جدّدت تركيا موقفها بشأن أنشطة التنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط، معبرة في الوقت ذاته عن رغبتها في تهيئة بيئة إيجابية للعلاقات مع الاتحاد الأوروبي في العام الجديد، وتطبيع العلاقات مع فرنسا والمضي في الاتصالات مع مصر لضمان التنسيق وعدم التضارب في المواقف على الساحة الدولية.
كما أصدرت محكمة تركية أحكاما بالسجن المؤبد والمؤبد المشدد بحق 92 شخصا، غالبيتهم عسكريون، بتهمة التورط في محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في 16 يوليو (تموز) 2016.
وقال وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو إن تركيا تتخذ خطوات تتماشى مع ما سماه «حقوقها المشروعة» في شرق البحر المتوسط وتحاول حماية مصالحها وكذلك مصالح القبارصة الأتراك، معتبرا أن بلاده أثبتت للجميع أنه لا يمكن القيام بأي فعالية في شرق المتوسط بمعزل عنها.
وأضاف جاويش أوغلو، في لقاء مع ممثلي وسائل الإعلام التركية في أنقرة أمس (الأربعاء) حيث أجرى تقييما لعمل وزارته في عام 2020، أنه عندما لم تسفر دعواتنا للحوار في شرق البحر المتوسط عن أي نتائج، اتخذنا إجراءات على الأرض ضد «الخطوات الأحادية»، لافتا إلى أن سفن البحث «أوروتش رئيس» و«ياووز»
و«بربروس خير الدين» تعمل في المنطقة، واعتبر أن بلاده تريد تحقيق السلام والاستقرار على أساس التقاسم العادل للموارد في شرق المتوسط.
وعن قرار توسيع العقوبات على أشخاص في تركيا، الصادر عن القمة الأوروبية التي عقدت في 10 و11 ديسمبر (كانون الثاني) الحالي، قال جاويش أوغلو: «لسنا راضين عنها، ولقد أثبتنا للجميع أنهم لا يستطيعون فعل أي شيء دوننا، ليس فقط بالنسبة للاتحاد الأوروبي، وليس فقط بالنسبة لدول شرق البحر المتوسط، ولكن بالنسبة للجميع»، مستدركا: «ومع ذلك، فإن قادة الاتحاد الأوروبي توصلوا إلى نتيجة حكيمة».
وكان القادة الأوروبيون قرروا توسيع العقوبات على الأفراد، لكنهم قرروا إرجاءها إلى قمتهم القادمة، في مارس (آذار) المقبل، على أن يتم التنسيق في هذا الملف مع الولايات المتحدة.
وجدد جاويش أوغلو الدعوة لليونان للتوجه إلى المفاوضات دون شروط، وأكد أن بلاده ستواصل عملها من أجل عقد مؤتمر متعدد الأطراف، اقترحته على الاتحاد الأوروبي لإنهاء التوتر والخلافات في شرق المتوسط. وقال جاويش أوغلو إن العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي في عام 2020 كانت متفاوتة بين الصعود والهبوط، وكان التوتر شديدا حيث عكست اليونان وقبرص وفرنسا القضايا الثنائية على جدول أعمال التكتل. وأضاف: «نحن مستعدون للحفاظ على علاقاتنا مع الاتحاد الأوروبي في بيئة أكثر إيجابية في عام 2021، ونتوقع موقفا مماثلا من الاتحاد، وأن يكون مستعدا أيضا لقبول عضويتنا فيه، فحتى لو لم نكن عضوا، فنحن جزء من أوروبا». وحول المشكلة القبرصية، التي قرر الاتحاد العمل فيها من منطلق توحيد شطري قبرص الشمال والجنوبي، قال إن الحل الدائم في قبرص هو الفصل، وليس التوحيد، أي الحل على أساس قيام دولتين، وهذا هو «رغبة تركيا».
وبالنسبة للتوتر في العلاقات مع فرنسا، قال جاويش أوغلو إن تركيا لا يمكنها أن تظل صامتة إزاء الكلمات والأفعال التي تصدر ضدها من فرنسا، لكنه أوضح أن سفيري البلدين يعملان على تطبيع العلاقات.
في السياق ذاته، جدد زعيم المعارضة التركية رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو انتقاده لسياسة حكومة الرئيس رجب طيب إردوغان تجاه أوروبا، قائلا إن «تركيا ستدفع فاتورة تجاهل إردوغان لقرارات القوى الأوروبية». وأضاف أن إردوغان قام بتعديل الدستور والقانون ليناسب اتفاقيات حكومته مع الدول الأوروبية، ورغم ذلك يرفض تنفيذ قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بالإفراج عن الزعيم الكردي صلاح الدين دميرطاش والناشط الحقوقي عثمان كافالا، موجها خطابه لإردوغان: «مواقفك تتغير أسرع من طاحونة الهواء».
على صعيد آخر، تطرّق جاويش أوغلو إلى العلاقات مع مصر، قائلا إن الاتصالات مستمرة على مستوى جهازي المخابرات في البلدين، وعلى المستوى الدبلوماسي لتطوير العلاقات بينهما، موضحا أن البلدين ليسا عدوين ويحاولان التصرف وفقا لهذا المبدأ. «نحاول التصرف وفقا لمبدأ عدم التعارض مع بعضنا البعض في المحافل الدولية، كما نناقش دائما القضايا العالقة بيننا».
ولفت إلى لقاء جمعه مع نظيره المصري سامح شكري، العام الماضي في اجتماع دولي، مؤكدا أنهما اتفقا على رسم خريطة طريق لحل القضايا العالقة بين البلدين، قائلا: «بالطبع علاقاتنا مع الدول المجاورة مختلفة عن علاقتنا مع مصر، لكن من الممكن أن تتحسن مع مرور الوقت».
في سياق آخر، قضت محكمة تركية بالسجن المؤبد على 80 شخصا، والمؤبد المشدد على 12 شخصا بينهم عميد سابق بالجيش، على خلفية محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016، التي تتهم السلطات حركة «الخدمة» التابعة لفتح الله غولن بتدبيرها.
وأصدرت محكمة الجنايات العليا في أنقرة، أمس، قراراتها في القضية المعروفة باسم: «أحداث قيادة القوات البرية»، وحكمت بالسجن المؤبد المشدد على العميد السابق في قيادة القوى البرية «آدم بودور أوغلو» ومعه 11 شخصا آخرين، بتهمة «محاولة انتهاك النظام الدستوري».
كما قضت بالسجن المؤبد على 80 آخرين بالتهمة ذاتها، والحبس لمدد تتراوح من 12 سنة و6 أشهر إلى 19 سنة بتهمة «المساعدة» في جريمة «محاولة انتهاك النظام الدستوري». وحُكم على شخصين بالسجن لمدة 6 سنوات و3 أشهر لكل منهما، وعلى آخر بالسجن مدة 7 سنوات و6 أشهر، بتهمة «الانتماء لتنظيم إرهابي مسلح»، في إشارة إلى «حركة الخدمة».
تركيا تتمسك بموقفها في شرق المتوسط... وتسعى للتطبيع مع أوروبا
المؤبد لـ92 عسكرياً ومدنياً في إحدى قضايا «الانقلاب الفاشل»
تركيا تتمسك بموقفها في شرق المتوسط... وتسعى للتطبيع مع أوروبا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة