر بعشر مرات تقريباً من الخمسين ألف إصابة التي أعلنتها السلطات حتى الآن.
وقال هوانغ يانتشونغ الخبير في الصحة العامة في مركز «كاونسل أون فورين ريليشنز» الأميركي للدراسات إن الفارق قد يكون مرتبطاً «بسوء تقدير الإصابات خلال الفوضى التي انتشرت نهاية يناير (كانون الثاني) ومطلع فبراير (شباط)، عندما لم يخضع كثير من الأشخاص لفحوصات، أو أن هذه الأخيرة لم تكن موثوقة».
إلى ذلك، حذرت منظمة «الصندوق العالمي للطبيعة»، أمس، من مخاطر الاتجار غير الخاضع لضوابط بالحيوانات البرية، بعد عام من اندلاع فيروس «كورونا»، في مدينة ووهان وسط الصين.
وذكر «الصندوق العالمي للطبيعة» في ألمانيا في تقرير عن تجارة الحيوانات البرية في منطقة ميكونج جنوب شرقي آسيا، أنه ثبت علمياً أن فيروس «كورونا» انتقل أولاً من حيوان بري إلى إنسان.
ووفقاً للتقرير، يقع أكثر من نصف الأسواق البالغ عددها 500 سوق في المدن الكبيرة التي يتم فيها تداول الحيوانات البرية في مناطق ذات مخاطر عالية محتملة للإصابة بالأمراض حيوانية المنشأ، أي انتقال المرض من الحيوانات إلى البشر.
وقال ستيفان زيجلر، من «الصندوق العالمي للطبيعة» في ألمانيا: «الأسواق الكبيرة ذات معايير النظافة المنخفضة حيث تُباع لحوم الحيوانات البرية معرضة بشكل خاص لخطر العدوى عن طريق الأمراض حيوانية المنشأ».
ومنذ بداية الوباء، ازداد عدد الاختبارات بشكل كبير وتحسنت تقنيات الفحص والتعقب، ما أدى إلى زيادة في الإصابات المشخّصة.
رغم ذلك، فإن عدد الإصابات المعلَن قد لا يعكس إلا جزءاً بسيطاً من الإجمالي الفعلي، مع بقاء نسبة كبيرة من الحالات الأقل خطورة أو التي لا تظهر عليها أعراض غير مكتشفة.
وسجلت الثلاثاء 14.973 وفاة جديدة و752.217 إصابة جديدة في العالم.
والدول التي سجلت أعلى عدد وفيات جديدة حسب أرقامها الأخيرة هي الولايات المتحدة (3.223) وألمانيا (1.129) والبرازيل (1.111). والولايات المتحدة هي أكثر البلدان تضرراً من الوباء إذ سجلت 338.656 وفاة من 19.515.529 إصابة، حسب تعداد جامعة جونز هوبكنز.
وبعد الولايات المتحدة، أكثر الدول تضررا هي البرازيل حيث سُجلت 192.681 وفاة من 7.563.551 إصابة، والهند مع 148.439 وفاة (10.244.852 إصابة) والمكسيك مع 123.845 وفاة (1.401.529 إصابة) وإيطاليا مع 73.029 وفاة (2.067.487 إصابة).
وسجل في بلجيكا أعلى معدل للوفيات نسبة لعدد السكان بلغ 167 وفاة لكل مائة ألف نسمة، تليها سلوفينيا (127) والبوسنة (123) وإيطاليا (121) ومقدونيا الشمالية (119).
وأحصت أوروبا حتى صباح أمس (الأربعاء) 562.500 وفاة (26.007.263 إصابة) وأميركا اللاتينية والكاريبي 502.163 وفاة (15.356.869 إصابة)، فيما بلغ عدد الوفيات المعلنة في الولايات المتحدة وكندا معاً 353.924 وفاة (20.077.747 إصابة).
وسجلت في آسيا 217.729 وفاة (13.808.353 إصابة) والشرق الأوسط 89510 وفيات (3.946.033 إصابة) وأفريقيا 64.262 وفاة (2.706.105 إصابات) وأوقيانيا 945 وفاة (31.027 إصابة).



2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟