2021 إسرائيلياً: عام تثبيت التطبيع... وتوسيعه

الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو ووزير خارجية البحرين  عبد اللطيف الزياني ووزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد على شرفة البيت الأبيض  عقب توقيع «اتفاقات إبراهيم» في 15 سبتمبر (أيلول) 2020 (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو ووزير خارجية البحرين عبد اللطيف الزياني ووزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد على شرفة البيت الأبيض عقب توقيع «اتفاقات إبراهيم» في 15 سبتمبر (أيلول) 2020 (أ.ف.ب)
TT

2021 إسرائيلياً: عام تثبيت التطبيع... وتوسيعه

الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو ووزير خارجية البحرين  عبد اللطيف الزياني ووزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد على شرفة البيت الأبيض  عقب توقيع «اتفاقات إبراهيم» في 15 سبتمبر (أيلول) 2020 (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو ووزير خارجية البحرين عبد اللطيف الزياني ووزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد على شرفة البيت الأبيض عقب توقيع «اتفاقات إبراهيم» في 15 سبتمبر (أيلول) 2020 (أ.ف.ب)

عندما أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، عن نضوج المحادثات لإعلان اتفاق سلام بين إسرائيل والإمارات، في أواسط أغسطس (آب) 2020، كان السؤال الأول الذي وجهه الصحافيون الإسرائيليون إلى صهره وكبير مستشاريه، جاريد كوشنر: «ما الدولة المقبلة بالدور في تطبيع العلاقات؟»، فكان جوابه قارصاً: «أنتم - الإسرائيليون - لا تعرفون كيف تتمتعون بمكاسبكم. حالما تفوزون بمكسب تسألون عن المكسب التالي. تمتعوا أولاً بما لديكم، وبعدها سيكون مجال لطلب المزيد». ولكن نصيحته لم تُقبل. ووقُّع اتفاق تطبيع مع البحرين، واتفاق تعاون مع السودان، واتفاق علاقات مع المغرب، وما زال الإسرائيليون مشغولين بمعرفة هوية الدول التالية بالدور في تطبيع العلاقات.
لقد كانت سنة 2020 بالنسبة لإسرائيل سنة الذروة في علاقاتها الخارجية؛ فلأول مرة يصبح لديها 164 دولة تقيم علاقات معها، من مجموع 193 دولة (85 في المائة من دول العالم). ولإدراك أهمية هذا العدد، بالنسبة للإسرائيليين، لا بد من الإشارة إلى أنه في السنوات الأولى لقيامها (1948) كان عدد الدول التي تعترف بإسرائيل وتقيم نوعاً من العلاقات معها 47 من مجموع 89 دولة عضواً في الأمم المتحدة (53 في المائة). وفي سنة 1959، ارتفع عدد الدول التي تعترف بإسرائيل وتقيم علاقات معها إلى 62 من مجموع 95 دولة (65 في المائة). وفي سنة 1965 بلغ عددها ذروة جديدة إلى 95 من مجموع 130 دولة (75 في المائة). لكن العدد هبط في أعقاب حرب 1967 وحرب 1973، ليصبح 92 دولة من مجموع 149 (أي 62 في المائة).
ولكن بعد انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1989، وانعقاد مؤتمر مدريد للسلام في سنة 1991، شهدت إسرائيل فترة ازدهار في علاقاتها الدولية، وتدفقت دول أوروبا الشرقية وأفريقيا لتصل في 1998 إلى 163 من مجموع 191 دولة. وانخفض العدد إلى 157، ثم عاد وارتفع إلى 161 دولة من مجموع 193 في عام 2019. ومع انضمام الإمارات والبحرين والسودان أصبح عدد الدول التي تعترف بإسرائيل وتقيم علاقات معينة معها 164 من مجموع 193 دولة، أي بنسبة 85 في المائة. وتوجد لها 77 سفارة و20 قنصلية و5 مكاتب ارتباط. وتقيم علاقات اقتصادية واسعة مع معظم تلك الدول، ويبلغ حجم وارداتها 62 مليار دولار وصادراتها 64 مليار دولار.
أهمية العلاقات
كل دول العالم تقيم وترعى علاقاتها الخارجية مع عشرات الدول الأخرى، بوصف ذلك تحصيل حاصل طبيعياً للوجود البشري في عصرنا. لكن الإسرائيليين يعدّون هذه العلاقات مقياساً لنجاح الدولة العبرية في الوجود والبقاء. وليس صدفة. فكثير من دول العالم، خصوصاً الدول العربية والإسلامية، امتنعت عن إقامة علاقات معها بسبب النكبة الفلسطينية واستمرار الصراع والاحتلال. ومع أن قطع العلاقات مع إسرائيل احتجاجاً على سياستها، لم يؤد إلى زوال الاحتلال وتسوية الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، إلا إنه بقي سلاحاً يستخدم ضدها. وهو، مثل كل سلاح؛ ذو حدين. من جهة؛ يعاقب إسرائيل على سياستها، ومن جهة يجعلها تتحصن في قلعتها وتشعر بتهديد من خصومها وجيرانها. وكلما تصدر أصوات التهديد لها بتدميرها وترتفع الدعوات للقضاء على كيانها، وتوجد أصوات كثيرة في العالمين العربي والإسلامي تفعل ذلك، تجد إسرائيل تستدر عطف العالم لمساندتها في معركتها «الوجودية» وتتمسك أكثر بسياسة التحصن والتمترس والتقوقع.
ولكن إدارة الرئيس دونالد ترمب أخذت إسرائيل إلى مكان آخر منذ بداية عهدها، وذلك بسلسلة قرارات وإجراءات لتعزيز قدراتها وثقتها بنفسها لدرجة مساندة مشاريعها السياسية التوسعية، مثل الاعتراف بضم الجولان السوري لحدودها، والاعتراف بضم القدس الشرقية، ونقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس (الغربية)، وقبول فرض السيادة الإسرائيلية على المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية. وطرح ترمب خطة سلام تتيح ضم 30 في المائة أخرى من مساحة الضفة الغربية، لكن هذا المخطط جمد لأن الإمارات اشترطت تجميده حتى توقع اتفاق السلام.
بعد كل هذا؛ جاء فتح باب إقامة العلاقات مع الدول العربية والإسلامية، فرأى فيه الإسرائيليون إنجازاً تاريخياً يثبت مكانة إسرائيل على خريطة الشرق الأوسط. وكرر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو كلمة «تاريخية» مع كل خطوة يتقدم بها في هذه العلاقات. أما اليمين الإسرائيلي الحاكم، الذي كان قد خرج بألوفه للتظاهر ضد أي انسحاب من أي شبر أرض فلسطينية، فبلع قرار تجميد الضم مقابل الحماسة لإقامة العلاقات مع الدول العربية، ولم تشهد إسرائيل ولو مظاهرة واحدة ضد هذا التجميد.
تثبيت أم توسيع؟
لقد ربط الإسرائيليون بين الاتفاقات مع الدول العربية الأربع، ووجود ترمب شخصياً في البيت الأبيض. ولا شك في أن الرئيس الأميركي شكّل الرافعة لكل هذا المشروع. ولكنهم يتحسبون كثيراً من أن يكون قدوم إدارة الرئيس جو بايدن حاجزاً أمام التقدم في هذا الاتجاه.
وعندما طرح الإسرائيليون هذه المخاوف أمام فريق بايدن الانتقالي حصلوا على إجابات ضبابية زادت من هذه المخاوف. فالرئيس الجديد للولايات المتحدة رحب بالاتفاقات بين إسرائيل والدول العربية الأربع، ولكنه شدد على ضرورة تسوية الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني أيضاً بحل الدولتين، وأوضح أنه لن يكون متفرغاً لهذا الصراع في الوقت الحاضر. وعملياً، يخشى الإسرائيليون أن يؤدي هذا الموقف إلى وقف مسار التطبيع وعدم انضمام دول أخرى.
ولكن إسرائيل بدأت خوض معركة انتخابات جديدة، هي الرابعة خلال سنتين. والانتخابات في هذه الأيام باتت بمثابة معركة حياة أو موت (سياسي) لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. فهو يواجه للمرة الأولى خطراً حقيقياً وكبيراً بأن يخسر كرسي حكمه لشخصية من يمين الخريطة الحزبية. وخسارة الحكم بالنسبة لنتنياهو تعني خسارة حريته إنساناً أيضاً؛ إذ إنه يواجه محاكمة صعبة في قضايا فساد يمكن أن تدخله إلى السجن لسنوات. لهذا؛ فإنه يدير معركته الانتخابية بكل ما يملك من أسلحة وعتاد. ومن أهم هذه الأسلحة، اتفاقات السلام مع الدول العربية والإسلامية. ففي هذا الموضوع لا يوجد اختلاف في إسرائيل على دور نتنياهو، والجميع يشيد بإنجازاته التاريخية.
ولذلك فإنه سيسعى، خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، مع ترمب وفيما بعد مع بايدن، أولاً إلى تثبيت العلاقات مع الدول الأربع، وثانياً توسيع نطاق المشروع ليشمل مزيداً من الدول. وتُطرح في إسرائيل أسماء عشر دول أخرى على الأقل مرشحة لإقامة علاقات. السنة الجديدة على الأبواب، وستحمل معها، بلا شك، جواباً عن هوية الدولة المقبلة في مسار التطبيع.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.